لكن أكثر ما يثير اهتمام السوريين حول هذه "اللحظة الفارقة" هو انعكاساتها المتوقعة أو المأمولة على الأزمة التي تعيشها بلادهم منذ أحد عشر عاماً، منذ قرر نظام ميليشيا أسد مواجهة الانتفاضة الشعبية السلمية بالنار، وما أدت إليه تلك المواجهة من تداعيات، كان أبرزها اصطفاف كل من النظام والمعارضة إلى جانب معسكر من الحلفاء. ولذلك فإن بروز تركيا كلاعب مركزي في الصراع بين الشرق والغرب، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، وصولاً إلى الدلال الذي حظيت به من جانب الولايات المتحدة وأوروبا، بعد سنوات من تأزم العلاقات بينهما، والتنازلات التي قُدمت لها من أجل دعم خطوة توسيع الناتو وعدم الاصطفاف إلى جانب روسيا، كل ذلك جعل المعارضة السورية تشعر بالارتياح، على اعتبار أن أي انتصار أو مكاسب يحققها حلفاؤها الأتراك، يعني بالضرورة مكاسب لها.
مطالبة تركية بحل في سوريا لكن عدم الإعلان عن التطرق للأزمة السورية في قمة مدريد، إلا كإشارة عابرة من جانب البيت الأبيض، أشعر الكثيرين من المعارضين السوريين بالمرارة والغضب، متسائلين عما إذا كانت أنقرة تتعاطى معهم كحلفاء بالفعل، وبالتالي فقد كان عليها أن تطرح المسألة السورية بقوة في هذه المناسبة الاستثنائية دولياً.
لكن الكاتب والمحلل السياسي التركي سمير صالحة أكد خلال مشاركته في برنامج "تفاصيل" على تلفزيون أورينت قبل أيام، أن الرئيس رجب طيب أردوغان قد طرح بالفعل القضية السورية في مدريد، وأنه طالب نظيره الأمريكي جو بايدن، خلال اللقاء الثنائي الذي جمعهما على هامش القمة، بإطلاق مبادرة جدية من أجل حل سياسي شامل للملف السوري. وكان بيان البيت الأبيض الذي صدر عقب هذا اللقاء بين الرئيسين وتحدث عن القضايا التي تناقشا حولها، قد أشار إلى أن القضية السورية كانت من بينها. لكن هذه الإشارة بدت في البيان روتينية وهامشية ولم يكن هناك ما يدل على أنها كانت إحدى محطات البحث الرئيسية بين أردوغان وبايدن. لكن صالحة، وكدليل على أن طرح الرئيس التركي للقضية السورية خلال لقائه مع بايدن تجاوز الحديث الروتيني أو مجرد مناقشة قضية جزئية هي قضية حزب العمال الكردستاني وتهديدات تنظيماته لحدود بلاده الجنوبية، أشار إلى أن أحد الدوافع الرئيسية لإطلاق إيران مبادرتها الخاصة للحل في سوريا مؤخراً، كان طلب أردوغان من نظيره الأمريكي مبادرة لحل شامل للمسألة السورية. الباحث والكاتب السياسي السوري المعارض وائل السواح، أكد أن البيت الأبيض قال في البيان الذي أصدره بعد انتهاء الاجتماع بين بايدن وأردوغان على هامش قمة مدريد "إن الرئيسين ناقشا عدة مواضيع بينها سوريا"، دون أن يذكر البيان أي جزئية محددة تتعلق بملف قسد أو مسد، ولكنه ذكر سوريا بالعموم، ما يمكن أن يسمح باستنتاج أن يكون الرجلان قد تطرقا إلى ما هو أبعد من مجرد الشمال. السواح، وهو عضو المجلس الاستشاري لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، قال خلال حديث مع "أورينت نت": لم ترشح تفاصيل أخرى عن اللقاء بين الرئيسين التركي والأمريكي حول سوريا، وكل ما يقال يقع في خانة التحليل، ولكن الأكيد أن تركيا باتت الآن بحاجة إلى الوصول إلى حل في سوريا، لأن الوضع الداخلي أصبح شديد التعقيد بالنسبة لحكومة العدالة والتنمية.
