ـ الإسكافي نبيل خريم يعمل في تصليح الأحذية منذ 55 عاما
ـ خريم تحول إإلى أحد معالم سوق العطارين بالقدس يزوره السياح في محله القديم لالتقاط الصورـ تقلص عدد الإسكافيين في البلدة القديمة للقدس من نحو 30 إلى 3 حرفيين فقط
ـ خريم حافظ على آلتين قديمتين ورثهما عن أبيه قبل نصف قرن
ـ من معالم البلدة القديمة
وعلى مدى عقود اعتاد الكثير من الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية، وأيضا الوافدين من الضفة الغربية، تصليح أحذيتهم أو حقائبهم لدى خريم.وبالنسبة للكثيرين في القدس فإن خريم، واحد من معالم المدينة.
وقال خريم، وهو يجلس خلف آلة خياطة: "تعلمت هذه المهنة من والدي، وكنت بعد انتهاء الدوام الدراسي أساعده. كان لي أربعة إخوة، ولكنني الوحيد الذي بقي مع والدي لفترة طويلة".
وأضاف للأناضول: "عملت مع والدي 25 عاما، وبعد أن توفاه الله، أعمل بهذه المهنة منذ 30 عاما، وبالتالي أنا أعمل بهذه المهنة منذ 55 عاما".
وبكثير من التصميم، أكد خريم، أنه "طالما هناك صحة وعافية، إن شاء الله سأكمل".
- من 30 إسكافيا إلى 3
وأثناء لقاء الأناضول معه في محله، كان عدد من السياح الأجانب الذين يزورون البلدة القديمة، يشيرون إلى خريم، باعتباره من أقدم الحرفيين بالبلدة، والبعض الآخر كان يلتقط الصور له.واستنادا إلى خريم، فإنه قبل عدة عقود كان هناك أكثر من 30 إسكافيا بالبلدة القديمة في القدس، أما في السنوات الماضية فانخفض العدد إلى 3 فقط.
وعبّر عن مخاوفه من انقراض هذه الحرفة في القدس القديمة بسبب عزوف الشباب عن امتهانها.
وقال خريم: "عمل معي أخي 20 عاما وترك، كما أن لي ابنا عمل معي 10 سنوات ثم ترك، ومنذ 15 عاما يعمل في تمديدات الكهرباء".
وأردف: "إذا كان لي أن أقول كلمة فهي أن هذه المهنة يجب ألا تنقرض".
وتابع: "منذ زمن كان يأتي الأب مع ابنه طالبا تعليمه الحرفة، ولكن اليوم هذا غير موجود".
ـ حرفة مهجورة
البلدة القديمة، كانت على مدى عقود، المركز التجاري للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية والمدن والبلدات المجاورة في الضفة الغربية.وكانت أسواق البلدة تزدحم بالفلسطينيين والسياح الأجانب، فلا تتوقف المحال التجارية فيها عن العمل.
أثناء وصول طاقم الأناضول إلى محل خريم، لاحظ أن العشرات من المحال التجارية كانت مغلقة.
ومنذ فرض إسرائيل قيودا على دخول الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إلى القدس الشرقية، مطلع التسعينيات، فإن الحركة التجارية في القدس الشرقية انحسرت تدريجيا.
وتكاد الحركة التجارية في القدس القديمة تكون مقتصرة على سكان البلدة والقليل من سكان الأحياء المجاورة للبلدة.
دفع هذا الوضع بالعديد من الحرفيين في البلدة القديمة إلى نقل مصالحهم التجارية إلى خارجها.
وأكمل خريم: "صحيح أن الكثير من الحرفيين نقلوا عملهم إلى خارج البلدة القديمة، ولكني أرفض الانتقال إلى خارج البلدة".
وبين أنه في الماضي كان الناس يعتمدون بشكل كبير على الإسكافيين، ولكن ليس بعد اليوم.
ـ من كل الطبقات
قال خريم: "أذكر أن والدي كان في الستينيات يجلب مواد الخام بالدين، والناس كانت بصورة عامة تنجز أعمالها بالدين، ويتم التسديد في نهاية الشهر".وأضاف: "مع ظهور الأحذية منخفضة التكلفة فإن الاعتماد على حرفتنا قد قل".
وأجرة تصليح الأحذية أو الحقائب عادة ما تكون زهيدا، ومع ذلك فإن خريم، يقول إنه "راضٍ بما قسمه الله".
ولفت إلى أن "العمل غير مستقر، ففي أحيان يكون هناك ضغط، وأحيانا أخرى يكون هناك ركود، ولكن الحمد لله على كل حال".
وأردف: "إذا أحببت عملك فدائما تكون ناجحا، وطبعا هذا يتطلب بذل الجهد، قلة العمل مرض، فالعمل يُنعش الجسد، وأن تعمل حتى لا تحتاج الآخرين، والحمد لله".
وأشار خريم، إلى أن الزبائن الذين يرتادون محله من كل الطبقات، ولا ينحصرون في الفقراء فقط.
وأوضح: "الكل يأتون، وبعضهم إذا ما وجد أناسا في المحل يخجلون أن يقولوا مثلا إنهم يريدون تصليح حذاء أو حقيبة، فأنا أجد بطريقتي الخاصة واللبقة ما يريدون".
وأضاف: "بشكل عام فإن الزبائن يأتون من أجل إصلاح أو تدعيم الأحذية أو الحقائب".
ـ آلتان بعمر نصف قرن
ويتكون رأسمال خريم، من المهارة الحرفية وقطع جلد ومسامير صغيرة، ومن آلتي خياطة قديمتين، ولكنه يحافظ عليهما.وقال خريم، وهو يشير لإحدى آلتيه، "اشتراها والدي قديمة، وأصبح عمرها 50 سنة، أما الأخرى فعمرها 55 سنة، واشتراها والدي جديدة، وأنا أحافظ عليهما".
ولفت إلى أن "هذه الآلات غير متوفرة حاليا في الأسواق".
وما زال بعض الفلسطينيين، إلى اليوم، يتوجهون إلى البلدة القديمة فقط من أجل الوصول إلى المحل المتواضع جدا لخريم.