نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


الضنك ...بحث في أشكال الأزمة العربية





في الأمثال العربية القديمة مثل يُردد " رب ضنك أودى الى ساحة , وتعب إلى راحة " لكأني بمبدع هذه الحكمة قد ربط الخروج من الضنك وهو الضيق والشدة الى رحاب الساحات الواسعة بالعمل والجهد والتعب , فالخروج من ظلمة الأنفاق إلى ضياء الكون والاستمتاع بالنور يتطلب جهوداً كبيرة واعية متبصرة ومدركة لكل دقائق وتفاصيل ضائق الحياة ومن ثم مبرمجة ومنهجة أسلوباً للخلاص منها عبر زمن مقياس النجاح فيه اختصار مدده .


ويتوارد إلى الذهن سؤال هل تعيش امتنا العربية ومعها العالم الإسلامي عيشة ضنكاً ؟!... والجواب العاجل والذي لا يختلف حوله أحد - نعم – وللتأكيد ألف نعم والإقرار بهذه الحقيقة ألزمني بإجراء بحث تناوله العديد من الكتاب والمفكرين أحببت أن أضم جهدي المتواضع إلى جهودهم موزعاً البحث على عناوين ثلاثة :
1. الواقع الحالي للأمة العربية
2. الأعداء واستراتيجيتهم وبرامج ومناهج تحركاتهم
3. ما المطلوب عربياً للمقاومة والكيفية المحددة لها ضمن المعادلات الدولية والإقليمية
إن الواقع الذي يعيشه الشعب العربي تغمره وتطغى عليه كل أشكال وأنواع الضنك بتفرعاته حيث تهز إرتكاساته وجوده لا من حين لآخر بل يكاد في كل يوم تشرق شمسه تُخلق معضلة مبعدة مفتتة للموقف العربي الواحد , فالخلافات على أشدها وتكاد لا يستثنى منها قطر , الخلاف الجزائري المغربي حول الصحراء تجاوز عمره ستة وثلاثين عاماً وبدل البحث عن الجامع الموحد ما بين هذين القطرين في إطار الوحدة الشاملة لا بل لنقل في إطار الاتحاد المغاربي يتجدد الصراع غالبا من حين لآخر تاركاً آثاره سلبية الشدة على هدف توحيد الأقطار العربية في شمال أفريقيا وبدل ذلك عزز من تباعدها , حتى وصل إلى إغلاق الحدود بين الأشقاء , وفي مشرق الوطن الكبير ظهر خلاف بين ما بات يطلق على بلدانه – دول الممانعة ودول الاعتدال – وهذا الخلاف باق ٍ إلى أمد ما لأسباب ومنطلقات فكرية يشتد أحياناً ويضعف أحياناً أخرى مما ترك بصمات على واقع أقطار عربية أخرى ليست مصنفة في احد هذين المحورين ,

و دول مجلس التعاوني الخليجي ليست أحسن حالاً من غيرها فبالرغم من الحصيلة المنفذة المتواضعة التي تركها هذا التجمع لأقطاره عبر قرارات مؤتمراته العديدة خلال مدة إنشائه , إنما مؤخراً وعند اعتماد فكرة العملة الموحدة انسحبت من التنفيذ كل من عمان والإمارات العربية والملاحظ على مسيرة هذا المجلس وكل المجالس الإقليمية التي أنشئت و بعضها طوته زوايا النسيان ففي كل مرة يحاول المؤتمرون التوصل إلى قرارات هامة ومصيرية تنسق وتوحد بين مكونات بلدانهم تشتد الخلافات . لكن وطالما أن البيانات الصادرة تحتوي مجرد عناوين وأماني وأحلام بدون برامج تنفيذية لها فالجميع يوافق عليها معتبرين أن المؤتمر حقق ذروة نجاحه , وبقية الأقطار العربية يعيش بعضها أسوأ مراحل زمنه فالعراق المحتل بذرائع ومبررات ملفقة ثبت كذبها ساهمت أقطار عربية في تشجيع ودعم الولايات المتحدة على احتلاله ناسين ومتناسين ما قدمه