أما من الناحية الأمريكية، يضيف السواح المقيم في الولايات المتحدة، فالرئيس بايدن بالتأكيد لا يضع سوريا بقائمة أولوياته كما نعلم جميعاً، ولكن هذا لا يعني أنه لا يريد حلاً في سوريا. أولويات بايدن قبل الحرب كانت: كوفيد، الصين، إيران، والتغير المناخي. الآن له أولوية واحدة هي هزيمة بوتين في أوكرانيا، وإذا جاء حل في سوريا من خلال أي من هذه القنوات، وخاصة إيران وروسيا، فسوف يدعمها.
طرح أثار قلق المعارضة السورية، التي رغم صلابة ثقتها بموقف الحكومة التركية من النظام في دمشق، ألا أن التحولات الكبيرة في موقف هذه الحكومة بملفات العلاقة مع الدول المحيطة بها، ونزوعها للتهدئة مع الحكومة والأنظمة التي كانت على قطيعة معها خلال السنوات الماضية، بما في ذلك الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل، جعل طيفاً عريضاً من السوريين يشعرون بالقلق من إمكانية أن تقود السياسات الجديدة لحكومة حزب العدالة والتنمية إلى الخطوة الصادمة في النهاية، وهي التطبيع مع نظام أسد. وبينما رفض عدد من المحللين السياسيين الأتراك الإجابة عن أسئلة وجهت لهم بهذا الخصوص، كشفت مصادر تركية خاصة لـ"أورينت نت" عن نصائح وجهها عدد من مستشاري الرئاسة التركية إلى أردوغان بالتطبيع مع دمشق.
وحسب المصادر، فإن وجهة نظر هؤلاء المستشارين تقوم على أنه "ورغم عدم وجود أي فائدة يمكن أن تجنيها تركيا من إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، حيث يعاني نظام أسد من الإفلاس الاقتصادي والضعف على جميع المستويات، السياسية والعسكرية، إلا أن التأييد الذي تحظى بها هذه الفكرة لدى الرأي العام التركي، وإعلان غالبية أحزاب المعارضة تضمين هذا الخيار في برنامجها الانتخابي، يجعل من تنفيذها مكسباً للتحالف الحاكم في تركيا، يمكن أن يقنع المصوتين في الانتخابات القادمة عام ٢٠٢٣ على عدم التوجه نحو صناديق المعارضة طالما أن ما يرغبون به قد نفذه حزب العدالة وحزب الحركة القومية". أمر يرى فيه السواح، الذي يشغل أيضاً منصب سكرتير التحالف الأمريكي من أجل سوريا، قابلاً وبقوة للطرح تركياً، بالنظر إلى مجمل المعطيات التي تحرك التفاعلات السياسية لهذه الدولة في الوقت الحالي، ولذلك فهو لا يستبعد أن تكون إيران قد التقطت ذلك بالفعل، وبدأت تروج لمبادرة وساطة بين دمشق وأنقرة.
ويقول: تسعى إيران لملء كل فراغ ممكن يخلفه الروس في سوريا، على مبدأ الأواني المستطرقة. فالروس كما هو مفهوم في وضع صعب عالمياً، وأحد الأماكن التي تريد إيران ملأها هو العلاقات مع تركيا، وبما إن العلاقات الروسية التركية ليست في أحسن أحوالها، كما بدا من اجتماعات آستانا الأخيرة، فالمجال مفتوح إذاً أمام إيران للعب دور هنا أكبر. ويضيف: النظام الإيراني – بغض النظر عن إجرامه وفجوره– نظام محنّك، وعلى عكس الروس الذين لا يجيدون قراءة الواقع السياسي بشكل صحيح (كما بدا ذلك واضحاً في مغامرتهم في أوكرانيا)، يستطيع الإيرانيون قراءة الواقع وتوقع أحداث المستقبل، وهم يرون أن مآل العلاقات السورية التركية إلى تحسن، فلماذا لا يضرب النظام الإيراني أكثر من عصفور بحجر واحد، فيقوي مكانته في سوريا، ويحسن علاقته بتركيا، ويكسب ورقة في حواره مع واشنطن، ويبدو وكأنه رسول سلام في المنطقة أيضاً.
