أما من جانب الغرب، فهناك الرغبة في الوصول إلى تسوية للملف النووي تسمح بتجاوز الأزمة القائمة بين الطرفين، والتي تهدد بمواجهة مسلحة إذا لم يتم التوصل إلى حل لها.
غير أن تضخيم الآمال، إذا لم يكن مستنداً إلى واقع، فإنه يقود في معظم الأحيان إلى الخيبة. وهو ما اكتشفه العرب والعالم مع رئاسة محمد خاتمي الذي اصطدم بالقبضة الحديدية التي تمسك بالقرارات المصيرية، والتي تدعى علي خامنئي. لهذا السبب من الضروري البحث في مدى واقعية الآمال المعلقة على حسن روحاني، وحجم التغيير الذي يستطيع إحداثه في نهج الجمهورية الإسلامية.
يأتي روحاني من داخل المؤسسة الدينية الإيرانية. بهذا المعنى ليس معروفاً عنه أن لديه تحفظات كبيرة على سلوك هذه المؤسسة، لا في مواقفها العدائية للأصوات المعارضة، ولا في سياساتها الخارجية. لقد اتخذ روحاني مثلاً موقف الصمت المطبق حيال القمع الذي تعرضت له «الثورة الخضراء» في إيران عام 2009، بعد عملية التزوير التي حصلت في انتخابات ذلك العام وأعادت أحمدي نجاد إلى الرئاسة. وأمس قطع روحاني مؤتمره الصحافي بشكل مفاجئ، عندما وقف أحد الحاضرين يهتف مطالباً بإطلاق المرشح الخاسر في تلك الانتخابات مير حسين موسوي، الموضوع تحت الإقامة الجبرية. وذلك على رغم أن روحاني وعد خلال حملته الانتخابية بالعمل على إطلاق السجناء السياسيين.
فوق ذلك لم يتردد روحاني في اعتبار الانتخابات الأخيرة التي أوصلته إلى الرئاسة «ملحمة عظيمة تستدعي احترام العالم للشعب الإيراني». كما عبر عن «امتنانه للمرشد الأعلى» واعتبر نفسه «ابنه الأصغر». و «الملحمة العظيمة» التي يفتخر بها روحاني هي تلك الانتخابات التي تم استبعاد هاشمي رفسنجاني من الترشح لها بحجة أنه غير مؤهل. ولعل إيران هي البلد الوحيد في التاريخ الذي يكون فيه الرجل المؤتمن على «مصلحة النظام» غير جدير بالترشح للرئاسة في هذا النظام. وهو ما دفع رفسنجاني إلى وصف قيادات إيران بالجهل، قائلاً: لا أتصور أنه كان يمكن أن تدار إيران بشكل أسوأ من هذا!
أما إذا كان صحيحاً أنه كانت لروحاني بعض المبادرات الإيجابية لتحسين العلاقات مع دول الخليج عندما كان أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي في التسعينات من القرن الماضي، فان هذه المبادرات سرعان ما انهارت وانكشف عدم جديتها من خلال الدور الذي لعبه «الحرس الثوري» الإيراني بدعم خلايا مسلحة ارتكبت أعمالاً إرهابية في عدد من تلك الدول.
وبالنسبة إلى الموضوع النووي، فقد كان أول تصريحات روحاني في مؤتمره الصحافي أمس مثيراً للدهشة وسط الأجواء الإيجابية التي أحيط بها انتخابه. فقد كرر المواقف التي كان يتخذها أحمدي نجاد، وقال إن «زمن» المطالب الغربية لوقف تخصيب اليورانيوم «قد ولى». وطالب الولايات المتحدة بالاعتراف بحقوق إيران «لا سيما بالحقوق النووية». ووصف العقوبات المفروضة على بلاده بسبب برنامجها النووي بـ «الظالمة وغير المبررة».
لقد سمحت المؤسسة الحاكمة في إيران، والمتمثلة بالمرشد الأعلى وبالحرس الثوري بفوز حسن روحاني، باعتباره مرشح «الإصلاحيين»، كي تتفادى ردود الفعل التي واجهتها عملية التزوير في الانتخابات السابقة، وكي تعطي انطباعاً أن النظام الإيراني قوي وقادر على استيعاب الأصوات «المعارضة». لهذا سارع خامنئي إلى الإشادة بالانتخابات الأخيرة، واعتبرها «تصويتاً للجمهورية الإسلامية وتصويت ثقة في النظام».
لكن المؤسسة الإيرانية تعرف روحاني وتعرف الحدود التي يستطيع التحرك ضمنها، وخصوصاً في القرارات المهمة المتعلقة بالسياسة الخارجية وبالموضوع النووي. فهذه الحدود هي التي دفعت محمد خاتمي إلى التردد في ترشيح نفسه للرئاسة مرة أخرى، لأنه أدرك أن تغيير الرؤساء في إيران بلا معنى طالما أن الصلاحيات الأساسية هي في مكان آخر أعلى من الرئيس.
لقد كان حكام إيران الفعليون «أذكياء» إلى درجة تمرير حيلة الانتخابات الأخيرة وإقناعنا باحترام «ديموقراطيتهم». غير أننا يجب أن نكون كذلك على درجة من الذكاء بحيث لا تنطلي علينا هذه الحيلة، فلا نصدق وهم التغيير في السياسات الإيرانية قبل أن نرى دلالات حقيقية على هذا التغيير.
