ولأول مرة قبلت اسرائيل المبادرة بعد أن رفضت مرارا مبادرات مماثلة لوقف النار .
قبل عبد الناصر المبادرة في 8 آب / أغسطس لحاجته إلى كسب الوقت لبناء حائط دفاعي ضد الطيران على طول قناة السويس , ولاستكمال استعدادات الجيش المصري وحمايته من الضربات الاسرائيلية الجوية والأرضية – المدفعية .
أثبت التاريخ صحة موقف عبد الناصر بعد أن استمر وقف اطلاق النار حتى حرب تشرين – اوكتوبر وساهم باستكمال بناء القوة العسكرية المصرية واستكمال حائط الدفاع الجوي مما مكن الجيش المصري من خوض الحرب وعبور خط بارليف .
وبينما كان عقل القيادة المصرية مشغولا بكيفية تأمين الظروف المواتية للجيش المصري لخوض الحرب , والقيام بالتكتيكات السياسية المناسبة , فتحت المنظمات الفلسطينية في الأردن النار على عبد الناصر واتهمته بالتفريط والخيانة , وخرجت المظاهرات الغاضبة في عمان ضد عبد الناصر , وأحدث ذلك شرخا في العلاقة بين المقاومة الفلسطينية ومصر , وكان ذلك الشرخ إشارة مناسبة للملك حسين والجيش الأردني لفتح المعركة مع التنظيمات الفلسطينية بعد فترة قصيرة في ايلول / سبتمبر عام 1970 .
ومن المفارقات أن التنظيمات الفلسطينية التي اقامت الدنيا ولم تقعدها على عبد الناصر لقبوله مبادرة روجرز قبلت لاحقا باتفاقيات أسوأ منها بكثير مثلما حدث في أوسلو عام 1993 .
تظهر تلك التجربة التاريخية عقلية المزاودة التي تعبر عن الطفولة السياسية ومدى الضرر الذي تلحقه بالقضية التي يفترض أنها تعمل من أجلها.
وقبل ذلك وعبر المزاودات تم استدراج عبد الناصر إلى فخ حرب حزيران عام 1967 , والنظام السوري الذي أعلن حرب التحرير الشعبية لتحرير فلسطين وسمح للمنظمات الفلسطينية ببعض عمليات التسلل داخل فلسطين المحتلة ثم أطلق نداءات الاستغاثة في مواجهة تهديدات اسرائيلية, هذا النظام المزاود هو نفسه من قرر أن لاطاقة لسورية بمقاومة الهجوم الاسرائيلي بعد تدمير القوة الجوية المصرية.
واليوم نرى أن تلك العقلية مازالت واسعة الانتشار بين السوريين , وقد تسببت في إحجام أفضل الكوادر عن تحمل المسؤوليات السياسية , مما أفسح المجال أمام المتطفلين والأدعياء لركوب الموجة .
ومن المفارقات أيضا أن أعلى الأصوات وأكثرها تشددا ومزاودة لم تعد تسمع اليوم . لكن بقية من تلك الأصوات مازالت تعمل لتدمر ثقة السوريين ببعضهم وتهدم أي كيان سياسي ناشىء بدل نقده ودفعه نحو الأمام .
لايقل خطر المزاودة عن خطر الارتهان للأجندات الاقليمية والدولية , بل يمكن أن يستخدم مطية لمخططات سياسية خارجية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة . ومثلما هو ضروري وحيوي التصدي لأفكار التيئيس والهزيمة فمن الضروري أيضا مواجهة الفكر المزاود وفضح دوره في العمل لتدمير أي جهد وطني – ديمقراطي .
----------
موقع مصير
عيون المقالات
حلقة برباغندا إيران انتهت مدة صلاحيتها
26/11/2024
- د. منى فياض
الفرصة التي صنعناها في بروكسل
26/11/2024
- موفق نيربية
(هواجس إيران في سوريا: زحمة موفدين…)
24/11/2024
- محمد قواص
مستقبل لبنان بعهدة شيعته!
23/11/2024
- فارس خشان
هل تخشى إيران من الأسد أم عليه؟
23/11/2024
- ضياء عودة
المهمة الفاشلة لهوكستين
23/11/2024
- حازم الأمين
نظام الأسد وحرب النأي بالنفس عن الحرب
21/11/2024
- بكر صدقي
الأسد الحائر أمام الخيارات المُرّة
17/11/2024
- مالك داغستاني
العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب
17/11/2024
- العميد الركن مصطفى الشيخ
إنّه سلام ما بعده سلام!
17/11/2024
- سمير التقي
تعيينات ترامب تزلزل إيران ورسالة خامنئي للأسد تتعلق بالحرب التي لم تأتِ بعد
17/11/2024
- عقيل حسين
هذا التوجس التركي من اجتياح إسرائيلي لدمشق
16/11/2024
- عبد الجبار عكيدي
السوريات في الحياة الأوروبية والتجارب السياسية
15/11/2024
- ملك توما
هل دقّت ساعة النّوويّ الإيرانيّ؟
13/11/2024
- أمين قمورية
بشـار الأسـد بين علي عبدالله صـالـح وحسـن نصر الله
13/11/2024
- فراس علاوي
“وقف الحروب” اختبارٌ لترامب “المختلف”
13/11/2024
- عبد الوهاب بدرخان
( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )
13/11/2024
- عبد الباسط سيدا*
قنبلة “بهتشلي”.. ماذا يحدث مع الأكراد في تركيا؟
13/11/2024
- كمال أوزتورك
طرابلس "المضطهدة" بين زمنين
13/11/2024
- د.محيي الدين اللاذقاني
حين تمتحن سورية تلك النبوءات كلّّها
12/11/2024
- ايمن الشوفي
|
الطفولة السياسية وثمن المزاودات
|
|
|