هذا بالنسبة للوساطة بين دمشق وأنقرة، لكن ماذا عن مبادرة الحل الساسي الشامل التي تحدث عنها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال وجوده في دمشق؟
ليس هناك إجابة واضحة حتى الآن لدى أي طرف، بما في ذلك إعلام النظام الإيراني الذي اكتفى بالحديث المجمل عن مبادرة فقط دون تقديم أي تفاصيل، لكن تخوف الشارع الثوري والمعارض السوري يبدو مضاعفاً عند الحديث عن هذه المبادرة، انطلاقاً من الإيمان بأن أي مصالحة بين المعارضة والنظام لا يمكن أن تحدث دون ضغط من تركيا، وأن أي ضغط من هذا النوع لا يمكن أن يحصل بدوره دون أن تكون هناك مصلحة تركية في إنجاحه، وإذا ما كانت المعطيات دقيقة حول توجهات تتزايد في أنقرة لإعادة العلاقات مع نظام أسد، فإن إمكانية إيجاد حل على الطريقة الإيرانية لن يكون في صالح المعارضة بكل تأكيد، كما يرى السواح.
ويقول: أعتقد أن حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تريد أن تدفع نحو حلّ تكون هي مفتاحه ورائدته. وفي ظل تراجع روسيا اليوم، فقد تكون طهران راغبة في فتح ممر للتقارب السوري-التركي، ما قد يمهد لحل في سوريا، ولكنه للأسف، سيكون حلاً على الطريقة الإيرانية، ويصب أكثر في مصلحة الأسد، إن تمّ.
أمر لا يرى المحلل السياسي السوري فراس علاوي "أنه مستغرب" رغم أنه غير طبيعي من حيث المبدأ، مشيراً أن تعقيدات وتداخلات خيوط القضية السورية يجعل من الفصل أو الربط بين هذه الخيوط ضرورة مستمرة، وأمراً يتطلب يقظة وفهماً دقيقاً للمعطيات.
ويقول في رده على سؤال لـ"أورينت نت" حول تأثير التقارب بين النظام وقسد، والدعم الإيراني لهذا الخيار كما يبدو في العلن، على المبادرة السياسية الإيرانية:
على العكس فإن طهران قد تجد في توتر الموقف بالشمال عاملاً إيجابياً يزيد من فرص نجاح مبادراتها، لأن هذا التوتر والتصعيد يمنحها فاعلية أكبر في الملف السوري، سواء من جانبه التركي أو جوانبه السورية، حيث سيجعلها حاجة أكبر لدى الأكراد ولدى الأتراك، بالإضافة إلى فاعليتها المعروفة لدى النظام.
ويضيف علاوي: أما من ناحية النظام، فإن الجميع يعلم أنه ليس بوارد الدخول في أي مواجهة عسكرية مع الجيش التركي من أجل إنقاذ قسد، ولذلك فهو سيخرج كاسباً من أي معركة قد تندلع بينهما، لأنه أياً كانت نتائج المعركة بينهما فإن النظام هو الكاسب، وبما إن السيناريو المرجح هو عملية تركية محدودة هزيمة قسد فيها شبه محتمة، فإن النظام يتهيأ لملء الفارغ الذي ستخلفه، وهو أمر لا يزعج الأتراك الذين يريدون شيئاً واحداً في النهاية، وهو مغادرة التنظيمات الراديكالية الكردية للمناطق الحدودية بينها وبين سوريا، والتخلص بالتالي من عامل ضغط محلي يمكن أن يمنح التحالف الحاكم في تركيا أريحية على صعيد الرأي العام الشعبي بمواجهة المعارضة، والتفرغ تالياً لملفات أخرى.
ما بين استمرار المراوحة الأمريكية فيما يخص الملف السوري، مقابل الحيوية التي تظهرها إيران في هذا الملف، استغلالاً للانشغال الروسي والتصعيد التركي ضد الميليشيات المرتبطة بعدوها التاريخي، حزب العمال الكردستاني الإرهاربي، تجد المعارضة السورية نفسها في موقف مقلق، خاصة مع ضغط الرأي العام التركي على حكومته من أجل إعادة العلاقات مع نظام أسد، وهو الخيار الذي لا يبدو أن حزب العدالة والتنمية راغباً به في المطلق، لكن قد يجد أنه خيار لا بد منه في النهاية، الأمر الذي سيجعل نظامي دمشق وطهران في نشوة كبيرة، خاصة وأن المعارضة لن يكون لديها وقتها الكثير من الخيارات.
