الحوثيون أو الشباب المؤمن من بين الاسماء التي تطلقها جماعة الحوثي على نفسها و يرى البعض من الخبراء المختصين بشؤون المنطقة أنّ جماعة الحوثي ظهرت على الواجهة في الثمانينات من القرن المنصرم وذلك بشكل غير رسمي ولكن في عام 2004 وبعد صراع مرير مع الحكومة اليمنية إستطاع هؤلاء طرح قضيتهم على الساحة الاقليمية والدولية بشكل رسمي.
خلال عام 1986 تأسست حركة تدعى "جماعة الفتية" على يد صلاح أحمد فتيلة الذي يُعتبر من طلاب حجة الدين المؤيدي وبدر الدين الحوثي، الزعيم الروحي للحوثيين. ونشطت هذه الجماعة خلال تأسيس الوحدة بين الشمال والجنوب في اليمن حتى سنة 1990 وإستغلت الانفتاح الحزبي والسياسي الذي كان قائماً في اليمن أنذاك، وبذلك وسّعت دائرة نشاطها ليتحول من نشاط تربوي الى نشاط سياسي تنظيمي وذلك عبر تأسيس حزب رسمي يحمل إسم حزب "الحق" مثّـل الشيعة الزيدية في اليمن أنذاك في البرلمان اليمني وتحمل الكتلة هذا الاسم.
ولكن لم يدم هذا الوضع طويلاً حتى حدث إنشقاق داخلي في الحزب المذكور وتفرق شمل أعضاء الحركة بعد ذلك. وقام حسين بدر الدين الحوثي سنة 1997 بتأسيس تنظيم سياسي إجتماعي جديد يحمل إسم "الشباب المؤمن". إثر ذلك إنشق فتيلة ومؤيّدوه من التنظيم المذكور وبدآ بنشاط معارض للفكر الزيدي. وفي عام 2002 إتخذت "جمعية الشباب المؤمن" شعارات متطرفة مناهضة لاسرائيل وأميركا وكان بين هذه الشعارات "الموت لامريكا والموت لاسرائيل" و"النصر للمسلمين والغلبة" و"اللعنة على اليهود" واعتبرت هذه الشعارات السياسية رمزاً لها. يرى البعض أن منع الحكومة أتباع الحوثي من إستخدام هذه الشعارات أثار حفيظة الحوثيين وسبّب هذا الحظر تأجّج الصراع بين الحوثيين والحكومة اليمنية.
قادة الحركة وتوجهاتهم العقائدية :
لقي حسين الحوثي مصرعه خلال إشتباكات مع القوات الحكومية اليمنية عام 2001 وكان يمثل الحوثيين في البرلمان اليميني أنذاك في الفترة من 1993 الى 1997، ومن ثم خلفه بدر الدين الحوثي كقائد للحوثيين، ثم جاء عبد الملك الحوثي نجل بدر الدين ليتولى قيادة الحركة في حين طلب الابن الاخر لبدر الدين الحوثي اللجوء السياسي من الحكومة الالمانية إثر خلاف نشب بينه وبين شقيقه. تُعتبر الطائفة الزيدية إحدى الطوائف التي تنضوي تحت لواء الطائفة الشيعية الا أن البعض يرى أن الزيديين أقرب الى السنة منهم الى الشيعة.
يعود نشأة الحكم الزيدي في اليمن الى سلالة الأئمة الزيدية التي حكمت اليمن مايقارب الألف عام، من 895 إلى1962. وانتهت سلالة الائمة في عهد الامام أحمد بن يحيى خلال الثورة اليمنية عام 1962 والتي تأسست الجمهورية اليمنية على إثرها. شهد اليمن عدة صراعات في بين الزعيم القومي المصري جمال عبد الناصر وبين السعودية ونشبت بعض الصدامات في ذلك العهد بين الدولتين العربيتين. إنتهت الامور بتوقيع إتفاق يقضي بانسحاب القوات العسكرية للبلدين و التي تدخلت بشكل مباشر في اليمن خلال السبعينات من القرن الفائت وذلك بسبب الدعم اللوجستي الذي تقدمه مصر للاشتراكيين والسعودية للملكيين في هذا البلد. بعد ذلك قاتل الحوثيون حكومة اليمن الجنوبية ذات التوجهات اليسارية ونشب خلاف بين الحوثيين أنفسهم مما دفع الزعيم الحوثي للخروج من اليمن ولجأ الى إيران ولبنان وعاد بعد فترة قضاها هناك خلال وساطة قامت بها القبائل اليمنية.
