.
ولكن هذه الحملة على القوى الجهادية المتنوعة على الساحة السورية لم تنته بتصفيتها بشكل كامل وطرد عناصرها، بل يبدو وكأن التنظيم أبقى على وجود رمزي لها، مع سحب قدرتها على العمل والتأثير عسكرياً بمعزل عن إرادة الهيئة وقرارها. عملياً، ما يحصل هو توحيد البندقية بإدارة واحدة، والإبقاء على وجود رمزي للحلفاء السابقين مع تأكيد ولاءاتهم.
علاوة على توحيد البندقية، تندرج محاولات الهيئة في سياق إعادة تعويم نفسها خارج العباءة الإرهابية، وبصفتها مجموعة تُمثل جزءاً من الشعب وتُدير شؤونهم. وهذا عملياً انتقال من تصنيف التنظيم كحركة جهادية، الى دولة ترغب في الحصول على اعتراف بشرعيتها من العالم الخارجي. لهذا من اللافت مثلاً الحديث عن محاولات لمصالحة الهيئة مع "الائتلاف" وحكومته، بما يوحي بأن هناك مساراً محتملاً للعملية السياسية باتجاه مصالحة هاتين الكتلتين، في مقابل ربما اعتراف دولي لاحق وجزئي بالهيئة وتعامل معها على هذا الأساس. يسلك الجولاني هنا المسار ذاته للرئيس السوري بشار الأسد: عملية سياسية شكلية مقابل تطبيع مع العالم الخارجي.
ولكن التنظيم تعرض لنكسة على هذا الصعيد، ليس من المجموعات الخارجة عن طاعته بل من تلك التي تدور في فلكه، اذ صنّفت وزارة الخارجية الأميركية "كتيبة التوحيد والجهاد" الأوزبكية المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام"، منظمة على ارتباط بـ"الإرهاب العالمي" لارتباط بعض قادتها بتنظيم "القاعدة" وعلاقتها بعمليات ارهابية.
صحيح أن العمليات التي أوردها بيان الخارجية الأميركية هذا الشهر، قديمة نسبياً وعمرها أكثر من خمس سنوات، إلا أن الوقائع تؤشر لنشاط قريب زمنياً لهذه الكتيبة في الداخل الأوزبكي، ذاك أن السلطات هناك اعتقلت عشرات الشباب بتهمة الاتصال بسوريا وتشكيل خلايا ومحاولة بعث مقاتلين إليها. والرئيس الأوزبكي الجديد شوكت مازيويف يُحاول إيجاد توازن في علاقاته مع الغرب وروسيا، وبالتالي فإن الخطوة الأميركية تأتي تلبية لمخاوفه وللحفاظ على هذه العلاقة التي باتت أكثر أهمية بعد حرب أوكرانيا.
ربما هذه الخطوة كانت وراء عقد "الحزب الإسلامي التركستاني" اجتماعه الأخير في إدلب حيث لم يكن هناك من فائدة أو مغزى سوى تأكيد الولاء للهيئة على طريقة البيعة وتجديدها دورياً. ذاك أن من الصعب على الجماعات الاثنية عدم التأثير في بلدانها الأصلية، سيما مع بروز الازمات الاجتماعية والاقتصادية وفشل الحوكمة. هم البدائل الوحيدة المتوافرة مع قمع المعارضات السياسية واقفال مساحات النقاش العام.
هل بالإمكان وقف "التركستاني" عن التأثير في التركستان وإقليم شينجيانغ شمال غربي الصين؟ بالتأكيد من الصعب ذلك، رغم أن الحزب بات بعيداً عن عدسات الاعلام وبات انتاجه الإعلامي والثقافي نادراً، مقارنة بما كان يصدر عنه.
ولكن في الوقت ذاته ليس بإمكان الهيئة طرد المقاتلين الأجانب ومنهم من هو في صفوفها. لهذا، فإن عليها تشجيع هؤلاء المقاتلين على الانصهار في المجتمع السوري، على طريقة بعض السياسات الأوروبية مع المهاجرين (ألمانيا وفرنسا). في هذا المسار، يتحول الجولاني الى سياسي يميني يرغب في الدمج ويضغط باتجاهه، ويُهدد من لا يلتزم به بالإقصاء.
