سوريا او في سوريا ذاتها، منها في الجنوب اللبناني او ارض فلسطين.
اكتب بصفتي مواطنا عربيا لبنانيا قضى القسط الاوفر من عمره مناضلا في حركة التحرر الوطني العربية منذ معارضته يافعًا العدوان الثلاثي على قناة السويس والانزال العسكري الاميركي في لبنان وتضامنه مع الثورات التحررية في الجزائر والمغرب العربي واليمن والخليج، وصولا الى دفاعه عن حزب الله والمقاومة الاسلامية في وجه الحملة المحلية والنفطوية العربية والاورو ـ الاميركية ضده إبان العدوان الاسرائيلي في تموز ٢٠٠٦. وفي خلال تلك العقود، أسهمت في تأسيس تنظيمين وطنيين ديموقراطيين علمانيين ويساريين - «لبنان الاشتراكي» و«منظمة العمل الشيوعي في لبنان» - وفي قيادة نضالهما في «الحركة الوطنية اللبنانية»، بما تضمنه ذلك من دعم للمقاومة الفلسطينية والمشاركة في الدفاع عن الجنوب اللبناني منذ ان كانت الاعتداءات الاسرائيلية المتجددة على الاراضي اللبنانية والمخيمات الفلسطينية ابتداء من العام ١٩٦٨.
وأكتب خصوصا بصفتي أسهمت في اطلاق «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» في ايلول ١٩٨٢ وأتوقف عند هذا الحد في عرض الحال هذا لفائدة تثبيت الحق في قول ما سوف يقال.
وأكتب بصفتي مثقفا. وفي ذهني تلميح سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله، في خطبته في الاول من آب المنصرم، الى مقالة نقدية لي في «السفير» متبرّما: «ما شاء الله على المثقفين». أمارس العمل الذهني في الترجمة والكتابة والتأليف والتدريس والصحافة. ولي في ذلك عشرون مؤلفا وما يوازيها من الترجمات ومئات الدراسات والمقالات والمقابلات وغيرها مما يصدر عن «شقّ القلم» حتى لا نقول عن «شقّ النفس». ومن هذا العمل اعيش. وأحسب ان لقب مثقف، بما هو موقع مخصوص في تقسيم العمل الاجتماعي، ينطبق ايضا على قسم كبير من قادة «حزب الله» من علمائيين وغير علمائيين [بالهمزة بعد الالف لا بالنون! بالمقدار الذي يغلب على عملهم تداول الافكار وتأويل الكلام وتفسير الرموز او تعميمها وغيرها من اوجه النشاط الذهني. فما شاء الله علينا وعليهم جميعا. وحاشى ان يفسَّر كلام السيد حسن على انه ينطوي على اي انتقاص من المثقفين او من اقامة التعارض بين مناضل ومجاهد من جهة وبين مثقف من جهة اخرى.
لكني اكتب، مثقفا ومناضلا، خصوصا باسم شراكة نضالية، وإن تكن غير متكافئة زمنا وجهدا وتضحيات، بين الشيوعيين اللبنانيين، في الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي في لبنان، وسائر اطراف الحركة الوطنية اللبنانية من جهة، وبين حزب المقاومة الاسلامية، من جهة اخرى، في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي منذ ان وطأت قواته الارض اللبنانية مجددا في صيف ١٩٨٢ وصولا الى تحرير الجنوب اللبناني المحتلّ العام ٢٠٠٠ (خلا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من قرية الغجر) على ايدي مجاهدي المقاومة الاسلامية منفردين. وهي شراكة لم تخل وليست تخلو الآن خصوصا من تناقض وتعارض في الرؤى والسياسات والممارسات.
ومناسبة الكتابة هي مناشدة قيادة حزب الله ان تسحب مقاتلي الحزب من الاراضي السورية، إن صحّت المعلومات عن وجودهم عليها والامتناع عن عمليات قتالية على الحدود المشتركة بين البلدين، وان تعلن ذلك على الملأ.
اناشدها ذلك من اجل فلسطين،
من اجل الحفاظ على مصداقية دور الحزب والمقاومة الاسلامية في الصراع العربي الاسرائيلي،
من اجل الحفاظ على شرف السلاح المقاوِم ليظل يمارس «جهاده» ضد العدو الاسرائيلي، وضده فقط.
