نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عامٌ من الألم

19/09/2024 - الياس خوري

الصراع على دمشق.. إلى متى؟

13/09/2024 - جمال الشوفي

( ماذا نفعل بالعلويين؟ )

12/09/2024 - حاتم علي

(عن الحرب بصفتها "الأهلية" ولكن!)

07/09/2024 - سميرة المسالمة *


حين تغيب الأحزاب تنتعش الصالونات






ليست المرة الأولى التي يشار بها إلى "صالونات عمان الغربية السياسية" بوصفها مصدرا للاشاعات الضارة والدعاية المغرضة والأدوار المعرقلة والمحبطة ، فطوال العشرين عاما الفائتة ، ظلت هذه الصالونات موضع نقد واتهام من قبل قيادة البلاد وحكوماتها المتعاقبة ووسائل الإعلام والصحافة ، من دون أن يجدي ذلك حتى الآن ، في الحد من أدوارها أو يحول دون تمددها وتكاثرهاكما يجب.


والحقيقة أن سبب استمرار هذه "الصالونات" وتزايد دورها إنما يعود ، لا صطدام كافة الدعوات والمحاولات الرامية بناء وتطوير نظام حزبي فاعل وحيوي ، بجدار المراوحة السميك ، وغياب الإرادة السياسية الفعلية لدى الحكومات المتعاقبة في ولوج عتبات الإصلاح السياسي والتحوّل الديمقراطي.
في غياب الأحزاب كقنوات للمشاركة السياسية ووسيلة للوصول إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية ، تنتعش البدائل والخيارات الأخرى ، تتكاثر ظاهرة "الصالونات السياسية" ويتعزز دورها ، وينكفىء الراغبون بالمشاركة السياسية إلى حمائلهم وعشائرهم ، ويتفشى الإحباط والانسحابية عن فئات متزايدة من المواطنين ، وهذا ما نراه يحدث في طول البلاد وعرضها.
ولقد ساهم اللجوء المتكررة إلى سياسة "تجهيل الفاعل" عند الحديث عن ظاهرة "الصالونات السياسية" ، إلى استمرارها وتفشي دورها ، فغالبا ما يشار للقائمين عليها كـ"فئة قليلة" أو "هؤلاء" و"أولئك" ، في حين كان يكفي أن يؤتى على تسمية الأشياء بأسمائها ، ولو مرة واحدة فقط ، ليبنى على الشيء مقتضاه ، وليجد "هؤلاء" أنفسهم في خانة ضيقة ، ويكفّوا عن رمي الحكومات والناس والمارة ، بحجارتهم الصغيرة ، المزعجة والمؤذية في غالب الأحيان.

ولكي لا نكون أمام هبة موسمية ضد هذه "الفئة القليلة" ، تستمر لأيام قلائل ثم تغيب عن التداول بانتظار محطة أخرى وقضية آخرى ، بعد ثلاثة أشهر أو ستة أشهر ، فإنه يتعين علينا الشروع من دون إبطاء في ترجمة "خزان" الأفكار والبرامج الإصلاحية الذي ملأناه خلال السنوات السبع الأخيرة ، بكل ألوان المبادرات والهيئات والأجندات ، وأن نمضي على خطى التحوّل الديمقراطي بكل ثبات ، فهذا هو الطريق إلى نفي آثار "الصالونات" واحتواء التداعيات الضارة لانتعاش "الهويات" الثانوية التي تنمو على حساب الهوية الوطنية الجمعية والجامعة للأردنيين جميعا ، وتجعل وحدتهم الوطنية محل تقاذها في الملاعب والجامعات.
المجتمع كالطبيعة ، يشكو الفراغ ويضيق به ، وفراغ الحياة السياسية - الحزبية ، لا بد أن تملأه جهات وأطراف ، ذات أجندات شخصية ومصالح انتهازية ،"، وإذا أردنا أن نحاصر هذه الظاهرة ، فلنبدأ بما هو ممكن ومتاح ، وما هو ممكن هنا هو تطوير قانون انتخاب جديد ، يعطي ثلث إلى نصف مقاعد المجلس السادس عشر للقوائم الحزبية المتنافسة ، عندها لن تكون "الصالونات" أداة مناسبة لممارسة العمل البرلماني ،

وسيعمد كثيرون من أصحابها والقائمين عليها إلى "تظهير" أنشطتهم السياسية ، والانتقال خطوة للأمام والأعلى في العمل السياسي ، نحو الأحزاب والكتل والتحالفات والقوائم ، وسيخوضون غمار المنافسة البرامجية ، العلنية والشفافة والمكشوفة ، فوق السطح والحزام ، وليس تحت الأرض ، وعندها سيعرف الناس من هم هؤلاء ، سيمنحونهم الثقة أو يحجبونها عنهم ، وخلال سنوات عشر فقط ، أحسب أنه سيكون لدينا أحزاب طويلة وعريضة ، وبرلمان ذي كتل برامجية وحزبية ، وحكومات تشكلها الأغلبية البرلمانية ، و"صالونات" لا يفعل أصحابها شيئا أكثر أهمية من "كش الذباب" ، هذا هو الطريق الذي اختربته البشرية جمعاء بنجاح ، وهو هو الطريق الذي لم تسجل كتب العلوم السياسية طريقا آخر بديلا عنه ، فإما أن نمضي للأمام ، وأما أن نظل على مراوحاتنا وأزماتنا الدورية المتكررة.

عريب الرنتاوي
الاحد 6 سبتمبر 2009