سبق هذا التصريح, الصوت العالي الذي رفعه الملك عبد الله الثاني ملك الأردن, وعبر فيه عن مخاوف الأردن من خطورة التغلغل الإيراني وميليشياته الحليفة في الجنوب السوري وعلى الحدود السورية_ الأردنية, بعد تراخ روسي أعقبه انسحاب جزئي, جعل من منطقة الجنوب السوري ساحة مباحة للحرس الثوري الإيراني ولميليشيات حزب الله, مع كل الأدوات الوليدة التي تم تفريخها بالجنوب وتعمل ضمن فلك الأجندة الإيرانية, إضافة لخطورة شريك حزب الله الأساسي بتصنيع ونقل وترويج المخدرات, اللواء ماهر الأسد وفرقته الرابعة التي أصبحت تأتمر بتعليمات الضاحية الجنوبية وطهران أكثر بكثير مما تأتمر بتعليمات وزارة دفاع الأسد التي يُفترض أنها تتبع لها, والتاريخ يذكر أن الملك الأردني عبد الله الثاني كان قد حذر منذ عام 2004 مما سمّاه "الهلال الشيعي" في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" أثناء زيارته الولايات المتحدة الأميركية، ونبه حينها لخطورة المشروع الفارسي والهلال الشيعي الذي تعمل عليه إيران في المنطقة العربية.
وكلام العاهل الأردني لم يأت من فراغ, بل بناءً على معطيات وتقارير عسكرية واستخباراتية داخلية, إضافة لتقارير ورصد قوات مكافحة المخدرات الأردنية التي باتت منشغلة يومياً بملاحقة وتتبع شبكات تهريب المخدرات والاشتباك معها, وتفيد تلك التقارير التي صرح بجزء منها بعض الوزراء والقادة في الأردن, أن عصابات وشبكات التهريب من الجانب السوري باتت تعمل تحت ظل أجهزة استخبارات الأسد ومحمية من قبل قادة ميليشيات إيران وحزب الله.
كيف أُدخلت صناعة وزراعة المخدرات إلى سوريا؟ حول علاقة نظام الأسد وحزب الله بزراعة وتصنيع وتجارة المخدرات يقول العميد الركن أسعد الزعبي المنشق عن جيش النظام: بدأ قادة نظام الأسد العمل بزراعة وإنتاج وتسويق المخدرات منذ ثمانينات القرن الماضي, عندما كان كلّ من اللواء علي دوبا (المدير التاريخي للاستخبارات العسكرية السورية), واللواء إبراهيم الصافي (شغل عدة مناصب أساسية بجيش الأسد آخرها نائب وزير الدفاع), يشرفان على زراعة الحشيش في منطقة بعلبك ومناطق البقاع اللبناني في فترة الاحتلال السوري للبنان, وكانا يتشاركان الأرباح مع زراعها, وفي عام 1988 تم نقل بعض مزارع الحشيش إلى سوريا في منطقة السبع بيار وبير التيس (شرق مطار السين العسكري 40 كم) عبر اللواء علي مملوك (شغل عدة مناصب, رئيس الاستخبارات الجوية, رئيس أمن الدولة, مدير مكتب الأمن القومي, نائب الرئيس للشؤون الأمنية, مشرف ومكلف بالبرنامج الكيماوي في سوريا, ويُعتبر الصندوق الأسود لنظام الأسد), وتم إدخالها وزراعتها تحت عنوان "مواد للاختبار في مراكز البحث العلمي", كستار لتغطية الغاية الأساسية منها وهي إنتاج المخدرات, ويتابع العميد الزعبي: للعميد أحمد عبود رئيس فرع تحقيق الضباط 293 (صهر العماد علي دوبا والمرشح الأكبر حينها لمناصب عليا بالاستخبارات السورية) دور كبير بترويج المخدرات, لكن تم تسريحه بعد الإحراج الذي تسبب به لـ "نظام الأسد" عندما ضٌبطت له شحنة مخدرات في معبر نصيب كانت بطريقها للمملكة العربية السعودية. وكلام العاهل الأردني لم يأت من فراغ, بل بناءً على معطيات وتقارير عسكرية واستخباراتية داخلية, إضافة لتقارير ورصد قوات مكافحة المخدرات الأردنية التي باتت منشغلة يومياً بملاحقة وتتبع شبكات تهريب المخدرات والاشتباك معها, وتفيد تلك التقارير التي صرح بجزء منها بعض الوزراء والقادة في الأردن, أن عصابات وشبكات التهريب من الجانب السوري باتت تعمل تحت ظل أجهزة استخبارات الأسد ومحمية من قبل قادة ميليشيات إيران وحزب الله.