بعد فترة إنقطاع أخبار الحوثيين في اليمن بسبب حربي العراق وأفغانستان طفت الى السطح قضية الحوثي على رأس الاحداث اليمنية من جديد بعد عام 2004 وتصدّر صراعهم مع الحكومة اليمنية عناوين ألاخبار اليومية التي تتناولها وسائل الاعلام في المنطقة والعالم. ففي واقع الامر أن المطالب الرئيسية للحوثيين تتمحور حول المطالبات بتحسين ظروف الطائفة المعيشية و المذهبية والدينية والعقائدية وإزالة التمييز الطائفي الذي تمارسه الحكومة اليمنية ضدهم حسب قولهم، وتأسيس كلية لتدريس المذهب الزيدي وجامعة شريعة تؤسس بهذا الغرض.
من الدور الايراني الى الدور السعودي :
ولأن جماعة الحوثي لم تقدم البديل للحكم في اليمن تبقى الحركة بتوجهاتها القبلية والطائفية الضيقة مجرد مسعىً محدوداً في شكل تمرّد وذلك بطرح أيديولوجيتها بإستخدام الجبال الوعرة لليمن، منطقة صعدة، وذلك في تصعيد مسلح خطير للغاية لم يلق َ أي ترحيب يذكر بين الاوساط الدولية والاقليمية. فالدور الايراني في الصراع الدائر في اليمن يبقى مؤطراً بأطر طائفية. فالخوف من الدور الشيعي الذي يمكن لايران أن تقوم به في منطقة إستراتيجية حساسة تقع في خاصرة السعودية دفع الأخيرة بردة فعل قاسية إزاء الحوثيين. وما التدخل العسكري السعودي الاخير في صعدة الا بداية لدور سعودي محتمل في صراعات قادمة يمكن أن تنشب في المنطقة بدءً بالعراق ولبنان. والضوء الاخضر الامريكي والتأييد الرسمي العربي للتدخل السعودي يعبّر عن تراجع الدور الايراني وتصاعد الدور سعودي في المنطقة. فهذا ليس أول تدخل سعودي في اليمن. فقد شهدت المنطقة تدخلات سابقة في السبعينات، إلا أن هذا التدخل يكتسب اهمية بسبب أن إيران اليوم ليست إيران السبعينات حيث ان لإيران اليوم صراعاً دبلوماسياً مريراً مع السعودية وحلفائها العرب في المنطقة. إذاً، السعودية تلعب دوراً فاعلاً بتفرّدها بالقرار العربي بعد تراجع الدور المصري والسوري وبالطبع تراجع الدور الايراني في منطقة هامة للغاية يمكن أن نتلمّس منه دور شرطي المنطقة. ولا نغفل التوجه الطائفي للسعودية وتهويل الدور الايراني والهلال الشيعي الذي يطرحه الاعتدال العربي ضد إيران وهو يهدف الى القضاء على الحركات التحررية في المنطقة كما ترى إيران و نبش قبر الطائفية من قبل إيران والحركات الثورية المدعومة من إيران حسب قول الاعتدال العربي.
وإن الواجهة الكبيرة للصراع القائم بين إيران والسعودية وفيما يتعلق بالتدخل في اليمن للقضاء على حلفاء إيران ما هي إلاّ محاولة سعودية عربية لخنق الحوثيين وهم في النطفة خوفاً من تكرار تجارب سابقة مع حزب الله وحماس قبل أن يتحولوا الى حالة مستعصية يصعب إستئصالها.
