نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


رحلة الى معقل الرهبان في وديان البلقان لمشاهدة أديرة العصور الوسطى




بلجراد - توماس براي - تقع صربيا وإقليم كوسوفو الذي كان تابعا لها في السابق بعيدا إلى حد ما عن طريق السياحة الأوروبي المألوف، فالطرق غير المعبدة وضآلة معالم الجذب وأماكن الإقامة التي لا تتماشى مع المعايير الدولية أدت كلها إلى قلة أعداد الزوار، وكنتيجة لهذا فإن أديرة العصور الوسطى في صربيا التي أدرج بعضها في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي ليست معروفة جيدا في وسط أوروبا.


الانكشاريون اجبروا الرهبان على اللجوء الى الجبال خلال الحكم العثماني للبلقان
الانكشاريون اجبروا الرهبان على اللجوء الى الجبال خلال الحكم العثماني للبلقان
وتعد العاصمة الصربية بلجراد نقطة البداية والنهاية أيضا لجولة بين الأديرة تمتد لمسافة تصل تقريبا إلى 1100 كيلومتر وتستغرق من ثلاثة إلى أربعة أيام ويمكن للأفراد أن يقطعوها بالسيارة فقط، وتسمح بعض الأديرة التي تقع على طريق الجولة بالمبيت فيها.
وأول مرحلة من الجولة في بلاد البلقان تؤدي جنوبا إلى بلدة ديسبوتوفاك الصربية التي يقع بها دير ماناسيا الحصين، ويرجع تاريخ الدير إلى القرن الخامس عشر وهو محاط بأسوار واقية واستحكامات وأبراج عالية عديدة.
وتعد كنيسة ماناسيا صغيرة بشكل يثير الدهشة، وتم تزيين المنطقة الداخلية بها بلوحات جصية جدارية مثل جميع الأجزاء الداخلية من الكنائس الموجودة على طريق الجولة، وهذا الركن من أوروبا شهد قرونا من الحروب وبالتالي فإن جميع المباني المقدسة التي تقع فيه والتي تظهر بشكل لافت في تاريخ الفن تم تصميمها بحيث تكون صغيرة الحجم ليسهل الدفاع عنها.
وتقع معظم الأديرة الصربية في الوديان العميقة النائية حيث كان بوسع الرهبان الحفاظ على التراث المسيحي الأرثوذكسي على الرغم من الحكم العثماني الذي استمر 500 عام وما تلا ذلك من الاحتلال النمساوي تحت عائلة هابسبورج.
وأدت الحروب إلى تدمير الأديرة عدة مرات بما فيها دير ماناسيا ودير رافانيكا الذي يقع ناحية الجنوب قليلا وشرقي بلدة كوبريا، وغالبا ما كانت الصور الزيتية الجدارية تتعرض لعوامل التعرية لأكثر من مئة عام كما تعرضت أسقف الأديرة للانتزاع من أجل الحصول على ما تحتويه من رصاص غالي الثمن، وكثيرا ما يعتبر البعض أن بقاء لمعان اللوحات الجدارية على حاله من المعجزات .
وتمر الجولة عبر مدينة نيس التي تعد ثاني أكبر مدينة في صربيا حتى برشتينا عاصمة كوسوفو حيث يمكن رؤية بعض المساجد القديمة بدلا من الأديرة، وأهم هذه المساجد الجامع الكبير الذي أعيد ترميمه مؤخرا واسمه الصحيح هو مسجد السلطان محمد الثاني الفاتح.
وكان السلطان محمد الثاني قد غزا القسطنطينية عام 1453 منهيا الإمبراطورية البيزنطية، وبعد أن فتح غرب البلقان بعد ذلك بثمانية أعوام أمر ببناء المسجد في برشتينا.
والمقصد التالي في الجولة هو بلدة بيك الواقعة غربي كوسوفو، ويقع بالقرب منها اثنان من الأماكن المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي هما: دير فيسوكي ديكاني وبطريركية بيك المهيبة وهي مجمع يضم أربع كنائس، وتحميها قوات حفظ السلام الإيطالية من قوة كوسوفا تحت قيادة حلف الأطلسي، وأحد مهام هذه القوة هو منع الهجمات التي تشنها الأغلبية العرقية الألبانية ضد أفراد من قومية الصرب الذين بقوا داخل الإقليم الذي كان تابعا في السابق لصربيا.
وتستمر الجولة بعد ذلك صوب بلدة روازي في جمهورية الجبل الأسود ثم تعود بسرعة مرة أخرى إلى أراضي صربيا بالقرب من بلدة توتين، وإلى ناحية الشمال بالقرب من بلدة يوشي يؤدي طريق إلى دير ستودينيكا الذي أسسه ملوك الصرب الأوائل في القرن الثاني عشر.
وتجيء لحظة التوقف في المحطة الأخيرة للجولة قبل العودة إلى بلجراد عند دير زيكا الذي بني في القرن الثالث عشر ويقع جنوبي بلدة كراليفو.
ويحتاج السياح الذين يزورون معالم الجذب هذه في الطريق غير المألوف للسياحة لأن يتسموا بالمرونة وبقليل من حب المغامرة، ومع ذلك لا توجد بالمنطقة مشكلات أمنية أو نقص في الوقود، ويمكن هنا الاستمتاع بالإضافة إلى جواهر تاريخ الفن بضيافة الرهبان الذين يعرض معظمهم على الزوار بشكل دائم الشراب والقهوة القوية والحلوى.
ويمكن للمسافرين المحظوظين بما فيه الكفاية لحضور صلاة عامة لممارسة الطقوس المسيحية الأرثوذكسية أن ينغمسوا داخل عالم يتسم بالروحانية والغموض بالنسبة للأوروبيين الغربيين.


توماس براي
الثلاثاء 9 يونيو 2009