فضحت الأزمة العالمية النوعية الراهنة طبيعة وتركيبة هذا العصر الأوروبي الأمريكي، فقد مرّت أزمنة طويلة لم تكن مفهومة خلالها للكثيرين وحدة النظام العالمي والدولي العنصري الربوي، ومركزية إدارته الأوروبية الأمريكي، وتكامل وتناغم الفقر والثراء، والرفاهة والشقاء، والموت والحياة في بنيته الإجمالية المصطنعة بفعل فاعل! وقد نجحت الإدارة المركزية دائما، يساعدها أتباعها الأشقياء ضد أقوامهم في البلدان التابعة، في إخفاء هذه الحقائق، وفي جعل الناس يتوهمون أن الفقير وضيع قاصر بطبيعته الأصلية ومسؤول وحده عن فقره الذي يستحقه، بينما الثري متفوق بطبيعته الأصلية وجدير بثرائه الذي يستحقه أيضًا، فصنفت الأمم والشعوب على هذا الأساس، حتى أنهم لم يروا ضيرا في الحكم بالفناء على بعضها وبالعمل على إزالته نهائيا من الوجود لصالحهم، كما هو حال الشعب العربي الفلسطيني مثلا!
لقد أكمل العصر الأوروبي الأمريكي القرن الخامس من عمره في العام 1992 فهو بدأ انطلاقته العنصرية الرهيبة نحو السيطرة والسيادة العالمية في العام 1492 أي في العام الذي اسقطوا فيه غرناطة آخر قلاع العصر العربي الإسلامي العالمي السابق، واكتشفوا فيه أمريكا أعظم قلاع العصر الأوروبي الأمريكي العالمي اللاحق، وها هو العالم اليوم أصبح محكوما بنظام دولي ربوي صهيوني أوصله إلى حافة الدمار الشامل!
اليوم، يتشكل العالم قسرا من سدس بشري ذهبي مرفه، ومن خمسة أسداس بشرية تعاني الفاقة، ويتعرض ما لا يقل عن مليار منها لخطر الهلاك جوعا، بينما الأزمة العميقة الشاملة تفلت من عقالها، وتتجاوز حدود السيطرة عليها، لتهدد أيضًا رفاه شرائح عريضة دنيا في البلدان الثرية، ولتكشف بوضوح زيف المظاهر الحضارية، وكذب الزعم بأن البلدان الثرية تستحق ثراءها الذي حققته بجهودها وبإمكانياتها الخاصة في حد ذاتها، فالذين كانوا ينظرون إلى سويسرا، مثلا، على أنها مجرد بلد صغير جميل، ومحايد مسالم، يقطنه شعب ذكي، نشيط مبدع، يستحق ثراءه الفاحش، اكتشفوا أنها مغارة لصوص دولية، لها وظيفتها المحددة في هذا النظام الربوي الشايلوكي الدولي، وأنها تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية في ما أصاب البشرية عموما من دمار! غير انه ما كان لهذا الاكتشاف أن يعلن لولا أن شرور المغارة السويسرية وآثامها المالية وصلت أخيرا إلى بعض الدول الأوروبية وإلى الولايات المتحدة بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة العظمى.
إن الودائع المالية الأجنبية في المصارف السويسرية تتعدى اليوم مبلغ تريليونين ونصف تريليون دولار (ضمنها مئات مليارات الدولارات لبعض العرب) وتمثل خدماتها أو عائداتها حوالي 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السويسري، وتتألف هذه الودائع من أموال هرّبها "أصحابها" من بلدانهم كي يتخلصوا من دفع ضرائبها لحكوماتهم وشعوبهم، كما هو حال الأوروبيين والأمريكيين بالدرجة الأولى، ومن أموال سلبها الأقوياء واللصوص من بلدانهم الفقيرة البائسة بطرق مختلفة ابسطها "العمولات" غير المشروعة وتتألف أيضًا من أموال جمعها المغامرون والقتلة الدوليون، المتاجرون بالممنوعات والمحرمّات كالمخدّرات وغيرها، وبالجثث كما في العراق وأفغانستان، فهم لا يستطيعون تبرير هذه الأموال القذرة من دون مرورها بالمغارة السويسرية وأخواتها! وبالطبع، إذا كان المودعون لهذه الأموال في سويسرا قد ارتكبوا ما ينطبق عليه وصف الجريمة ضدّ البشرية، فإنّ سويسرا شريكة في هذه الجريمة على قدم المساواة منذ أخذت على عاتقها مهمّة حماية المودعين المجرمين، بحجب أسمائهم تحت ذريعة "السريّة المصرفية"!
في عهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما، وتحت ثقل الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي يحتاج الخروج منها إلى تريليونات الدولارات، من دون أن يكون الخروج مضمونا، مارست الحكومة الأمريكية الجديدة الضغط على سويسرا للكشف عن أسماء الأثرياء الأمريكيين المودعين في مصارفها، وقد حصلت على معلومات عن 300 ثري، وبناء على ذلك رفعت وزارة العدل الأمريكي دعوى تطالب فيها المصارف السويسرية بتسليمها معلومات عن 52 ألف حساب سري أمريكي قيمتها 15 مليار دولار! تصورّوا! 52 ألف حساب فيها بالتأكيد حسابات القتلة واللصوص الأمريكيين وغير الأمريكيين في العراق وغيره، من عصابات "الشركات الأمنية الخاصة"، شركات بوش وتشيني ورامسفيلد ورايس وولفويتز وبيرل وغيرهم كثير! فما كادت واشنطن تفعل ذلك وتنجح حتى سارعت بعض العواصم الأوروبية الرئيسية، التي أرهقتها بدورها الأزمة وكادت تفقدها صوابها، تحذو حذو واشنطن، باسم الاتحاد الأوروبي! وقد أضاف الأوروبيون إنّ عدم انصياع سويسرا لمطالبهم، وبالكشف عن الحسابات السرّية للمودعين الأوروبيين، سوف يعرّضها لتصنيفها بين "الدول المارقة"، ولوضع اسمها على لائحة سوداء تقدّم لقمّة الدول العشرين (في لندن 2/4/2009)!
إن العمل المصرفي على الطريقة السويسرية، المتبع منذ عشرات السنين، والذي تقوم به أيضًا لصالح عصابات النظام الدولي الربوي دول أخرى صغيرة وجميلة وثريّة، متحضرّة جدا جدا، مثل النمسا ولوكسمبورغ وليشتنشتاين وأندوره وغيرها، هو من الأعمال الرئيسية التي تسبّبت في الانهيار المالي العالمي كما يقول الخبراء الاقتصاديون، وبخاصة انهيار الولايات المتحدة، غير أنّ هؤلاء الخبراء المنافقون لا يتحدثون بالوضوح نفسه عن الأسباب الأهّم المتعلقة بطبيعة النظام الدولي، ولا عن جرائم قيادته الأمريكية العليا، فالكوارث المالية كانت موجودة دائما في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، لكنهم لم يأبهوا لها، وكانوا موافقين على الدور الإجرامي الذي تلعبه المصارف السويسرية ومن لف لفها، بل أن بلدة دافوس في سويسرا كانت ولا تزال مقرّ منتدى النخبة العالمية من رجال المال الحرام والأعمال المشينة التي تحكم العالم، إلى أن خرجت الأمور عن السيطرة الأمريكي الأوروبية، وأصاب الضرر السويسري الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان نتيجة حماقات عصابة بوش ومغامراتها الجنونية في العراق تحديدا، فاتجهوا إلى سويسرا وهدّدوها بوضعها على اللائحة السوداء، وهو ما كان ينبغي تهديدها به منذ البداية، أي منذ ما قبل عشرات السنين، لولا أنّ العالم تحكمه عصابات مستفيدة جميعها من النظام السرّي للمصارف السويسرية!
لقد أكمل العصر الأوروبي الأمريكي القرن الخامس من عمره في العام 1992 فهو بدأ انطلاقته العنصرية الرهيبة نحو السيطرة والسيادة العالمية في العام 1492 أي في العام الذي اسقطوا فيه غرناطة آخر قلاع العصر العربي الإسلامي العالمي السابق، واكتشفوا فيه أمريكا أعظم قلاع العصر الأوروبي الأمريكي العالمي اللاحق، وها هو العالم اليوم أصبح محكوما بنظام دولي ربوي صهيوني أوصله إلى حافة الدمار الشامل!
اليوم، يتشكل العالم قسرا من سدس بشري ذهبي مرفه، ومن خمسة أسداس بشرية تعاني الفاقة، ويتعرض ما لا يقل عن مليار منها لخطر الهلاك جوعا، بينما الأزمة العميقة الشاملة تفلت من عقالها، وتتجاوز حدود السيطرة عليها، لتهدد أيضًا رفاه شرائح عريضة دنيا في البلدان الثرية، ولتكشف بوضوح زيف المظاهر الحضارية، وكذب الزعم بأن البلدان الثرية تستحق ثراءها الذي حققته بجهودها وبإمكانياتها الخاصة في حد ذاتها، فالذين كانوا ينظرون إلى سويسرا، مثلا، على أنها مجرد بلد صغير جميل، ومحايد مسالم، يقطنه شعب ذكي، نشيط مبدع، يستحق ثراءه الفاحش، اكتشفوا أنها مغارة لصوص دولية، لها وظيفتها المحددة في هذا النظام الربوي الشايلوكي الدولي، وأنها تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية في ما أصاب البشرية عموما من دمار! غير انه ما كان لهذا الاكتشاف أن يعلن لولا أن شرور المغارة السويسرية وآثامها المالية وصلت أخيرا إلى بعض الدول الأوروبية وإلى الولايات المتحدة بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة العظمى.
