استطاعت الدول التي ضربها التسونامي في نهاية العام 2004، ومعها العالم، تجاوز الكارثة التي نتجت عن ظاهرة طبيعية. لكن التسونامي السوري ناتج عن فعل بشري، ما يجعل إمكان تجاوز آثاره يتجاوز بكثير مجرد جمع اموال مساعدات أو إعادة إعمار منازل مهدمة او تعويضات مادية لمتضررين. لقد حفر التسونامي السوري، وما زال يحفر، عميقاً في التركيبة المجتمعية ليس في سورية وجوارها فحسب، وانما على امتداد العالم الاسلامي. وبات يهدد تهديداً مباشراً وحدة الدول والاوطان المتعددة مذهبياً.
لم يبق التسونامي السوري مسألة سياسية – عسكرية. لقد دخل في عالم الفتاوى والفتاوى المضادة بالتكفير والخروج من الملة. ولم يكن ينتظر هذا التسونامي لاعلان نفسه على هذا النحو الصريح والسافر، كزلزال استثنائي في التاريخ الحديث ومن فعل الانسان، سوى معركة عسكرية واحدة، هي معركة القصير التي شهدت مثلها سورية الكثير في مناطق اخرى، سواء لجهة حجم القوات المشاركة فيها والعمليات العسكرية أو لجهة حجم الخسائر البشرية والمادية.
لقد اختصرت معركة القصير طبيعة التسونامي السوري، عبر اعتراف طرفي القتال، بأنه يشكل خط الانقسام التاريخي في الاسلام. فالاحتفال بـ «انتصار» والرد على «هزيمة» استحضرا كل رموز هذا الانقسام. وخرجت القصير من كونها بلدة انتقلت السيطرة عليها من يد الى أخرى، كما يحصل في كل جبهات المواجهة، فقط بسبب المشاركة المعلنة لـ «حزب الله» كجماعة شيعية والهدف المعلن لهذه المشاركة دحر «التكفريين».
لقد انتهت السياسة في القصير، وانتهت الادوار التي أريد ان تكون للمقاومة والممانعة، ناهيك عن معاني الحكم والسلطة، لتعود الطبيعة المذهبية بكل فجاجتها وتطغى على النزاع.
وفيما تعقد الاجتماعات التمهيدية لمؤتمر «جنيف – 2»، ويستعر جدل تقني في شأن الحضور ووظيفته، وتنفجر سلفاً خلافات على طبيعة المرحلة الانتقالية والنظام المقبل وتركيبته والضمانات التي سيوفرها للفئات الداخلية والاطراف الدولية الخ… وفيما يعقد مسؤولو الهيئات الانسانية الدولية المؤتمرات لطلب المساعدات لتوزيعها على اللاجئين السوريين داخل بلادهم وخارجها، في هذه الاثناء تزداد سرعة التسونامي السوري في اتجاه معاكس لكل ما تريد هذه الاجتماعات والمؤتمرات ان تحققه. يندفع هذا التسونامي الى عمق التاريخ لينفجر جبهات مواجهة على كل خطوط تماس التعايش المذهبي. واذا كان لبنان الأكثر تأثراً بالانفجار، نظراً الى ما ألحق بدولته من إضعاف وتمزق، ونظراً الى قربه من مركز الزلزال، فإن الفتاوى المتزايدة ستجعل الارتداد المباشر لموجات العنف السوري، تنتقل بسرعة اكبر بكثير الى الأوطان الأخرى.
------------------
– الحياة
لم يبق التسونامي السوري مسألة سياسية – عسكرية. لقد دخل في عالم الفتاوى والفتاوى المضادة بالتكفير والخروج من الملة. ولم يكن ينتظر هذا التسونامي لاعلان نفسه على هذا النحو الصريح والسافر، كزلزال استثنائي في التاريخ الحديث ومن فعل الانسان، سوى معركة عسكرية واحدة، هي معركة القصير التي شهدت مثلها سورية الكثير في مناطق اخرى، سواء لجهة حجم القوات المشاركة فيها والعمليات العسكرية أو لجهة حجم الخسائر البشرية والمادية.
لقد اختصرت معركة القصير طبيعة التسونامي السوري، عبر اعتراف طرفي القتال، بأنه يشكل خط الانقسام التاريخي في الاسلام. فالاحتفال بـ «انتصار» والرد على «هزيمة» استحضرا كل رموز هذا الانقسام. وخرجت القصير من كونها بلدة انتقلت السيطرة عليها من يد الى أخرى، كما يحصل في كل جبهات المواجهة، فقط بسبب المشاركة المعلنة لـ «حزب الله» كجماعة شيعية والهدف المعلن لهذه المشاركة دحر «التكفريين».
لقد انتهت السياسة في القصير، وانتهت الادوار التي أريد ان تكون للمقاومة والممانعة، ناهيك عن معاني الحكم والسلطة، لتعود الطبيعة المذهبية بكل فجاجتها وتطغى على النزاع.
وفيما تعقد الاجتماعات التمهيدية لمؤتمر «جنيف – 2»، ويستعر جدل تقني في شأن الحضور ووظيفته، وتنفجر سلفاً خلافات على طبيعة المرحلة الانتقالية والنظام المقبل وتركيبته والضمانات التي سيوفرها للفئات الداخلية والاطراف الدولية الخ… وفيما يعقد مسؤولو الهيئات الانسانية الدولية المؤتمرات لطلب المساعدات لتوزيعها على اللاجئين السوريين داخل بلادهم وخارجها، في هذه الاثناء تزداد سرعة التسونامي السوري في اتجاه معاكس لكل ما تريد هذه الاجتماعات والمؤتمرات ان تحققه. يندفع هذا التسونامي الى عمق التاريخ لينفجر جبهات مواجهة على كل خطوط تماس التعايش المذهبي. واذا كان لبنان الأكثر تأثراً بالانفجار، نظراً الى ما ألحق بدولته من إضعاف وتمزق، ونظراً الى قربه من مركز الزلزال، فإن الفتاوى المتزايدة ستجعل الارتداد المباشر لموجات العنف السوري، تنتقل بسرعة اكبر بكثير الى الأوطان الأخرى.
------------------
– الحياة