وأناشد قيادة «حزب الله» ذلك،
من اجل الا يضطر الحزب الى دفع الثمن الباهظ، في علاقته المستقبلية بالشعب السوري ونخبه الحاكمة، لقاء دعمه نظاما آيلاً الى زوال، بشكل او بآخر، وحتى لا يضيف خطيئة المشاركة القتالية، الى اخطاء تأييد النظام السياسي والدعاوي، في وجه المعارضة السلمية والمسلّحة لاقسام اساسية من الشعب السوري وللمدنيين السوريين عموما.
وأناشد قيادة «حزب الله» حقنا لدماء اللبنانيين والسوريين على حد سواء واتقاء لزج لبنان وشعبه في النزاع الدائر على الاراضي السورية.
اكتب هذه المناشدة بالحبر ذاته، وفي المكان ذاته، الذي كتبت فيه تنديدي الشديد بقيادة «المؤتمر الوطني السوري» عندما قاربت التخلي الوطني في تعهدها للادارات الاميركية والاوروبية وحكام السعودية وقطر بقطع إمداد «حزب الله» بالسلاح وقطع العلاقة به.
اكتب هذه المناشدة بالحبر نفسه، وفي المكان ذاته، الذي نددت واندد فيه بالحملات المشبوهة الرائجة حاليا ضد الحزب، ودافعتُ وادافع فيه عن حقه في سلاحه سلاحا للدفاع الوطني اللبناني ضد العدو الاسرائيلي بعد ان استكمل دوره في المقاومة والتحرير.
واكتب ايضا مندداً بتصريح اخير لناطق باسم «الجيش السوري الحر» يهدد فيه بنقل القتال الى ضاحية بيروت الجنوبية.
وما من شك لدي في ان انسحاب «حزب الله» من اي تورّط في القتال الدائر في سوريا سوف يعزز من ضغط العاملين من أجل سياسة وطنية مشتركة للبلدين تتضمن في ما تتضمن حماية سوريا المستقبل، سوريا الشعب والسلطة والدولة الديموقراطية الحرّة المستقلّة، لـ«حزب الله» وسلاحه، بما هو قوة دفاع وطني عن لبنان، ومن خلاله عن سوريا.
وأكتب هذه الكلمات اخيرا على رجاء ألا يقتصر دورها على إراحة ضمير كاتبها.
---------------
السفير
اكتب بصفتي مواطنا عربيا لبنانيا قضى القسط الاوفر من عمره مناضلا في حركة التحرر الوطني العربية منذ معارضته يافعًا العدوان الثلاثي على قناة السويس والانزال العسكري الاميركي في لبنان وتضامنه مع الثورات التحررية في الجزائر والمغرب العربي واليمن والخليج، وصولا الى دفاعه عن حزب الله والمقاومة الاسلامية في وجه الحملة المحلية والنفطوية العربية والاورو ـ الاميركية ضده إبان العدوان الاسرائيلي في تموز ٢٠٠٦. وفي خلال تلك العقود، أسهمت في تأسيس تنظيمين وطنيين ديموقراطيين علمانيين ويساريين - «لبنان الاشتراكي» و«منظمة العمل الشيوعي في لبنان» - وفي قيادة نضالهما في «الحركة الوطنية اللبنانية»، بما تضمنه ذلك من دعم للمقاومة الفلسطينية والمشاركة في الدفاع عن الجنوب اللبناني منذ ان كانت الاعتداءات الاسرائيلية المتجددة على الاراضي اللبنانية والمخيمات الفلسطينية ابتداء من العام ١٩٦٨.
وأكتب خصوصا بصفتي أسهمت في اطلاق «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» في ايلول ١٩٨٢ وأتوقف عند هذا الحد في عرض الحال هذا لفائدة تثبيت الحق في قول ما سوف يقال.
وأكتب بصفتي مثقفا. وفي ذهني تلميح سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله، في خطبته في الاول من آب المنصرم، الى مقالة نقدية لي في «السفير» متبرّما: «ما شاء الله على المثقفين». أمارس العمل الذهني في الترجمة والكتابة والتأليف والتدريس والصحافة. ولي في ذلك عشرون مؤلفا وما يوازيها من الترجمات ومئات الدراسات والمقالات والمقابلات وغيرها مما يصدر عن «شقّ القلم» حتى لا نقول عن «شقّ النفس». ومن هذا العمل اعيش. وأحسب ان لقب مثقف، بما هو موقع مخصوص في تقسيم العمل الاجتماعي، ينطبق ايضا على قسم كبير من قادة «حزب الله» من علمائيين وغير علمائيين [بالهمزة بعد الالف لا بالنون! بالمقدار الذي يغلب على عملهم تداول الافكار وتأويل الكلام وتفسير الرموز او تعميمها وغيرها من اوجه النشاط الذهني. فما شاء الله علينا وعليهم جميعا. وحاشى ان يفسَّر كلام السيد حسن على انه ينطوي على اي انتقاص من المثقفين او من اقامة التعارض بين مناضل ومجاهد من جهة وبين مثقف من جهة اخرى.
