نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


قمة الدوحة.. إشارة الانطلاق إلى سوريا ما بعد الأسد




هي القمة العربية الثانية في الدوحة خلال أربع سنوات، والثانية بعد قمة بغداد العام الماضي على خلفية تحولات «الربيع العربي». في العام 2011 تعذّر عقد القمة لأن الثورات والانتفاضات كانت لا تزال في طور التفاعل، وفي العام 2012 كانت القوات الأميركية انسحبت رسمياً من العراق فأُزيلت التحفظات عن الالتئام في ظل الاحتلال وجرى التغلب على المخاوف الأمنية أملاً في أن تسجل القمة -حتى لو كانت قصيرة لبضع ساعات- عودة العراق إلى الكنف العربي، غير أن الأداء العراقي طوال سنة رئاسته القمة دلّ على أن حكومته لم تشأ هذه العودة فعلاً ولم تمارسها عملياً. ورغم أن محللين لا يزالون يعتبرون أن إسقاط النظام العراقي السابق كان بمثابة بداية لـ «الربيع»، إلا أن النظام الجديد في بغداد رأى، مثله مثل النظام الإيراني، أن قطار التغيير يجب أن يتوقف عند حدود سوريا فلا ينال من نظامها ولا يُسقطه. ولا يزال إنكار الواقع ديدن تفكير هذه الأنظمة الثلاث ومواقفها


 .
على العكس ستكون قمة الدوحة «قمة سوريا» بامتياز، سوريا ما بعد نظام بشار الأسد، سوريا المستقبل، فللمرة الأولى منذ ولادة هذا النظام سيجلس في مقعد سوريا ممثل الشعب والثورة لا ممثل حزب أو «شرعية» مغتصبة. وعدا أن هذه الخطوة تمثل تطوّراً طبيعياً لتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، فإنها انعكاس عملي ومنطقي لحقيقة أن النظام السوري فقد شرعيته منذ الرصاصات الأولى في درعا، فضلاً عن أنها تحدٍ فعلي للأطراف التي تواصل دعم النظام في نهجه الدموي ومشروعه المندفع نحو تدمير سوريا تمهيداً لتفتيتها. لكن قمة الدوحة لن تركّز على هذا الحدث البروتوكولي فحسب، بل ستشهد الخطوة الأولى نحو الانخراط في مشروع عربي -دولي لـ «إعادة إعمار سوريا»، وهو عنوان مؤتمر عالمي واسع سيعقد قريباً في نيويورك. ذاك أن الدمار المنهجي الذي يرتكبه النظام يهدف إلى إرباك المرحلة التي تلي نهايته وضمان أن تكون مرحلة فوضى ونزاعات، لذا فإن إعادة الإعمار باتت التحدي المقبل.
العنوان الآخر في قمة الدوحة هو العنوان الدائم عربياً: القضية الفلسطينية. فمع كل منعطف جيوسياسي تتعرض هذه القضية لتهميش جديد، وتزداد الأطراف التي «تستقيل» منها سراً أو علناً، جزئياً أو كلياً. لكن أي دولة تجد الفرصة السانحة للتنكر لهذه القضية، بداعي مشاكلها الخاصة أو الضغوط الأميركية عليها، لا تلبث أن تصطدم بخطئها، لأن الشعوب مهما انشغلت بصعوباتها يبقى الشأن الفلسطيني في أعماق وجدانها. في العام 1990 قصم الغزو العراقي للكويت ظهر «النظام العربي» وتداعى لاحقاً على الفلسطينيين في شكل سلام ناقص لم ينه الاحتلال، وبعد 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة دفع الفلسطينيون ثمن ما لا علاقة لهم به بسبب الاستغلال الإسرائيلي للهجمات الإرهابية وتبعات الثأر الأميركي منها، وأخيراً شكلت ثورات العام 2011 ذريعة لإعادة خلط أوراق المنطقة وأولوياتها وكذلك لتأجيل البحث في أي سلام رغم أن إسرائيل تنتهز الظروف لسرقة مزيد من الأرض الفلسطينية. والمتوقع في قمة الدوحة أن يقرّ العرب خطة تحرك نحو المجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة سعياً إلى تعديل المقاربة المجمدة حالياً للقضية الفلسطينية. فهذه كانت وستبقى محور أي استراتيجية عربية، إذ لا يمكن تصور استقرار حقيقي أو سلم أهلي أو أنظمة جديدة قائمة على العدالة واحترام حقوق الإنسان طالما أن هناك شعباً عربياً واقعاً تحت ظلم مزمن.
أما العنوان الثالث لقمّة الدوحة فهو إصلاح الجامعة العربية، وهذا توجّه ضروري وحتمي معلن يُفترض أن يعبر عن جانب من بناء «النظام العربي» المقبل. والمعروف أنه لا يزال موضع تدارس، تحديداً لأن العديد من العواصم لم يبدِ ملاحظاته بعد على المشروع المقترح. الأرجح أن يستمر النقاش حوله داخل اللجان المختصة، والمؤمل به أن تتوصل الجامعة إلى إصلاح يتناسب مع التحوّلات العربية وإقامة أنظمة جديدة أكثر انسجاماً مع الطموحات الحقيقية التي أسهمت الثورات في تظهيرها. فلا حاجة إلى جامعة لا تستطيع أن تجد اللحمة بين الحكومات والشعوب، كما أن لا حاجة إلى «عمل عربي مشترك» لا يعزز التعاون والتكامل في المجالات الاقتصادية بمعزل عن التقلبات السياسية.
ستتولى دولة قطر رئاسة القمة العربية لسنة من الواضح أنها ستكون من الأكثر دقةً وصعوبة، فالثورة في طور استعادة سوريا إلى موقعها العربي المركزي بعدما صودر لأعوام طويلة في خدمة أجندات أخرى أسهمت في انقسام عربي حاد. لذا، استطراداً، تنذر المحنة السورية بتداعيات إقليمية بعضها متوقع وبعض آخر يصعب تقديره بسبب تداخل الصراعات والأزمات. ولعلها أيضاً السنة التي يتوجّب فيها على الدولة المعنية أن تعمل بجهد استثنائي لـ «تنقية أجواء العلاقات العربية» ما أمكنها ذلك، وبالتالي الشروع في بلورة معالم «النظام العربي» المقبل، تأسيساً على نتائج الثورات والتحوّلات، حتى لو تكتمل نهائياً المسارات الانتقالية. ذاك أن التأجيل والانتظار والتواني تعني تمديد مرحلة انعدام الوزن وعدم اليقين، وتبقي أبواب المنطقة العربية مفتوحة للأدوار الخارجية المعنية حصرياً بمصالحها لا بمصالح العرب دولاً وشعوباً.
---------------------------
العرب القطرية

عبدالوهاب بدرخان
الاثنين 25 مارس 2013