نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


خلفيات العلاقة الأسدية - الإيرانية وتطوراتها






منذ ستينيات القرن الماضي، لا بد أن حافظ الأسد وضع في رأسه حكم سوريا، البلد العاصي على الحكم بسبب الصراع فيه، وعليه خاصة بين عُقد لا حصر لها، كانت العقدة الكأداء بالنسبة لحافظ الأسد أقلّويته وطائفيته؛ والتي لم تكن مشكلة بالنسبة لسوريا المتعايشة لمئات بل آلاف السنين؛ إلا أنها بالنسبة للأسد، كانت القفل الذي لا بد من كسره.


لم تكن حرب تشرين "التعميدية" عام 1973 (المُتَّفَق عليها) كافية لتجاوزه تلك العقدة؛ وما كانت طروحاته القومية الخلبية، التي اتضحت طبيعتها بالممارسة الإقليمية الأقلوية الضيقة غطاءً كافياً؛ فقرر اًخيراً أن يتجاوز المسألة إعلانياً وظاهرياً وكلامياً؛ ولكنها بقيت في داخله تأكل شرعيته. أتاه الفرج عبر نصيحة من (موسى الصدر)؛ الذي اقترح عليه عام 1973 لقاء الخميني، حيث كان الأخير في العراق. ومنذ ذلك الوقت بدأت علاقته تتوطد بما سيصبح "الجمهورية الإسلامية الايرانية"؛ وذلك عبر بناء حلف غير معلن يغطيه شعار "المقاومة والممانعة"؛ والتي خفّفت قليلاً من عقدة الأسد الكأداء. قبل هذا النضوج في لعبة "المقاومة والممانعة" الخبيثة، مرت العلاقة بعد مجيء الخميني إلى السلطة عام 1979 بمراحل مد وجزر. صحيح أن الأسد وقف مع ايران في حربها مع بلد عربي متحدياً مشاعر الدول العربية والإسلامية وجماهيرها وشعارات القومية العربية، إلا أن التجاذب والتنابذ بين الشريكين كانا واضحين. قبيل عام اثنين وثمانين، وعند الحاجة الماسة لإيجاد وكلاء غير سعد حداد وانطوان لحد في الجنوب اللبناني، أراد الأسد أن يكون له اليد العليا في تشكيل ميليشيا تقوم بالواجب المكلف به في حماية الشمال الاسرائيلي المهدد بالخطر، كما ذكر "بن غوريون" في مذكراته. إيران من جانبها وعبر الأموال التي كانت تضخها وبحكم شيعيتها وشيعية الميليشيا، التي كانت تنوي إنشاءها؛ أرادت أن تكون يدها العليا. لما كان لبنان ساحة مستباحة؛ والأسد الأب هو المتعهد الأساس للقوى المتواجدة على الساحة، لم يكن مسموحاً أن يزاحمه أحد على ذلك التعهد، وخاصة بعد إزاحة "سعد حداد وانطوان لحد"، واتفاق 17 أيار من الطريق. كان على ايران- كجزء من تمدد مشروعها، الذي أطلق عليه العاهل الأردني " الهلال الشيعي"- إما أن تتكابش مع الأسد الأب أو تنسق معه؛ وكان الخيار الأخير الذي طوّرعلاقة متكافئة بينهما. أبقى الأسد الأب مسافة بينه وبين الإيرانيين لاحساسه الغريزي بان هيمنته على لبنان قابلة لمواجهة المخاطر؛ فايران تنشط بشكل رهيب ضمن المكون الشيعي في الجنوب، وتكب أموالاً لا قدرة لديه على مجاراتها... فكان لابد من التنسيق المشترك؛ ولكن لاغَلَبة لجانب على آخر، رغم الضيق الذي كان ينتابه بأن ايران تتمدمد في حديقته الخلفية (لبنان). لابد وأن اللواء محمد ناصيف، الذي كان يحفظ دماغ حافظ الأسد عن ظهر قلب، قد سعى إلى إنجاز الأمر بأقل الخسائر