نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


نشطاء سوريون يحملون قضية بلدهم إلى مجلس الأمن






في الأيام الأولى من ثورات الربيع العربي، قال “إريك هوبزباوم”، المفكر البريطاني والمؤرخ الماركسي الكبير المولود في الإسكندرية: «حسناً، حتى الآن لم أكن أستطيع أن أزعم سوى أنني مصري المولد، أما الآن فيمكنني أن أقول إن قلبي مصري».


  قد نكون -نحن السوريين- أكثر الفرحين بالربيع العربي، حيث أعادت الثورة ثقتنا بأنفسنا ووطننا عندما حولنا الساحات الرئيسة في القرى والمدن إلى منارة أمل للخلاص من الاستبداد الذي ظل قابعاً على صدورنا لمدة أربعة عقود.
لكن وكما يقال في الأمثال الشعبية المحلية “يا فرحة ما تمت”، إذ سرعان ما تسابقت الجماعات الأيديولوجية، وعلى رأسها الإخوان المسلمون، بالالتفاف على الحراك وأسلمته بتصديرها لشخصيات لم تنتجها الثورة، في فكرة مشابهة لمقاربة إريك هوبزباوم المسماة “الشرعنة البدائية” تلك التي تأتي بأسماء من خارج السياق المجتمعي والسياسي الذي تنتجه لحظات تاريخية قد لا تتكرر أبداً.
وفي الحالة السورية، لا يعني تعاقب السلطة تغيير شيء على الصعيد العام، بل قد يؤدي إلى تشابه التصرفات المنفرة، بسبب غياب البرامج والاستراتيجيات، مما يضع عموم السوريين أمام مقارنة مزعجة؛ فتعيدهم الذاكرة إلى وضعيات تاريخية ما قبل 2011 أو التكيف مع واقع مسموم ومستقبل مجهول، مما يؤدي بهم الإحباط والشعور باليأس بالانتفاض ضد الجميع، جماعات وأفراد، بسبب الإخفاقات المتكررة، وعدم إنتاج نموذج يحفظ كرامة السوريين ويصون حقوقهم، واضعين المتضادين في كفتي ميزان، أو يبقون على خيار النضال ضد كل من انتهك حقاً من حقوقهم، بما في ذلك مُدَّعو التمثيل السياسي.
نشطاء الثورة في مجلس الأمن:

اللافت في الفترة الأخيرة، هو تطور شابات وشباب الحراك الثوري في العديد من المجالات، والتعبير عن نبض الشارع السوري، وهو ما يفسّر كلمتي نشطاء الثورة في اجتماع مجلس الأمن الأخير بإلقاء كلمة من قبل الناشطة والمخرجة “وعد الخطيب” بدأتها: هذا المجلس خذل الشعب السوري.
وكان خطاب “وعد” يعبر عن غضب وألم السوريين، بل واستغرابهم من التخلي عنهم لمدة عشر سنوات، لاقوا خلالها الويلات من اعتقال وقتل وقصف بكل أنواع الأسلحة، بما فيها الكيميائية والمحرمة دولياً. في ظل صمتٍ مريب من المجتمع الدولي.
أما الناشط والناجي من معتقلات النظام السوري، “عمر الشغري” فقد شكّل خطابه تحدّياً واضحاً للأسرة الدولية، وحمّلها مسؤولية ما يحدث في سوريا، حيث ذكر أسماء الدول الداعمة للنظام (روسيا، الصين، إيران) بالإضافة إلى بيان (الهند) المخيب للآمال، مبيناً عمر كذب رواية النظام بمحاربته للإرهاب.
كلمة عمر لم تكن تخاطب العقول فقط بل خاطبت الضمائر، وأيقظت بضربة يده على الطاولة من كان ساهياً عن كلامه ونصرة السوريين.
ما قالاه “وعد وعمر” لم نسمعه من سياسيي المعارضة أو مديري المنظمات التي تتلقى دعماً دولياً وحكومياً، لأنهم دائماً يأخذون بعين الاعتبار ألا يضر كلامهم بمشاعر المانحين، وبالتالي يفقدون الدعم والوصاية.
عندما تتعارض المواقف الرسمية للمعارضة السورية مع توقعات السوريين وتفقد ثقة الدول الداعمة لحقوق الشعب السوري في التغيير، فمن الطبيعي أن تعيد دول كثيرة النظر في توجهاتها، والتفكير في مصالحها، سواء من رحيل رأس النظام السوري الذي عاث فساداً في البلاد، أو الابتعاد عن الملف السوري، الذي صار مبعث قلق لمعظم تلك البلدان، ولا سيما بعد أسلمة الثورة من قبل جماعات الإسلام السياسي، ظناً منهم بذلك؛ مواجهة المشروع المذهبي الإيراني الداعم لبشار الأسد.
ويُلاحظ أنّه خلال العقد الماضي من عمر الثورة السورية، لم تختلف أشكال العبودية التي مارسها النظام على السوريين عن أقرانه في معظم الفصائل التي قاومته من أجل إحداث تغيير ينسينا الإرث الأسدي.
أما على المستوى السياسي، لم تكن المعارضة الرسمية أفضل حالاً من نظام الأسد، فلا حول لها ولا قوة، وتُقيدها خطابات أيديولوجية تحمل شعارات ثورية بقوالب بعثية محضة، وتتشابه في كثير من الأمور مع خصمها نظام الأسد؛ بما في ذلك ارتهان قراراتها السياسية لدول وأنظمة تستخدمها لتحقيق مصالحها على حساب القضية السورية.
كما أنَّ الفشل استشرى ليصيب معظم ملحقات “مؤسسات المعارضة” من حكوماتٍ ومجالسَ وهيئاتٍ، وهو ما تؤكده في هذه الأثناء من الأيام التي نعيشها مع بداية فصل الشتاء من كل عام، عندما نرى الخِيَام التي تأويهم تتطاير أو تغرق بعد أول هطولٍ للأمطار، مما يسبب لهم فصل الخير شبحاً يطاردهم منذ أن هجّرتهم قوات النظام من مدنهم وقراهم.
ومما لا يمكن إخفاؤه، أنَّ الأسد ونظامه البعثي يحظى بأفضل النظراء، الذين باتوا سبباً لماراثون الفشل الذي قد يؤدي بالناس، بدافع اليأس للقبول بالوضع الراهن، والقبول بأسوأ الحلول التي تعيد الاستقرار بحدّه الأدنى، بعد أن تجاوز السوريون ما نسبته 90 في المئة تحت خط الفقر.
وما يزيد الأمر تعقيداً، وابتعاد فرص الحل السياسي هو تضارب المصالح الدولية والإقليمية، لا سيما الدول المتداخلة، والتي تحتفظ بجيوش لها على الجغرافيا السورية.
وفي الختام: حتى لا أظهر هنا منتصراً على المذهبيين والأيديولوجيين والعسكريين والسياسيين المعينين من الخارج، من خلال إظهار حقيقة الواقع السوري المرير، فإننا نتحمل أيضاً تبعة اللطم الإعلامي وغياب المرجعية الثقافية، التي تشكّل القوة الناعمة وتقوم بترسيخ القيم المجتمعية والمسؤولية الأخلاقية، وتغذي الروح الوطنية. وبذلك تعيدنا السياسة بلا قيم إلى عقود الاستبداد، وما نتج عنها من أمراضٍ مستعصية أدّت بالوحدة السورية إلى وحدات وجماعات متفرقة، ذات رؤى متفرقة ومصالح مختلفة.
-----------
ليفانت

درويش خليفة
السبت 4 ديسمبر 2021