نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


انتخابات الاردن: مناسف و'شلايا' غنم بالملايين




لا يمكن الإرتياح للأجواء التي حكمت المسار في الإنتخابات الأردنية الجديدة التي ستعلن نتائجها النهائية مع صبيحة الخميس كما هو متوقع فالعديد من التقديرات والأدوات لم تكن إصلاحية ولم تكن جادة والمنتج لا يحظى بالتوافق الوطني والعملية لم تنجز بالحد المطلوب من نسبة الإقتراع.


وجود مؤسسة برلمان منتخبة ضرورة ملحة بكل تأكيد وفي كل المواسم ووجود مجلس نواب أفضل بكثير من عدم وجوده.
لكن يعلم الجميع في البلاد بأن الفرصة كانت متاحة لبرلمان أفضل يمكن الإعتماد عليه في الإنتقال لصفحة جديدة نحو مستقبل آمن ومستقر يلف جميع الأردنيين ويحافظ على منجزاتهم بقدر ما يحافظ على مصالحهم ونظامهم الذي لا زال برأي الكثيرين خارج تساؤلات الشرعية.
الدولة الأردنية ضرورة معيشية ومفصلية وأساسية لجميع أبنائها ولابد من الحفاظ عليها مهما كان الثمن وإن كان تراكم الأخطاء لا يشكل مسارا يمكن الإطمئنان إليه فالأخطاء توجد لكي نتعلم منها وليس للتغاضي عنها والتسامح معها على أن لا تتكرر.
القيادات تخطىء والمجتمعات تخطىء كذلك وما يثير الدهشة أن من يصفقون للمال السياسي في الإنتخابات هم {نحن}.
ومن يزورون البطاقات الإنتخابية ويبتدعون كل أصناف العبث والأحابيل هم نحن الشعب ...يحصل ذلك بطبيعة الحال برعاية مباشرة وعن بعد للمجازفين في بعض دوائر القرار.
لا يوجد فاسد لم يصفق له مواطنون أردنيون في الماضي ولا يوجد متهم بالفساد تخلت عنه عصبيته العشائرية ونبذته ولا مهرجان تضليل من أي صنف إلا ووجد جمهورا يصفق وبحرارة لكل أنواع الإنتهاكات والأخطاء التي إرتكبت في الماضي بالتوازي مع حفلات زار وتمويه وخداع يقوم بها سياسيون ومسؤولون مراهقون يجدون دوما من يطبل لهم في الإعلام المرعوب المركوب السقيم البائس الذي يملأ أجواء دولة عمرها يقترب من مئة عام.
الحراكيون الذين كانوا أول من هب لمساعدة رجال الإنقاذ عندما جرح الفيضان عاصمة الشعب الأردني كانوا دوما يجدون مجموعات من البلطجية تتصدى لهم بإسم الشرعية والنظام رغم أن الحراك هو الذي عرقل رفع الأسعار عدة مرات وأنجز للشعب في وقت قياسي هيئة مستقلة لإدارة الإنتخابات ومحكمة وتعديلات دستورية.
لا توجد مسيرة أو فعالية خرجت للشارع في الأردن إلا وخرج ضدها بعض الزعران تحت إسم الولاء حتى يكاد المرء يصاب بالفصام وهو يضطر للإعتراف ضمنيا بحق الموالين أيضا بالتعبير عن رأيهم.
نحن جميعا كمواطنين جزء من المشكلة لان الفاسدين ومروجي ثقافة الكراهية والموتورين والفهلوية داخل وخارج النظام وجدوا دوما بعضا منا يصفق ويساند أو يبارك أو يتضامن معهم بحيث تختلط القيم وتضيع المبادىء ويجد كل إنسان محترم ومستقل ومهني نفسه مضطرا {للإعتذار} عن إستقلاليته وذكائه ومهنيته وصدقيته.
المال السياسي الذي ظهر مؤخرا بقوة في الإنتخابات موجود..كان كذلك في الماضي وسيظهر في الإنتخابات اللاحقة إلا أنه في الواقع مال يستهدف أشخاصا ويستلمه مواطنون عاديون يقبلون بمبدأ المتاجرة بضميرهم ويتسرب لأوصال المجتمع عبر طبقة من السماسرة الذين لم يستوردهم أحد من خارج حدود الوطن.
