نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


دول تحتاج إلى دولة





السياسة تجعل العروبة خياراً أقوى من الضرورة. صارت السياسة هي الإشكالية لدى العرب بعد إسقاط الإسلام السياسي في مصر. الإسلام دين الأكثرية العربية؛ وهم لا يحتاجون إلى هداية؛ وما في دينهم نقص كي يعمل الإسلاميون على استكماله. ليس الدين مشكلة العرب بل هي السياسة. ما يحتاجه العرب ليس إصلاح العقيدة بل إصلاح السياسة ونقل العلاقات في ما بين دولهم إلى مستوى من السوية والتعبير عن إرادتهم من أجل اكتساب الشرعية.


أول بنود السياسة هو الحفاظ على الدولة العربية، كل دولة عربية كيفما كانت. أمتنا العربية مجزأة إلى دول قطرية. نشأت هذه الدول، كما كل الدول الأخرى بالغلبة أو بالاملاءات الخارجية أو نتيجة الصدف التاريخية الخارجية والداخلية. المحافظة على الدولة هي أن يقتنع سكانها بالعيش سوية ضمن حدودها، وهذا ما يسمى العقد الاجتماعي. وحدة الشعوب العربية أمر مفروغ منه. أثبتت وحدة الثورة العربية أن هناك إرادة واحدة لدى هذه الشعوب. تكون السياسة سوية بالسعي لتوحيد هذه الدول. الوحدة وحدة دول، أما الشعوب فهي موحدة أصلاً، على تنوعها، ولا تحتاج إلى توحيد مرة أخرى. لا تحتاج الشعوب العربية إلى هداية عروبية.
بالسياسة تعبر الدولة عن العقد الاجتماعي لدى شعبها وعن إرادة هذا الشعب في الانتظام العربي ضمن إطار موحد يتجاوز الجامعة العربية التي تعاني من علائم التشرذم وفقدان العزم والإرادة. تصير الدولة القطرية شرعية بالعقد الاجتماعي وبالسعي إلى التوحد مع الدول الأخرى. ولا يعني التوحد أن تفقد الدولة القطرية خصوصيتها ولا ان تفقد المجتمعات العربية تنوعها.
لا يستقيم أمر الدولة إلا بقبول الناس بها، ومعنى ذلك تجسيد الإرادة الشعبية. بعد انطلاق الثورة صرنا نستطيع ذكر كلمة شعب أو جماهير من دون حرج ومن دون أن يسخر منا أحد. في السياسة كثير من البراغماتية وانتهاز الفرص، لكن ذلك لا يجدي إذا لم تكن الحصيلة معبرة عن إرادة الناس. ما بقي هناك التباس في أن إرادة الشعوب العربية هي في التوحد، وهي أن تعيد تشكيلها في أمة. والحفاظ على وحدة الدول العربية لا يكون سوياً إلا بأن تكون دولة الوحدة فيدرالية أو كونفيدرالية من أجل الحفاظ على الخصوصيات والتنوعات.
ليس الدين عدو الوحدة العربية، أو غيرها من محاولات التوحد السياسي. الدين السياسي يجزئ. أينما حل الإسلام السياسي هناك حرب أهلية. الحرب الأهلية ليست حول الدين بل هي السياسة التي تستخدم الدين وتستجير به. الدين علاقة عمودية مع الخالق، والسياسة علاقة أفقية مع بقية الناس. والجمع بينهما مستحيل إلا لأغراض تؤدي إلى تفتيت المجتمع.
يحتم علينا سقوط الإسلام السياسي، أن نجعل العروبة قاعدة للسياسة في كل الأقطار العربية. السياسة إرادة، وهذه هي إرادة الشعوب العربية.
لا تكسب الدولة القطرية شرعية من دون العروبة. معنى العروبة هو السعي نحو الوحدة.
العروبة علاقات متبادلة بين العرب. تواصل في ما بينهم، حفاظ لكل دولة قطرية على خصوصيتها وشرعيتها. العروبة مصالح مشتركة، تجارب متبادلة، حرية تنقل، كرامة إنسانية، تواصل بشري. هي مجال حضاري واحد ومن الواجب السعي لأن يكون في أعلى المستويات بالتعليم والتكنولوجيا والفهم المشترك، والارتفاع إلى أعلى مستويات الإنسانية. العروبة صلة بين المحلي والكوني، ليست فصلاً عما هو غير عربي بل بناء صلات سوية مع الآخرين.
تتشكل الأمة العربية من دول صارت تخاف شعوبها. هي شعب واحد على تنوعه. برهن هذا الشعب على وحدته بالثورة التي تنتشر وستبقى وستحقق إرادة الشعوب العربية في وجه الأخطار الخارجية والداخلية.
تتعرض الثورة العربية لهجمة امبريالية شرسة من أجل انتصار الثورة المضادة، من أجل تفريغ الشعوب العربية من إرادتها. هدف الثورة المضادة هو تحويل الثورة العربية إلى حرب أهلية في خدمة الامبريالية وإسرائيل.
آن الأوان لأن نفكر بالوحدة العربية براغماتيا. الفرصة مؤاتية. تنشب الثورة فجأة، وهي لا تكون ثورة إلا كذلك. واجب النخب الثقافية والسياسية هو وضع البرنامج بما يتناسب مع إرادة الشعوب العربية.
بداية الطريق هي أن نتحدث عن أمة عربية لا عن أمة عربية مع صفة أخرى.

الفضل شلق
السبت 13 يوليوز 2013