أهل هذا القطر المناضل الحماة الأوفياء لامتهم العربية في كل الحروب العربية ضد الأعداء وخاصة في حرب تشرين عام 1973 , لقد دفعوا أثماناً باهظة منذ الاحتلال الأخير القائم فبالإضافة الى ما يقارب المليون شهيد خلال سنوات الاحتلال غادر أكثر من مليوني عراقي بلدهم الى ارض الجوار وبلدان الغربة , وأجج فيه أوار النزعات العرقية والطائفية منذ أن وضع " بريمر " الحاكم الأمريكي الأول بعد الاحتلال دستور هذا البلد معززاً النزعات الانفصالية فيه , كما و تعرضوا للنكبات إبان ما سمي بحرب الخليج الثانية والحصار الذي فرض عليهم بعدها والإصابات بالأمراض الخطرة (السرطانات ) لاستعمال أمريكا أسلحة محرمة دولياً خلال عدوانها

والسودان وإلى حد ما طوته صحائف النسيان وغاب عن دوائر الاهتمام خلال عقود مضت لكنه قفز إلى واجهة الأحداث الإقليمية منذ أن ظهرت مكامن ثرواته الطبيعية – النفط و اليورانيوم – وبدل أن تترك قياداته لتوجه جديد إمكاناته لبناء اقتصاده الوطني وتنمية عوامل قوته , وإمعانا في محاولات إبقائه ضمن دائرة الوهن والضعف أُُدخل في متاهات عرقية , وجُدد قديم نزاعاته القبلية التي كانت تحل دائماً عبر حوار بين وجهائها , وجندت قوى محلية وإقليمية ودولية لتعقيد مشاكله بغرض تقسيمه وتفتيت وحدته
واليمن ليس أحسن حالاً فالصراع ينتقل من جنوبه الى شماله واغرق البلد في خضم نزاعات ستلقي بظلالها على الأيام والسنين القادمة تاركة ندباً في الجسد اليمني
والصومال مضى أكثر من عقدين زمنيين على عدم استقرار شعبه الفقير المعدم , و مأساة فلسطين وطول عمرها عبر القرن الحالي والماضي تفاقمت جراحاتها مؤخرا وازدادت زمن الصمت و التراجع العربيين.
هذا الخلل الكبير في العلاقات العربية العربية والتشوهات الموجودة على أرض العديد من الأقطار يعطي صورة عن ضنك الشعب العربي بها يكملها ويتممها ويعري جوانب البؤس فيها الوضع الاقتصادي العام والوضع المحلي لكل منها ولغة الأرقام تؤكد حقائق مؤلمة سيما وان بعضها صادرة ومعتمدة من مؤسسات رسمية فمجلس الوحدة الاقتصادية العربية يشير في تقديره لعام 2001 الى أن الفجوة الغذائية بلغت 20 مليار دولار تتزايد بواقع 3% سنوياً رغم وجود كل الإمكانيات لتلافيها أرضاً وقدرات بشرية ومالية – وعدد العاطلين عن العمل يصل إلى 18 مليون عاطل من مجموع القوى العاملة البالغة 98 مليون نسمة ويعيش حوالي 22% من جملة السكان أي جوالي 62 مليون عربي على دولار واحد في اليوم , والأوضاع المعاشية تزداد سوءاً في أقطار عدة فقد بلغت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر في موريتانيا 57% - اليمن 27% - الجزائر 22% - المغرب 19% الأردن 12% - تونس 6%
والآمال العريضة التي علقت على مجلس الوحدة الاقتصادية في الجامعة العربية منذ خمسينيات القرن الماضي تاريخ انطلاقته ذهبت أدراج الرياح , فبينما قراراته كانت غنية بتفاصيل العمل التكاملي وصولاً للوحدة الاقتصادية و تلك البداية لوحدة اشمل والعودة الى الأصول ظهر واضحاً وجليا عجزه التنفيذي ككل المؤسسات الرسمية لتأثره بالخلافات السياسية الدائمة .

