تقع جمهورية الكبتاغون (سوريا) بين جمهورية “حزب الله” (لبنان) وجمهورية الحشد الشعبي (العراق)، وتحدّها جنوباً المملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة هي منفذ ثروتها المستجدة الوحيد! وبالأمس، قالها أيمن صفدي، وزير خارجية الأردن، والرجل الذي قاد مبادرة “خطوة خطوة” التي قضت بإعادة سوريا إلى “الحضن العربي” مقابل تعاونها في ملفَّي المخدرات واللاجئين. قال الصفدي إن تهريب الكبتاغون من سوريا إلى الأردن ومن الأخيرة إلى الخليج زاد منذ بدء “الحوار مع الحكومة السورية”، وكان الملك الأردني عبدالله الثاني قد سبق وزير خارجيته بأن قال إن بشار الأسد ليس بيده قرار وقف تصدير الكبتاغون، والأرجح أن ملك الأردن محق بما زعم.
أما بالنسبة الى قضية اللاجئين، وهي البند الثاني في مبادرة الـ”خطوة خطوة”، فقد قالها بشار الأسد من دون مواربة في مقابلته مع “سكاي نيوز” الظبيانية: “لا نستطيع تحمّل أعباء عودة اللاجئين”.
لكن بالعودة إلى الموقع السياسي والجغرافي لآلة صنع “الذهب القاتل” وتصديره، يمكن ملاحظة أن خطوط العبور معاكسة لخطوط الاشتباك. لا كبتاغون يعبر الحدود مع إسرائيل، ولا أثر له أيضاً على الحدود مع تركيا. هذه ملاحظة تقتصر على المفارقة التي تنطوي عليها، ذاك أن لزمن الكبتاغون مفارقاته، تماماً كما كانت لزمن “داعش” مفارقاته، وقبله لزمن “القاعدة”، وبعدهما لزمن “حزب الله” والميليشيات الشيعية العراقية.
كان بإمكان لبنان أن يكون منفذاً بحرياً للكبتاغون، كونه لعب هذا الدور سابقاً، مثلما حصل عندما “استُوردت” نيترات الأمونيوم لمصلحة بشار الأسد، فـ”دُمِرت” العاصمة بيروت، لكن دُوَل الخليج العربي أوقفت الخط البحري مع لبنان، فتعطلت قدرة حلفاء النظام السوري في المرافئ اللبنانية على نجدة حليفهم في مافيا المخدرات.
تأخر وزير الخارجية الأردني ليكتشف أن النظام في سوريا لن يتخلى عن اقتصاد الكبتاغون مقابل التطبيع مع الأنظمة العربية. نحن نتحدث عن اقتصاد يصل إلى نحو 8 مليارات دولار، ويبدو الطموح إلى التنازل عنها ضرباً من الهبل الذي لطالما أصاب الديبلوماسية العربية، وهو هبل مواز لسذاجة راودت أنظمة الخليج عندما توهمت أنها بإعادتها بشار الأسد إلى الجامعة العربية إنما تنتزعه من أحضان طهران!
نعم إنه زمن الكبتاغون، فالمسؤول عن إنتاج هذا المخدر ليس مافيا تقيم في هامش دولة أو مجتمع أو نظام، إنه النظام نفسه، لا بل هو النظام المُعزز بتحالف إقليمي يرعى هذا الاقتصاد ويؤمن له طرقاً ومعابر وخبرات، ويساعده في الالتفاف على العقوبات، ويوفر له تصريفاً للسيولة والعائدات في أنظمة مصرفية بين بغداد وبيروت، وصولاً إلى دبي. نعم دبي التي تتخبط بين نعيم “الكاش” وجحيم الحبة القاتلة، والتي وصلت أخيراً إلى أحد مرافئها شحنة كبتاغون وصلت قيمتها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار أميركي.
اللافت، أن الإمارات العربية المتحدة حين كشفت عن أنها ضبطت الشحنة الهائلة، لم تكشف عن هوية مرسلها، في محاولة للتستر على النظام السوري، صاحب الشحنة ومرسلها إلى دبي ومنها إلى بلاد الله الواسعة.
كشف الصفدي عن رقم جديد بما يتعلق بالكبتاغون، ويتمثل في أن تقديرات الأمن الأردني تقول بأنه مقابل كل شحنتي كبتاغون يتم ضبطهما ثمة شحنة تنجح بالعبور. وقياساً على هذه النسبة، وبالعودة إلى تقديرات موثقة عن كلفة إنتاج الحبة (دولار أميركي واحد) في مقابل متوسط سعرها في السوق الخليجي (20 دولاراً أميركياً)، فإن عمليات ضبط تهريب هذا المخدر لا تشكل عبئاً يذكر في ظل الأرباح الهائلة التي توفرها الشحنات التي تنجح بالعبور.
لن يكف النظام السوري وحلفاؤه عن إنتاج الكبتاغون ونشره في العالم. ليس هذا تحليلاً ولا استنتاجاً، إنه واقع بالدرجة الأولى، وهو منطقي في ظل الطبيعة المافياوية للنظام، لكنه أيضاً معطى اقتصادي سبق أن ألمح إليه بشار الأسد عندما أشار إلى أن مكافحة هذه الصناعة تقتضي تأمين بدائل لعائداتها. الرجل يريد 8 مليارات دولار سنوياً، وهو ثمن لا يشمل فك علاقته مع إيران، كما أنه لا يغطي انتقاله إلى “الحضن العربي”.
