وحتى النساء اللاتي لم يكن نشطات في مجال السياسة وكن يخشين الخروج، بدأن الآن يرفعن أصواتهن عالية مدوية. لقد كن متوترات، لكن كانت الرغبة في أن تسمع أصواتهن تملأ نفوسهن. بطبيعة الحال لقد كان الاستماع إلى صوت المرأة في العالم العربي أمرا رائعا، لكن هل التجمع في الاحتجاجات منحهن ما يصبون إليه؟ لا.
تحاول الحكومات الجديدة وضع نظام جديد في البلاد التي خرجت من الثورات التي أطاحت أنظمة استبدادية. مع ذلك لا يشعر بعض الذين تاقوا إلى تغيير كل شيء بعد الثورات التي كانت لها أسبابها، بالرضا. يخلو الربيع العربي من أي ربيع، ولم ينته التمرد والفوضى. وتراجع مستوى تمثيل المرأة في مجال السياسة في مصر من 13 في المائة إلى 2 في المائة. وفيما يتعلق بحقوق النساء، لم يتم منح الحقوق المرجوة حتى في دول مثل تونس، التي ينظر إليها باعتبارها أكثر البلاد العربية تقدما في هذا المضمار. على الجانب الآخر، بعد 40 عاما من الاستبداد في ليبيا، تم إلغاء كوتة المرأة التي تبلغ 10 في المائة في أول مسودة لقانون انتخابات رغم المعارضة الشديدة من جانب منظمات حقوق المرأة. ولا تستطيع النساء التعبير عن أنفسهن في مجال السياسة في العالم العربي، لأن وسائلهن خاطئة. ولا يركز كل من داعمي حقوق المرأة على النموذج الحقيقي الصحيح الذي جاء في القرآن. فلننظر في جذور المشكلة. هناك سببان أساسيان لبقاء المرأة مواطنا من الدرجة الثانية في كثير من الدول العربية الإسلامية على وجه الخصوص: الأول هو الفكر الماركسي الذي مهد الطريق للاشتراكية العربية. والثاني هو التشدد بطبيعة الحال. طبقا للفكر الماركسي، تعرف المرأة إما بأنها «كائن متخلف» لم يكتمل تطوره بعد، وإما ينظر إليها بوصفها مادة للحتمية البيولوجية، أي وسيلة لإنجاب وتعليم «الرجل الماركسي الجديد».
استخدم نهج التطرف وسيلة أخرى للإبقاء على وضع المرأة المتدني، باسم الإسلام. وتحول الذين يهينون ويشوهون صورة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من خلال نشر فكر ينظر إلى المرأة باحتقار وازدراء، إلى متعصبين يملأهم الغضب والحنق والعدوان وانعدام المساواة.
تم تشبيه النساء بالزهور في القرآن ووضع الله المرأة في مكانة عالية رفيعة وأمر بحمايتها ليس فقط لحاجتها إلى الحماية، بل لمكانتها الرفيعة. كذلك تقف المرأة على قدم المساواة مع الرجل فيما يتعلق بالواجبات. مع ذلك يتم معاملتهن دائما معاملة مواطنين درجة ثانية طبقا لرؤية المتطرفين. إن المتطرفين لا يسمحون للمرأة بتبني أي أفكار سياسية. لم يقدروا المرأة حق قدرها كما بين ذلك القرآن الكريم.
وعندما تختلط هذه العقلية المتطرفة المتشددة بالمادية وامتدادها من الاشتراكية، يكون لذلك عظيم التأثير على المجتمعات العربية. لقد سمح المستبدون والأنظمة الاستبدادية بدخول مثل هذه الأفكار الخاطئة إلى عقول البعض. صحيح أنه لن يتم السماح بعلو أصوات النساء في الربيع العربي، إلى أن يتم التخلص من هذه العقلية. لا يتم توجيه سياسة الكراهية، التي تقوم عليها عقلية المتعصبين نحو السيدات فقط، بل دائما ما توجه نحو كل شيء من الفنون والجمال وما إليها.
لهذا السبب، كان المسلمون هم أكثر من عانوا. إذا كانت النساء في العالم العربي يرغبن في التمتع بالمكانة والاحترام المستحقين لهن، فيجب عليهن العودة إلى القرآن لا إلى الخرافات والتطرف، بما يحمله من معاني السعادة والعصرية والشورى والمحبة التي نص عليها.
إن عليهن أن يقلن إن الله منحنا الحقوق والمكانة الرفيعة. كذلك يمكن أن يوضحن الحقيقة للذين يخلطون بين التعصب والدين وهم بحاجة إلى توجيه. حينما يصبحن واعيات بحقائق دينهن، يمكن لهن التغلب على المفاهيم الخاطئة التي يتم الترويج لها باسم الإسلام في العالم العربي، وليست فقط الموجهة ضد النساء. ولن تصبح المجتمعات العربية مجتمعات حب وسلام ولن تتحقق الوحدة والاتحاد، ولن تحل الأخوة محل الصراع وتسود الحرية والمحبة كما جاءت في القرآن، ولن يتحقق النمو الاقتصادي والتنمية الثقافية والاجتماعية، إلا إذا ساهمت المرأة في ذلك.
لذا يجب عليهن الدفاع عن حقوقهن التي منحها الله إياهن، وإلا فإنهن سيخفقن في ذلك. والله لا يضيع الجهود التي تبذل على الطريق الصحيح المستقيم.