ويظهر الخلل في حجم التجارة العربية البينية إذ بلغت الصادرات عام - 2004 - 31,7مليار دولار شكلت 8.7% من إجمالي الصادرات العربية العالمية بينما بلغ حجم الواردات 29.8 مليار دولار شكلت نسبة 12.4 من إجمالي مجموع ما يُستورد عربياً من العالم ورغم هذه الحصائل المتدنية فان أرقاماً جديدة راحت تبرز مشيرة إلى تقدم التعاون التجاري مع العدو الإسرائيلي بتسارع لافت للنظر فمصر وصلت صادراتها لإسرائيل عام 1980 إلى 62 مليون دولار ارتفعت بعدها إلى 116.84 مليون دولار عام 1991 ثم انخفضت عام 1997 إلى 107 مليون دولار بينما كان إجمالي وارداتها يصل إلى 7 ملايين دولار قفز في عام 1996 إلى 124.7 مليون دولار ثم إلى 142.26 مليون دولار عام 1997 والتقديرات تشير إلى أنه ارتفع إلى ما يزيد عن 450 مليون دولار وبالمقارنة وفي ذات الفترة صدرت مصر ما إجماليه إلى الدول العربية مجتمعة في عامي 1991 – 1997 مانسبته 69.1% - 63.5% بينما كانت نسبة صادراتها لإسرائيل 9.73% - 8.05% وتغطي مصر 30% من احتياجات إسرائيل النفطية إضافة الى المشاريع المشتركة وفق اتفاقية أكتوبر " المرجع – دراسة لرفعت السيد أحمد
والأردن زاد من حجم استيراده من إسرائيل بسماحة لدخول إنتاج " المستوطنات " الزراعي لأسواقه المحلية حيث اندلعت في الأيام الأولى المظاهرات الرافضة لهذا الإجراء في شوارع عمان, ورغم الطمأنينة الكاملة التي تتحقق للاستثمارات العربية عند توظيفها عربيا للمستويين الرسمي والفردي - وإن كان المطلوب زيادة الحوافز لها في هذا المجال – فحقيقة ثابتة عدم تأثرها مؤخراً بالخسارات التي أصابت استثماراتهم الخارجية إبان الأزمة المالية العالمية الأخيرة و أغلب الدراسات الاقتصادية توّضح بجلاء أن ريعية الاستثمارات البينة ستكون أعلى لكننا نجد أن حجمها المتواضعة أرقامه في البلدان العربية وصل عام 2004 الى نحو 5.9 مليار دولار بينما تصاعد الرقم إلى أضعاف الأضعاف في الدول الأجنبية فكان إجماليه 730 مليار دولار منها 365 ملياراً في دول الاتحاد الأوربي والباقي في دول العالم وتجمعاته الاقتصادية
ولأن الأرقام في هذا المجال غير دقيقة فمراكز بحثية تقدرها ما بين 800 مليار – 2400 مليار دولار

وتتنوع مصادر تخبط السياسات وعدم حفاظها لأغلى الثروات المادية بل لتضم الثروات الخلاّقة الدائمة المتمثلة بهجرة العقول العربية إلى بلاد الغربة إذ بلغت الخسارات الناجمة عنها 200 مليار دولار سنوياً فهناك 2000 طبيب عراقي اضطرتهم الظروف الأخيرة للعمل في مشافي بريطانيا وعدد الكفاءات المصرية التي نزحت للخارج بلغ 842 ألفاً منهم 318 ألفاً في أمريكا يتوزعون على اختصاصات عدة 145 يعملون في مجالات الطب العالية الاختصاص ، 197 في الميكانيك ، 300 في تخطيط المدن ، 50عالماً في الهندسة الالكترونية ، 20 في الهندسة النووية ، 38 في أشعة الليزر ، 149 في تكنولوجيا الأسلحة والفيزياء النووية واستخدام الأشعة ، وفي الزراعة وأفرعها 24 عالماً ، وفي العلوم الإنسانية 80 عالماً
