يتصور الشيخ معاذ تطبيق الاتفاق على الأرض؟ بكلمات ثانية، ما هي آلية نقل التصورات التي ضمنها الشيخ في معايدته العاطفية والمؤثرة الى وقائع على الأرض؟
دعونا ننحِّي جانباً كمية الشتائم والسخرية التي قابل بها عدد من السوريين اقتراح الخطيب على مواقع التواصل الاجتماعي، ولننصرف للحظة الى التفكير الجدي في تطبيق بنود هذه المبادرة من جانب قوى المعارضة. أول ما يتبادر الى الانتباه هو المساحة الشاسعة الفاصلة بين النيات وبين القدرة على التأثير. وإذا عدنا الى الوفد المتخيل الذي سيفاوض باسم النظام، فإن أول ما سيطلبه هو ضمانات التطبيق العملي «على الأرض».
يختصر الخطيب رؤيته للحل التي يمتنع عن ان يسميها «مبادرة» بخمس نقاط: رفض التقسيم، استقلال القرار السوري، تنحي النظام والمعارضة، وقف القتال وسفك الدماء، الاتفاق على حل سياسي تفاوضي يُفرض على النظام والمعارضة في آن.
لا يحدد الشيخ معاذ من هي الجهات التي تؤيد رؤيته غير أنها من «خيرة القيادات السورية» فيما سيقوم «الشعب» بفرض الحل، وهو إذ يُجمل المعارضة والنظام معاً، يطرح على المستمع سؤالاً عن طبيعة «الشعب» وممن يتألف. ورغم أن الخطيب يساوي بين المعارضة المرتهنة الى الخارج وبين النظام ويحمّلهما معاً مسؤولية القتل والدمار الذي اصاب سورية، ويطالبهما معاً بالتنحي عن الهيمنة التي يمارسان، فإنه يوحي بامتلاكه دالة على قوى مؤثرة وقادرة على خوض العملية السياسية الكفيلة بالوصول الى هذه النتيجة.
لا داعي هنا الى التذكير بأن النظام تجاهل منذ الأيام الأولى للثورة الدعوات الى مجرد محاسبة ضابط امن استفز اهالي درعا وأهانهم عندما طالبوه بالإفراج عن اطفالهم المعتقلين لإدراكه ان أي خطوة الى الوراء تعني مباشرة انهياره. ولا الى القول ان ما رفض تقديمه اثناء تقدم قوات المعارضة وأثناء مؤتمر «جنيف 2» لن يفكر حتى في البحث في التنازل عنه اثناء استعادته المناطق التي كانت تحت سيطرة «الجيش الحر». لكن من المفيد مساءلة الخطيب عما يقصده بـ «تنحي» المعارضة. فهذه ليست لوناً واحداً. هناك طبعاً من هو مرتهن الى الخارج، وإلى جانبه انواع شتى من المعارضات التي تقول انها تقف على مسافة بعيدة من النظام ومن الهيئات التي أنشئت في الأعوام الأربعة الماضية.
في كل الأحوال، ربما من الأفضل ان يبادر الشيخ معاذ الى تطوير طرحه وتشكيل جسم سياسي يستطيع توسيعها وتحويلها مشروعاً وطنياً. فالنيات الحسنة تبقى قليلة القيمة ان لم تستند الى قوة ملموسة.
لكننا نقع هنا في واحد من امراض الثورة السورية وهو التشرذم والشللية والحساسيات المفرطة وتضخّم الأنا عند السياسيين. فنعود الى النقطة الى ادت الى فشل «المجلس الوطني» ثم «الائتلاف» ومن قبلهما وبعدهما عشرات الهيئات والمنابر والألوية والكتائب التي يعجز الأرشيف والذاكرة عن الإحاطة بها والتي باتت مهمة المنتمين اليها مواجهة بعضهم بعضاً والارتزاق والتطفل على آلام السوريين.
الأرجح ان وفد النظام المتخيل الذي سيجلس مع الشيخ معاذ سيكون هو من سيملي المطالب ما دام «خيرة القيادات السورية» و»أبناء البلد» الذين تحدث الخطيب عنهم في علم الغيب وعالمه.
