نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


( سوريا في الاستراتيجية الروسية )




لم يدرس السوريون جيدا حتى الآن أسباب التدخل العسكري الروسي في سوريا في أيلول عام 2015. وإلى يومنا فإن النظرة السائدة إلى الخطوة الروسية، لا تزال سطحية، وهذا ما يفسر عدم القيام بتقييم علمي من أجل تكوين صورة متكاملة، تساعد على وضع خطة عمل للتعامل مع هذا الوجود، الذي تجاوز مسألة إسناد النظام عسكريا إلى إدراج هذا البلد في الاستراتيجية الروسية البعيدة المدى. وهذا ما تكشف عنه في هذه الأيام مجريات الحرب الروسية على أوكرانيا، وخصوصا في جانبها العسكري لجهة استخدام أسلحة جربها وطورها الروس في سوريا، وهي تتجاوز 350 نوعا حسب تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.



ومن جهة أخرى تبين أن جزءا من القوات الروسية التي تخوض الحرب في أوكرانيا، سبق لها أن قاتلت وتدربت في سوريا، وتحديدا القطعات التي هاجمت واحتلت مدينة خاركيف، وتم كشف بعض المعلومات من قبل المخابرات الأوكرانية، التي أكدت يوم الثلاثاء الماضي مقتل الجنرال الروسي فيتالي جيراسيموف خلال المواجهات العسكرية في محيط خاركيف، ليكون بذلك ثاني قائد روسي كبير يخسره الجيش الروسي منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وكان هذا الجنرال قد شارك في حرب الشيشان الثانية، والتي امتدت بين 1999 و2009، وفي ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، إضافة إلى مشاركته في الحرب السورية. وسبق أن أكدت وسائل الإعلام الروسية مقتل اللواء الروسي أندريه سوخوفيتسكي الذي كان نائباً لقائد الجيش ورئيساً للفرقة السابعة المحمولة جواً، وخدم في سوريا.
كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يردد في عام 2013 أن رئيس النظام السوري "بشار الأسد حالة ميؤوس منها"، الأمر الذي شكل قناعة لدى الأطراف الأساسية المعنية بالملف السوري بأن روسيا يمكن أن تتخلى عن توفير تغطية سياسية للنظام في مجلس الأمن. ومن ثم حصلت المفاجأة بعد مجزرة الكيماوي في الغوطة في آب 2013، عندما التقى لافروف بنظيره الأميركي جون كيري وحصل التفاهم الروسي الأميركي حول تصفية الأسلحة الكيماوية السورية، مقابل تنازل واشنطن عن محاسبة النظام وتوجيه ضربة عسكرية له، كانت مخططة ومتفقا عليها بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في نهاية آب، حسب اعترافات الرئيس الفرنسي حينذاك فرانسوا هولاند، الذي اعتبر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تفاهم مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول سوريا، وسحب الولايات المتحدة من الملف السوري، وهذا ما تفسره أحداث السنوات اللاحقة، ومنها التدخل العسكري الروسي، وإسقاط تركيا طائرة عسكرية روسية في تشرين الثاني 2015، ونشوب أزمة بين أنقرة وموسكو كادت أن تؤدي إلى نشوب الحرب بينهما، ويومها لم تقدم أميركا أي دعم لتركيا، بل حالت حتى دون تطبيق مواثيق حلف شمال الأطلسي "الناتو" لإسناد الموقف التركي، ما أضعف تركيا أمام روسيا، وغّير في اتجاه المعادلة السورية كليا.
وتبين خلال استعدادات روسيا للحرب أن سوريا باتت قاعدة أساسية، وزارها وزير الدفاع قبل أيام من الحرب على أوكرانيا، وكان الغرض من ذلك تفقد الاستعدادات للمعركة، وهذا يعني أن القواعد العسكرية الروسية في الساحل السوري ليست فقط من أجل تأمين وتسهيل مهمة القوات الروسية في سوريا، بعد ما أصبحت منتشرة على القسم الأكبر من الجغرافيا السورية، ويتجاوز عددها خمسين ألفا، بل هي تدخل ضمن شبكة القواعد الروسية، وتم برمجة سوريا ضمن حسابات العقل العسكري الروسي للحروب والمخاطر، التي يمكن أن تخوضها أو تتعرض لها روسيا. وهذ أمر ليس مؤقتا، فقد جرى توقيع اتفاقات بين النظام السوري وروسيا على تأجير القواعد لمدة 49 عاما، ومنها ميناء طرطوس الذي يضم قاعدة بحرية روسية، وكذلك الأمر بالنسبة لقاعدة مطار حميميم في ريف اللاذقية، ومركز البحوث في طرطوس، بجانب المرفأ، وقاعدة النسر في قلب وادي جهنّم الشهير شرق مدينة بانياس بنحو 20 كيلومتراً، ومعسكر الطلائع في اللاذقية، وهو مركز قيادة وتجمّع الفيلق الخامس، فضلاً عن نحو 20 نقطة عسكريّة كانت في الأصل ألوية وكتائب تابعة للدفاع الجوي وخفر السواحل لجيش النظام. وبذلك بات الساحل السوري برمته من حصة روسيا مقابل تدخلها العسكري لصالح نظام الأسد، بالإضافة إلى عدد آخر من القواعد في دمشق، درعا، حلب، تدمر، الرقة، القامشلي.
كل ذلك يبين أن السيادة السورية باتت منتهكة من قبل روسيا بذريعة الدفاع عن النظام، وصار مصير سوريا مربوطا بالمصير الروسي العام لوقت طويل، في حالي الربح والخسارة.
-----------
*شاعر وكاتب سوري، رئيس تحرير تلفزيون سوريا.
 

بشير البكر
الاثنين 14 مارس 2022