نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


تجارة النساء الثالثة عالميا بعد المخدرات والسلاح




الأرقام أصدق انباء من الكتب والخطب والشعارات وحين تنشر منظمة العمل الدولية أرقاما رهيبة تشير الى أن هناك 139 دولة تتاجر بالبشر بينها 17 دولة في العالم العربي وحين تصل ارباح المتاجرة الجنسية بالنساء والاستغلال الجنسي للاطفال الى 28 مليار دولار سنويا لابد من التساؤل أين هي حقوق البشر ؟ وهل اختفت العبودية من العالم أم ما تزال موجودة ؟وما الفرق بين عبودية معلنة وحرية وهمية يجبر فيها البشر على العمل دون مقابل؟ أسئلة كثيرة يجيب عن بعضها تقرير الهدهد التالي


تجارة النساء الثالثة عالميا بعد المخدرات والسلاح
نُفاجأ ونحن على عتبات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين بأن البشرية ترتد قرونا إلى الوراء فبغض النظر عن الحروب والاستغلال والمجاعات وتمجيد القوة تحوّل الإنسان ذاته إلى سلعة وتجارة مربحة تدر ملايين وربما مليارات الدولارات
وتقدر منظمة العمل الدولية في تقرير لها أرباح استغلال النساء والأطفال جنسيا بـ 28 مليار دولار سنويا، كما تقدر أرباح العمالة الإجبارية بـ32 مليار دولار سنويا، وتؤكد المنظمة أن 98% من ضحايا الاستغلال التجاري الإجباري للجنس هم من النساء والفتيات، ويتعرض حوالي 3 ملايين إنسان في العالم سنويا للاتجار بهم، بينهم 1.2 مليون طفل، وينقل ما يتراوح بين 45 ألفا و50 ألفا من الضحايا إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنويا كما تشير إحصائيات حديثة إلى أن أكثر من خمسة آلاف شخص يقعون ضحايا للإتجار بالبشر في بريطانيا سنوياً
في حين كشف تقرير أمريكي عن انتشار الاتجار بالبشر في 139 دولة بينها (17) دولة عربية هي: السعودية، وقطر، والكويت، وعمان، والأردن، ومصر، وليبيا، والمغرب، والإمارات، ولبنان، وسوريا، وتونس، واليمن، والجزائر، والبحرين، وموريتانيا، والسودان. ويصنّف التقرير الدول إلى ثلاث درجات وفقا لجهودها في مكافحة الاتجار بالبشر. فدول الدرجة الأولى تلتزم بأدنى المعايير التي نص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر لعام 2000، ودول الدرجة الثانية لا تلتزم بأدنى المعايير ولكنها تسعى في سبيل معالجة المشكلة، أما دول الدرجة الثالثة فلا تبذل جهدا ملحوظا لمكافحة الاتجار بالبشر طبعا التقرير تجاهل العراق رغم انتشار الظاهرة فيه منذ بداية الاحتلال الأميريكي ويشير البعض إلى ضلوع الأميريكين في هذه الأعمال وتسترهم عليها
فبعد التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 فتحت كثير من المكاتب والشركات الدولية والمحلية المشبوهة مستغلة الوضع الاقتصادي العراقي إضافة إلى البطالة وعدم وجود متنفس اقتصادي للشباب، وكانت تلك المكاتب تحرض وتغري الشباب للعمل في دول اخرى ،وحتماً يقع كثير من الشباب في هكذا مصائد وفي الكثير من انحاء العالم وهي مصائد لاتخرج عن كونها تجارة بشرية غير انسانية مهما اختلفت عناوينها الرئيسية شانها شان التجارة الجنسية او تجارة المخدرات، تقول رئيسة شعبة مكافحة الاتجار بالبشر في مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة إن الاتجار بالبشر من أجل العمل القسري قد يكون مشكلة أكبر من المشكلة المعروفة المتمثلة بالاتجار من أجل الاستغلال الجنسي.
وتضيف: إننا لا نعرف الكثير عن قضايا العمل القسري، لكن يبدو أن العمل القسري قد يكون جزءا من الاتجار البشري أكبر من الاتجار البشري من أجل استغلال جنسي.
واستشهدت بعدد كبير من الأماكن التي يمكنها أن تستوعب العمل القسري للرجال، والنساء والأطفال في المطاعم، الفنادق، الحانات، والعمل الزراعي، المنزلي والتعميري.
