نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


رمزية افتتاحية "القبس" في تمثيل الصامتين







لا يجد من يقرأ افتتاحية القبس (التي اصبحت شهيرة) عبارة اقرب تعبيرا لها من «رأي الصامتين» اولئك الذين لم يعد رأيهم مسموعا، اضحى خافتا، وبالكاد يتداولونه في مجالس ضيقة، وان اراد احدهم ان يشهر رأيا مقاربا فلا بد ان يمهد له بشتى عبارات المواربة «انه.. لا يعني.. ولا يقصد.. ولا يفهم من كلامي».


الحال الذي تحدثت عنه القبس ليس حالاً كويتيا، لقد استشرى الصمت على مساحة الاعلام العربي، ليس لانه لم يعد هناك احد لديه رأي مختلف، وليس ايضا اقراراً بهزيمة الافكار التي تبتعد قليلا او كثيرا عن «الاسلمة» المتشددة التي سادت كل شؤون الحياة، مدعومة بضخ لا ينطفئ على مدار الساعة، من الاعلام الفضائي الى الارضي الى الورقي الى الإنترنتي، هناك «جهاد» على مساحة النشر العربي كله لتكميم الرأي المخالف للتيار المتسيد الآن، الامر لا يخص الافكار هنا، ولا يخص الاسلام كذلك، فغالبية الناس مسلمة بتدين بسيط، لم يكن يكفر احدا ولا يقصي احداً «وكل من على دينه ربه يعينه» الامر اصبح شبكة من المصالح الاقتصادية والسياسية، وهو ما يجعل الامر اكثر تعقيداً.

فالحكومات وفي ظل سعيها لممالأة «الشارع» الذي اختطفه تيار التشدد لم تعالج الاصل، بل ذهبت الى النتيجة، فتأسلمت اكثر لانها تريد ان تبذل جهدا اقل في معالجة المسائل المعقدة لشعوبها، فشل الحكومات في معالجة قضايا التنمية والتعليم والبطالة والفساد و...، قادها الى الحل الاسهل، اللعب على نفس اوتار تيار التشدد، والهاء الناس بقضايا تبعدهم عن القضايا الحقيقية التي تصنع حاضرهم ومستقبلهم.

ما نتج عن ذلك هو حصاد مر للشعوب العربية، ليس الكويت فحسب، بل هناك انظمة تحكم تحت شعارات «علمانية» لجأت الى الحل الاسهل هذا، لا علاقة للامر هنا بالاستجابة لتطلعات الغالبية من الناس، فهؤلاء يعنيهم الشق المعيشي، والاطمئنان للمستقبل اكثر، يعنيهم تعليم اولادهم، ضمان مستقبل وظيفي لهم.. لكن في ظل تغييب هذه القضايا لا بد من «الالهاء» وهو ما تمارسه الحكومات التي تفشل في حل القضايا الحقيقية لشعوبها بنجاح منقطع النظير منذ فجر التاريخ. في ظل هذا نشأت شبكة معقدة من المصالح بين تيار التشدد وتلك الحكومات، ليس على مستوى السياسة فقط، بل نشأت مصالح اقتصادية، اصبح المستفيدون منها يدافعون بشراسة عن اي تغيير مهما كان طفيفا ضد مصالحهم، وهذا في علم السياسة حق، لكنهم في دفاعهم عن مصالحهم هذه «سواء كانت مشروعة او غير مشروعة» يزجون بالمقدس كهراوة يتم استخدامها للذود عن تلك المصالح، اللعبة ليست غامضة الى الدرجة التي لا يستطيع احد كشفها، انها استخدام رمزية المقدس لدى الناس، لاخراس اي صوت ينبه الى شبكة تبادل المنافع هذه، او يتحدث عن آلية لمراجعة نتائج ذلك، او المحاسبة، او حتى التساؤل «الى اين نمضي؟».

اللجوء الى التهويل، وممارسة التضليل في خطاب يضمر مصالحه ويخفيها تحت عباءة المقدس، هو السلاح الفاعل الآن لتكميم اي صوت مختلف عن «الجوقة». وفي علو اصواتهم لا يناقشون ما قيل من افكار بل يحيلون الى مسلمات «نحن مجتمع مسلم.. ان عقيدتنا.. ان اخلاقنا..» وذلك خطاب جمعي لا خلاف عليه في العموم، لكن الاختلاف يدور على ما هو خلف الكلمات.

لذلك لم يكن مستغربا ان يتم تداول افتتاحية القبس خارج الكويت «عبر الايميلات» من الصامتين، الذين تنتظرهم «كليشيهات» التشكيك، والتغريب والمس بمقدسات الناس.. ان قالوا ما قالته فيما يخص بلدانهم، الحال في الكويت اوضح لان فيها حياة نيابية واعلاما يستطيع الحراك اكثر رغم كل قيود التشدد، ما قالته القبس لا يمكن ان تنفيه الوقائع الماثلة، لذلك ايضا لم يكن مستغربا هذا «الجهاد» ضدها (وليس ضد ما قالته) من كل من ستتضرر مصالحهم فيما لو سمع صوتها.

خلف علي الخلف
الاحد 6 سبتمبر 2009