-----------
اورينت نت
مطالبة تركية بحل في سوريا
لكن الكاتب والمحلل السياسي التركي سمير صالحة أكد خلال مشاركته في برنامج "تفاصيل" على تلفزيون أورينت قبل أيام، أن الرئيس رجب طيب أردوغان قد طرح بالفعل القضية السورية في مدريد، وأنه طالب نظيره الأمريكي جو بايدن، خلال اللقاء الثنائي الذي جمعهما على هامش القمة، بإطلاق مبادرة جدية من أجل حل سياسي شامل للملف السوري.
أما من الناحية الأمريكية، يضيف السواح المقيم في الولايات المتحدة، فالرئيس بايدن بالتأكيد لا يضع سوريا بقائمة أولوياته كما نعلم جميعاً، ولكن هذا لا يعني أنه لا يريد حلاً في سوريا. أولويات بايدن قبل الحرب كانت: كوفيد، الصين، إيران، والتغير المناخي. الآن له أولوية واحدة هي هزيمة بوتين في أوكرانيا، وإذا جاء حل في سوريا من خلال أي من هذه القنوات، وخاصة إيران وروسيا، فسوف يدعمها.
مبادرة إيرانية مقلقة
وكان وزير خارجية إيران قد زار دمشق في الثاني من تموز/يوليو الجاري، ومن هناك تحدث عن ضرورة العمل على حل سياسي للقضية السورية، كما أشار إلى أن حكومته تعمل على وساطة للمصالحة بين نظام أسد وأنقرة.طرح أثار قلق المعارضة السورية، التي رغم صلابة ثقتها بموقف الحكومة التركية من النظام في دمشق، ألا أن التحولات الكبيرة في موقف هذه الحكومة بملفات العلاقة مع الدول المحيطة بها، ونزوعها للتهدئة مع الحكومة والأنظمة التي كانت على قطيعة معها خلال السنوات الماضية، بما في ذلك الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل، جعل طيفاً عريضاً من السوريين يشعرون بالقلق من إمكانية أن تقود السياسات الجديدة لحكومة حزب العدالة والتنمية إلى الخطوة الصادمة في النهاية، وهي التطبيع مع نظام أسد.
وحسب المصادر، فإن وجهة نظر هؤلاء المستشارين تقوم على أنه "ورغم عدم وجود أي فائدة يمكن أن تجنيها تركيا من إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، حيث يعاني نظام أسد من الإفلاس الاقتصادي والضعف على جميع المستويات، السياسية والعسكرية، إلا أن التأييد الذي تحظى بها هذه الفكرة لدى الرأي العام التركي، وإعلان غالبية أحزاب المعارضة تضمين هذا الخيار في برنامجها الانتخابي، يجعل من تنفيذها مكسباً للتحالف الحاكم في تركيا، يمكن أن يقنع المصوتين في الانتخابات القادمة عام ٢٠٢٣ على عدم التوجه نحو صناديق المعارضة طالما أن ما يرغبون به قد نفذه حزب العدالة وحزب الحركة القومية".
ويقول: تسعى إيران لملء كل فراغ ممكن يخلفه الروس في سوريا، على مبدأ الأواني المستطرقة. فالروس كما هو مفهوم في وضع صعب عالمياً، وأحد الأماكن التي تريد إيران ملأها هو العلاقات مع تركيا، وبما إن العلاقات الروسية التركية ليست في أحسن أحوالها، كما بدا من اجتماعات آستانا الأخيرة، فالمجال مفتوح إذاً أمام إيران للعب دور هنا أكبر.
هذا بالنسبة للوساطة بين دمشق وأنقرة، لكن ماذا عن مبادرة الحل الساسي الشامل التي تحدث عنها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال وجوده في دمشق؟
ليس هناك إجابة واضحة حتى الآن لدى أي طرف، بما في ذلك إعلام النظام الإيراني الذي اكتفى بالحديث المجمل عن مبادرة فقط دون تقديم أي تفاصيل، لكن تخوف الشارع الثوري والمعارض السوري يبدو مضاعفاً عند الحديث عن هذه المبادرة، انطلاقاً من الإيمان بأن أي مصالحة بين المعارضة والنظام لا يمكن أن تحدث دون ضغط من تركيا، وأن أي ضغط من هذا النوع لا يمكن أن يحصل بدوره دون أن تكون هناك مصلحة تركية في إنجاحه، وإذا ما كانت المعطيات دقيقة حول توجهات تتزايد في أنقرة لإعادة العلاقات مع نظام أسد، فإن إمكانية إيجاد حل على الطريقة الإيرانية لن يكون في صالح المعارضة بكل تأكيد، كما يرى السواح.
