بمن فيهم آلاف الإيزيديين والإيزيديات وآخرين، من الذين اختفوا على يد داعش بعد احتلالها للموصل، فضلاً عن مفارقة الصحافي توفيق التميمي، الذي حاورني على كتابي “الإختفاء القسري في القانون الدولي – الكيخيا نموذجاً”، وزميله الناشر مازن لطيف اللذان اختفيا قسرياً بُعيد هبّة تشرين العام 2019.
الإختفاء القسري “اصطلاح” تستخدمه الأمم المتحدة، لوصف حالات الإختطاف والإحتجاز والإعتقال غير المعلن عنه، أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية، من جانب جهات مجهولة أو غير معلومة، سواء على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو جهات أو مجموعات من الأفراد، تتصرّف بإذن من الدولة أو بموافقتها، مع رفضها الإعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصيره. وقد اعتمدت الأمم المتحدة إعلاناً في العام 1992، أطلقت عليه إسم “الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري”، وفي العام 2006 اعتمدت “اتفاقية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري”، وطلبت من دول العالم التوقيع والتصويت والإنضمام إليها. ودخلت الإتفاقية حيّز النفاذ يوم 23 ديسمبر/كانون الأول العام 2010، بعد أن صادقت عليها 20 دولة، ويبلغ عدد الدول المنضمّة إليها 64 دولة من بينها العراق، في حين أن 48 دولة وقّعت عليها ولم تصدّق. والإتفاقية تتألف من ديباجة و45 مادة مقسّمة إلى 4 أجزاء، وتخشى بعض الدول من التصديق عليها، لعلاقة ذلك بالمساءلة ومبدأ عدم الإفلات من العقاب، لا سيّما إذا ذهبت المسألة إلى المحاكم الدولية، سواء المحكمة الجنائية الدولية التي دخلت حيّز التنفيذ في العام 2002 أو حتى محكمة العدل الدولية في لاهاي، التابعة للأمم المتحدة والتي تختصّ بالشكاوى المدنية وليس لها ولاية جنائية. تحاذر بعض الحكومات ولا سيّما من الدول النامية، والتي فيها تجاوزات وانتهاكات تتعلّق بالإختفاء القسري من التصديق على الإتفاقية وتحاذر بعض الحكومات، ولا سيّما من الدول النامية، والتي فيها تجاوزات وانتهاكات تتعلّق بالإختفاء القسري من التصديق على الإتفاقية، لأن المادة 5 تعتبر الإختفاء القسري “جريمة ضدّ الإنسانية”، وتذهب المادة 6 لتحميل المسؤولية، الجنائية لرئيس البلد والقائد العام للقوات المسلّحة أو حتى أحد مرؤوسيه العاملين تحت أمرته ورقابته، فيما إذا ارتكبت جرائم ضدّ الإنسانية، حيث يمكن مساءلة من أصدر الأوامر، أو قام بالتنفيذ أو تواطؤ، أو اشترك في إرتكاب جريمةٍ تحمّله المسؤولية الجنائية، بمعنى عدم إعفاء أي شخص ارتكب جريمة الإختفاء القسري، سواء كان مدنياً أم عسكرياً. إن الإختفاء ممارسة للتعذيب حين تقطع صلة المختطف بالعالم الخارجي، وهو تعذيب آخر للعائلة، التي لا تعرف مصير رب الأسرة، أو إبنها أو مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، وأحياناً يتملّك العائلة حالة من الإحباط، إلى درجة اليأس بعودة المختفي، خصوصاً إذا طال أمد الإختفاء، وعدم وجود أي خبر يدلّ على بقائه على قيد الحياة. وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية انضمّت إلى الإتفاقية، إلاّ أنّها أبدت تحفّظات على بعض موادها، وخصوصاً المادة 42 (الفقرة-أ-) التي تتعلّق بخلاف بين دولتين أو أكثر، من الأطراف الموقّعة على الإتفاقية بشأن تطبيقها أو تفسيرها، فإذا لم يجدوا طريقة لحلّ الخلاف بالمفاوضات أو بالتحكيم، فيمكن عرض القضية على محكمة العدل الدولية المختصّة بذلك. الإختفاء ممارسة للتعذيب حين تقطع صلة المختطف بالعالم الخارجي وهو تعذيب آخر للعائلة التي لا تعرف مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده كما أن هناك تحفّظات وردت حول المادتين 31 و 32، المتعلقتين بتقديم الشكاوى الفردية أو شكاوى دولة ضدّ دولة، فيما إذا لم يتمّ التوصّل إلى حلّ عبر مبادىء العدالة الإنتقالية الدولية، فيمكن تقديم شكاوى ضدّ الدولة، سواء من أحد مواطنيها أو من دولة أخرى، وهذا التحفّظ على اختصاص لجنة الأمم المتحدة، لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري، في النظر بالشكاوى الفردية أو شكاوى الدول الأطراف. ومثل هذه الشكاوى تنشأ حين تستنفذ المحاكم الوطنية جميع الوسائل، ولكنها لم تتوصّل إلى حلولٍ مرضية للأطراف المتنازعة، فيكون من حقّ الشخص التوجّه لإقامة شكاوى فردية أو من دولة على أخرى في القضاء الدولي، وذلك بهدف ملاحقة المتورّطين ومعاقبتهم إذا ثبت إدانتهم. وإذا ما أعلنت دولة ما انضمامها للإتفاقية، فمن المفروض بعد سنتين تقديم تقرير للأمم المتحدة، بتنفيذ ما ورد بالإتفاقية، ويقدّم التقرير للجنة الأمم المتحدة، المعنية بحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري في جنيف، وهي مكوّنة من خبراء مستقلين على أساس توزيع جغرافي عادل.
---------- «جنوبية»
---------- «جنوبية»