وبانتظار ذلك فان ما أمامنا يشير إلى أن كل القيادات في إيران ليست سوى صدى لما يريده خامنئي. أما المخالفون فهم جالسون في بيوتهم أو في المعتقلات.
يأتي روحاني من داخل المؤسسة الدينية الإيرانية. بهذا المعنى ليس معروفاً عنه أن لديه تحفظات كبيرة على سلوك هذه المؤسسة، لا في مواقفها العدائية للأصوات المعارضة، ولا في سياساتها الخارجية. لقد اتخذ روحاني مثلاً موقف الصمت المطبق حيال القمع الذي تعرضت له «الثورة الخضراء» في إيران عام 2009، بعد عملية التزوير التي حصلت في انتخابات ذلك العام وأعادت أحمدي نجاد إلى الرئاسة. وأمس قطع روحاني مؤتمره الصحافي بشكل مفاجئ، عندما وقف أحد الحاضرين يهتف مطالباً بإطلاق المرشح الخاسر في تلك الانتخابات مير حسين موسوي، الموضوع تحت الإقامة الجبرية. وذلك على رغم أن روحاني وعد خلال حملته الانتخابية بالعمل على إطلاق السجناء السياسيين.
فوق ذلك لم يتردد روحاني في اعتبار الانتخابات الأخيرة التي أوصلته إلى الرئاسة «ملحمة عظيمة تستدعي احترام العالم للشعب الإيراني». كما عبر عن «امتنانه للمرشد الأعلى» واعتبر نفسه «ابنه الأصغر». و «الملحمة العظيمة» التي يفتخر بها روحاني هي تلك الانتخابات التي تم استبعاد هاشمي رفسنجاني من الترشح لها بحجة أنه غير مؤهل. ولعل إيران هي البلد الوحيد في التاريخ الذي يكون فيه الرجل المؤتمن على «مصلحة النظام» غير جدير بالترشح للرئاسة في هذا النظام. وهو ما دفع رفسنجاني إلى وصف قيادات إيران بالجهل، قائلاً: لا أتصور أنه كان يمكن أن تدار إيران بشكل أسوأ من هذا!
أما إذا كان صحيحاً أنه كانت لروحاني بعض المبادرات الإيجابية لتحسين العلاقات مع دول الخليج عندما كان أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي في التسعينات من القرن الماضي، فان هذه المبادرات سرعان ما انهارت وانكشف عدم جديتها من خلال الدور الذي لعبه «الحرس الثوري» الإيراني بدعم خلايا مسلحة ارتكبت أعمالاً إرهابية في عدد من تلك الدول.
وبالنسبة إلى الموضوع النووي، فقد كان أول تصريحات روحاني في مؤتمره الصحافي أمس مثيراً للدهشة وسط الأجواء الإيجابية التي أحيط بها انتخابه. فقد كرر المواقف التي كان يتخذها أحمدي نجاد، وقال إن «زمن» المطالب الغربية لوقف تخصيب اليورانيوم «قد ولى». وطالب الولايات المتحدة بالاعتراف بحقوق إيران «لا سيما بالحقوق النووية». ووصف العقوبات المفروضة على بلاده بسبب برنامجها النووي بـ «الظالمة وغير المبررة».
لقد سمحت المؤسسة الحاكمة في إيران، والمتمثلة بالمرشد الأعلى وبالحرس الثوري بفوز حسن روحاني، باعتباره مرشح «الإصلاحيين»، كي تتفادى ردود الفعل التي واجهتها عملية التزوير في الانتخابات السابقة، وكي تعطي انطباعاً أن النظام الإيراني قوي وقادر على استيعاب الأصوات «المعارضة». لهذا سارع خامنئي إلى الإشادة بالانتخابات الأخيرة، واعتبرها «تصويتاً للجمهورية الإسلامية وتصويت ثقة في النظام».
لكن المؤسسة الإيرانية تعرف روحاني وتعرف الحدود التي يستطيع التحرك ضمنها، وخصوصاً في القرارات المهمة المتعلقة بالسياسة الخارجية وبالموضوع النووي. فهذه الحدود هي التي دفعت محمد خاتمي إلى التردد في ترشيح نفسه للرئاسة مرة أخرى، لأنه أدرك أن تغيير الرؤساء في إيران بلا معنى طالما أن الصلاحيات الأساسية هي في مكان آخر أعلى من الرئيس.
لقد كان حكام إيران الفعليون «أذكياء» إلى درجة تمرير حيلة الانتخابات الأخيرة وإقناعنا باحترام «ديموقراطيتهم». غير أننا يجب أن نكون كذلك على درجة من الذكاء بحيث لا تنطلي علينا هذه الحيلة، فلا نصدق وهم التغيير في السياسات الإيرانية قبل أن نرى دلالات حقيقية على هذا التغيير.
وبانتظار ذلك فان ما أمامنا يشير إلى أن كل القيادات في إيران ليست سوى صدى لما يريده خامنئي. أما المخالفون فهم جالسون في بيوتهم أو في المعتقلات.