ويقول: أعتقد أن حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تريد أن تدفع نحو حلّ تكون هي مفتاحه ورائدته. وفي ظل تراجع روسيا اليوم، فقد تكون طهران راغبة في فتح ممر للتقارب السوري-التركي، ما قد يمهد لحل في سوريا، ولكنه للأسف، سيكون حلاً على الطريقة الإيرانية، ويصب أكثر في مصلحة الأسد، إن تمّ.
انعكاسات التوتر في الشمال
لكن ألا يبدو الحديث عن مبادرة إيرانية للمصالحة بين الحكومة التركية ونظام أسد، حديثاً غير منطقي، في ضوء الدعم القوي الذي باتت تحظى به قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من جانب النظام، بل حتى من إيران ذاتها، فيما يتعلق بالتهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا، فضلاً عن أن يكون الحديث عن مبادرة حل شامل إيرانية للمسألة السورية؟أمر لا يرى المحلل السياسي السوري فراس علاوي "أنه مستغرب" رغم أنه غير طبيعي من حيث المبدأ، مشيراً أن تعقيدات وتداخلات خيوط القضية السورية يجعل من الفصل أو الربط بين هذه الخيوط ضرورة مستمرة، وأمراً يتطلب يقظة وفهماً دقيقاً للمعطيات.
ويقول في رده على سؤال لـ"أورينت نت" حول تأثير التقارب بين النظام وقسد، والدعم الإيراني لهذا الخيار كما يبدو في العلن، على المبادرة السياسية الإيرانية:
على العكس فإن طهران قد تجد في توتر الموقف بالشمال عاملاً إيجابياً يزيد من فرص نجاح مبادراتها، لأن هذا التوتر والتصعيد يمنحها فاعلية أكبر في الملف السوري، سواء من جانبه التركي أو جوانبه السورية، حيث سيجعلها حاجة أكبر لدى الأكراد ولدى الأتراك، بالإضافة إلى فاعليتها المعروفة لدى النظام.
ويضيف علاوي: أما من ناحية النظام، فإن الجميع يعلم أنه ليس بوارد الدخول في أي مواجهة عسكرية مع الجيش التركي من أجل إنقاذ قسد، ولذلك فهو سيخرج كاسباً من أي معركة قد تندلع بينهما، لأنه أياً كانت نتائج المعركة بينهما فإن النظام هو الكاسب، وبما إن السيناريو المرجح هو عملية تركية محدودة هزيمة قسد فيها شبه محتمة، فإن النظام يتهيأ لملء الفارغ الذي ستخلفه، وهو أمر لا يزعج الأتراك الذين يريدون شيئاً واحداً في النهاية، وهو مغادرة التنظيمات الراديكالية الكردية للمناطق الحدودية بينها وبين سوريا، والتخلص بالتالي من عامل ضغط محلي يمكن أن يمنح التحالف الحاكم في تركيا أريحية على صعيد الرأي العام الشعبي بمواجهة المعارضة، والتفرغ تالياً لملفات أخرى.
ما بين استمرار المراوحة الأمريكية فيما يخص الملف السوري، مقابل الحيوية التي تظهرها إيران في هذا الملف، استغلالاً للانشغال الروسي والتصعيد التركي ضد الميليشيات المرتبطة بعدوها التاريخي، حزب العمال الكردستاني الإرهاربي، تجد المعارضة السورية نفسها في موقف مقلق، خاصة مع ضغط الرأي العام التركي على حكومته من أجل إعادة العلاقات مع نظام أسد، وهو الخيار الذي لا يبدو أن حزب العدالة والتنمية راغباً به في المطلق، لكن قد يجد أنه خيار لا بد منه في النهاية، الأمر الذي سيجعل نظامي دمشق وطهران في نشوة كبيرة، خاصة وأن المعارضة لن يكون لديها وقتها الكثير من الخيارات.
-----------
اورينت نت