نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


دفاعا عن المهنة






" إذا كان عليك أن تقتل إنسانا، لن تخسر شيئا لو كنت مهذبا "
رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرتشل


برز "التهذيب الغائب" بصورة واضحة ضمن السلوكيات التي مورست في موجة صرف أعداد من الزملاء الصحافيين والكتاب والموظفين في بعض المؤسسات الإعلامية اللبنانية. ومهما كانت المبررات لعمليات الصرف، فإن هذه الموجة تشكل سابقة مقيتة في هذه المهنة. قبل كل شيء. من حق أية مؤسسة ( إعلامية كانت أم غير ذلك)، أن تعيد ترتيب شؤونها الإدارية والمالية، بل يتوجب على المؤسسات أن تقوم بعمليات ترتيب دورية، لا لحصر النفقات فقط، بل لمواكبة التطور الإداري أيضا، من أجل جعل هذه المؤسسة أو تلك أكثر "رشاقة" في الأداء، وأكثر حيوية في العطاء والإنتاج.
ولكن ما واجهه الزملاء المصروفين من المؤسسات المعنية – وفي مقدمتها جريدة "النهار" – شكل إهانة للمهنة نفسها، ووضع مؤسسة راسخة وعريقة جنبا إلى جنب مع "المؤسسات" الإعلامية الارتجالية أو "الموسمية" أو تلك الشبيهة بـ " البقالات"، وطرح أسئلة حول مستوى "جودة" نقابتي المحررين والصحافة، إن لم نقل جدوى وجودهما. القضية كبيرة، ليس من جهة قطع الأرزاق، ولا من ناحية عدد الزملاء المصروفين من وظائفهم وأعمدتهم الصحافية، بل لأن السلوك غير اللائق مورس مع هؤلاء في بلد كانت له اليد الأولى والماهرة في ولادة مؤسسات إعلامية في بلدان أخرى، على صعيدي الكوادر والآليات. والذي يزيد العيب عيبا، أن بعض وسائل الإعلام اللبنانية تعاملت باستخفاف ( وبعضها باستهزاء) مع هذه القضية، التي لا تخص المصروفين وحدهم، بقدر ما ترتبط بالأخلاقيات المهنية.
ولأنها قضية سلوك، أكثر من كونها مسألة حقوق. كان ينبغي إتباع معايير تتناسب مع قيمة المؤسسات وسمعتها، لاسيما وأن عددا من الزملاء المصروفين ساهموا على مدى عقدين من الزمن، في تكريس السمعة المهنية والأخلاقية.. وحتى الوجدانية لمؤسساتهم. فالغائب في هذه الموجة، كان الوضوح ومعه الكرامة والسلوك غير اللائق، والحاضر كان "ساعي البريد" ووسائل إعلام أخرى، عرف من خلالها الزملاء، أن خدماتهم لم تعد مطلوبة، وأن السنوات الطويلة أو القصيرة التي "صرفوها" من حياتهم في مؤسساتهم، لا تستحق حتى الاعتذار من إداراتهم على صرفهم!. فقد غاب عن المدراء وشركات "إعادة الهيكلة"، أن الأمكنة تحتاج إلى الكاتب والصحافي، أكثر من احتياج هذين الأخيرين إليها.
نعترف بأن الأزمة الاقتصادية العالمية، نالت من كل شيء، حتى من "أرصدة" الأطفال في حصالاتهم. والمؤسسات الإعلامية عربية كانت أم أجنبية، أخذت قسطا كبيرا من مصائب الأزمة، بما في ذلك مؤسسات إمبراطور الإعلام العالمي روبرت ميردوخ، وصحف متجزرة على الساحة الدولية كصحيفتي "الأبزيرفر" الأسبوعية و"الإندبندنت" البريطانيتين، وأعداد كبيرة من المطبوعات الأميركية والفرنسية والإيطالية والإسبانية وغيرها. هذه حقيقة تحتم على الناشرين ومالكي هذه المؤسسات إعادة صياغة مؤسساتهم وفق المعطيات التي أفرزتها الأزمة.
لكن هذا لا يبرر السلوكيات غير اللائقة في موجات صرف الصحافيين والكتاب. فهؤلاء يصنعون الكلمة، ولأنهم كذلك فهم يقدسونها ويسعون إلى تطويرها لتصل إلى أعلى درجات البلاغة في التعبير والتعاطي الإنساني. من حقهم أن "يستحصلوا" على كلمات بمستوى جودة صناعتهم. والذي حدث مع الزملاء المصروفين، أنهم سمعوا كل الكلمات المريعة، من المدراء ومن وكلائهم. لم يكونوا ينظرون قصائد تمجدهم، ولا حفلات وداع ترفه عنهم، أو تمنحهم قيمة لليلة يتيمة. كانوا يرغبون بسماع كلمة واحدة فقط، من صاحب الشأن، لا من وسائل الإعلام ولا طريق ساعي البريد. كلمة : شكرا. لا "معزوفة"، أنكم تجاوزتم سن العمل، ولا أن بعضكم لا يأتي إلى مكتبه، ولا أن المؤسسة أصيبت بالترهل منكم.
وإذا كان هذا هو مستوى خطاب مالكي ومدراء مؤسسات تصنع الكلمة، علينا أن لا نعترض على مستوى خطاب المسؤولين عن العمال والصناعيين والحرفيين، وأصحاب البقالات، والمشرفين على عمال "التراحيل".
-----------------------------------------

m@karkouti.net


محمد كركوتــي
الثلاثاء 20 أكتوبر 2009