والقصة قديمة وجديدة فالنخاسة مهنة قديمة ترجع لآلاف السنين. فقد عرف العالم أزمنة مظلمة يسود فيها القوي على الضعيف، فيقهره، ويذله، ويسيطر عليه، ويستغله، ويستخدمه كيفما يريد! في تلك الأزمنة البعيدة، لم تكن هناك قوانين أو محاكم، ولم تكن هناك مؤسسات مدنية، ولا حكومات مركزية، بل كان للقوي أن يفرض سلطانه ونفوذه على من يستضعفهم، فيصبحون في عداد ممتلكاته الخاصة، يستعبدهم أو يقتلهم أو يتاجر فيهم حسبما يشاء! وقد أطلق فيما بعد اسم "الرق" على هذا النوع من الاستعباد ،وقد عرفته الكثير من الحضارت العالمية وكان اليونان يُقسّمون المجتمع إلى طبقتين السادة والعبيد ،وقد تنوعت أشكال العبودية عبر السنين، واستحدث تجار البشر وسائل الخداع والقنص والخطف والتهريب والتعذيب. كما استحدثت وسائل القرصنة، وتشكلت العصابات الدولية المنظمة، وابتكرت وسائل الترويج والتسويق والدعاية لهذه البضاعة الرخيصة، التي تدرّ أرباحاً هائلة للقناصة وللتجار وللوسطاء جميعهم. وصار لتجارة الرقيق أنظمة وقيادات وكوادر مدربة، ومراكز تجمع، وأسواق، ومندوبون، وباعة يعرفون بالنخاسين! واستمر هذا العمل اللإنساني القبيح إلى ما قبل مئتي عام من اليوم. ويعتبر انتصار الشمال على الجنوب في الحرب الأهلية الأمريكية في زمن الرئيس لنكولن نهاية عهد الرق الرسمي ليأخذ أشكالا ومسميات أخرى في عصرنا.
صور من الرق المعاصر:
باعت عائشة (26 سنة- وليس هذا اسمها الحقيقي) مصوغاتها الذهبية الخاصة بالزواج لتدفع 200 دولار لمهرب كي يجد لها ولقريبتها عملا في دبي، لتعول ابنها وأمها المريضة. وبعيدا عن قريتها في اوزبكستان أجبرت على العمل في صالة ديسكو وكان يتوقع منها أن تمارس الدعارة. وحين أبعدت زبائن محتملين ضربها صاحب العمل الاوزبكستاني مما دفعها للهرب مع قريبتها، حيث اختبأتا في دورة مياه في المطار ليومين لم تشربا خلالهما إلا الماء!
وتكشف قصة عائشة الجانب المظلم لدبي ببريقها ووتيرة الحياة السريعة في الإمارة التي أضحت مركزا سياحيا وتجاريا لمنطقة الخليج. و يتوافد عليها كل عام عشرات الآلاف من الدول المجاورة سعيا لحياة أفضل في منطقة تزدهر بفضل عائدات النفط القياسية، ولكن الثراء البادي في مراكز التسوق الضخمة وناطحات السحاب والمطاعم الفخمة في دبي يجتذب المهربين أيضا الذين تحاربهم الدولة، غير أن الأمر ليس سهلاً!
وجالينا فتاة روسية لمّا تتجاوز بعد الثانية والعشرين من عمرها، إلاّ أنها ذاقت شتى صنوف العذاب والقهر والذل في حياتها، فهي واحدة من آلاف ضحايا "الإتجار بالبشر" في بريطانيا والذين لا يقتصرون على النساء فقط، بل بينهم رجال وحتى أطفال صغار ،في سن الرابعة عشرة من عمرها لم تجد جالينا منفذا للخروج من جحيم العيش مع والديها "السكيرين" سوى الهروب من منزل العائلة لينتهي بها المطاف في شوارع ليتوانيا حيث تقابل هناك رجلا يعدها بتأمين فرصة عمل مغرية في بريطانيا تقفز لها فرحا وتدغدغ أحلامها بدفن الفقر والعيش حياة هنيئة ،وبعد أن استطاع الرجل أن يقنع جالينا برفقته لم تمر على الفتاة الروسية إلا ساعات قليلة من وصولها إلى بريطانيا حتى وجدت نفسها مرغمة على ممارسة البغاء كسبيل وحيد للنجاة بحياتها ،وتمر أشهر ثلاثة قبل أن تتمكن جالينا من الهروب من "مخالب الرجل" وتجد لها ملاذا آمنا في مؤسسة "بوبي" الخيرية التي تقدم ملجأً للهاربات من جحيم "تجار النساء"، وهي تعيش اليوم في مأواها الجديد بصحبة طفلها الرضيع الذي لم يتجاوز بعد من العمر شهرا واحداً
عندما عقد منتدى المبادرة العالمية لمكافحة الإتجار بالبشر في فبراير 2008 ، كشفت التقارير عن أرقام وإحصائيات مذهلة، منها:
إن تجارة النساء تحتل المركز الثالث بعد تجارة تهريب السلاح والمخدرات!
