هنا يبدو أن الإخوان سلموا واشنطن كل ما تريد فعليا، حيث أعلن الإخوان مواربة حينا وصراحة حينا أخرى، أنهم لن يلغوا معاهدة كامب ديفيد، مع ترويج فكرة أنهم قد يعيدوا النظر بها أو يعرضوها على استفتاء شعبي، وهذا ربما لإسكات الشارع المطالب بإلغاء الاتفاقية، و يتماهىهذا الكلام مع ما صرح به مؤخرا نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون من أن "السلام بين بلاده ومصر مستمر، حيث تلقت بلاده تأكيدات حول نوايا جماعة الإخوان المسلمين بالاعتراف باتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل...العلاقات بين البلدين لن تتغير كثيرا في المستقبل بسبب التغيير السياسي في مصر".
ورغم تخوفات إسرائيل من أن "التغيير في مصر ما زال في طور التشكل" وفق قول أيالون نفسه، إلا أن تأكيدات رئيس المجلس العسكري في مصر المشير حسين طنطاوي من أن بلاده ستلتزم بكل الاتفاقات والمعاهدات الدولية كافة. حيث قال "السلام هو الخيار الأول لمصر"، يدل على أن الأمر بات مسلما به، خاصة مع بروز مؤشرات تشير إلى حصول صفقة بين الإخوان والعسكر والأمريكان، تقوم على "العسكر يريدون استمرار نظام حسني مبارك، وأن يبقى الجيش مؤسسة فوق الدولة، وأن يحقق لهم الإخوان الخروج الآمن من السلطة، بينما الإخوان يريدون الوصول للسلطة بدعم من الجيش، والأميركيون يرتكزون على الطرفين للحفاظ على مصالحهم القديمة والحفاظ على تفوق إسرائيل في المنطقة واستمرار عمل اتفاقية كامب دايفيد"، وفق قول أحد المحللين.
و ما يدل على صحة ذلك، بدء العمل على ترتيب الأمور الخارجية كما كانت في عهد مبارك تماما، حيث كشفتصحيفة "كلكليست" الاقتصادية الإسرائيلية أن مصر بدأت بضخ الغاز الطبيعي إلى إسرائيل ولكن بكميات قليلة ومن أجل اختبار خط الغاز البحري إلى عسقلان، مع سعي الحكومة الإسرائيلية لمنع نشر أية أنباء عن استئناف ضخ الغاز وذلك لتجنب تنفيذ تفجير آخر، حيث تقوم الحكومة المصرية حاليا بضخ حوالي 50-60 في المئة، دون أن يعرف حتى اللحظة إن كان الأمر يتم بنفس السعر التفضيلي القديم الذي منحته الحكومات السابقة لإسرائيل أم بأسعار جديدة، حيث أن مصر أعلنت أنها عدّلت كل عقود بيع الغاز إلى الدول المحيطة بعد أن رفعت الأسعار، دون أن تصدر أية إشارة من إسرائيل تؤكد تعديل العقود معها بالسعر الجديد، بل هناك دعاوى من شركات إسرائيلية ضد شركةEMG وضد مصر بدعوى الإخلال بمواعيد وكميات ضخ الغاز إلى إسرائيل، مع العلم أن توقف ضخ الغاز إلى إسرائيل يجبر شركات الكهرباء الإسرائيلية على استخدام المازوت مما يعني رفع سعر الكهرباء بحوالي 19 في المئة.مما سبق، يبدو أن الإخوان والعسكر ضمنوا لواشنطن، كل مصالحها الخارجية، وعلى رأسها مصلحة إسرائيل، ليبقى السؤال: هل نجحت الثورة المصرية حقا!