نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عامٌ من الألم

19/09/2024 - الياس خوري

الصراع على دمشق.. إلى متى؟

13/09/2024 - جمال الشوفي

( ماذا نفعل بالعلويين؟ )

12/09/2024 - حاتم علي

(عن الحرب بصفتها "الأهلية" ولكن!)

07/09/2024 - سميرة المسالمة *


حملة أصولية مضادة للاحتفال بعيد الحب في الخليج




تشهد منطقة الحليج حاليا حملة أصولية مضادة لعيد الحب (فالنتاين )تستهدف محاربة هذا التقليد الذي تعتبره تلك الفئة غزوا فكريا وتقليدا للكفار والملحدين ودربا يقود الى المعصية وبالاضافة الى أساليب الترهيب ومصادرة الورود الحمراء يستخدم الاصوليون في حملتهم أسلحة الرسائل القصيرة الموجهة الى الشباب على الهواتف المحمولة كمايصب بعضخم جام غضبه على الشيكولاته ويحاول الأكثر تشددا منع المحلات التجارية من الاعلان عن هدايا عيد الحب وقد نجحت حملات مشابهة العام الماضي في استصدار قرار من السلطات السعودية بمنع بيع الورود الحمراء يوم الرابع عشر من شباط- فبراير المخصص عالميا للاحتفال بعيد القديس العاشق فالنتاين


