وتختلف أيضاً القطاعات التي يبرز فيها التمييز وفق المعايير السابقة كذلك وربما تدعمه عوامل اقتصادية وثقافية وربما دينية وسياسية كذلك. فهناك التمييز على سبيل المثال في المجال التعليمي، الاجتماعي، مجال العمل، السياسي، الفني، الاقتصادي والصحي. ولعلنا نحتاج إلى التفرقة ما بين التمييزالذي يقع من قبل مؤسسات الدولة أو بموافقتها وما بين التمييز الذي يقع على المستوى العائلي والشخصي. فالأول هو القابل للمحاسبة والمساءلة والتقنين في حين أن الثاني يقع تحت رحمة التقدير الشخصي والإرادة العائلية.
وما وددت الإشارة إليه هنا هو نمط من أنماط التمييز العائلي الذي لا يخضع للمساءلة ومن الصعب توثيقه ومقاربته ويُترك في جلّه إلى تقوى النفوس وخوفها من الله عز وجل في الأمانات التي بين أيديهم من نساء أو بنات أو أخوات أو زوجات.
والمثال الذي وصلني يتعلق بأسرة سعودية من وسط المملكة اكتشف لدى أحد أبنائها إصابة كليته الوحيدة بفشل كلوي فقام الأب بإجبار بناته الإناث بالخضوع لفحوصات التبرع بالكلى ليتم نزع كلية إحداهن لتُزرع لأخيها سواء بموافقتها أو بدون موافقتها، هذا على الرغم من أن عدداً من أخوته الذكور كانوا مستعدين للتبرع بكلاهم وأبدوا رغبتهم في ذلك، إلا أن الأب رفض تبرع أي من الأبناء وأمر الفتيات بالاتجاه إلى الرياض للدخول لمستشفياتها وبدء الفحوصات.
وكما نرى فإن هذا الوالد الذي استغل قوامته على بناته يمارس عليهن صنفاً من التمييز بل والاستغلال الذي يحمل معاني مثل أن كيان المرأة أقل أهمية وقيمة من كيان الرجل وتبعاً لذلك جسدها بل وروحها أيضاً ودونية نظرة بعض الوالدين لبناتهم الإناث وحرصهم على ذريتهم الذكورية التي يعتقدون أنها سوف تخلدهم في الدنيا وبعد الممات. كما يحمل معنى تجريد المرأة من ملكيتها لجسدها وتحويله إلى ملكية عائلية لا يد لها فيها. وهي ممارسات اجتماعية تُشاهد لدى بعض الأسر الفقيرة التي تجعل أولوية العلاج لأبنائها الذكور عن بناتها الإناث، وربما تكون هناك حتى أولوية في الغذاء الصحي للذكور عن الإناث.
وعلى الرغم من صعوبة إثبات استغلال هذا الوالد لقوامته ما دامت الفتيات ملتزمات الصمت، كما ينبغي من أي أسرة محترمة، فلا يبقى حائلاً بينهن وبينه إلا مدى خشيته من الله وتقواه فيهن، وهو ما لا يمكن الإجبار عليه على الرغم من أننا مجتمع مسلم يحمل في طيات تاريخه وآدابه معاني جمة في إكرام المرأة وفي حفظ الأمانة وفي الخشية من عقاب الخالق فيمن هن تحت يده وفي مسؤولية رعايته ، كما أننا مجتمع تحف بنا في قيامنا وقعودنا ومدارسنا وإعلامنا وشوارعنا وبيوتنا الدعوة للصلاح والتقوى واتباع سنة خير الأنام والاقتداء بسيرته العطرة لاسيما في تعامله مع أهل بيته.
وفي نهاية المطاف فالله وليّهن، كما أن الله حسيب هذا النوع من الآباء مضيّعي الأمانة.
-----------------------------------
د. هتون أجواد الفاسي -
كاتبة سعودية - الرياض
وما وددت الإشارة إليه هنا هو نمط من أنماط التمييز العائلي الذي لا يخضع للمساءلة ومن الصعب توثيقه ومقاربته ويُترك في جلّه إلى تقوى النفوس وخوفها من الله عز وجل في الأمانات التي بين أيديهم من نساء أو بنات أو أخوات أو زوجات.
والمثال الذي وصلني يتعلق بأسرة سعودية من وسط المملكة اكتشف لدى أحد أبنائها إصابة كليته الوحيدة بفشل كلوي فقام الأب بإجبار بناته الإناث بالخضوع لفحوصات التبرع بالكلى ليتم نزع كلية إحداهن لتُزرع لأخيها سواء بموافقتها أو بدون موافقتها، هذا على الرغم من أن عدداً من أخوته الذكور كانوا مستعدين للتبرع بكلاهم وأبدوا رغبتهم في ذلك، إلا أن الأب رفض تبرع أي من الأبناء وأمر الفتيات بالاتجاه إلى الرياض للدخول لمستشفياتها وبدء الفحوصات.
وكما نرى فإن هذا الوالد الذي استغل قوامته على بناته يمارس عليهن صنفاً من التمييز بل والاستغلال الذي يحمل معاني مثل أن كيان المرأة أقل أهمية وقيمة من كيان الرجل وتبعاً لذلك جسدها بل وروحها أيضاً ودونية نظرة بعض الوالدين لبناتهم الإناث وحرصهم على ذريتهم الذكورية التي يعتقدون أنها سوف تخلدهم في الدنيا وبعد الممات. كما يحمل معنى تجريد المرأة من ملكيتها لجسدها وتحويله إلى ملكية عائلية لا يد لها فيها. وهي ممارسات اجتماعية تُشاهد لدى بعض الأسر الفقيرة التي تجعل أولوية العلاج لأبنائها الذكور عن بناتها الإناث، وربما تكون هناك حتى أولوية في الغذاء الصحي للذكور عن الإناث.
وعلى الرغم من صعوبة إثبات استغلال هذا الوالد لقوامته ما دامت الفتيات ملتزمات الصمت، كما ينبغي من أي أسرة محترمة، فلا يبقى حائلاً بينهن وبينه إلا مدى خشيته من الله وتقواه فيهن، وهو ما لا يمكن الإجبار عليه على الرغم من أننا مجتمع مسلم يحمل في طيات تاريخه وآدابه معاني جمة في إكرام المرأة وفي حفظ الأمانة وفي الخشية من عقاب الخالق فيمن هن تحت يده وفي مسؤولية رعايته ، كما أننا مجتمع تحف بنا في قيامنا وقعودنا ومدارسنا وإعلامنا وشوارعنا وبيوتنا الدعوة للصلاح والتقوى واتباع سنة خير الأنام والاقتداء بسيرته العطرة لاسيما في تعامله مع أهل بيته.
وفي نهاية المطاف فالله وليّهن، كما أن الله حسيب هذا النوع من الآباء مضيّعي الأمانة.
-----------------------------------
د. هتون أجواد الفاسي -
كاتبة سعودية - الرياض