لكن البرتغال اليوم، ومنذ سنوات بعيدة، وكأنها تقبع وحدها على أطراف شبه جزيرة إيبيريا، راضية بأن يشقها ذلك النهر الأبدي السائر على مهله “تيخو” ولا يتذكرها أحد، وكأنها لم تسد العالم وترسل جغرافيها ومكتشفيها فاسكو دي جاما إلى الخليج والهند، وماجلان إلى أطراف أفريقيا، وغيرهما إلى مناطق لم تكن على خريطة العالم وقتها.
هكذا نشأت بعض الحضارات تلمع كبرق، ثم تنطفئ، ولا يعد من تلك الأمجاد إلا ما خط في الكتب، ولا يبقى من هيبة الماضي إلا ما يقصه الناس من حكايات للأحفاد، فلا يصدقون، فهم أبناء الواقع، حيث الفقر والبطالة والهجرة إلى بلدان أوروبا الغنية، حيث يعملون في السوق السوداء للمهن البسيطة، وعمال بناء ونظافة، ولا ذكر لمجد دولتهم بين الدول إلا في كرة القدم حديثاً.
وحتى بعد انضمامها للاتحاد الأوروبي أصبحت البرتغال من موجعات الرأس للاتحاد واقتصاده، وأربك اليورو حياة البرتغاليين بعدما حلّ مكان عملتهم الوطنية الـ”اسكوادو وسنتافوس”، وجعلهم أشبه بالمتسولين، وربما السبب الآخر الذي جعلني لا أتسرع في زيارة البرتغال أنني كنت أعدها نسخة مبسطة من إسبانيا الجميلة، فلما العناء، ولأذهب إلى الأصل مباشرة، فإسبانيا تغشي العيون بجمالها عن بعض جيرانها، غير أنني مرة وقبل سنوات قررت أن أعبر جبل طارق هذه المرة نحو لشبونة لا برشلونة، فقد هالتني تلك السكينة في عاصمتهم، وتلك البساطة التي غابت عن أوروبا، وثمة حياة لا فيها ضجيج الغرب وصخب بعض عواصمه، ولا غلاء أشيائه، وإذ هناك مطبخ برتغالي صرف ولذيذ بمأكولاته ومشروباته.
وهناك شعر وأدب حتى أنها تسمى بلد الشعراء، وهناك الموسيقى الجميلة والحزينة بمواويلها “الفادو”، كل ذلك المعطى الحضاري لم يستطع أن يخرج بعيداً عن بحرهم، وبالتالي لم يعرفه العالم، ولاشك في أن البرتغاليين هم السبب في هذا الإهمال، ولعل اليوم لديهم أولويات آخرها هَمّ نشر الثقافة البرتغالية، لقد كان أسبوعاً من المفاجأة والمتعة والمشاهدة البصرية تجولت خلاله في أنحاء البرتغال، من لشبونة إلى الكارف، وجزر ماديرا، وبورتو، والينتجو، ويبدو أنني رجعت بأسف عميق، لما تأخرت في الذهاب للبرتغال مبكراً؟ فقد كنت منها مقدار رمية حجر أو قاب قوسين أو أدنى!
هكذا نشأت بعض الحضارات تلمع كبرق، ثم تنطفئ، ولا يعد من تلك الأمجاد إلا ما خط في الكتب، ولا يبقى من هيبة الماضي إلا ما يقصه الناس من حكايات للأحفاد، فلا يصدقون، فهم أبناء الواقع، حيث الفقر والبطالة والهجرة إلى بلدان أوروبا الغنية، حيث يعملون في السوق السوداء للمهن البسيطة، وعمال بناء ونظافة، ولا ذكر لمجد دولتهم بين الدول إلا في كرة القدم حديثاً.
وحتى بعد انضمامها للاتحاد الأوروبي أصبحت البرتغال من موجعات الرأس للاتحاد واقتصاده، وأربك اليورو حياة البرتغاليين بعدما حلّ مكان عملتهم الوطنية الـ”اسكوادو وسنتافوس”، وجعلهم أشبه بالمتسولين، وربما السبب الآخر الذي جعلني لا أتسرع في زيارة البرتغال أنني كنت أعدها نسخة مبسطة من إسبانيا الجميلة، فلما العناء، ولأذهب إلى الأصل مباشرة، فإسبانيا تغشي العيون بجمالها عن بعض جيرانها، غير أنني مرة وقبل سنوات قررت أن أعبر جبل طارق هذه المرة نحو لشبونة لا برشلونة، فقد هالتني تلك السكينة في عاصمتهم، وتلك البساطة التي غابت عن أوروبا، وثمة حياة لا فيها ضجيج الغرب وصخب بعض عواصمه، ولا غلاء أشيائه، وإذ هناك مطبخ برتغالي صرف ولذيذ بمأكولاته ومشروباته.
وهناك شعر وأدب حتى أنها تسمى بلد الشعراء، وهناك الموسيقى الجميلة والحزينة بمواويلها “الفادو”، كل ذلك المعطى الحضاري لم يستطع أن يخرج بعيداً عن بحرهم، وبالتالي لم يعرفه العالم، ولاشك في أن البرتغاليين هم السبب في هذا الإهمال، ولعل اليوم لديهم أولويات آخرها هَمّ نشر الثقافة البرتغالية، لقد كان أسبوعاً من المفاجأة والمتعة والمشاهدة البصرية تجولت خلاله في أنحاء البرتغال، من لشبونة إلى الكارف، وجزر ماديرا، وبورتو، والينتجو، ويبدو أنني رجعت بأسف عميق، لما تأخرت في الذهاب للبرتغال مبكراً؟ فقد كنت منها مقدار رمية حجر أو قاب قوسين أو أدنى!