على طريقة ما يحدث للقنافذ في فصل الشتاء (فهي إن التصقت ببعضها البعض تؤذي نفسها بشوكها، وإن تباعدت تبرد). سعى محمد ناصيف للحفاظ على هذا التوازن؛ ولكن ذلك ما كان مريحاً أو مُشْبِعَاً لإيران. كان جوهر خطتها تمدمد حزب الله، ليكون القوة التي لا يقف أحد في وجهها في لبنان، والمساهم في ابتلاع سوريا ما بعد حافظ. بقي الوضع على هذا الحال حتى عام 1998 عندما سعى الأسد الابن- ربما برغبة من أبيه؛ كي يجربه، أو بلعب من مكان ما، أو الاثنين معاً- إلى سحب ملف لبنان من يد "عبد الحليم خدّام". كانت حالة عدم الارتياح واضحة بين الأسد الابن وخادم والده "خدّام"، وكان يسرّه عندما يسمع أن "عبد الحليم خدام" سيعَيَّن أميناً عاماً للجامعة العربية. عام (2000)، ومع وفاة الأسد الأب، أضحى الملف اللبناني بالمطلق بيد الأسد الابن؛ وهذا جعل خدّام يفقد توازنه، ويشعر بالخطر؛ وما كان أمامه إلا أن يسلمّ بتسمية الأسد الابن رئيساً؛ ويسعى انتقامياً إلى تخريب مابين يدي الأسد الإبن، مراهناً على خوف وانعدام خبرة الأخير. كانت 2011 هدية من السماء بالنسبة لايران لتضع يدها بالمطلق على بشار الأسد. أتى (جليلي) المسؤول الايراني حاملاً خطة (الستار الحديدي) مباشرة بعد اندلاع الحراك في درعا؛ ووضعها بين يدي بشار الأسد الذي كان مربكاً جداً. صعب أن تُنسى تلك التصريحات التي أطلقتها مستشارته السياسية وفيها الكثير من الوعود التي نسفتها بالمطلق خطة الجليلي "الستار الحديدي". مباشرة دخلت مفردات "المؤامرة" و"الطائفية" و"الإرهاب" في المعادلة؛ وبدأ الضرب بيد من حديد لكل صوت يخرج. عبر اعتماد خطة "الستار الحديدي" تم إلغاء أي رأي عاقل أو نصيحة عربية أو إقليمية. حتى خلية الأزمة، التي كانت تبحث عن حل من نوع ما، تمت تصفيتها. انفردت ايران بالساحة، وزجت بمستشاريها وبقوات ميدانية من حزب الله والعراق في المعركة مباشرة؛ وليس بعد ستة أشهر من بدء الحراك في سورية، كما أُشيع. كل قرار أو رأي أو خطوة أو إجراء تم اتخاذه، كانت يد إيران فيه هي الطولى. كان أهم ما أججته إيران في سورية هو الحالة الطائفية مستخدمة ماكينات إعلامية خبيرة أخذت زمام الرسالة الإعلامية من الأيدي المحلية المربكة المهزومة، واستقدمت أبواقاً لبنانية مدربة ومستعدة لهذه اللحظة منذ زمن. وعندما فشل كل ذلك، كان استدعاء التدخل الروسي؛ حتى ولو زاحمها على النفوذ في سوريا. كانت آخر حلقة في مخطط ايران خروجها العلني عبر التواجد على حدود الجولان السوري شخصياً؛ لتقول لاسرائيل: "ها نحن على حدودكم؛ لابد لمشروعنا النووي أن يُفكرَّ به بطريقة مختلفة". وفي المواجهة الأخيرة في درعا، كان العنوان هو الملالي حصراً. وهنا رسالة إيران لإسرائيل تقول: "لنتقاسم النفوذ في بلاد العربان؛ والرسالة الأخرى للعالم ولروسيا تحديداً تقول: "إضافة للمشروع النووي، المسألة السورية، والأسد باليد الايرانية. فماذا نحن فاعلون ---------- نداء بوست

د. يحيى العريضي
الثلاثاء 31 غشت 2021