أن الذين يديرون شبكات النخاسة المعاصرة يزيد عددهم عن مليونين وأربعمائة ألف من التجار والوسطاء والمهربين الذين يعرفون أسرار وحيل هذه السوق الخفية، ويستخدمون التكنولوجيا المتطورة. وهم طلقاء يمارسون جرائمهم بلا عقاب وبلا خوف!
ويتم اختطاف الأطفال من بلاد كثيرة مثل رومانيا وبلغاريا وبولندا، وكذلك آلاف النساء اللاتي تخدعهن عصابات التهريب بأوهام الحياة الرغدة في الدول الأوربية المجاورة!
وذكرت اليونسيف أن هناك أكثر من 300 ألف طفل وصبي يجري استغلالهم كمقاتلين في أكثر من 30 نزاعاً مسلحاً، فيدفعونهم إلى معارك لا شأن لهم بها، ويتعرضون فيها للقتل- بلا ثمن!
هناك سياحة في بعض بلاد العالم تسمى:"السياحة من أجل ممارسة الجنس مع الأطفال" ويسافر إليها سياح مرضى لممارسة شذوذهم!
إن ما بين 80 و 90% من النساء الفقيرات المخدوعات بحلم الحصول على وظيفة في بلاد أخرى غيرموطنهم، يتم المتاجرة بهن خارج حدود بلادهن النامية، ليعملن في الدعارة وأعمال الجنس، أما البقية فتعمل في خدمة البيوت بأجور حقيرة
وقدرت منظمة العمل الدولية حجم النخاسة المعاصرة والتي تتمثل في تجارة البشر واستغلال النساء والأطفال جسدياً وجنسياً بـ 28 مليون شخصاً!
وتلعب المتاجرة بالبشر دورا رئيسيا في انتشارالعدوى بالأيدز، حيث يعيش حوالي 42 مليون شخصاً عبر العالم حاملين معهم فيروس الأيدز. فتتعرض النساء اللواتي يتعاطين الدعارة وأولئك اللواتي جرت المتاجرة بهن من أجل الدعارة لنسبة كبيرة من الإصابة بالفيروس. وعلى سبيل المثال فإن نسبة انتشار الفيروس بين النساء اللواتي يتعاطين الدعارة في نيبال هي 20 بالمئة. وفي جنوب أفريقيا النسبة هي 70.4 بالمئة. وزيادة على ذلك، فوفقا للمؤتمر العالمي المناهض لاستغلال الجنس التجاري بين الأطفال، فإن ما بين 50 و 90 بالمئة من الأطفال الذين أنقذوا من بيوت الدعارة في جنوب شرق آسيا مصابون بفيروس الأيدز ،كما يعد الاتجار بالأعضاء البشرية جانبا من جوانب الاتجار بالبشر.
وكلما ازداد الفقر المدقع في المجتمعات ازدادت نسبة هذه الجريمة اللا إنسانية لذلك لابد ان تكون هناك جهود دولية مجتمعة لمواجهة هذه الظاهرة التي ينظر إليها البعض بتهاون ولكن المشكلة ان الظواهر الاجرامية باتت بالغة التعقيد ولا يمكن ان تسيطر عليها دولة بمفردها أو مجتمع بعينه ولذلك يجب ان تتكاتف كل الجهود للقضاء عليها وبعيدا عن نظرية المؤامرة وهل نحن كدول عربية موجود فيها هذه الجريمة ام لا وما حجمها فلا بدّ من التكاتف والعمل مع التشريعات الدولية للقضاء على هذا الظاهرة‏

فراس محي الدين عبد الله
الاثنين 23 فبراير 2009