ويتواجد في النمسا وكندا 240 ألفا ، 70 ألفاً في استراليا ، 60 ألفاً في اليونان ، 36 ألفاً في إيطاليا ، 35 ألفاً في بريطانيا والكارثة أن الخسارة هنا مزدوجة فقد خسر البلد ما أنفقه على هؤلاء الخريجين أيام دراستهم , وضاعت الإمكانيات العلمية والمادية التي كانوا سيقدمونها لأهلهم لو بقوا في بلادهم
وعن الفساد في العالم العربي فتقرير البنك الدولي للتنمية لعام 2005 يبين أن الفساد أصبح طابعاً منهجياً ومؤسسيا في العديد من البلدان العربية لضعف آليات المساءلة والمحاسبة ويورد مثالاً على تهريب الاسمنت إلى إسرائيل عبر أفراد في السلطة الفلسطينية لبناء الجدار العازل
ومؤسسات البحث العلمي غير متواجدة على الساحة العربية وإن وجد بعضها فهي بحاجة إلى الدعم المالي وبذل الجهد للحفاظ على المتفوقين من خريجي الجامعات الجدد واستعادة بعض من هاجر منهم وبالمقارنة البسيطة فالعدو الإسرائيلي يصرف على هذا الجانب أكثر من مجموع ما تنفقه جميع الأقطار العربية ولنتذكر أيضا - وللذكرى فقط - أن دخلنا القومي الإجمالي يعادل دخل اسبانيا منفردة
هل من هوان وضعف وضنك أكثر من هذا ، في منتصف القرن الماضي كانت أوضاع بلاد أسيوية أشد سوءا مما كنا فيه لكنها تجاوزتها – الهند – أندونيسيا – ماليزيا – والهند راحت تعد من أقطاب العالم المعاصر الناشئة ... والسر في ذلك يكمن في التفاعل بين ما هو رسمي وما هو شعبي عبر حرية ملتزمة واعية واعدة
الاستراتيجيات المعادية
بات تعريف مصطلح الإستراتيجية متعارفا عليه لدى الباحثين في العلوم السياسية فهو يعني وضع خطة عامة شاملة تأخذ الاعتبارات الأساسية في موضوعها في منظور هدف بعيد المدى .
بينما التكتيك ( برامج التطبيق ) خطة خاصة محددة تأخذ الاعتبارات الواقعية أو العملية من منظور هدف مرحلي و منطلق الاستراتيجيات يتركز في زيادات مضطردة لعوامل القوة العسكرية والاقتصادية و العلمية والسياسية يضاف إلى كل ذلك التمسك بالتراث الثقافي والمعتقد الديني محولة مجموع هذه القوى من ظاهرة مادية إلى ظاهرة سلوكية تأخذ سمة عملية القرار السياسي المعتمد على الإدارة الواعية وعلى الاختيار والنجاح به في حالتي الحرب والدبلوماسية ولتحقيق أحسن النتائج وأفضلها في المحورين تشدد الإستراتيجية الواعية على أن يكون تحقيقها بأسلوبين مبدئيين ثابتين دائمين :
أ‌. تعزيز عناصر القوة الذاتية
ب‌. إضعاف قدرات الخصم
وبذلك تتنامى وتقوى إرادتها وتمنع الخصم وتحد ما أمكن من تنفيذ قراراته زمناً يطول أمده أحياناً وعلى ضوء هذه الضوابط الفكرية نجد أن من الطبيعي أن تقام أحلاف إستراتيجية عالمية وإقليمية بين أصحاب الرؤى المتشابهة والمصالح المشتركة

أمتنا العربية ومنذ مطلع القرن الماضي حددت عدوها وصراعها الرئيسي معه ... إنها " إسرائيل ". قناعة دائمة تكونت لدى الشعب العربي ولمدة لدى بعض الأنظمة العربية حيث راح بعضها في هذه الأيام يدفع وفق املاءات خارجية لإعطاء الأفضلية لصراعات إقليمية مبنية على توقعات غير علمية وغير دقيقة , بالمقابل فالإستراتيجية الإسرائيلية تنبعث من معتقد ديني يهودي سرمدي صاغه رجال الدين بعد انهيار الدولة القديمة وتحديداً زمن السبي البابلي والأغلبية العظمى تؤمن به وتعمل من اجل تحقيقه وهو :
أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل
وراحت المؤتمرات الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر ترسم الحدود الدائمة للدولة المزعومة وأحياناً حدوداً مرحلية وفي جميع ما رسم كانت تشمل فلسطين وأراض ٍ عربية أخرى
هنا تستوقفني قواعد المنطق لأوكد أن إسرائيل غير راغبة في السلام فالسلام إن قام على جزء من أرض الميعاد فذلك سيهدم المعتقد الديني وبالتالي سينزع من الشخصية "الإسرائيلية " ركنها الفكري الأساسي لتصبح بلا هوية وبالتالي فزوالها سريع وحتمي من أجل ذلك عززت إمكانياتها العسكرية وطورتها خلال العقود الماضية ولم يمر عقد زمني إلا وكانت هناك حرب الغرض منها جميعها محاولات التوسع واستنزاف القوة العربية , عدا حربيها الأخيرتين على حزب الله في جنوب لبنان وعلى المقاومة الفلسطينية في غزة ... إذ بدا واضحاً من مجريات العمليات العسكرية التقهقر والخلل الكبير فلم تعتد قوات العدوان على مواجهة المقاومة العربية التي أتقنت فن العمليات العسكرية وقيادة الحرب الإعلامية فحظيت بدعم شعبي عربي كاسح وتأييد من بعض فئات المجتمعات الدولية

لذا كان لابد من تعديل لبرامجها التنفيذية وعن ذلك كتب – أمير بوحبوت – في معاريف "الإسرائيلية " تحقيقاً يقول فيه " من استطلاع سريع لخارطة التهديدات الأمنية التي تواجه إسرائيل يظهر صورة على قدر للمفاجأة فقد ظلت إيران العدو الرقم الكبير الأهمية وربما تعتبر أيضاً مثيرة طبقاً لما يقره ضابط كبير في الجيش ولكن خلفها في المركز الثاني يأتي حزب الله بسبب وجود فرصة لاندلاع مواجهة عنيفة وفي المرتبة الثالثة سوريا وتأتي خلفها حماس في قطاع غزة وفي المرتبة الخامسة يأتي الجهاد العالمي ومن الطبيعي أن تحاول المنظمات الإرهابية في المناطق الحدودية استنزاف الطرف الثاني وقوات الجيش في الضفة الغربية تقوم بعمليات اعتقال كل ليلة ومن جانب آخر تتسلل أجهزة الأمن الفلسطينية إلى المناطق التي لا يصل إليها الجيش وتنفذ ذلك بقوة كبيرة بهدف محاولة ردع حماس
والمعلومات الأخيرة راحت تتناقلها أجهزة إعلام تحت عنوان التنسيق الأمني بين " إسرائيل " والجنرال الأمريكي " دايتون " القائد الفعلي لقوات الأمن الفلسطينية وعن الشق المتعلق بإضعاف الخصم فما من وسيلة دنيئة على كل الأصعدة إلا وتلجأ إليها – حروب – تآمر – بث الفتن على الأرض العربية مستغلة أمراض في تكوين مجتمعها ذلك يتماشى مع خطة نشرتها مجلة " كيفونيم " عام 1988 تحدثت أن العالم العربي بيت من ورق خلقه الاستعماران الفرنسي والبريطاني في إطار تركيبات اجتماعية متناقضة أحياناً وحفاظاً على كيانها لا بد من تقسيم جديد وتجزئة هذه البلدان إلى كيانات هزيلة وهشة واستثمار أمراض التكوين الاجتماعي وفي هذه الأيام فحيثما ظهرت نزاعات استقلالية نجد أن لإسرائيل دوراً في خلقها وتأجيج دوافعها
