نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


تناقضات مثيرة لقيادي كردي




لم يكن صالح مسلم معروفا قبل الثورة الا في الوسط السوري الكردي، ليصبح الشخصية الأولى التي تحرك خيوط متعددة، فهو ليس فقط رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي السوري: ب ي د، بل يدير مجموعة أحزاب وهيئات وتنظيمات وميليشيات مسلحة ومجالس وكانتونات وحركات اجتماعية وغيرها .. فقد اصبح حزبه، فرع حزب العمال الكردستاني التركي ال بي كي كي، مهيمنا في الساحة الكردية السورية بالاعتماد على النظام الذي سبق ان استخدمه في نزاعه مع تركيا في الثمانينيات والتسعينيات قبل توقيع اتفاقية اضنة التي انهت الخلاف بين الدولتين على حساب الحزب الذي اصبح ملاحقا في سوريا بعد اغلاق معسكراته واعتقال وفرار قياداته. ثم مع بدء الثورة افرج النظام عن معتقليه وسمح للفارين بالعودة واوكل للحزب -من تحت الطاولة- التعامل المباشر مع الحراك الشعبي الكردي المشارك بالثورة


 .

لم يقصر الحزب في مهمته فاستعمل الأسلحة التي زوده بها النظام لقتل اعداد من الناشطين واعتقال الآلاف. ووصف مسلم حينها التظاهرات بانها "اضطرابات" وراءها عملاء تركيا، متشبها بالنظام في وصفه لمعارضيه. كما قمع الأحزاب الكردية التي وقفت مع الثورة ووصل الامر لقتل بعض قيادييها وخاصة المناضل مشعل التمو. وكنتيجة لاتقانه مهمته قام النظام بتسليمه بالتدريج مناطق كردية شمال شرق سوريا، لتفريغ قواته للتعامل مع الجبهات الساخنة غرب سوريا من درعا حتى حلب، مع إبقاء النظام لعناصر امنه في المراكز الرئيسية، الحسكة والقامشلي، حيث تتشارك حواجز حزب مسلم مع حواجز أجهزة النظام في الهيمنة على المدينتين، ورغم ذلك لا يتحرج مسلم من القول: "مقاومتنا هي التي أخرجت النظام من مناطقنا"!

ورغم مشاركته في تأسيس هيئة التنسيق الوطنية التي رفعت لاءات ثلاث اهمها: "لا لعسكرة الثورة"، فلم يمنع ذلك مسلم، الذي عين نائبا للمنسق العام للهيئة، من تشكيل قوات مسلحة "حماية شعبية"، قاتلت بالدرجة الأولى ضد الجيش الحر في شمال سوريا بحجة ان كتائبه إرهابية، نفس التهمة التي يوجهها النظام للمقاتلين ضده. وبدون ان تطرف عينه ينفي مسلم في تصريحاته ولقاءاته على الفضائيات علاقاته مع النظام رغم الوقائع التي تفقأ العين عن تعاونهما الواقعي غير المعلن عنه. وعندما اصطدمت قوات مسلم مع داعش في كوباني لم يتحرج مسلم من اتهام النظام بانه يدعم داعش، رغم إعلان النظام عن تقديم مساعدات لقوات مسلم في قتالها لداعش!!

اما عن علاقاته مع الأحزاب الكردية الأخرى، فبعد ان قمع المتشددة منها في دعم الثورة انشأ مع بعضها الذي رضخ لترهيبه "هيئة كردية عليا" قاسمها شكلا مقاعد هيئاتها ولكنه ضمن هيمنته عليها بحيث لا يكون امامها من سبيل سوى ان تقبل بسياسات الحزب في كل القضايا او يجمد الهيئة ويمنع تنفيذ أية قرارات لا يوافق عليها، بحكم ان حزبه يملك وحده قوى مسلحة وجهاز امني وسجون لاستقبال معارضيه، ويمنع أي حزب كردي آخر من انشاء تشكيلات مسلحة. فالهيئة صورة عن جبهة النظام المسماة "وطنية تقدمية" والمشكلة من أحزاب تتلقى تعليماتها من أجهزة الامن السوري.

وعندما خرجت أحزاب كردية عن طوعه وانضمت للائتلاف اتهمها بانها "اردوغانية" حسب التعبير الشائع لدى حزب مسلم ضد معارضي سياساته من أحزاب وافراد. لم يمنعه ذلك، ومعركة كوباني محتدمة، من "دعوة" الائتلاف المتهم ب"الاردوغانية" للانتقال من تركيا الى مناطق يسيطر عليها حزبه لممارسة نشاطه، دون ان يحدد اين، هل في كوباني حيث المعارك دائرة مع داعش؟ ام في القامشلي والحسكة حيث لا تزال أجهزة النظام الأمنية تعمل؟ هي دعوة مؤداها تسليم قيادات الائتلاف لأجهزة النظام بحجة ابعادهم عن الهيمنة التركية.