المخدرات والاقتصاد البديل لـ"محور المقاومة"
مع فرض الولايات المتحدة الأمريكية سلسلة من العقوبات الاقتصادية طالت صميم منظومات قيادة إيران ونظام الأسد وحزب الله, ومعها شحت الموارد المالية, ولم يعد بمقدور إيران ضخ مليارات الدولارات لأدواتها في سوريا ولبنان, ومن ثم توقفت الحقائب الضخمة المحشوة بملايين الدولارات التي كانت تصل للضاحية الجنوبية ببيروت عبر مطار رفيق الحريري الذي تسيطر عليه أجهزة أمن حزب الله, وما قاله حسن نصر الله يوماً متفاخراً به على شاشة قناة "المنار" لم يعد ممكناً, حيث قال: (يا عمي منقولها على راس السطح, نحنا خبزاتنا وشرباتنا وسلاحنا وذخيرتنا ومعاشاتنا من إيران, وطالما فيه فلوس بإيران نحنا عنا فلوس).ما لحق بحزب الله من ضعف تمويل ميليشياته في لبنان, طال كل أدوات إيران في سوريا أيضاً, وكذلك نظام الأسد, الذي خرجت من حساباته أموال السلة الاقتصادية السورية المتمثلة بالنفط والقمح والقطن الموجودة بالجزيرة السورية, بعد سيطرة قوات سوريا الديموقراطية عليها (بإشراف أمريكي), وكان لابد من اقتصاد بديل, فكان التوجه نحو المخدرات من حيث زراعتها وتصنيعها وتسويقها وتهريبها.
منظومة مخدرات حزب الله اللبناني
تم رصد الإحداثيات الدقيقة لمعامل الكبتاغون التابعة لحزب الله والنظام على الحدود اللبنانية السورية وفي دمشق ومحيطها وأيضاً في الجنوب السوري. في محافظة درعا، في الجنوب السوري، هناك ثلاثة معامل لتصنيع الكبتاغون أقامها حزب الله:المعمل الأول حيث قام منذ ثلاث سنوات بنقل مكابس الكبتاغون إلى قرية خراب الشحم في ريف درعا, ويدير هذا المعمل المدعو "أبو سالم الخالدي" ويعاونه بالمهمة المدعو "أبو خلف".
المعمل الثاني تم وضعه في مدينة نوى في أحد مطاحن حبوب القمح بالبلدة للتمويه ويديره المدعو "عماد حمدان".
المعمل الثالث يقع في منطقة اللجاة شمال محافظة السويداء, ويدير المعمل المدعو "حسين رويضان" أحد أعضاء حزب الله اللبناني, ومنتوج هذا المعمل يُهرّب مباشرة إلى الأردن عبر معبر "نصيب" الحدودي, وعبره تُنقل شحنات المخدرات إلى دول الخليج بواسطة عناصر حزب الله بعد أن يتم تجميع تلك الشحنات بمنطقة "مزيريب" بريف درعا. صراع أجهزة الأمن: الاستفراد بالسيطرة لا المنع!
أجهزة أمن الأسد تخوض صراعاً مريراً مع مجموعات حزب الله حول تجارة المخدرات, لكن ليس لوقفها أو منعها, بل لمحاولة الاستفراد بالسيطرة على تجارتها والاستفادة من أموال عائداتها, لكن حزب الله هو الأقوى حتى في سوريا, لذلك تفشل كل أجهزة أمن الأسد بوقف نشاطات الحزب بما يخص إنتاج وترويج ونقل المخدرات بالداخل السوري, وساعده بذلك سيطرة الحزب على كافة معابر لبنان البرية والبحرية والجوية, والتي أعطته أريحية ومناورة عالية بنقل المخدرات من وإلى لبنان وإلى خارج لبنان, ونتيجة علاقة حزب الله باللبنانيين المغتربين من أنصاره, استطاع الحزب الارتباط مع كارتيلات تهريب وتجارة المخدرات في إفريقيا وأمريكا الجنوبية إضافة لارتباطه مع شبكات تبييض وغسيل الأموال.إنتاج وتصنيع المخدرات وحبوب الكبتاغون في الساحل السوري, هناك "معمل البصة" الذي يشرف عليه سامر الأسد (ابن عم بشار الأسد), ومعمل آخر في منطقة "دوير الشوا", ويديره ابن عم بشار الأسد أيضاً المدعو وسيم الأسد, ووسيم وسامر الأسد وجميل فواز الأسد لهم ارتباطات وثيق بتاجرَي المخدرات اللبنانيين "نوح زعيتر" و"أبو سلة" المقربين من حزب الله, ويتم تصريف المخدرات المنتجة بالساحل عبر ميناء اللاذقية إلى الدول المستهدفة, بطرق ليست مباشرة, فقد تذهب شحنات المخدرات لدول إفريقية أو آسيوية ومن ثم تعود لوجهتها المستهدفة خاصة بالخليج.
في حلب هناك معمل يقع في منطقة "الشيخ نجار" في مبنى معمل الكرتون الذي يُتخذ ستاراً لإنتاج وكبس حبوب الكبتاغون, ويدير المعمل المدعو "عبد اللطيف حميدي", وتعتبر مناطق عفرين والراعي الخارجة عن سيطرة نظام الأسد من أهم المناطق التي تستهدفها تجارة الكبتاغون لنقل المخدرات إلى تركيا, بعد شراء خطوط تهريب عبر مجموعات فاسدة من الجيش الوطني, وفي منطقة عفرين هناك المدعو "م.س" الذي يُعتبر الرأس الأكبر بعملية تأمين نقل تلك المخدرات وترويجها.
في ريف حماة هناك معمل أيضاً في منطقة "السقيلبية", وهو معمل "القاطرجي" لإنتاج وتجهيز حبوب الكبتاغون ويديره حسام القاطرجي المقرب مع إخوته من رأس النظام بشار الأسد.
----------
اورينت نت