8 مليارات دولار سنوياً له وحده، الرجل لا يفاوض باسم دولة أو نظام، إنما يفاوض كما تفاوض المافيات، لكن عبر قنوات “ديبلوماسية” تتولى الجامعة العربية تسليكها، وسبق أن أطلق عليها أحد المقربين من النظام اسم “ديبلوماسية الكبتاغون
-----
درج”.
أما بالنسبة الى قضية اللاجئين، وهي البند الثاني في مبادرة الـ”خطوة خطوة”، فقد قالها بشار الأسد من دون مواربة في مقابلته مع “سكاي نيوز” الظبيانية: “لا نستطيع تحمّل أعباء عودة اللاجئين”.
لكن بالعودة إلى الموقع السياسي والجغرافي لآلة صنع “الذهب القاتل” وتصديره، يمكن ملاحظة أن خطوط العبور معاكسة لخطوط الاشتباك. لا كبتاغون يعبر الحدود مع إسرائيل، ولا أثر له أيضاً على الحدود مع تركيا. هذه ملاحظة تقتصر على المفارقة التي تنطوي عليها، ذاك أن لزمن الكبتاغون مفارقاته، تماماً كما كانت لزمن “داعش” مفارقاته، وقبله لزمن “القاعدة”، وبعدهما لزمن “حزب الله” والميليشيات الشيعية العراقية.
كان بإمكان لبنان أن يكون منفذاً بحرياً للكبتاغون، كونه لعب هذا الدور سابقاً، مثلما حصل عندما “استُوردت” نيترات الأمونيوم لمصلحة بشار الأسد، فـ”دُمِرت” العاصمة بيروت، لكن دُوَل الخليج العربي أوقفت الخط البحري مع لبنان، فتعطلت قدرة حلفاء النظام السوري في المرافئ اللبنانية على نجدة حليفهم في مافيا المخدرات.
تأخر وزير الخارجية الأردني ليكتشف أن النظام في سوريا لن يتخلى عن اقتصاد الكبتاغون مقابل التطبيع مع الأنظمة العربية. نحن نتحدث عن اقتصاد يصل إلى نحو 8 مليارات دولار، ويبدو الطموح إلى التنازل عنها ضرباً من الهبل الذي لطالما أصاب الديبلوماسية العربية، وهو هبل مواز لسذاجة راودت أنظمة الخليج عندما توهمت أنها بإعادتها بشار الأسد إلى الجامعة العربية إنما تنتزعه من أحضان طهران!
نعم إنه زمن الكبتاغون، فالمسؤول عن إنتاج هذا المخدر ليس مافيا تقيم في هامش دولة أو مجتمع أو نظام، إنه النظام نفسه، لا بل هو النظام المُعزز بتحالف إقليمي يرعى هذا الاقتصاد ويؤمن له طرقاً ومعابر وخبرات، ويساعده في الالتفاف على العقوبات، ويوفر له تصريفاً للسيولة والعائدات في أنظمة مصرفية بين بغداد وبيروت، وصولاً إلى دبي. نعم دبي التي تتخبط بين نعيم “الكاش” وجحيم الحبة القاتلة، والتي وصلت أخيراً إلى أحد مرافئها شحنة كبتاغون وصلت قيمتها إلى نحو ثلاثة مليارات دولار أميركي.
اللافت، أن الإمارات العربية المتحدة حين كشفت عن أنها ضبطت الشحنة الهائلة، لم تكشف عن هوية مرسلها، في محاولة للتستر على النظام السوري، صاحب الشحنة ومرسلها إلى دبي ومنها إلى بلاد الله الواسعة.
كشف الصفدي عن رقم جديد بما يتعلق بالكبتاغون، ويتمثل في أن تقديرات الأمن الأردني تقول بأنه مقابل كل شحنتي كبتاغون يتم ضبطهما ثمة شحنة تنجح بالعبور. وقياساً على هذه النسبة، وبالعودة إلى تقديرات موثقة عن كلفة إنتاج الحبة (دولار أميركي واحد) في مقابل متوسط سعرها في السوق الخليجي (20 دولاراً أميركياً)، فإن عمليات ضبط تهريب هذا المخدر لا تشكل عبئاً يذكر في ظل الأرباح الهائلة التي توفرها الشحنات التي تنجح بالعبور.
لن يكف النظام السوري وحلفاؤه عن إنتاج الكبتاغون ونشره في العالم. ليس هذا تحليلاً ولا استنتاجاً، إنه واقع بالدرجة الأولى، وهو منطقي في ظل الطبيعة المافياوية للنظام، لكنه أيضاً معطى اقتصادي سبق أن ألمح إليه بشار الأسد عندما أشار إلى أن مكافحة هذه الصناعة تقتضي تأمين بدائل لعائداتها. الرجل يريد 8 مليارات دولار سنوياً، وهو ثمن لا يشمل فك علاقته مع إيران، كما أنه لا يغطي انتقاله إلى “الحضن العربي”.
8 مليارات دولار سنوياً له وحده، الرجل لا يفاوض باسم دولة أو نظام، إنما يفاوض كما تفاوض المافيات، لكن عبر قنوات “ديبلوماسية” تتولى الجامعة العربية تسليكها، وسبق أن أطلق عليها أحد المقربين من النظام اسم “ديبلوماسية الكبتاغون
-----
درج”.