---------------
الحياة
دعونا ننحِّي جانباً كمية الشتائم والسخرية التي قابل بها عدد من السوريين اقتراح الخطيب على مواقع التواصل الاجتماعي، ولننصرف للحظة الى التفكير الجدي في تطبيق بنود هذه المبادرة من جانب قوى المعارضة. أول ما يتبادر الى الانتباه هو المساحة الشاسعة الفاصلة بين النيات وبين القدرة على التأثير. وإذا عدنا الى الوفد المتخيل الذي سيفاوض باسم النظام، فإن أول ما سيطلبه هو ضمانات التطبيق العملي «على الأرض».
يختصر الخطيب رؤيته للحل التي يمتنع عن ان يسميها «مبادرة» بخمس نقاط: رفض التقسيم، استقلال القرار السوري، تنحي النظام والمعارضة، وقف القتال وسفك الدماء، الاتفاق على حل سياسي تفاوضي يُفرض على النظام والمعارضة في آن.
لا يحدد الشيخ معاذ من هي الجهات التي تؤيد رؤيته غير أنها من «خيرة القيادات السورية» فيما سيقوم «الشعب» بفرض الحل، وهو إذ يُجمل المعارضة والنظام معاً، يطرح على المستمع سؤالاً عن طبيعة «الشعب» وممن يتألف. ورغم أن الخطيب يساوي بين المعارضة المرتهنة الى الخارج وبين النظام ويحمّلهما معاً مسؤولية القتل والدمار الذي اصاب سورية، ويطالبهما معاً بالتنحي عن الهيمنة التي يمارسان، فإنه يوحي بامتلاكه دالة على قوى مؤثرة وقادرة على خوض العملية السياسية الكفيلة بالوصول الى هذه النتيجة.
لا داعي هنا الى التذكير بأن النظام تجاهل منذ الأيام الأولى للثورة الدعوات الى مجرد محاسبة ضابط امن استفز اهالي درعا وأهانهم عندما طالبوه بالإفراج عن اطفالهم المعتقلين لإدراكه ان أي خطوة الى الوراء تعني مباشرة انهياره. ولا الى القول ان ما رفض تقديمه اثناء تقدم قوات المعارضة وأثناء مؤتمر «جنيف 2» لن يفكر حتى في البحث في التنازل عنه اثناء استعادته المناطق التي كانت تحت سيطرة «الجيش الحر». لكن من المفيد مساءلة الخطيب عما يقصده بـ «تنحي» المعارضة. فهذه ليست لوناً واحداً. هناك طبعاً من هو مرتهن الى الخارج، وإلى جانبه انواع شتى من المعارضات التي تقول انها تقف على مسافة بعيدة من النظام ومن الهيئات التي أنشئت في الأعوام الأربعة الماضية.
في كل الأحوال، ربما من الأفضل ان يبادر الشيخ معاذ الى تطوير طرحه وتشكيل جسم سياسي يستطيع توسيعها وتحويلها مشروعاً وطنياً. فالنيات الحسنة تبقى قليلة القيمة ان لم تستند الى قوة ملموسة.
لكننا نقع هنا في واحد من امراض الثورة السورية وهو التشرذم والشللية والحساسيات المفرطة وتضخّم الأنا عند السياسيين. فنعود الى النقطة الى ادت الى فشل «المجلس الوطني» ثم «الائتلاف» ومن قبلهما وبعدهما عشرات الهيئات والمنابر والألوية والكتائب التي يعجز الأرشيف والذاكرة عن الإحاطة بها والتي باتت مهمة المنتمين اليها مواجهة بعضهم بعضاً والارتزاق والتطفل على آلام السوريين.
الأرجح ان وفد النظام المتخيل الذي سيجلس مع الشيخ معاذ سيكون هو من سيملي المطالب ما دام «خيرة القيادات السورية» و»أبناء البلد» الذين تحدث الخطيب عنهم في علم الغيب وعالمه.
---------------
الحياة