وعن التحالف الاستراتيجي الأمريكي فمن الجلي والواضح انه معادٍ للأمة العربية وفي حكمة يتداولها الجميع بلا استثناء تقول " صديق عدوي ...عدوي وعدو عدوي ...صديقي " فأهداف الطرفين متطابقة كل التطابق والاختلاف في بعض الأحيان على أسلوب وموعد التطبيق وفي أحيان كثيرة يكون مسرحية خداع وتمويه في لعبة السياسات المشتركة

الاهتمام الأمريكي في المنطقة قديم لكنه تبلور بعد العدوان الثلاثي الانكليزي - الفرنسي - الإسرائيلي على مصر عام 1956 وخروج القوات البريطانية المنهزمة منها ومعها القوات الفرنسية لقد حركت المصالح والمطامع الاستعمارية الجديدة ليطرح الرئيس الأمريكي أيزنهاور وقتها مشروعه المسمئ بملء الفراغ الذي خلفه انسحاب القوى المستعمرة القديمة فكان من تطبيقاته مشروع حلف بغداد و نزول القوات البريطانية في الأردن والأمريكية في لبنان لحماية أنظمتها بعد ثورة العراق وتتابعت مسلسلات الهيمنة والمعاداة بهدف تحقيق
1. السيطرة على الثروة النفطية
2. بيع الأسلحة بشكل شبه دوري دعماً لاحتكارات السلاح ضمن إستراتيجية عسكرية تبقي وتحافظ على التفوق الإسرائيلي على المجموع العربي
3. استنزاف وتوجيه الرساميل العربية إلى أمريكا والبلدان الغربية
4. الدعم غير النهائي وغير المحدود للحليف الإسرائيلي عسكرياً بتسليح جيشه والمشاركة في العمليات العسكرية كما جرى عام 1973 وتقديم الدعم المادي والمقدر سنوياً بـ 1.8 مليار دولار على شكل مساعدات ومنح ولقد وصل هذا الرقم إلى أعلى مستوى له عام 1979 عام توقيع اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر مبلغ 3.7 مليار دولار
5. إضعاف البلاد العربية بكل الوسائل المتاحة إثارة للخلافات المحلية وتغذية التباينات الاجتماعية أملاً بتقسيم جديد يضاف إلى تقسيم الاستعمار القديم بموجب معاهدة سايكس بيكو مطلع القرن الماضي
و كما ذكرنا حول ثبات الاستراتيجيات وعدم تبدلها إلا بظروف قاهرة خارجة عن نطاق السيطرة وأمام التراجع الملحوظ للسياسة الخارجية الأمريكية زمن الرئيس السابق بوش في العراق وفي أفغانستان وبدايات صعود قوى جديدة على الساحة الدولية ( الصين ، الهند ) واستعادة روسيا لقوتها من جديد أطلق مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ( ( CSIS قبيل الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2008دراسة وجه فيها إلى البدء بمشروع القوة الذكية الهادف إلى أن تقوم السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة القادمة للدمج بين مفهومي القوة الناعمة والقوة الصلبة وذلك في غياب الرؤية الإستراتيجية لكيفية مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية وقد صدر التقرير بعد اجتماعات عدة لممثلين عن تركيبة المجتمع الأمريكي تحت بعنوان " القوة الذكية أمن أكثر لأمريكا "
