ميشيل أو كما يطلق عليه أصدقاؤه "أبو أيهم" عرف تقلبات كثيرة خلال الثورة التي فأجاته على مايبدو, ففي البداية انضم إلى هيئة التنسيق رغم أنه كغيره من تلاميذ رياض الترك لايرتاح لحسن عبد العظيم وبقية الرفاق في الهيئة، ثم تململ كيلو وشعر بالغيرة من تفرد هيثم مناع بالقرار في الهيئة، وفي هذه الأثناء كان يتحرك بحرية داخل البلاد وخارجها، من دون أن يتعرض لمضايقة السلطات التي كانت تركز على جيل القادة الشباب الجدد الأكثر جذرية والأكثر التصاقاً بنبض الشارع من جيل المناضلين الشيوعيين والقوميين من زمن السبعينيات.
صدمة ديمقراطية:
كيلو تعلم الدرس، فخرج من البلاد وبدأ يتصل بجيل الشباب وشكل معهم المنبر الديمقراطي, لكن الجيل الجديد كان يشبه سوريا الجديدة, و هو جيل أكثر حرية وعقلانية وتعلق بالعمل الديمقراطي عكس الجيل الذي نشأ فيه كيلو, زمن المناشير والعمل السري لذلك لم يتأخر الصدام، في البداية واحتراماً للتجربة والعمر قالوا له بصوت خافت أن يتوقف عن التفرد وعن اللقاءات السرية وعن الأسفار السرية، ولكنه كان ينظر لهم بوصفهم مريدين كما كان هو بالنسبة لرياض الترك، وفي انتخابات على الفيسبوك تمت الإطاحة به لمصلحة ناشط شاب من حمص، فانطوت صفحة المنبر الديمقراطي.
حفلة تنكرية برعاية كيلو بريمر:
على أي حال، المنبر كان جسراً على ما يبدو، لذلك بدأ ميشيل صفحة أخرى بتركيبته الجديدة القطب الديمقراطي، وهنا كانت الأمور على حقيقتها، فالفكرة الرئيسية هي تقسيم السوريين إلى قسمين ديمقراطيين وإسلاميين، مايعني بالضرورة أن الإسلاميين أو المسلمين السنة غير ديمقراطيين بالولادة.
إلا أن قصة الديمقراطيين والإسلاميين كانت قشرة على ما يبدو لإخفاء حقيقة الرسالة التي بدت شديدة الوضوح، أي تحالف الأقليات مجددا ضد السنة في إعادة إنتاج أسطوانة النظام عن المسألة السورية.
طبعاً ميشيل وحتى لا يبقى بلا حليف سني كان يبحث عنه في هوامش السنة، سافر بعيداً إلى رأس العين في الحسكة والتقى جبهة النصرة كمعادل لهجومه على الإخوان، وأخيراً اقتفى أثر الحاكم المدني للعراق بعد الاحتلال الامريكي بول بريمر الذي بحث عن تمثيل سني تؤمنه العشائر، وبالمصادفة السعيدة أن بريمر وكيلو اختارا شخصين من عشيرة الجربا, في العراق كان اسمه غازي عجيل الياور الجربا وفي سوريا أحمد عاصي الجربا.
صانع الملوك:
ولكن ما كل هذه القصة؟ وماذا يريد ميشيل؟ وما الذي يحركه؟
أخيرا حقق كيلو الهيمنة على الائتلاف، وأصبح صانع ملوك وإن كان على مملكة رثة, وركب كتلة مهيمنة في الائتلاف مستفيداً من انكفاء قطري وتمدد سعودي, ولكن كتلة ميشيل بدت بهذا وكأنها خرجت من مختبر لعالم مجنون في فيلم رديء للخيال العلمي, عشائر علمانية وطائفيون ماركسيون بعضهم زلم لهيثم مناع الذي لا أحد يعرف لمن يعمل، وبعثيون وشيوعيون سابقون ومحبطون وعملاء سابقون وحاليون لأجهزة نظام بشار.
شلة المشروع:
التاريخ يعيد نفسه على شكل ملهاة، واللاعبون الحقيقيون الآن في قيادة الائتلاف هم أنفسهم من كان يطلق عليهم شلة مشروع دمر، وهذه الشلة كانت تجتمع في منزل السيدة سميرة مسالمة في مشروع دمر وتضم إضافة إلى مسالمة, ميشيل كيلو وفايز سارة وبسام الملك من هيئة التنسيق, الذي مازال يزور دمشق بحرية من دون ممانعة الأجهزة الأمنية، ومحمد عبد السلام السيد, ممثل طرطوس, الذي صرح بأن سوريا لن تجد أفضل من بشار ليحكمها، وبالمناسبة هو ابن عم وزير الأوقاف السابق عبد الستار السيد، وعمران الزعبي الذي تحول إلى وزير إعلام النظام، وينضم إليهم بعد منتصف الليل العميد مناف طلاس الذي رشحه ميشيل لقيادة المعارضة بعد أن أمنت المخابرات الفرنسية خروجه من دمشق, أما الوافد الجديد لهذه المجموعة فهو زكريا الصقال نائب هيثم مناع في هيئة التنسيق.
بعد كل هذا بإمكاننا القول الآن أن الثورة السورية قد تكون الثورة الأولى في التاريخ التي يتوجب عليها أن تتخلص من حلفائها قبل أعدائها ومعارضتها قبل نظامها.
------------------- همام البني - أورينت نت