.
وتشترط روسيا لإيصال المساعدات إلى مناطق الشمال السوري، أن يتم توزيع المساعدات عبر حكومة دمشق، حيث تقدم الأمم المتحدة المساعدات إلى دمشق، وهي تقوم بدورها بتوزيعها على باقي المناطق السورية، وتكون بذلك عززت سلطة الأسد في سوريا، حتى في المناطق الخارجة عن سيطرته، في سبيل نزع اعتراف ضمني من المجتمع الدولي بسلطة الأسد.
شروط روسية
رغم التحذير من عواقب العرقلة الروسية المحتملة لتجديد العمل بهذه الآلية، فإن روسيا جددت تهديدها برفض تمديد العمل بها، في محاولة لابتزاز الغرب والولايات المتحدة، ضاربة بعرض الحائط مصير ملايين السوريين الغذائي في مناطق الشمال السوري. لكن موسكو على ما يبدو تريد الحصول على مكسب جديد من وراء تهديداتها والذي قد يتجلى لاحقا بإعادة التعويم السياسي لحكومة دمشق حتى ولو على حساب إيقاف دخول المساعدات الإنسانية وحصر دخولها بيد دمشق فقط.وتشترط روسيا لإيصال المساعدات إلى مناطق الشمال السوري، أن يتم توزيع المساعدات عبر حكومة دمشق، حيث تقدم الأمم المتحدة المساعدات إلى دمشق، وهي تقوم بدورها بتوزيعها على باقي المناطق السورية، وتكون بذلك عززت سلطة الأسد في سوريا، حتى في المناطق الخارجة عن سيطرته، في سبيل نزع اعتراف ضمني من المجتمع الدولي بسلطة الأسد.
هل تنجح روسيا؟
الباحث السياسي زكريا ملاحفجي قلل من أهمية جهود روسيا في استغلال ملف المساعدات الإنسانية، لتعويم حكومة دمشق، لا سيما في ظل مجابهة العالم بأثره لروسيا، بسبب غزوها للأراضي الأوكرانية.ويقول ملاحفجي في حديثه لـ“الحل نت“: “فكرة تعويم الأسد أصبحت أصعب بكثير، لأن روسيا ليست بسابق عهدها على الصعيد الديبلوماسي والسياسي دوليا، هي الآن تتعرض لعقوبات متزايدة، الظروف الدولية لا تسمح بأي خطوة لتعويم الأسد لا من قبل روسيا ولا غيرها“.
وحول ملف تجديد آلية إدخال المساعدات إلى سوريا، يعتقد ملاحفجي أن المجتمع الدولي لن يلتفت إلى اعتراضات روسيا، ويضيف: “حتى وإن استخدمت الفيتو، سيكون هناك إجراءات دولية بديلة، سيكون هناك تأكيد وإصرار دوليين على مسألة دخول المساعدات، بسبب مناهضة الغرب وأميركا لروسيا في المرحلة الراهنة“.
موسكو حاولت مرارا استغلال العديد من الملفات في سوريا، لإعادة تصدير الأسد، إلى الواجهة السياسية على المستوى الدولي، لكنها دائما ما كانت تصطدم بالفيتو الأميركي، الرافض لأي محاولات إقليمية ودولية للتطبيع مع الأسد وحكومته في دمشق.
لا تعويم بدون موافقة أميركية
المحلل السياسي صدام الجاسر أكد في حديث سابق مع “الحل نت” أن الجانب الأميركي هو صاحب القرار، بالانفتاح على حكومة دمشق من جديد، وقال: “الانفتاح على النظام ليس قرارا عربيا ولا أوروبيا. في فترة من الفترات كانت الدول تسعى لأخذ هذا القرار بدون موافقة واشنطن، شاهدنا بعض الزيارات لمسؤولين عرب إلى سوريا، وأوروبيين أيضا بشكل سري“.وأضاف: “الأميركان ينظرون للنظام السوري حاليا بأنه حليف لروسيا ولا يمكن الوثوق به ولا يجب الانفتاح عليه، فيجب التضييق عليه وتحميل روسيا أعباء إضافية. لذلك في هذه الفترة وطالما أن الإدارة الأميركية، لا ترغب بأي انفتاح على النظام السوري لن نشاهد هذا الانفتاح وسيكون طي النسيان“.
وتسعى موسكو لاستغلال ملف المساعدات الإنسانية، لابتزاز الأوروبيين والولايات المتحدة الأميركية، وكانت قد رفضت في المرات السابقة تمديد الآلية المعمول بها، قبل أن توافق مقابل الحصول على مكاسب سياسية أو في ملفات أخرى.ويرى محللون أن روسيا ستبدي تصلبا أكثر هذه المرة لأن موقفها التفاوضي صعب بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، وما أدى إليه ذلك من تصعيد الغرب للضغوط عليها، ما يجعل التنازلات التي ستطلبها هذه المرة كبيرة جدا وقد تشمل الملف الأوكراني
روسيا في مواجهة العالم
الرفض الروسي إن استمر، لآلية إدخال المساعدات، سيؤدي إلى مزيد من التوتر بين روسيا والعالم، وتحديدا مع تركيا التي لا تريد بالطبع إغلاق معبر “باب الهوى” أمام تدفق المساعدات الخارجية إلى مناطق نفوذها بالشمال.واعتبر تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية، أن الإغلاق المحتمل لآخر معبر متبقٍ لمرور المساعدات إلى سوريا “باب الهوى” خلال تصويت لمجلس الأمن الدولي، الشهر المقبل، يُعد “ضحية أخرى” لانهيار العلاقات بين الغرب وروسيا.
وأكّد التقرير على أن أي “عرقلة إنسانية وخيمة” في حال عرقلة تمديد القرار، ستشمل تعطيلا فوريا لعمليات الأمم المتحدة الإغاثية المنقذة للحياة، وإغراق الناس بشمال غرب سوريا في “بؤس أعمق“.
وأصدر مجلس الأمن قرارا لأول مرة في عام 2014، بإيصال المساعدة إلى شمالي سوريا عبر أربعة معابر حدودية، من دون موافقة الحكومة السورية، لكن منذ عام 2020، اُستبعدت ثلاثة معابر من نطاق القرار بسبب التعنت الروسي في المرات السابقة، وبقي “باب الهوى” المعبر الحدودي الوحيد المتبقي المصرح به بسبب معارضة روسيا.
وأكد فريق “منسقو استجابة سوريا“، في بيان له، أن أكثر من 4.3 مليون مدني بينهم مليون ونصف يعيشون في مخيمات شمال غرب سوريا، ينتظرون بصمت مصيرهم، ويترقبون “فيتو” روسيا الجديد في مجلس الأمن الدولي لإغلاق معبر باب الهوى أمام المساعدات الإنسانية.
وكان “مجلس الأمن الدولي” تبنى قرارا العام الماضي، يقضي بتمديد إيصال المساعدات إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، عاما إضافيا على مرحلتين، تبلغ مدة كل واحدة منها ستة أشهر.
ويعتمد أكثر من ثمانين بالمئة من سكان شمال غرب سوريا على هذه الآلية بحسب الأمم المتحدة، والذين ينتظرون اجتماع مجلس الأمن خلال الأيام القادمة لحسم مسألة تجديد آلية إدخال المساعدات.