1- صمود وإصرار نساء ورجال سورية كان الناطق الأهم باسم شعب سورية وثورته، ولهذا فهؤلاء هم الشرعية الثورية الوحيدة التي لا تثلم ولا تنازع.
2- التشكيلات السياسية التي تنطحت لتمثيل الثورة، ظهرت بمجملها كتشكيلات عمودية وخاصرة رخوة، وعانت من أربع نقائص هامة ومؤثرة، أولها ضعف تمثيل قوى الثورة الحقيقية فيها، ما انعكس في ضعف إدراكها ليوميات الثورة الفعلية وتطوراتها الميدانية.
ثانيها الاعتقاد بأن التزامها بمعايير السياسة والممكن هو معيار أدائها الطبيعي، ولأنها لا تجيده ولا تملك مهاراته اغتربت عن معايير الثورة وجذريتها. دون أن تنجح في شيء مما اضطرها للركون انتظاراً للدعم الدولي أو الإقليمي لتبقى في المشهد على الأقل !!.
ثالثها عدم قدرتها على إنتاج برنامج عمل أو خارطة طريق مرشدة ومؤكدة لدورها في إدارة الثورة سياسياً، فاكتفت بتبني شعارات الثورة إعلامياً، دون أن تستطيع ترجمتها للواقع لهذا عجزت عن تخليق واقعاً سياسياً تفرضه على القوى المؤثرة دولياً وإقليمياً ومحلياً، وبقيت تدور حول نفسها.
أما الرابعة فهذه التشكيلات على اختلاف مشاربها تتشارك في أن يحوز طرف منها على حصة الأسد في تكوينها أو قرارها، ويعكس نمطه وتجربته فيها، ولهذا أيضاً كانت دائماً تجد من ينازعها على شرعية تمثيلها حتى من داخلها. ولم يكن التحاصص في بعض تشكيلاتها إلا تحاصصاً لأحلام أطرافها، وبهذا هو أيضاً تحاصص في المسؤولية عن الضعف والعجز بآن.. فظهر جلياً أن قوى الثورة في الداخل هي التي تخدم هذا النوع من التشكيلات لحاجتها للتمثيل السياسي وليس العكس. وأن ما يعني هذه التشكيلات أولاً هو مستقبلها ودورها السياسي الحالي واللاحق، أكثر من نصرة للثورة، ولهذا ساهم بعضها غمرة صراعه للفوز بموطئ قدم في شق صف الثورة في الداخل في غير منطقة، عبر شراء الولاءات.
3- القوى الدولية والإقليمية المختلفة لا تدعم ولا تراهن على من يمكن أن يكون خاسراً. أو من لا يستطيع أن ينتصر بمفرده، مهما كانت قضيته عادلة. ولا تنصر أي من طرفي صراع إلا بمقدار ما يحقق هذا الطرف أو ذاك لها من مصالح. ولهذا مازالت هذه القوى الدولية تتلطى خلف مطالب أو مصالح بعضها البعض.
4- سورية بسبب موقعها الجيواستراتيجي الخاص وإرثها وأثرها التاريخي والسياسي على الإقليم والعالم، وما يمكن أن تنتج ثورة شعبها من تغيير في المعادلات الدولية والإقليمية، هو ما أوقع هذه الثورة دون ثورات الربيع العربي في محرق تقاطعات وصراعات وتجاذبات مصالح قوى دولية وإقليمية عديدة. وساهم في تبرير حالة الانتظار السلبية لدى القوى المختلفة تخوفاً من الدخول في مغامرة حساباتها معقدة ومتداخلة وقد تخرج عن أهداف كل منها.
5- كل المشاريع السياسية التي طرحت تحت عنوان حل الأزمة السورية، لم تنتج أكثر من فرصة لإعادة ترتيب أوراق الطرف الدموي في هذا الصراع، ولم تكن أكثر من إعادة جدولة للموت الذي يحصد السوريين، و آخر هذه المقاربات يتكئ بشكل مريب ومساوم على الحاجة الملحة للمساعدات الإنسانية لمساومة الثورة وأهلها على أهدافهم السياسية.!
6- الإسرائيلي هو المستفيد الأكبر من تدمير بنية وكيان الوطن السوري، ويريد استمرار الوضع الحالي إلى أقصى مدة ممكنة. ومازال مستمراً في الضغط على الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، لعدم التدخل أو ممارسة ضغطاً فاعلاً منها لحسم أو لتغيير موازين القوى لصالح الشعب السوري وحلمه بالحرية والكرامة. تلاقيه في هذا سلطة فقدت كل مسوغات شرعيتها. وتجد أن أقصى إمكانات النجاة في أقصى درجات الدمار.
7- القوى الثورية المسلحة بتشكيلاتها المختلفة هي إحدى الأدوات الأساسية لتغيير المعادلة ونصر الثورة. ولكنها عانت هي أيضاً من خللين بنيويين متتالين :
الأول نشوء غير مركزي وغير حرفي فرضه الواقع، وأنتجها مناطقياً، مما سهل ربط أغلبها مع جهات التمويل والتسليح الخارجية والمؤدلجة.
والثاني تمركز العديد منها حول خطاب ديني عابر للوطنية مما زاد أطراف التوجس منها وأنتج حالة متصاعدة من التحفز والريبة خدمت أكثر ما خدمت نظام القتل المنظم. ومع محاولات التضييق عليها التي ظهرت علناً، وفشل محاولات توحيدها ودمجها في أطر منتظمة لا بد أن تصل إلى حالة العجز عن الحركة، والتشظي وهذا قد بدأ يظهر، وليس بعيداً أن تدخل في نزاعات مسلحة الطابع فيما بينها، إن لم تجد قاطرة جر وطنية سياسية تقودها وتؤمن الدعم والغطاء لها.
8- مكونات الصراع مع نظام القتل والدمار، مضافاً إليها تضارب مصالح الأطراف المختلفة، بدءا بدفع أطراف متزايدة، لمحاكاة النظام بنفس جنس أعماله، انتقاماً أو ردعاً، أو فرضاً للواقع أو وضع اليد، وهذا أيضاً ما سوغ حالات انفلات وتمادي وظهور نوازع الاستئثار والغلبة في بعضها، دون حساب الأثر المباشر على الأهالي ومقومات حياتهم وإن في حدها الأدنى، وهو ما عقد الواقع الميداني للثورة، وبما ينذر بخطر بالغ على الكيان الوطني برمته.
9- نظام آل الأسد بمنظوماته السياسية والإدارية والاقتصادية سقط في وقتٍ مبكرٍ من الثورة، وليس من المعقول أن يحلم حتى بأن يحكم سورية بعسكريين قتلة وقطعان من الشبيحة، بعد خرجت مساحات واسعة من الوطن عن كل مظاهر سلطته، التي تحولت فعلياً إلى سلطة احتلال، ولهذا آن أوان إنتاج بديله، وبديله تصنعه الأرض وشعبها، إن أمسك بزمام المبادرة في الوقت المناسب.
لكل ما سبق لا خيار أمام الشعب السوري وقواه المختلفة في هذه المرحلة - على الأقل – إلا تنظيم نفسه بنفسه والدفاع عن نفسه وبنفسه، وتحقيق أهدافه بالاعتماد أساساً على قواه الذاتية