--------------------------------------
falahiya25@yahoo.com
خبير في شؤون الشرق الاوسط
خلال عام 1986 تأسست حركة تدعى "جماعة الفتية" على يد صلاح أحمد فتيلة الذي يُعتبر من طلاب حجة الدين المؤيدي وبدر الدين الحوثي، الزعيم الروحي للحوثيين. ونشطت هذه الجماعة خلال تأسيس الوحدة بين الشمال والجنوب في اليمن حتى سنة 1990 وإستغلت الانفتاح الحزبي والسياسي الذي كان قائماً في اليمن أنذاك، وبذلك وسّعت دائرة نشاطها ليتحول من نشاط تربوي الى نشاط سياسي تنظيمي وذلك عبر تأسيس حزب رسمي يحمل إسم حزب "الحق" مثّـل الشيعة الزيدية في اليمن أنذاك في البرلمان اليمني وتحمل الكتلة هذا الاسم.
ولكن لم يدم هذا الوضع طويلاً حتى حدث إنشقاق داخلي في الحزب المذكور وتفرق شمل أعضاء الحركة بعد ذلك. وقام حسين بدر الدين الحوثي سنة 1997 بتأسيس تنظيم سياسي إجتماعي جديد يحمل إسم "الشباب المؤمن". إثر ذلك إنشق فتيلة ومؤيّدوه من التنظيم المذكور وبدآ بنشاط معارض للفكر الزيدي. وفي عام 2002 إتخذت "جمعية الشباب المؤمن" شعارات متطرفة مناهضة لاسرائيل وأميركا وكان بين هذه الشعارات "الموت لامريكا والموت لاسرائيل" و"النصر للمسلمين والغلبة" و"اللعنة على اليهود" واعتبرت هذه الشعارات السياسية رمزاً لها. يرى البعض أن منع الحكومة أتباع الحوثي من إستخدام هذه الشعارات أثار حفيظة الحوثيين وسبّب هذا الحظر تأجّج الصراع بين الحوثيين والحكومة اليمنية.
قادة الحركة وتوجهاتهم العقائدية :
لقي حسين الحوثي مصرعه خلال إشتباكات مع القوات الحكومية اليمنية عام 2001 وكان يمثل الحوثيين في البرلمان اليميني أنذاك في الفترة من 1993 الى 1997، ومن ثم خلفه بدر الدين الحوثي كقائد للحوثيين، ثم جاء عبد الملك الحوثي نجل بدر الدين ليتولى قيادة الحركة في حين طلب الابن الاخر لبدر الدين الحوثي اللجوء السياسي من الحكومة الالمانية إثر خلاف نشب بينه وبين شقيقه. تُعتبر الطائفة الزيدية إحدى الطوائف التي تنضوي تحت لواء الطائفة الشيعية الا أن البعض يرى أن الزيديين أقرب الى السنة منهم الى الشيعة.
يعود نشأة الحكم الزيدي في اليمن الى سلالة الأئمة الزيدية التي حكمت اليمن مايقارب الألف عام، من 895 إلى1962. وانتهت سلالة الائمة في عهد الامام أحمد بن يحيى خلال الثورة اليمنية عام 1962 والتي تأسست الجمهورية اليمنية على إثرها. شهد اليمن عدة صراعات في بين الزعيم القومي المصري جمال عبد الناصر وبين السعودية ونشبت بعض الصدامات في ذلك العهد بين الدولتين العربيتين. إنتهت الامور بتوقيع إتفاق يقضي بانسحاب القوات العسكرية للبلدين و التي تدخلت بشكل مباشر في اليمن خلال السبعينات من القرن الفائت وذلك بسبب الدعم اللوجستي الذي تقدمه مصر للاشتراكيين والسعودية للملكيين في هذا البلد. بعد ذلك قاتل الحوثيون حكومة اليمن الجنوبية ذات التوجهات اليسارية ونشب خلاف بين الحوثيين أنفسهم مما دفع الزعيم الحوثي للخروج من اليمن ولجأ الى إيران ولبنان وعاد بعد فترة قضاها هناك خلال وساطة قامت بها القبائل اليمنية.