حملة أصولية مضادة للاحتفال بعيد الحب في الخليج
وهذا نفس ما تفعله السلطات السعودية والشرطة الدينية هذا العام وقد بدأت الاخيرةبمصادرة الورود الحمراء وتهديد المحلات التي تستوردها كما بدأت وزارة التربية والتعليم السعودية حملة في المدارس لتحذير الطلاب والطالبات من المشاركة أو الاحتفال بعيد الحب وذلك من خلال بث فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بهذا الأمر، والتي اعتبرت "عيد الحب من الأعياد الوثنية التي لا يجوز للمسلم الاحتفاء بها أو إقرارها أو التهنئة بها والإهداء فيها".
و كان مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ قد وصف عيد الحب قبل سنوات بأنه "عيد وثني"، وقال في فتوى له: "على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ألا يحتفل بهذا العيد
خارج السعودية الصورة مختلفة قليلا في دول الخليج فهناك ورود و زينات ملونة وواجهات محال مزركشة في العواصم الخليجية ، تتزامن معها حملة إحتجاجيه سنوية منظمة تشدد على عدم شرعية الإحتفال بيوم الحب ، هذا العام بادرت الحمله الى الإعلان عن نفسها قبل شروع المحال في تزيين الواجهات أو تغليف الهدايا بالقلوب الحمراء .
كما يحتفل العالم بيوم الحب في الرابع عشر من فبراير من كل عام ، تتزين المحلات التجارية في الخليج و تستعد لهذا اليوم كموسم تزداد فيه المبيعات في إتجاه معين يتمثل في التعبير عن المودة من طرف للطرف الآخر ، محلات بيع الزهور و محلات بيع الحلويات و الشيكولاته هي أبرز الواجهات التجارية إحتفالاً بالمناسبة ، حيث تعتبر الورود رسول الغرام بلا منازع ، و سفير الأحبه الى القلوب المسكونه بالعاطفة ، و لعل السينما العربية ساهمت في ترسيخ أهمية الوردة للحبيب منذ قدمت باكورة الانتاج السينمائي بعنوان "الوردة البيضا" ثم يغنى الموسيقار محمد عبدالوهاب "يا وردة الحب الصافي" ثم تتوالى أمام المتلقي العربي مشاهد متشابهة للحبيب و هو يحمل باقة الزهور و ينتظر حبيبته على رصيف محطة القطار أو في المطار ، في دلالة بأن المشهد الرومانسي يكتمل فقط اذا حضرت الوردات و لا سيما إذا كان "روز أحمر" و أما الحلوى فرسالتها واضحه ، حيث لا أكثر حلاوة من تلك العاطفة اللذيذة المسماة "حب" ، فالسكريات هي المذاق الحلو للعاطفة ، و لكن الورود و الحلويات لم تعد تكفي للتعبير عن مقدار المحبة ، فلا بد من هدية رقيقه للمناسبة الرقيقة ، تلك التي قد تكون دمية لدب أبيض بشريط أحمر ويحمل قلباَ أحمر يُكتب عليه رساله العيد ، و قد ترقي الى المجوهرات الماسية ذات الأسعار الباهضة ، ليختار المحبوب هديته حسب قدرة الجيوب .
تلك إحتفالات تشترك فيها دول العالم في كل عام ، و لا تنفصل عن ذلك العواصم الخليجية التي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي تحتفل علناً بالفالنتاين داي أو يوم المحبة ، لترتفع أسعار الورود الحمراء و تنتهي الشرائط الحمراء و أوراق تغليف الهدايا المنقوشة بالقلوب من المحال ، و لتكتب محال الأزياء الاكسسوارات على واجهاتها لافتات تقول لك بأنك ستجد هدية الحبيب المناسبة هنا ، هذه المستجدات إمتصها المجتمع الخليجي بسلاسه و إن كانت بعض الإستنكارات وأصوات الرفض تظهر في المجالس و الجلسات الخاصة ، الشيئ الذي لم يؤثر على صوت الإحتفال الذي لا يخفى على أحد جانبه التجاري أو الإقتصادي ، ففي ظل أزمة إقتصادية طاحنة تقدم المحال التجارية على تجريب أي نوع من الإعلان فلربما يكون فيه حبل النجاة من البوار المحتمل ، فلا عجب أن ترى عروضاً من الفنادق الكبرى في المنطقة لقضاء ليلة أو ليلتين مع خدمات آخرى بمبالغ متفاوتة ، ففندق "شرق" أحدث فنادق الدرجة السابعة بالعاصمة القطرية الدوحة ، يُعلن عن عرض خاص لعيد الحب ، يتلخص في قضاء ليلتين في ربوع الفندق المبني على الطراز المعماري الخليجي القديم مع الوجبات الثلاث و عازف خاص يلازمك عند تناول العشاء في مكان هادئ و يرافقك حتى باب الجناح المخصص لك ، كل ذلك بمبلغ 50 ألف ريال قطري أي حوالى أربعة عشر ألف دولار أمريكي ، ينافسه في هذا فندق آخر يقدم للأحبة ليلتين مقابل خمسة آلاف دولار فقط ، و لا عجب أن نرى عددا أكثر من المحال ترفع لافتات تطلب منك الدخول لشراء هدية الحبيب والذي اتسع معناه ليشمل كل الأحبة و حتى زملاء العمل و الأقربون ، فلماذا لا تُعبر عن محبتك لهؤلاء و تُهدهم وردة أو زجاجة عطر أو قطعة حلوى ؟ و لكن القاعدة الفيزيائية الشهيرة تقول ان لكل فعل رد فعل مضاد ، وعلى هذا فإن ارتفاع نبرة الإحتفال هذه يقابلها في الجانب الآخر ارتفاع في حدة الإحتجاج الصادر من رجال الدين والغيورين على التقاليد الخليجية التي لا تعترف بيوم الحب هذا .
رسائل نصية قصيرة انتشرت بين الخليجين ، مفادها " الحث على الغيرة على الدين و التقاليد العريقة في رفض أي مظهر من مظاهر الإحتفال بيوم الحب و عدم تعاطي هذة المناسبة بأي معنى " و تطلب تلك الرسائل من المتلقي أن ينشرها على معارفه و اقربائه و تعد بالأجر و الثواب من الله ، و اذا كنت في المنطقة فقد تصلك تلك الرساله أو مثيلاتها مرتين او ثلاث وربما أكثر في اليوم الواحد ، في التوقيت ذاته تنشط الرسائل الإلكترونيه التي تحمل ذات المضمون و تعد أيضا بالأجر و الثواب اذا أعدت توجيه الرسالة الى المعارف ، و في بُعد آخر يتحدث رجالات الدين من جيل الشباب على شاشات التلفاز و البرامج الإذاعية لتحذير الشباب من الوقوع في براثن هذا الشرك المنصوب لهم و الذي قد يجر – لا سمح الله الى ما هو معصية أكبر- و تحرص بعض البرامج الإعلامية التى تعتمد على الإثارة الى استضافة رجل دين ليمثل وجهة نظر الاسلام في عيد الحب الذي بعتبره بعض شيوخ الدين "بدعة تؤدي الى الظلال " ،أما الصحف المحلية فستجد بها إعلانا تجاريا عن هدايا عيد الحب على مساحة نصف صفحة و النص الآخر ينشر فيه أحد الصحافيين حديثاً لأحد ممثلي جبهه الرفض الإسلامية ، كما يخصص بعض الأئمة خطبة الجمعة القادمة لهذا الغرض لصد الغزو الفكري الآتي من الغرب الكافر.
من الملاحظ جدا ان الإحتجاجات على عيد الحب هنا في الخليج ، صارت منظمة و منسقة و تتبع جدول زمني محدد ، بحيث ترتفع الحده و تزيد الرسائل القصيرة و الالكترونية كلما اقترب اليوم الموعود ، و قد نجحت هذه الحملة في العام الماضي في التوصل الى إستصدار قرار من السلطات السعودية يقضي بمنع بيع الورود الحمراء يوم الرابع عشر من فبراير ، و من غير المعلوم حتى الأن هل ستؤدي تلك الحمله المضادة للاحتفال في استصدار قوانين مشابهه في دول المنطقه الاخرى ، لا سيما تلك التي ترتفع موجة فيها الاصولية في الوقت الحالي مثل الكويت التي يشكل الاسلاميون أغلبية مجلس النواب فيها ، و الأغلب الأعم من الشارع الكويتي .


الهدهد- المنامة- جدة
الخميس 12 فبراير 2009