.
حوار مع دركي
"أين رأيتك سابقاً؟"، يسألها دركي أنيطت به مهمة تنظيم الطابور، فتجيبه: "في طابور ما ربما". يضحك الدركي ويتابع أسئلته: "هل تسكنين هنا؟". ترتبكُ، فيلحُّ: "قريباً من هنا؟"، ويتقدم خطوة جديدة في كسر تلك المسافة بينها وبينه: "متزوجة؟". وعلى الرغم من أن سؤاله هذا يشعرها باختراقه خصوصياتها، تجد فيه فرصتها السانحة للهروب، فتجيبه: "نعم منذ زمن بعيد، ولدي ولد"، فيعقّب الدركي: "رجل محظوظ، محظوظ جداً". تعتقد أن الأمر انتهى هنا، لكنها سرعان ما تصاب بالخيبة: "عيونك حلوين، هل ما رأيك بفنجان قهوة؟"، وتستمر محاولاتها للإفلات منه: "لا أشرب القهوة"، تقول بنبرة حاسمة.
"حسناً عصير إذاً للحلوين"، فبادرته سريعاً بنبرة أقوى: "ولا عصير".
يصاب الدركي باليأس، فيتركها وشأنها. تتنفس الصعداء.
وجه يخترق النافذة
في المرآة أمامها ترى خلف سيارتها شاباً تقدر أنه يسجل رقم سيارتها ليبحث عن اسمها ورقم هاتفها. بعد لحظات يظهر رقم غريب على قائمة المتصلين على تطبيق الواتس آب في هاتفها، فلا تجيب. تفاجئها قرب نافذة سيارتها حركات رخيصة ساذجة تتبعها عبارة: "يا أرض احرسي ما عليكي".
إنه واحد من الشبان الذين لديهم الكثير من الوقت في طوابير الانتظار، ويحاولون استغلاله علّهم يحصلون على ما يعوض تلك الأوقات الضائعة تحت الشمس.
تحاول الغرق في هاتفها، متحاشية أن تلتفت إلى الشبان المحيطين بسيارتها، وأن تتصرف كأنها لا تبصر شيئاً، وغير مرئية أيضاً. تفاجئها بعد قليل طرقات خفيفة على زجاج النافذة، فتضطر لفتحها "مرحباً أنا داوود"، يقول شخص النافذة المفتوحة، فتسند رأسها إلى المقود. ترى وجه الشاب من قرب ويكاد يتجاوز حدود النافذة بابتسامته البلهاء، كأنه ينتظر منها رداً ما. تفقد أعصابها: "داوود من؟ من داوود؟ لا أعرف"، تقول، فيتابع الوجه القريب: "هوني عليكي يا مدام"، ثم يبتعد مغادراً، ويردد قائلاً: "مشلّفة".
أنت جميلة وأنا جاهز
تكاد رحلتها أن تنتهي. خطوات قليلة تفصلها عن خراطيم محطة البنزين لملء خزان سيارتها. يخرج أحد العاملين في المحطة ملوحاً بيديه عالياً: "لا بنزين، فرغت الكمية في خزان المحطة". يبدأ المصطفّون في الطابور خلفها بالتأفف. يرتفع صوت أحدهم بالشتائم، ثم يبدأون بالانسحاب واحداً واحداً، وغداً يوم آخر.
تنظر إلى مؤشر الوقود في سيارتها، يبرز الضوء الأحمر. تترجل من السيارة، وتقترب من صاحب المحطة، تلتمس منه القليل من الوقود للعودة إلى البيت، لكنها لا تسمع سوى عبارات اعتذار.
فقدت الأمل ودخلت إلى سيارتها. يقترب منها أحد العمال ويعرض عليها بكل تهذيب أن يساعدها على ملء سيارتها من محطة يعمل فيها قريب له: "المحطة قريبة من هنا"، فتوافق. يصعد الشاب إلى جانبها في السيارة وينطلقان. على الطريق يعطيها رقم هاتفه ويعرض عليها أن يملأ سيارتها كلما احتاجت. يبدو العرض مغرياً والشاب مهذب، توافق، وتشعر بالارتياح. حال وصولهما إلى المحطة تبصر طابوراً طويلاً. يطلب منها الشاب أن تتجاوز السيارات المصطفة في الطابور، وتمر عبر البوابة المخصصة لغسل السيارات.
فيما هي تتجاوز البوابة يقول الشاب: "أسكن قريباً من هنا، عندك رقم تلفوني، اتصلي بي في أي وقت، أنا جاهز لك". تضغط بقدمها على الفرامل، فيتابع الشاب: "لا تفهمي خطأً. أنت جميلة". تبقى صامتة لبعض الوقت. ترتبك، تطلب منه الخروج من السيارة، فيفعل. وكان مؤشر الوقود قد وصل إلى النقطة الصفر.
-----
المدن
عيون المقالات
حلقة برباغندا إيران انتهت مدة صلاحيتها
26/11/2024
- د. منى فياض
الفرصة التي صنعناها في بروكسل
26/11/2024
- موفق نيربية
(هواجس إيران في سوريا: زحمة موفدين…)
24/11/2024
- محمد قواص
مستقبل لبنان بعهدة شيعته!
23/11/2024
- فارس خشان
هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
23/11/2024
- ضياء عودة
المهمة الفاشلة لهوكستين
23/11/2024
- حازم الأمين
نظام الأسد وحرب النأي بالنفس عن الحرب
21/11/2024
- بكر صدقي
الأسد الحائر أمام الخيارات المُرّة
17/11/2024
- مالك داغستاني
العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب
17/11/2024
- العميد الركن مصطفى الشيخ
إنّه سلام ما بعده سلام!
17/11/2024
- سمير التقي
تعيينات ترامب تزلزل إيران ورسالة خامنئي للأسد تتعلق بالحرب التي لم تأتِ بعد
17/11/2024
- عقيل حسين
هذا التوجس التركي من اجتياح إسرائيلي لدمشق
16/11/2024
- عبد الجبار عكيدي
السوريات في الحياة الأوروبية والتجارب السياسية
15/11/2024
- ملك توما
هل دقّت ساعة النّوويّ الإيرانيّ؟
13/11/2024
- أمين قمورية
بشـار الأسـد بين علي عبدالله صـالـح وحسـن نصر الله
13/11/2024
- فراس علاوي
“وقف الحروب” اختبارٌ لترامب “المختلف”
13/11/2024
- عبد الوهاب بدرخان
( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )
13/11/2024
- عبد الباسط سيدا*
قنبلة “بهتشلي”.. ماذا يحدث مع الأكراد في تركيا؟
13/11/2024
- كمال أوزتورك
طرابلس "المضطهدة" بين زمنين
13/11/2024
- د.محيي الدين اللاذقاني
حين تمتحن سورية تلك النبوءات كلّّها
12/11/2024
- ايمن الشوفي
|
امرأة مستباحة في طابور بنزين: "أنت جميلة وأنا جاهز"
|
|
|