بعد فترة إنقطاع أخبار الحوثيين في اليمن بسبب حربي العراق وأفغانستان طفت الى السطح قضية الحوثي على رأس الاحداث اليمنية من جديد بعد عام 2004 وتصدّر صراعهم مع الحكومة اليمنية عناوين ألاخبار اليومية التي تتناولها وسائل الاعلام في المنطقة والعالم. ففي واقع الامر أن المطالب الرئيسية للحوثيين تتمحور حول المطالبات بتحسين ظروف الطائفة المعيشية و المذهبية والدينية والعقائدية وإزالة التمييز الطائفي الذي تمارسه الحكومة اليمنية ضدهم حسب قولهم، وتأسيس كلية لتدريس المذهب الزيدي وجامعة شريعة تؤسس بهذا الغرض.
من الدور الايراني الى الدور السعودي :
ولأن جماعة الحوثي لم تقدم البديل للحكم في اليمن تبقى الحركة بتوجهاتها القبلية والطائفية الضيقة مجرد مسعىً محدوداً في شكل تمرّد وذلك بطرح أيديولوجيتها بإستخدام الجبال الوعرة لليمن، منطقة صعدة، وذلك في تصعيد مسلح خطير للغاية لم يلق َ أي ترحيب يذكر بين الاوساط الدولية والاقليمية. فالدور الايراني في الصراع الدائر في اليمن يبقى مؤطراً بأطر طائفية. فالخوف من الدور الشيعي الذي يمكن لايران أن تقوم به في منطقة إستراتيجية حساسة تقع في خاصرة السعودية دفع الأخيرة بردة فعل قاسية إزاء الحوثيين. وما التدخل العسكري السعودي الاخير في صعدة الا بداية لدور سعودي محتمل في صراعات قادمة يمكن أن تنشب في المنطقة بدءً بالعراق ولبنان. والضوء الاخضر الامريكي والتأييد الرسمي العربي للتدخل السعودي يعبّر عن تراجع الدور الايراني وتصاعد الدور سعودي في المنطقة. فهذا ليس أول تدخل سعودي في اليمن. فقد شهدت المنطقة تدخلات سابقة في السبعينات، إلا أن هذا التدخل يكتسب اهمية بسبب أن إيران اليوم ليست إيران السبعينات حيث ان لإيران اليوم صراعاً دبلوماسياً مريراً مع السعودية وحلفائها العرب في المنطقة. إذاً، السعودية تلعب دوراً فاعلاً بتفرّدها بالقرار العربي بعد تراجع الدور المصري والسوري وبالطبع تراجع الدور الايراني في منطقة هامة للغاية يمكن أن نتلمّس منه دور شرطي المنطقة. ولا نغفل التوجه الطائفي للسعودية وتهويل الدور الايراني والهلال الشيعي الذي يطرحه الاعتدال العربي ضد إيران وهو يهدف الى القضاء على الحركات التحررية في المنطقة كما ترى إيران و نبش قبر الطائفية من قبل إيران والحركات الثورية المدعومة من إيران حسب قول الاعتدال العربي.
وإن الواجهة الكبيرة للصراع القائم بين إيران والسعودية وفيما يتعلق بالتدخل في اليمن للقضاء على حلفاء إيران ما هي إلاّ محاولة سعودية عربية لخنق الحوثيين وهم في النطفة خوفاً من تكرار تجارب سابقة مع حزب الله وحماس قبل أن يتحولوا الى حالة مستعصية يصعب إستئصالها.
--------------------------------------
falahiya25@yahoo.com
خبير في شؤون الشرق الاوسط