ولكن هذه الحملة على القوى الجهادية المتنوعة على الساحة السورية لم تنته بتصفيتها بشكل كامل وطرد عناصرها، بل يبدو وكأن التنظيم أبقى على وجود رمزي لها، مع سحب قدرتها على العمل والتأثير عسكرياً بمعزل عن إرادة الهيئة وقرارها. عملياً، ما يحصل هو توحيد البندقية بإدارة واحدة، والإبقاء على وجود رمزي للحلفاء السابقين مع تأكيد ولاءاتهم.
علاوة على توحيد البندقية، تندرج محاولات الهيئة في سياق إعادة تعويم نفسها خارج العباءة الإرهابية، وبصفتها مجموعة تُمثل جزءاً من الشعب وتُدير شؤونهم. وهذا عملياً انتقال من تصنيف التنظيم كحركة جهادية، الى دولة ترغب في الحصول على اعتراف بشرعيتها من العالم الخارجي. لهذا من اللافت مثلاً الحديث عن محاولات لمصالحة الهيئة مع "الائتلاف" وحكومته، بما يوحي بأن هناك مساراً محتملاً للعملية السياسية باتجاه مصالحة هاتين الكتلتين، في مقابل ربما اعتراف دولي لاحق وجزئي بالهيئة وتعامل معها على هذا الأساس. يسلك الجولاني هنا المسار ذاته للرئيس السوري بشار الأسد: عملية سياسية شكلية مقابل تطبيع مع العالم الخارجي.
ولكن التنظيم تعرض لنكسة على هذا الصعيد، ليس من المجموعات الخارجة عن طاعته بل من تلك التي تدور في فلكه، اذ صنّفت وزارة الخارجية الأميركية "كتيبة التوحيد والجهاد" الأوزبكية المتحالفة مع "هيئة تحرير الشام"، منظمة على ارتباط بـ"الإرهاب العالمي" لارتباط بعض قادتها بتنظيم "القاعدة" وعلاقتها بعمليات ارهابية.
صحيح أن العمليات التي أوردها بيان الخارجية الأميركية هذا الشهر، قديمة نسبياً وعمرها أكثر من خمس سنوات، إلا أن الوقائع تؤشر لنشاط قريب زمنياً لهذه الكتيبة في الداخل الأوزبكي، ذاك أن السلطات هناك اعتقلت عشرات الشباب بتهمة الاتصال بسوريا وتشكيل خلايا ومحاولة بعث مقاتلين إليها. والرئيس الأوزبكي الجديد شوكت مازيويف يُحاول إيجاد توازن في علاقاته مع الغرب وروسيا، وبالتالي فإن الخطوة الأميركية تأتي تلبية لمخاوفه وللحفاظ على هذه العلاقة التي باتت أكثر أهمية بعد حرب أوكرانيا.
ربما هذه الخطوة كانت وراء عقد "الحزب الإسلامي التركستاني" اجتماعه الأخير في إدلب حيث لم يكن هناك من فائدة أو مغزى سوى تأكيد الولاء للهيئة على طريقة البيعة وتجديدها دورياً. ذاك أن من الصعب على الجماعات الاثنية عدم التأثير في بلدانها الأصلية، سيما مع بروز الازمات الاجتماعية والاقتصادية وفشل الحوكمة. هم البدائل الوحيدة المتوافرة مع قمع المعارضات السياسية واقفال مساحات النقاش العام.
هل بالإمكان وقف "التركستاني" عن التأثير في التركستان وإقليم شينجيانغ شمال غربي الصين؟ بالتأكيد من الصعب ذلك، رغم أن الحزب بات بعيداً عن عدسات الاعلام وبات انتاجه الإعلامي والثقافي نادراً، مقارنة بما كان يصدر عنه.
ولكن في الوقت ذاته ليس بإمكان الهيئة طرد المقاتلين الأجانب ومنهم من هو في صفوفها. لهذا، فإن عليها تشجيع هؤلاء المقاتلين على الانصهار في المجتمع السوري، على طريقة بعض السياسات الأوروبية مع المهاجرين (ألمانيا وفرنسا). في هذا المسار، يتحول الجولاني الى سياسي يميني يرغب في الدمج ويضغط باتجاهه، ويُهدد من لا يلتزم به بالإقصاء.