نلوم القانون صحيح وننتقد الدولة صحيح ونخشى على منظومة النزاهة ونحذر من التلاعب بالأرقام في اللحظات الأخيرة عبر التزوير الذكي أيضا صحيح.
لكن الصحيح أن من يعتصم على الدواوير دفاعا عن رموز المال السياسي مواطنون أردنيون أيضا.
ومن ينتقدون أحد المرشحين لانه دفع بدل صوتهم ورقة نقدية مزورة ومن يتحشدون في مقرات مليئة بالزيف والكذب والدجل ومن يتعصبون لمرشح القبيلة بلا أي مبرر أو يصوتون للمال هم في النهاية مواطنون يمثلون جزءا من هذا الشعب المتعب.
كل الذين يتلاعبون بعقول الشعب ويطرحون شعارات إنتخابية تتواضع مع بعضها قضية تحرير فلسطين سيجدون عند صناديق الإقتراع من يصوت لهم ووجدوا طوال الوقت مصفقين كثر في خيمة المقر الإنتخابي ويستطيعون ببساطة {تجنيد} العشرات من الأعوان والمساندين والسائقين.
بصراحة نحن كمواطنين نلتهم العشرات من شلايا الغنم حتى تكاد الثروة الحيوانية تختفي من الأسواق خلال موسم الإنتخابات.
ونتحلق حول المناسف بكثافة وحماس ونبيع ونشتري بكل شيء خلال الإنتخابات ونأتي في نهاية المطاف لنلوم القانون والسلطة وهذا موقف غير عادل في الواقع فالمواطن الذي لا يعرف مصلحته ويعرض صوته وضميره شريك بنفس الجريمة حتى وإن كانت الرعاية الأبوية للدولة القديمة والعميقة قد شوهت كل الإعتبارات .
وقد وصل الحد فعلا عند بعض ناخبي ضاحية محاذية للعاصمة للإحتجاج ليس لان مرشحهم دفع ورقة نقدية من فئة الخمسين دينارا ثمنا لكل صوت بل لان الرجل دفع بعملة مزورة تمكن من طباعتها في بيروت.
بالتأكيد لو توفر قانون إنتخاب عصري ونزيه وفاعل لإختفت الكثير من هذه المظاهر المخجلة ولو تخلصت الدولة مبكرا من هواجسها الأمنية لتم إنشاء ثقافة حزبية في المجتمع تليق بإنتخابات شفافة خالية من التعبير القبلي وغير مؤسسة على برنامج سياسي بالكاد يمكن قراءته فما بلك بتنفيذه على أرض الواقع.
لو كانت نوايا بعض الجهات سليمة لتحقق الحد الأدنى الذي لا يضر من الإنصاف في قانون إنتخاب عادل بدلا من القانون الحالي المؤسس على فكرة بائسة قوامها الخوف من وقوع الدولة بأيدي الفلسطينيين أو الإسلاميين.
ولو كانت الأعمال منجزة فعلا لرأينا من حجزوا بطاقات الإنتخاب علنا وسرا خلافا للقانون بين يدي العدالة ولما إقتصر الأمر على {إنتقائية} طالت بعض رموز المال السياسي.
خيارات المقاطعة لأي إنتخابات تصبح عبثية لو توفر فعلا الحد الأدنى من التوافق الوطني .
لكنها تصيح خيارات إضطرارية للمواطن الحائر والغلبان والباحث عن حقوقه وعن لقمة العيش عندما يرصد بأم عينه كيف ينفق نحو ألف مرشح من أبناء مجتمع فقير ودولة مهددة بالإفلاس كما قال رئيس وزرائها 40 مليونا من الدنانير على حملة إعلانية ودعائية تخللها الكثير من الدجل والتضليل وشراء الذمم.
هذه الأموال الطائلة كان يمكن لرواد الإنتخابات أن ينفقوها على عشائرهم ومجتمعاتهم المحلية بدلا من إهلاكها على شكل يافطات مزقتها الرياح وصور جرفتها السيول وحفلات طعام وشراب زائفة ومنافقة في مجتمع يفكر بالولائم في كل المناسبات المفرحة والمحزنة.
...كانت تلك مجرد خواطر بمناسبة الإنتخابات الأردنية.

بسام البدارين
الاربعاء 23 يناير 2013