العداء التاريخي والراهن لتركيا من قبل حزبه كفرع للبي كي كي، تحول حاليا من الحقد على تركيا لأنها تتدخل في شؤون سوريا بدعم ثوارها، الى الحقد عليها لأنها لا تتدخل لتنقذ كوباني! رغم ذلك يرتاد مسلم انقرة ليجتمع مع أجهزة الامن التركية ليطالب بدعم كوباني من قبل "عدوه" بالسلاح الثقيل وبمقاتلين من الفرع الرئيسي للحزب الاوجلاني الذين رغم مفاوضات للتوصل لحلول سلمية ما زال يعتبر في حالة حرب مع السلطة التركية.

مسلم يطالب بالدعم ضد داعش، التي اتهم تركيا بالتعاون معها منذ نشوئها!، فيصرح بعد لقاءاته مع المسؤولين الأتراك أن "الدلائل تقول انهم مستمرون بدعم داعش وامداداها بالسلاح والمقاتلين". وقد يخفف من اتهاماته لتسهيل مهمته في انقرة بقوله ان "تركيا تدعم الجبهة الإسلامية التي تقاتل داعش ولكن بعض عناصر داخل الدولة التركية لا تزال تتعاون مع داعش.." ثم لينفي في تصريحاته ان تركيا اشترطت لدعم مقاتليه: وقف التعاون مع النظام السوري، انضمام حزبه للائتلاف الوطني وقواته للجيش الحر، حل ادارته الذاتية وعدم اتخاذ أي اجراء اداري الا بموافقة الجميع.

لكنه يطمئن تركيا بان "الأكراد تخلوا عن فكرة الدولة الكردية" فهم يطالبون فقط بإدارة ذاتية "ديمقراطية" حسب نموذج الكانتونات التي انشأها حزب مسلم واستبعد منها جميع الأحزاب الأخرى فيما عدا التي قبلت به كحزب قائد. فالاتفاقات التي تعقد مع الأحزاب الكردية وآخرها "اتفاق دهوك" التي تعطي للأحزاب دورا مساويا في الإدارة والمرجعية الكردية، عود الحزب الجميع انها حبر على ورق، فعند التنفيذ يتهرب بطرق ملتوية اتقنها لتبقى الهيمنة العسكرية والسياسية محصورة باتباعه.
مسلم وحزبه "ديمقراطيون حتى النخاع!!" رغم الانفراد بالسلطة وقمع المعارضين، ورغم اعلان مسلم "اننا تبنينا فلسفة وايديولوجيا اوجلان لتقديمها افضل الحلول لمشاكل كرد سوريا"، وهي فلسفة ترجع اصولها للستالينية الأشد ديكتاتورية في القرن الماضي. ويقدم مسلم كانتوناته كمثال لسوريا الغد التي يطمح لها السوريون! ويميز حزبه عن بقية المعارضة بأنه لا يرفع شعار اسقاط النظام مثلها، ويقول عن المطالبة باسقاط الأسد انه وضع شروط مسبقة للحل لا يقبلها!.. فلا يريد من أي نظام مهما كان سوى حقوق الاكراد، ناسيا الديمقراطية!

ورغم أن حزبه مصنف في قائمة الإرهاب الأوروبية والأميركية فانه يصرح بأننا "نحتاج لدعم الغرب وخبراته ليتسنى لنا أن نرسخ المجتمع الحر.." ويرحب بالتحالف الغربي في سوريا بل ويطالب بإشراكه فيه ويشكره لدعمه المقاتلين الكرد، متجاهلا مشاركته في هيئة تنسيق "معارضة" احد لاءاتها الثلاث: "لا للتدخل الأجنبي". الهيئة نفسها استنكرت الضربات الجوية للتحالف الغربي-العربي، لكنها حيّت قوات مسلم في كوباني المعتمد على ضربات التحالف للصمود في وجه تقدم داعش! ومسلم عندما يحتاج الأمر لا يتوانَ عن التصريح "أن ضربات التحالف الجوية غير فعالة ولن تفيد في شيء.."! ليستنتج أن "امتناع التحالف عن قصف مركّز لداعش يثير الشكوك بوجود مساومات على كوباني .."! لذلك يصرح أن حزبه لا يحتاج لضربات جوية بل يطلب فقط تزويد قواته بأسلحة مع تعهده بالقضاء على داعش.

لو اتسع المجال لقدمنا صوراً أخرى لتنقل الشخصية المثيرة للجدل على أحبال متعددة، من نظام سوري إلى تركيا إلى الغرب، ثم لروسيا.. لإيران.. لإقليم كردستان وغيرها، والتي تفتقد الرشاقة اللازمة لمثل هذه الرياضة الخطرة، لكنها تحوز مرتبة متقدمة في السياسات البراغماتية المشوبة بالحربائية المتلونة حسب ما تقتضيه كل حالة، المقتنصة للفرص بغطاء أيديولوجي كلامي لا يغطي شيئا في الحقيقة. وهي تضيف مساهمة شخصية لتعقد وتشابك الأوضاع السورية اليوم، ونموذج من الانتهازية السياسية لم يسبق للساحة السورية أن شهدت شبيها له.

------------
اورينت نت

جورج كتن
الجمعة 31 أكتوبر 2014