والتعامل مع مسألة المرجعية بهذه الطريقة يتيح للفلسطينيين الفرصة للإصرار مع تأييد أميركي على أن حدود 67 هي الأساس مع بعض «التبادل» في الأراضي، في حين يمكن للإسرائيليين الزعم بأنهم غير ملزمين بهذه المرجعية، ويمكن لإسرائيل الركون إلى قبول الولايات المتحدة بضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة في حين يمكن للفلسطينيين الإصرار على الرفض.
400 ألف مستوطن
وهذا يعيد إلى الأذهان استخدام وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر الغموض الخلّاق عام 1991، لإقناع الطرفين بحضور مؤتمر مدريد.
وبعد 11 جولة من المحادثات على مدى عامين، فشلت المفاوضات، ولكن خط مفاوضات خلفي أثمر عن اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993، والذي تم فيه تأجيل البحث في معظم الملفات المهمة.
«الخطوات أحادية الجانب»
ولكن ظهرت نقاط الاختلاف لاحقاً حول معنى الاعتراف المتبادل، فالإسرائيليون فسّروه اعترافاً بيهودية الدولة، كما أن بعض الحكومات رفضت لاحقاً الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. واختلفا على معنى عبارة: الامتناع عن القيام بخطوات أحادية الجانب تضر بالمفاوضات. فالفلسطينيون اعتبروها امتناعاً إسرائيلياً عن بناء المستوطنات، ولكن كان للإسرائيليين تفسير مختلف، وانتهى الأمر بتكثيف للنشاط الاستيطاني حتى وصل العدد في الضفة الغربية والقدس إلى أكثر من 400 ألف مستوطن بعد عشر سنوات على أوسلو.
والمشكلة في هذا النهج أنه قد يقود إلى استئناف المفاوضات، ولكنه لا يؤتي ثماراً بالضرورة، ولكن ربما تكون للخطوة الأوروبية هنا أهمية.
فبتذكير الإسرائيليين بأن المستوطنات غير شرعية وغير معترف بها دولياً، ربما يقدم الأوروبيون حافزاً إلى الطرفين للتفاوض.
من المعارضة إلى الصمت
لقد عمد الإسرائيليون منذ احتلال الأراضي عام 1967 إلى تجاهل القانون الدولي الذي يحظر مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها، ومع مرور الزمن انتقل الموقف الأميركي بسبب الضغوط الداخلية من معارضة الاستيطان إلى السكوت عليه.
وبالرغم من الإقرار الأميركي بأن المفاوضات ستقوم على أساس حدود 67 مع بعض التبادل بما يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ ببعض المستوطنات، فإن إسرائيل ترفض هذه الصيغة ويؤيدها الكونغرس الأميركي في ذلك. ومن هنا، تأتي أهمية الموقف الأوروبي. وفي حين أرسل بعض أعضاء الكونغرس رسالة إلى الاتحاد ينتقدون فيها الخطوة باعتبارها تشجيعاً لتراجع الفلسطينيين عن التفاوض، فإن التأثير كان عكس ذلك تماماً. فالفلسطينيون يشعرون بأن هناك من يدعم مطالبهم مقابل الدعم المطلق للإسرائيل من الكونغرس الأميركي.
وستكشف الأيام المقبلة المزيد عن مرجعية المفاوضات الأميركية، والحوافز المقدّمة وردود فعل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي المنقسمين على بعضهما. وسنعرف الثقل الذي سيضعه الأميركيون والأوروبيون والعرب لدفع الجهود، فالإيام المقبلة شاقة وطويلة، وما حدث ليس سوى البداية.