نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


الملامح القانونية لثورات الربيع العربي






تطرح علينا ثورات الربيع العربي وانهيار الأنظمة، وظهور الحركات الأصولية في صورها الباحثة عن الغنيمة سؤالاً مُهِمّاً: هل باستطاعتنا أن نستخلص ملامح عامة لوضع مجتمعات الانتفاضات الثورية العربية من تونس إلى السودان؟


 

هل هناك درجة من الملامح القانونية المشتركة، وشكل من أشكال شِبه الحتميات التاريخية؟

جوابي: نعم، والنَّعم هذه تسمح لنا أن نرفع هذه الملامح إلى مستوى من مستويات الضرورة التاريخية.

فالمشترك  يكاد يكون تامّاً مع تمايُزات ذات علاقة بالتاريخ الخاص.

والضرورة التاريخية مشتقة هنا من تشابُه الوقائع وتاريخها ومَاهِيَّات الأنظمة التي انقلبت عليها مجتمعاتها. وباستطاعتنا أن نتحدث عن الملامح المشتركة لهذه البلدان.

أولاً: خضعت جميع هذه البلدان أو تخضع لحكم ديكتاتوري عسكري؛ بن علي، مبارك، القذافي، علي عبدالله صالح، بشار الأسد، عمر البشير، وتحولت بفعل الذهنية العسكرية ذات الأصول الريفية التقليدية إلى مكان لتحقيق الولاء التقليدي القديم القائم على العصبيات والإكراه.

ويجب عدم نسيان أن جميع هذه البلدان تأسست الديكتاتورية متخلفة فيها بعد انقلابات عسكرية أو ورثته عن انقلاب.

ثانياً: تحولت عصبيات جميع هذه الأنظمة الحاكمة مع مرور الزمن الطويل واستمرار بقائها إلى عصبيات عائلية متخلِّفة في وَعْيها للسلطة ذاتها، وتحول وَعْيها المتخلِّف خطاباً وممارسةً إلى عامل تحطيم الحياة المدنية والمدينية.

ثالثاً- استشرى في جميع هذه الأنظمة الفساد غير المسبوق في تاريخ العرب، وتكوَّن جمهور الفاسدين من الفاسد الأكبر مروراً بأسرته والأقربين وانتهاءً بالكتلة المتحلِّقة حوله من أمن وعسكر وتجار وكومبرادور.

رابعاً- قامت في جميع هذه البلدان بِنْية أمنية قمعية ساديّة، هذه البِنْية لا مكان فيها للإنسان بوصفه حقاً، وتحوَّل القمع الجسدي إلى أسلوب لتصفية المتمردين على سلطتهم، فضلاً عن إلغاء أية حدود في ممارسة القمع.

خامساً- ظهرت في جميع هذه البلدان أحزاب  شكلية، وصار الحزب الحاكم الصورة الأيديولوجية الزائفة للديمقراطية، أحزاب لا تملك أي رصيد شعبي صادق.

سادساً: مرت جميع هذه البلدان -وتمر- بتدنِّي مستويات المعيشة، وتعاني من ازدياد الفقر، في جميع هذه البلدان، ازداد عدد الفئات المهمَّشة "البروليتاريا" الرثة، وهي أخطر الطبقات، وحزام الفاشية، ومنبع قُوَى الهمجية، وتحطمت الفئات الوسطى التي تشكل قلب المجتمع والمحرك الأساسي للثقافة والاقتصاد والعِلْم.

جميع هذه البلدان عاشت تغوُّلاً للسلطة التنفيذية على السلطتين القضائية والتشريعية،بل لا وجود إلا لسلطة واحدة وهي رأس السلطة التنفيذية وأدواتها وليست السلطة التنفيذية.

سابعاً: جميع هذه البلدان شهدت انتخابات مزيفة وكاذبة. ولهذا ترى نسبة التصويت بنعم تصل إلى 99%.

وقد أنتج هذا التشابه انفجارات متشابهة في مجتمعاتها، ونتائج شِبه متشابهة، وهذه النتائج تحتاج إلى تحليل خاص.

وإذا كانت الحالة السورية قد انفردت بنتائج غير مشابهة مع مثيلاتها، فإن خصوصية العصبية الطائفية، والدور الوظيفي للجماعة الحاكمة، والتدخل الخارجي العسكري للروس والإيرانيين، وقدوم الميليشيات الطائفية الشيعية من إيران ولبنان والعراق وأفغانستان، وبروز الميليشيات والحركات الأصولية الإسلاموية المسلحة، كلها عوامل ساعدت على رسم صورة الدمار السوري الذي يُعبِّر عن الثمن الذي قدمه الديكتاتور لبقائه.

ولَعَمْرِي إن هذه النظرة للملامح القانونية لأنظمة الحكم والثورات الشعبية التي قامت ضدها تدحض كل تحليل يقوم على فكرة المؤامرة.
-------
نداء بوست


د . أحمد برقاوي
السبت 16 أكتوبر 2021