لكني اكتب، مثقفا ومناضلا، خصوصا باسم شراكة نضالية، وإن تكن غير متكافئة زمنا وجهدا وتضحيات، بين الشيوعيين اللبنانيين، في الحزب الشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي في لبنان، وسائر اطراف الحركة الوطنية اللبنانية من جهة، وبين حزب المقاومة الاسلامية، من جهة اخرى، في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي منذ ان وطأت قواته الارض اللبنانية مجددا في صيف ١٩٨٢ وصولا الى تحرير الجنوب اللبناني المحتلّ العام ٢٠٠٠ (خلا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم اللبناني من قرية الغجر) على ايدي مجاهدي المقاومة الاسلامية منفردين. وهي شراكة لم تخل وليست تخلو الآن خصوصا من تناقض وتعارض في الرؤى والسياسات والممارسات.
ومناسبة الكتابة هي مناشدة قيادة حزب الله ان تسحب مقاتلي الحزب من الاراضي السورية، إن صحّت المعلومات عن وجودهم عليها والامتناع عن عمليات قتالية على الحدود المشتركة بين البلدين، وان تعلن ذلك على الملأ.
اناشدها ذلك من اجل فلسطين،
من اجل الحفاظ على مصداقية دور الحزب والمقاومة الاسلامية في الصراع العربي الاسرائيلي،
من اجل الحفاظ على شرف السلاح المقاوِم ليظل يمارس «جهاده» ضد العدو الاسرائيلي، وضده فقط.
وأناشد قيادة «حزب الله» ذلك،
من اجل الا يضطر الحزب الى دفع الثمن الباهظ، في علاقته المستقبلية بالشعب السوري ونخبه الحاكمة، لقاء دعمه نظاما آيلاً الى زوال، بشكل او بآخر، وحتى لا يضيف خطيئة المشاركة القتالية، الى اخطاء تأييد النظام السياسي والدعاوي، في وجه المعارضة السلمية والمسلّحة لاقسام اساسية من الشعب السوري وللمدنيين السوريين عموما.
وأناشد قيادة «حزب الله» حقنا لدماء اللبنانيين والسوريين على حد سواء واتقاء لزج لبنان وشعبه في النزاع الدائر على الاراضي السورية.
اكتب هذه المناشدة بالحبر ذاته، وفي المكان ذاته، الذي كتبت فيه تنديدي الشديد بقيادة «المؤتمر الوطني السوري» عندما قاربت التخلي الوطني في تعهدها للادارات الاميركية والاوروبية وحكام السعودية وقطر بقطع إمداد «حزب الله» بالسلاح وقطع العلاقة به.
اكتب هذه المناشدة بالحبر نفسه، وفي المكان ذاته، الذي نددت واندد فيه بالحملات المشبوهة الرائجة حاليا ضد الحزب، ودافعتُ وادافع فيه عن حقه في سلاحه سلاحا للدفاع الوطني اللبناني ضد العدو الاسرائيلي بعد ان استكمل دوره في المقاومة والتحرير.
واكتب ايضا مندداً بتصريح اخير لناطق باسم «الجيش السوري الحر» يهدد فيه بنقل القتال الى ضاحية بيروت الجنوبية.
وما من شك لدي في ان انسحاب «حزب الله» من اي تورّط في القتال الدائر في سوريا سوف يعزز من ضغط العاملين من أجل سياسة وطنية مشتركة للبلدين تتضمن في ما تتضمن حماية سوريا المستقبل، سوريا الشعب والسلطة والدولة الديموقراطية الحرّة المستقلّة، لـ«حزب الله» وسلاحه، بما هو قوة دفاع وطني عن لبنان، ومن خلاله عن سوريا.
وأكتب هذه الكلمات اخيرا على رجاء ألا يقتصر دورها على إراحة ضمير كاتبها.
---------------
السفير