هذا ما توصلت إليه صحيفة «فورين بوليسي» اليمينية الأميركية. صحيح أن هذا الإستنتاج لا يمثل وجهة نظر البيت الأبيض الرسمية. لكنه يعبر خير تعبير عن التوافق بين اليمين واليسار الأميركيين في السياسة الخارجية فالديكتاتورية مطلوبة حين تؤمن مصالح واشنطن، والديموقراطية أو العلمانية مدانة حين تعارضها.
استغل مرسي إطراء الولايات المتحدة على دوره في التوسط بين إسرائيل وحركة «حماس» للتوصل إلى وقف النار، كما استغل دعم قادة «الربيع العربي»، من أتراك وعرب، لينصب نفسه حاكماً بأمره. ولم يكن رد الفعل المهادن في الغرب عموماً، وفي أميركا خصوصاً، مستغرباً فالرجل أعرب عن حسن نواياه، وقدم أوراق اعتماده عملياً، بعد انتخابه بوقت قليل: وقف ضد النظام السوري واحتضن «الإئتلاف» الساعي إلى تشكيل حكومة سورية موقتة، هاجم إيران واستعاد «حماس» إلى محور «الإخوان»، وأكد عدم نيته المس باتفاقات كامب ديفيد... وبدأ الحصول على الجوائز، وأهمها موافقة صندوق النقد الدولي على منح القاهرة قرضاً مقداره خمسة بلايين دولار، قبل دقائق معدودة من إعلان وقف النار بين إسرائيل و «حماس». لم يسأل أحد الرئيس عن شروط هذا القرض، ولا عن وجهة صرفه أو كيفية سداده، فلا وجود لبرلمان يناقش الشروط (المضمر منها سياسي بكل تأكيد) أو يقترح تعديلها أو إلغاء القرض من أساسه، ولا هناك من يعترض على سياسته النقدية والإقتصادية، وهي، في المناسبة، امتداد لليبرالية عهد مبارك، تحصر الثروة والنفوذ في أوليغارشية يستند إليها الرئيس ليخضع ليخضع ويستتبعهم.
لم يكن مفاجئاً إطراء الولايات المتحدة على مرسي ودوره في غزة فليس لديها أفضل من التحاق المقاومة بمحور القاهرة وبضمانتها. ولم يكن مفاجئاً أيضاً رد فعلها الباهت على تنصيب نفسه ديكتاتوراً يجمع كل السلطات بيده، فواشنطن تفضل التعامل مع حاكم فرد يقرر وينفذ، على التعامل مع مؤسسات ديموقراطية تناقش وتعارض وتأخذ رأي شعبها ومصالحه في الإعتبار. هذا هو تاريخها القديم والجديد، وسياستها في أميركا اللاتينية وإفريقيا والعام العربي خير دليل. أما دعوتها إلى الحرية والديموقراطية والتقدم فمن أدوات الرجل الأبيض (المعلم) القديمة للسيطرة على العالم.
اعتقد مرسي، مثله مثل كثيرين في العالم العربي، أن الرضا الأميركي عن سياسته الخارجية يتيح له امتهان حقوق الشعب المصري، من دون أن تحرك واشنطن أدواتها وإعلامها ضده، ومن دون احتجاج غربي على انتهاك أبسط القواعد الديموقراطية (فصل السلطات). وكان محقاً في اعتقاده، فردود الفعل اقتصرت على تصريحات الناطقين باسم هذه الخارجية أو تلك، وكلها يدعوه إلى مشاركة الجميع (من هم؟) في اتخاذ القرارات.
الواقع أن الرئيس استند إلى هذا الدعم الخارجي، وتأييد «الإخوان» في الداخل، ليصدر الإعلان الدستوري. هو لم يكن متسرعاً، ولم يخرج عن النهج الإخواني ولا عن طروحاته الحزبية. تصرف على أساس أنه يمثل الحزب وليس على أساس أنه رئيس لكل المصريين فانطلق في إعلانه من شعار «الإسلام هو الحل»، ومن قاعدة «أطيعوا ولي الأمر». هو ولي قبل أن يكون رئيساً، له الحق في اتخاذ أي قرار من دون مشورة أحد، ومن دون العودة إلى المؤسسات التي حصرها الإعلان الدستوري بيده.
لكن حسابات الرئيس الصحيحة في نظره كانت كلها خطأ في نظر غالبية المصريين الذين ملأوا ميدان التحرير غاضبين، احتجاجاً على انتهاك أبسط حقوقهم في اختيار مؤسسات تنصفهم وتحكم باسمهم.
