نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


كيف تتصدى للصهيونية والإمبريالية بملايين النازحين واللاجئين؟




من حق المدافعين عن النظام السوري أن يستمروا في التشبث بمواقفهم والتأكيد على أن نظامهم يواجه "مؤامرة كونية" لا لشيء إلا لأنه، حسب طرحهم، على عكس بقية الدول العربية، صاحب مشروع. ويتمثل ذلك المشروع الذي يريد أن يمضي الرئيس الأسد حتى يحققه، حسب أصدقاء النظام، في أنه يريد أن يحبط المؤامرات والمخططات "الإمبريالية" والصهيونية التي تستهدف العرب والمنطقة عموماً.


  طبعاً لسنا هنا في وارد نسف همروجة "الممانعة والمقاومة" التي يرفعها النظام السوري منذ سنوات، والتي يسخر منها خصومه شر سخرية منذ سنوات، خاصة أنه، حسب رأيهم، لم يخض منذ عقود أي حروب تذكر مع الصهينونية، فما بالك بالإمبريالية. كل ما نريده الآن أن نوجه بعض الأسئلة البسيطة جداً حول المشاريع السورية التي فعل النظام ما فعله بسوريا منذ شهور كي ينجزها، حسب زعمه، ومدى إمكانية نجاحها على ضوء ما حصل في البلاد على مدار أكثر من عام ونصف من الأزمة القاتلة.
فلو واجهت مؤيدي النظام حول الدمار المهول الذي حل بسوريا مادياً وإنسانياً، لتجاهلوا السؤال، وراحوا يكررون نفس الأسطوانة، وهي أن النظام يريد من خلال هذه السياسية الأمنية والعسكرية أن يحمي سوريا، وأن يتصدى لمن يتآمر عليها. لنتفق جدلاً مع هذا الطرح، لكن السؤال الذي بات يسأله حتى تلاميذ المدارس، فما بالك بالإستراتيجيين: كيف تواجه أعداء سوريا ببلد تم تدمير معظم مدنه، وقراه، ومدارسه ومشافيه، ومصانعه، والكثير الكثير من أبنيته التحتية التي تحتاج سنوات وسنوات لتعود إلى ما كانت عليه من سوء؟ هل الجيش السوري الذي يحارب من أقصى البلاد إلى أقصاها ما زال قادراً على خوض حروب مع الأعداء؟ كيف يواجه جيوش الصهيونية والإمبريالية إذا فشل حتى الآن بعد أكثر من سنة ونصف في القضاء على ما يسميها "عصابات مسلحة" تسليحاً خفيفاً أو حتى ثقيلاً كي لا "يزعل" المدافعون عن النظام؟ هل يعقل أن هذا الجيش الذي لم يستطع مواجهة العدو الذي انتقل إلى الداخل كما يزعم، قادر على مواجهة الخارج؟ أليس من المفترض أن النظام بجيشه وقوات أمنه يلعب على أرضه وأمام جمهوره في معركته المحتدمة مع من يسميهم بالمندسين والعملاء والخونة والسلفيين والإرهابيين منذ شهور وشهور؟ هل الجيش السوري من فصيلة الجيوش الخارقة للعادة؟ أم أنه استنزف شر استنزاف بعد أن لجأ إلى كل أنواع الأسلحة البرية والجوية والبحرية، ولم يعد يستطيع مواجهة المعارضين إلا بالبراميل الجوية؟ صحيح أن هناك قسماً كبيراً من الجيش والعتاد مازال في ثكناته ومخازنه، لكن السؤال المطروح، هل يمكن أن تنجح الوحدات العسكرية التي تمت تنحيتها جانباً لأسباب تتعلق بولائها وفعاليتها فيما فشلت فيه قوات النخبة التي تتولى عملية التصدي "للعصابات المسلحة" دون جدوى؟
ولو تركنا الجيش جانباً، وركزنا على الجبهة الداخلية السورية التي تشكل عادة الركيزة الأساسية للحروب ومعارك التصدي للخارج، هل ما زالت تلك الجبهة قادرة أو متحمسة لخوض معارك النظام ضد "المتآمرين" على سوريا؟ كيف تواجه المخططات والمؤامرات الكونية بأكثر من سبعة ملايين سوري مشردين داخلياً، ناهيك عن أن البعض يقول إن عدد المهجرين داخل البلاد ربما وصل إلى عشرة ملايين مهجر؟ كيف تقاوم المؤامرات بشعب نازح فقد الملايين من بيوته؟ كيف يمكن أن يقاتل بشعب بات يبحث عن لقمة عيش بسيطة بعد أن تم تدمير مصادر رزقه وتجارته وصناعته؟ كيف تتصدى للأعداء بمئات الألوف من اللاجئين الذين باتوا يشكلون عبئاً على دول الجوار، لاسيَّما وأن سوريا، حسب آخر الاستطلاعات، ستكون أكبر بلد متسبب في تهجير أبنائه إلى الخارج في القرن الحادي والعشرين؟ أليس الأولى بالنظام أن يؤمن الآن لقمة العيش والمأوى للمشردين والنازحين واللاجئين قبل أن يخرج علينا مؤيدوه على الشاشات ليؤكدوا أنهم ماضون في مسيرة الصمود والتصدي للمخططات الشريرة؟ بعبارة أخرى، هل ما زالت الجبهة الداخلية داعمة لمن شردها من بيوتها وحرمها من لقمة العيش وذبح أبناءها؟ ألا يرى النظام ملايين السوريين الآن المستنجدين بأي قوة خارجية تساعدهم على التصدي لنظامهم؟ كيف تحارب بشعب بات قسم كبير منه مستعداً أن يتحالف مع القاصي والداني كي يتخلص من حكامه؟ وحتى لو ما زال هناك قسم من الشعب مؤيداً للنظام بفعل الخوف من المجهول، فلا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن تعتمد على ذلك القسم المؤيد للتصدي للمؤامرات و"المشاريع الصهيونية والإمبريالية"؟ وحسب النظام في أفضل الأحوال أن يعيد اللحمة إلى الشعب الذي بات يعادي بعضه بعضاً بشكل لا يبشر بأي خير، فما بالك أن يعتمد عليه في تحقيق مشاريعه في ممانعة ومقاومة الأعداء والمتآمرين. هل يعقل أن تدمر الشعب مادياً ومعنوياً بكل أنواع السلاح، ثم تعتمد عليه في التصدي للأعداء وتحقيق المشاريع القومية الكبرى؟
هل ما زال ممكناً بالنسبة للنظام في سوريا رفع شعار الدفاع عن الأمة العربية؟ كيف يدافع عن شرف الأمة، بينما بات النظام وكل من لف لفه يتبرأ من العرب والعروبة؟ ألا يتحدث النظام وحزبه القومي الآن عن "الأمة السورية"، وليس العربية، حسب خطاب الرئيس المنشور في مجلة "الجندي"؟
لقد قال نابليون يوماً إن "الجيوش تزحف على بطونها"، أي أنها لا يمكن أن تنتصر وهي جائعة. وكذلك الشعوب، فلا يمكن أن تتصدى للأعداء وهي بائسة ومستنزفة ومسحوقة ومحطمة مادياً ومعنوياً ومعدياً. كم كان محقاً من قال: "لا يحرر الأرض إلا أحرارها"!
-------------------
الشرق القطرية

د. فيصل القاسم
الاحد 14 أكتوبر 2012