نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


لعبة الجامعة العربية





علينا أن نفهم أننا أمام لعبة تديرها أطراف في الجامعة العربية لإنقاذ نظام الأسد في سوريا من إسقاطه، والتغطية على مذابحه هناك. وما إرسال المراقبين، ودعوة خالد مشعل وإيران لبدء وساطة سلمية، إلا لعبة هدفها شراء وقت لإعانة النظام على قتل المزيد وإنقاذ رقبته. لقد مدت الجامعة العربية عمر النظام بأكثر من ثلاثة أشهر منذ بدء الحديث عن دعوات التفاوض، تمكن خلالها من السيطرة على بعض المناطق المنتفضة، ولو نجحت الجامعة ومشعل وروسيا في حماية ظهر حكومة الأسد وضمنت عدم التدخل الدولي تسعة أشهر أخرى لربما تمكن من تفريغ الشوارع والميادين الثائرة، ولن يعجز خلالها عن حبس نصف مليون من النشطاء والمتظاهرين، واحتلال المدن بالقوات المسلحة والشبيحة.


التدخل الدولي لا ينافي الأخلاق أو السياسة أو العروبة أو الإسلام، بل ضرورة لموازنة بطش النظام ودعم دول تمده بالقوة والمال والرجال. لدينا نماذج أحداث مهمة كان التدخل الدولي فيها حاسما بهدف حماية السكان من أنظمة باطشة، أبرزها تدخل الناتو لإنقاذ مسلمي كوسوفو والبوسنة والهرسك، وقبلها التدخل الدولي لإنقاذ الشعب الكويتي من احتلال صدام. قبل عشرين سنة عرف العرب الجدل نفسه الذي يدور اليوم حول جواز التدخل الدولي لإنقاذ الشعب السوري من المذبحة. كان صدام قد التهم الكويت في فجر الثاني من أغسطس (آب). انقسم العرب بين فريقين؛ عرب مع احتلال صدام للكويت، وعرب يريدون طرده. فريق الاحتلال كان يعرف أن من المستحيل هزيمة قوات صدام بقوة خليجية، ويخشون من هزيمتها بتدخل دولي. والفريق الثاني يعرف أن إيران حاربت ثماني سنوات وأي قوة عربية ستحتاج إلى سنين أطول لمواجهة نظام عسكري مثل صدام، وقد ينتصر. حينها تخندق كل فريق في مكانه وسط معركة كلامية، فالمجموعة الخليجية كانت تريد التدخل الأميركي لأنها تعرف أنها قوة ضاربة قادرة على اختصار الوقت وتأمين النصر، لكن مع منحه الشرعية الدولية من خلال مجلس الأمن، حتى لا يثير حفيظة العرب عموما. والفريق الثاني كافح التدخل حتى يؤمن احتلال صدام للكويت. وصار كل من يدافع عن اللجوء إلى الحل الدولي يخوَّن ويُتهم بالعمالة. واقترحوا عوضا عنه ما سمي بالحل العربي وقوات عربية. طبعا كان هدف المشروع في حقيقة الأمر تمييع القضية.

فكرة إرسال المراقبين العرب اخترعت لغرضين؛ منع التدخل الدولي، ومنح النظام مزيدا من الوقت لينهي الثورة بقتل النشطاء وسجن المتظاهرين. العالم لم يطلب إرسال مراقبين عندما كان الصرب يذبحون مسلمي كوسوفو والبوسنة والهرسك. لقد اختصرت الحلول في إنذار نظام بلغراد آنذاك، إما وقف المذابح وإما التدخل الدولي، ورغم اعتراض الروس وبعض الأوروبيين فإن التدخل الدولي تم وهو الذي أوقف المذابح. لم يقبل أحد دعوات إرسال مراقبين ليوغوسلافيا لأن التقارير المختلفة تؤكد على حدوث المذابح وقتل المدنيين العزّل، وهو ما يحدث الآن في سوريا.

ولاحظوا أن الحالة السورية أكثر استحقاقا للتدخل من قضية كوسوفو، ففي عام 1988 كانت المشكلة بسبب إعلان الكوسوفيين انفصالهم عن دولة بلغراد، ثم تشكيلهم جيش تحرير كوسوفو الذي خاض قتالا ضد الصرب. أما في سوريا فإن الشعب يباد وهو لم يطلب انفصالا، ولم يقاتل. تقريبا كلها مظاهرات سلمية ضد النظام، ومع هذا يتم قتل الناس علانية أمام العالم، فكيف يدّعي بعض العرب أن التدخل الدولي عمل استعماري ومرفوض؟

التاريخ يعيد نفسه. اليوم العرب الذين يريدون إنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط يعتمدون استراتيجية تقوم على فكرتين؛ الأولى منع التدخل الدولي، والثانية منحه المزيد من الوقت ليقتل كل الناشطين من الشعب السوري أو يسجنهم. هذه حقيقة رفض التدخل الدولي التي تنفي أبسط حقوق الإنسان، حقه في إنقاذ حياته، ولا يجوز إنكارها عليه تحت أي مسمى. وبكل أسف، الأمين العام للجامعة العربية جعل وظيفته منع إنقاذ الشعب السوري من المذبحة، ومنح سكين النظام المزيد من الوقت للقتل.

عبد الرحمن الراشد
الخميس 12 يناير 2012