إن الودائع المالية الأجنبية في المصارف السويسرية تتعدى اليوم مبلغ تريليونين ونصف تريليون دولار (ضمنها مئات مليارات الدولارات لبعض العرب) وتمثل خدماتها أو عائداتها حوالي 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السويسري، وتتألف هذه الودائع من أموال هرّبها "أصحابها" من بلدانهم كي يتخلصوا من دفع ضرائبها لحكوماتهم وشعوبهم، كما هو حال الأوروبيين والأمريكيين بالدرجة الأولى، ومن أموال سلبها الأقوياء واللصوص من بلدانهم الفقيرة البائسة بطرق مختلفة ابسطها "العمولات" غير المشروعة وتتألف أيضًا من أموال جمعها المغامرون والقتلة الدوليون، المتاجرون بالممنوعات والمحرمّات كالمخدّرات وغيرها، وبالجثث كما في العراق وأفغانستان، فهم لا يستطيعون تبرير هذه الأموال القذرة من دون مرورها بالمغارة السويسرية وأخواتها! وبالطبع، إذا كان المودعون لهذه الأموال في سويسرا قد ارتكبوا ما ينطبق عليه وصف الجريمة ضدّ البشرية، فإنّ سويسرا شريكة في هذه الجريمة على قدم المساواة منذ أخذت على عاتقها مهمّة حماية المودعين المجرمين، بحجب أسمائهم تحت ذريعة "السريّة المصرفية"!
في عهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما، وتحت ثقل الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي يحتاج الخروج منها إلى تريليونات الدولارات، من دون أن يكون الخروج مضمونا، مارست الحكومة الأمريكية الجديدة الضغط على سويسرا للكشف عن أسماء الأثرياء الأمريكيين المودعين في مصارفها، وقد حصلت على معلومات عن 300 ثري، وبناء على ذلك رفعت وزارة العدل الأمريكي دعوى تطالب فيها المصارف السويسرية بتسليمها معلومات عن 52 ألف حساب سري أمريكي قيمتها 15 مليار دولار! تصورّوا! 52 ألف حساب فيها بالتأكيد حسابات القتلة واللصوص الأمريكيين وغير الأمريكيين في العراق وغيره، من عصابات "الشركات الأمنية الخاصة"، شركات بوش وتشيني ورامسفيلد ورايس وولفويتز وبيرل وغيرهم كثير! فما كادت واشنطن تفعل ذلك وتنجح حتى سارعت بعض العواصم الأوروبية الرئيسية، التي أرهقتها بدورها الأزمة وكادت تفقدها صوابها، تحذو حذو واشنطن، باسم الاتحاد الأوروبي! وقد أضاف الأوروبيون إنّ عدم انصياع سويسرا لمطالبهم، وبالكشف عن الحسابات السرّية للمودعين الأوروبيين، سوف يعرّضها لتصنيفها بين "الدول المارقة"، ولوضع اسمها على لائحة سوداء تقدّم لقمّة الدول العشرين (في لندن 2/4/2009)!
إن العمل المصرفي على الطريقة السويسرية، المتبع منذ عشرات السنين، والذي تقوم به أيضًا لصالح عصابات النظام الدولي الربوي دول أخرى صغيرة وجميلة وثريّة، متحضرّة جدا جدا، مثل النمسا ولوكسمبورغ وليشتنشتاين وأندوره وغيرها، هو من الأعمال الرئيسية التي تسبّبت في الانهيار المالي العالمي كما يقول الخبراء الاقتصاديون، وبخاصة انهيار الولايات المتحدة، غير أنّ هؤلاء الخبراء المنافقون لا يتحدثون بالوضوح نفسه عن الأسباب الأهّم المتعلقة بطبيعة النظام الدولي، ولا عن جرائم قيادته الأمريكية العليا، فالكوارث المالية كانت موجودة دائما في بلدان آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، لكنهم لم يأبهوا لها، وكانوا موافقين على الدور الإجرامي الذي تلعبه المصارف السويسرية ومن لف لفها، بل أن بلدة دافوس في سويسرا كانت ولا تزال مقرّ منتدى النخبة العالمية من رجال المال الحرام والأعمال المشينة التي تحكم العالم، إلى أن خرجت الأمور عن السيطرة الأمريكي الأوروبية، وأصاب الضرر السويسري الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان نتيجة حماقات عصابة بوش ومغامراتها الجنونية في العراق تحديدا، فاتجهوا إلى سويسرا وهدّدوها بوضعها على اللائحة السوداء، وهو ما كان ينبغي تهديدها به منذ البداية، أي منذ ما قبل عشرات السنين، لولا أنّ العالم تحكمه عصابات مستفيدة جميعها من النظام السرّي للمصارف السويسرية!