لكن الفلتان في «الشارع» الإلكتروني يبدو أحياناً أشد فتكاً منه في شوارع المدينة أو الأزقة، ذلك أن الأول أشد انتشاراً وأسرع في تحقيق الأهداف. وكلما زاد التوتر في شوارعنا ارتفعت حرارة الفلتان الإلكتروني، والعكس صحيح.
قد تكون لكلٍّ حارته وساحته في الشوارع، غير أن «الشوارع الإلكترونية» مفتوحة على كل مصاريعها، يدخلها من يشاء وينتهكها من يشاء، بلا حدود.
صادف أن كنت أقرأ في «النشرة»، الصحيفة الإلكترونية الأشهر في لبنان، ردود الفعل على جمعة صيدا الماضية، التي كان آخرها تصريح الداعية الشهال. أقول «النشرة» حتى لا أتحدث عن مواقع أخرى أقل شأناً، ولا عن «فايسبوك» أو «تويتر»... عن صحيفة لبنانية، الفرق بينها وبين الصحيفة الورقية أنها تترك مساحة لتفاعل القراء. هناك صحف كثيرة تفسح في المجال لمثل هذا التفاعل، إلا أن مسؤولية الصحيفة أو الموقع الإلكتروني يجب أن تبقى حاضرة، فتمر الردود على مصفاة أخلاقية أو إنسانية، أو نوع من الرقابة التي تحافظ الصحيفة من خلالها على قيمتها وجديتها ومصداقيتها الوطنية.
إن التعليقات التفاعلية التي رأيتها، على المواضيع التي تناولت التوتر في صيدا، كانت أكثر توتيراً من الخطابات المتلفزة، بل أكثر حدة وإثارة للغرائز المذهبية، بل حيوانية بامتياز. خصوصاً أنها ترمى في وجوه رجال الدين من الطرفين.
لا يكفي أن تضع الصحيفة تحذيراً من أن تتضمن التعليقات قدحاً أو ذماً، أو تحرض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تقول نحن «لا نتحمل مسؤولية التعليقات المنشورة»... أين مسؤولية الصحيفة وهي «تطنش» عن فتك ابن مذهب بمذهب آخر، بل دخول أسماء مستعارة لتكب الزيت على النار!
من يرَ مستوى الشتائم التي كالها المعلقون على يوم الفتنة يشعر بفتنة أشد فتكاً، أو بانهيار كامل لكل حواجز الخجل.
«النشرة» ليست إلا نموذجاً لصحف ومواقع إلكترونية كثيرة، تتحفنا بما تبثه مساحاتها التفاعلية من سموم سياسية تحت عنوان وطني، فهي، تحت العنوان العريض هذا، تساهم في إشعال النار المذهبية التي لا تبقي ولا تذر.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أي مؤسسة من مؤسسات الدولة يمكن أن تتحمل مسؤولية ضبط زعران «الشارع» الإلكتروني، عندما يطلّق حراس الشوارع أنفسُهم كلَّ أصناف الخجل.
قد تكون لكلٍّ حارته وساحته في الشوارع، غير أن «الشوارع الإلكترونية» مفتوحة على كل مصاريعها، يدخلها من يشاء وينتهكها من يشاء، بلا حدود.
صادف أن كنت أقرأ في «النشرة»، الصحيفة الإلكترونية الأشهر في لبنان، ردود الفعل على جمعة صيدا الماضية، التي كان آخرها تصريح الداعية الشهال. أقول «النشرة» حتى لا أتحدث عن مواقع أخرى أقل شأناً، ولا عن «فايسبوك» أو «تويتر»... عن صحيفة لبنانية، الفرق بينها وبين الصحيفة الورقية أنها تترك مساحة لتفاعل القراء. هناك صحف كثيرة تفسح في المجال لمثل هذا التفاعل، إلا أن مسؤولية الصحيفة أو الموقع الإلكتروني يجب أن تبقى حاضرة، فتمر الردود على مصفاة أخلاقية أو إنسانية، أو نوع من الرقابة التي تحافظ الصحيفة من خلالها على قيمتها وجديتها ومصداقيتها الوطنية.
إن التعليقات التفاعلية التي رأيتها، على المواضيع التي تناولت التوتر في صيدا، كانت أكثر توتيراً من الخطابات المتلفزة، بل أكثر حدة وإثارة للغرائز المذهبية، بل حيوانية بامتياز. خصوصاً أنها ترمى في وجوه رجال الدين من الطرفين.
لا يكفي أن تضع الصحيفة تحذيراً من أن تتضمن التعليقات قدحاً أو ذماً، أو تحرض على العنف الاجتماعي أو السياسي أو المذهبي، أو تقول نحن «لا نتحمل مسؤولية التعليقات المنشورة»... أين مسؤولية الصحيفة وهي «تطنش» عن فتك ابن مذهب بمذهب آخر، بل دخول أسماء مستعارة لتكب الزيت على النار!
من يرَ مستوى الشتائم التي كالها المعلقون على يوم الفتنة يشعر بفتنة أشد فتكاً، أو بانهيار كامل لكل حواجز الخجل.
«النشرة» ليست إلا نموذجاً لصحف ومواقع إلكترونية كثيرة، تتحفنا بما تبثه مساحاتها التفاعلية من سموم سياسية تحت عنوان وطني، فهي، تحت العنوان العريض هذا، تساهم في إشعال النار المذهبية التي لا تبقي ولا تذر.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أي مؤسسة من مؤسسات الدولة يمكن أن تتحمل مسؤولية ضبط زعران «الشارع» الإلكتروني، عندما يطلّق حراس الشوارع أنفسُهم كلَّ أصناف الخجل.