حتى الأفراح يتمنونها أن لا تقام، لأنهم يخشون من فرحة القلب أن تتحول لدموع إثر قنبلة موقوتة أو متفجرات مدسوسة، فوضى حتى لتكاد تصعب على الحكيم والمرجع الفهيم، فنائب رئيس الجمهورية متهم بالإرهاب والقتل، ومذكرات بتوقيفه ومنعه من السفر، واللجوء إلى الشمال، نائب رئيس الوزراء يقال من رئيس الوزراء بناء على حسابات وتصفيات، واللجوء إلى الشمال، وزير الثقافة متهم بضلوعه في الإرهاب، بدلاً من اهتماماته الفنية والفكرية، ووزارات سيادية بلا وزراء مسميين، لانعدام الثقة، فالحسبة اليومية طائفية بغيضة، ولا أحد ينوي أن يسلم رأسه إلى الآخر ليحميه أو يدافع عنه أو يمثله، وزير الدفاع يتولى حقيبة وزارة الثقافة في آن واحد، شاطراً نفسه إلى شطرين، الصباح للدبابات والمجنزرات وحاملات الجند، وفي المساء للأمسيات الثقافية والندوات ومعارض الفنون التشكيلية، اليوم هناك اتهامات للقيادات العراقية بالولاءات للخارج مثل أميركا وإيران، والتباهي بها في المجالس، “عيني عينك” والسكوت عنها في وسائل الإعلام، بغية عدم نشر الغسيل الوسخ وتصديره للخارج، إيران المتسيدة والمستأسدة في العراق، من تحارب الآن في الساحة العراقية التي استباحتها من جنوبها إلى ما دون شمالها في زمن التفكك والضعف والاستزلام والاستسلام، وهو أمر لم تقدر على شبر منه بالحرب، اليوم في العراق كما كان لبنان قبل الحرب الأهلية ينغش بالناس الغرباء أو ينعش بأموالهم وما يقدروا أن يحاربوا به، أو من يقوم مقامهم أو بديلاً عنهم، كان السوريون موجودين، والعراقيون والسعوديون والإيرانيون والمصريون والليبيون والأميركيون والفرنسيون والإسرائيليون، هذا غير غرماء الوطن، وخصماء الطوائف، غير الجواسيس والشركات التي تسن أسنان معداتها وآلاتها الحسابية، ما أشبه وضع العراق اليوم بوضع لبنان في أوائل السبعينيات والذي كان جاهزاً لحرب أهلية طويلة، ومحتاجاً لسبب صغير ليشتعل، ولو كان حادثة البوسطة! فهل يفجر مرقد ليتقدم ولاة إيران بالتلويح بالتدخل، ويقول الموالون لها في العراق من مسؤولين ومنتفعين ودهماء يتبعون جهالتهم وجاهليتهم: من لنا غير سادتنا وولاة الأمر منا، ومرجعيتنا؟ هل يقول الأكراد: نحن نفط العراق، لنا دولتنا بنفطنا، ولكن دولتكم بنخيلكم؟ هل يتراجع السُنة، كما تراجعت نسبتهم، ويدفع بهم إلى الجزيرة العربية لينعموا بالماء والعشب والكلأ؟ هل يكون العراق أرضاً مستبدلة لمعارك الآخرين بعيداً عن بلدانهم؟ وهل ستستنزف إيران من خلال العراق ومن خاصرته المكشوفة؟ تلك أسئلة تحتاج لقراءة، ولتبصر، بالرغم من السواد والدخان القادم من كل الجهات!