إذا كانت الصحيفة الأميركية لا ترى بأساً بالديكتاتورية في مصر لأنها تخدم مصالح واشنطن، فالمصريون أثبتوا أنهم لن يرضوا بديلاً لديموقراطية تخدم مصالحهم قبل الآخرين.
استغل مرسي إطراء الولايات المتحدة على دوره في التوسط بين إسرائيل وحركة «حماس» للتوصل إلى وقف النار، كما استغل دعم قادة «الربيع العربي»، من أتراك وعرب، لينصب نفسه حاكماً بأمره. ولم يكن رد الفعل المهادن في الغرب عموماً، وفي أميركا خصوصاً، مستغرباً فالرجل أعرب عن حسن نواياه، وقدم أوراق اعتماده عملياً، بعد انتخابه بوقت قليل: وقف ضد النظام السوري واحتضن «الإئتلاف» الساعي إلى تشكيل حكومة سورية موقتة، هاجم إيران واستعاد «حماس» إلى محور «الإخوان»، وأكد عدم نيته المس باتفاقات كامب ديفيد... وبدأ الحصول على الجوائز، وأهمها موافقة صندوق النقد الدولي على منح القاهرة قرضاً مقداره خمسة بلايين دولار، قبل دقائق معدودة من إعلان وقف النار بين إسرائيل و «حماس». لم يسأل أحد الرئيس عن شروط هذا القرض، ولا عن وجهة صرفه أو كيفية سداده، فلا وجود لبرلمان يناقش الشروط (المضمر منها سياسي بكل تأكيد) أو يقترح تعديلها أو إلغاء القرض من أساسه، ولا هناك من يعترض على سياسته النقدية والإقتصادية، وهي، في المناسبة، امتداد لليبرالية عهد مبارك، تحصر الثروة والنفوذ في أوليغارشية يستند إليها الرئيس ليخضع ليخضع ويستتبعهم.
لم يكن مفاجئاً إطراء الولايات المتحدة على مرسي ودوره في غزة فليس لديها أفضل من التحاق المقاومة بمحور القاهرة وبضمانتها. ولم يكن مفاجئاً أيضاً رد فعلها الباهت على تنصيب نفسه ديكتاتوراً يجمع كل السلطات بيده، فواشنطن تفضل التعامل مع حاكم فرد يقرر وينفذ، على التعامل مع مؤسسات ديموقراطية تناقش وتعارض وتأخذ رأي شعبها ومصالحه في الإعتبار. هذا هو تاريخها القديم والجديد، وسياستها في أميركا اللاتينية وإفريقيا والعام العربي خير دليل. أما دعوتها إلى الحرية والديموقراطية والتقدم فمن أدوات الرجل الأبيض (المعلم) القديمة للسيطرة على العالم.
اعتقد مرسي، مثله مثل كثيرين في العالم العربي، أن الرضا الأميركي عن سياسته الخارجية يتيح له امتهان حقوق الشعب المصري، من دون أن تحرك واشنطن أدواتها وإعلامها ضده، ومن دون احتجاج غربي على انتهاك أبسط القواعد الديموقراطية (فصل السلطات). وكان محقاً في اعتقاده، فردود الفعل اقتصرت على تصريحات الناطقين باسم هذه الخارجية أو تلك، وكلها يدعوه إلى مشاركة الجميع (من هم؟) في اتخاذ القرارات.
الواقع أن الرئيس استند إلى هذا الدعم الخارجي، وتأييد «الإخوان» في الداخل، ليصدر الإعلان الدستوري. هو لم يكن متسرعاً، ولم يخرج عن النهج الإخواني ولا عن طروحاته الحزبية. تصرف على أساس أنه يمثل الحزب وليس على أساس أنه رئيس لكل المصريين فانطلق في إعلانه من شعار «الإسلام هو الحل»، ومن قاعدة «أطيعوا ولي الأمر». هو ولي قبل أن يكون رئيساً، له الحق في اتخاذ أي قرار من دون مشورة أحد، ومن دون العودة إلى المؤسسات التي حصرها الإعلان الدستوري بيده.
لكن حسابات الرئيس الصحيحة في نظره كانت كلها خطأ في نظر غالبية المصريين الذين ملأوا ميدان التحرير غاضبين، احتجاجاً على انتهاك أبسط حقوقهم في اختيار مؤسسات تنصفهم وتحكم باسمهم.
إذا كانت الصحيفة الأميركية لا ترى بأساً بالديكتاتورية في مصر لأنها تخدم مصالح واشنطن، فالمصريون أثبتوا أنهم لن يرضوا بديلاً لديموقراطية تخدم مصالحهم قبل الآخرين.