والمفهوم تحدد في زيادة المقدرتين العسكرية والاقتصادية ( القوة الصلبة ) واستثمار مكانة أمريكا وجاذبيتها العالمية ( القوة الناعمة ) ذلك يفسر لنا بشكل جلي نهج الرئيس الحالي أوباما الساعي عبر أحاديثه وخطبه سيما في الأزهر مركزاً على القوة الناعمة لكن عند المصالح والتحالفات يقف كغيره من الرؤساء فلقد ألغى ضغوطه على إسرائيل لتجميد لا لإيقاف بناء (المستوطنات ) متجاوزا القرارات الدولية المقرة بعدم شرعيتها و تأخر ولربما تراجع عن تقديم خطته ومشروعه للسلام وطالب بإعادة المباحثات ضمن شروط يهودية الدولة والقدس العاصمة الموحدة ولا عودة لحدود حزيران 1967 ولا عودة لللاجئيين الفلسطينيين والخطأ الكبير إن عاد الجانب الفلسطيني إلى دوامة المفاوضات دون تحديد مرجعياتها وبلا غطاء قوة ذاتية أولا وقوة عربية ثانيا فستمضي سنتان في مماحكات عبثية يبدأ التحضير بعدها لولاية جديدة للرئيس الحالي أو انتخاب رئيس جديد

وتستمر المأساة والأمل يتبدد والقهر والظلم يشتدان ولذا فالمطلوب عربياً على المستويين الشعبي والرسمي وإن كان الأمل في الاستجابات الرسمية ضعيفاً لكن البعض قد يدرك ولو متأخراً ان التفاعل المتطور مع الجماهير والاستجابة لإرادة أغلبيتها هو الحرز الأمين الحامي لهم وللوطن وفي هذه الظروف القاسية وإن ظهرت بشائر الضعف تدب في كيانات أعداء الوطن لكن النظرة الواعية الحريصة تلجأ إلى التحدي المتصاعد مع تنامي القدرات الخاصة , وعلى سبيل المثال فالتنمية القطرية وتشجيع مختلف عوامل الإنتاج الزراعية والصناعية شريطة أن لا تقام صناعات متشابهة في أقطار أخرى تعرقل مستقبلا التكامل الاقتصادي العربي , - عماد نشأتها دراسة جدواها الاقتصادية - وفي فترة البناء القطري لابد من العودة إلى مقررات مجلس الوحدة الاقتصادية وتفعيلها فالمصالح الموسعة والمتزايدة بداية عمل وحدوي متين , تُبنى مشاريعه في القطر المتوفرة فيه المواد الأولية والبيئات المناسبة لتحقيق ريع جيد وتغطية أغلب الاحتياجات .
و لابد من وقف النزاعات المحلية وإبعادها عن الساحات السياسية وأن تعتمد الجماهير مبدأ الحوار بين مختلف مكوناتها محققة فكرة الوطنية بأسمى معانيها في الحقوق والواجبات وتعزيز المجتمع المدني وإبداعات منظماته على تعدد نشاطاتها الفردية والجماعية شاطبة من قاموس حياتنا فكرة الاعتماد على الآخرين ولاغيه ما أمكن الثغرات المستغلة من قبل الأعداء حتى نخفف من تبني بعضنا لنظرية المؤامرة - وهي موجودة دائما - لإلقاء اللوم على الآخرين بدل محاسبة مرتكبي من حرموا المواطنين كلا أو جزءا من نيل حقوقهم في ظلال الوطن 000 وطن تتلازم فيه ثنائية الحقوق والواجبات .
ولتتوسع منافذ الحريات بكل المجالات فهي الاشراقة المصححة للأخطاء وفي طليعة ذلك التمسك بالإرث الثقافي ومعتقدنا الديني وجه العربي المشرق عبر كل مراحل الزمن
لنبدأ باذلين الجهد حتى التعب أملاً بالخروج من الضيق الشديد إلى الرحاب الواسعة, فالوطن الحر يبنيه أبناؤه الأحرار غير العابئين بالانضمام إلى قائمة معتقلي الرأي الحر المليئة بروادها..


محمد علي الحلبي
السبت 10 أكتوبر 2009