كانت حماس تظن أن بنيامين نتنياهو سيهدد ويتوعد ولن يذهب إلى حد خوض غمار هذه الحرب الطاحنة، وأنه إذا ذهب إليها فإنه سيضطر مرغما إلى إيقافها بعد أول رشقة صواريخ، وأنه إن لم يفعل هذا فإن العالم سيتدخل وسيفرض وقف إطلاق النار فرضا، وعندها ستبادر حركة المقاومة الإسلامية بإعلان انتصارها وانتصار تحالفها، مما سيغير الكثير من المعادلات في هذه المنطقة الملتهبة.
لقد كان تقدير حماس ومعها «التحالف الإخواني»، أن عدم ذهاب نتنياهو بعيدا في هذه الحرب وأن اضطراره إلى وقف إطلاق نار مبكر تحت ضغط كل هذه الاعتبارات الآنفة الذكر - سوف يسقطان ورقة منظمة التحرير الفلسطينية وورقة السلطة الوطنية وسوف ينهيان زعامة محمود عباس (أبو مازن) ويقضيان على الدور القيادي والريادي الذي بقيت حركة فتح تلعبه على مدى نحو خمسين عاما من مسيرة الكفاح المسلح والعمل الوطني الفلسطيني المتواصل الذي حقق إنجازات؛ أهمها الاعتراف بدولة للشعب الفلسطيني - وإن تحت الاحتلال الإسرائيلي.
ثم.. ولقد كانت تقديرات حماس ومعها «التحالف الإخواني»، الذي يضم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ويضم رجب طيب إردوغان وقطر، أن تحقيق مثل هذا الانتصار سيسقط ورقة عبد الفتاح السيسي وورقة ثورة الثلاثين من يونيو (حزيران) المصرية - إنْ ليس فورا وبسرعة فعلى المدى الأبعد، ومن ثم فإن «الإخوان» سيعودون كاتجاه سياسي فاعل في الحياة السياسية بمصر - إنْ ليس بالإمكان إعادة محمد مرسي كرئيس شرعي، وأنهم سينتصرون أيضا في هذه الحرب التي يخوضون غمارها في ليبيا، وأنهم سينتعشون في الأردن، وسيخرجون من جحورهم في دولة الإمارات وفي الكثير من الدول العربية والإسلامية.
لقد كانت هذه هي تقديرات حركة حماس وتقديرات «التحالف الإخواني» التي كان يراودها ويراود هذا الحلف ما كان راود صدام حسين في عام 2003 عندما ظن أن الغزو الأميركي سيتوقف في البصرة تحت ضغط «المقاومة الشعبية»! وأن العالم سيتدخل ليفرض حلا «مقبولا»، وأن الأميركيين وحلفاءهم سيضطرون إلى القبول بهذا الحل كما قبل أطراف العدوان الثلاثي، (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)، رغم أنوفهم بالحل الذي فرضه الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور على هؤلاء بمساندة من الاتحاد السوفياتي، وأن النتيجة ستكون تكريس الرئيس العراقي «المنتصر» زعيما للأمة العربية على غرار ما حدث بالنسبة للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بعد «حرب قناة السويس» المعروفة في عام 1956.
لم تكن «حماس» تعتقد أن نتيناهو سيركب رأسه وأنه سيواصل هذه الحرب الإجرامية التدميرية كل هذه الفترة الطويلة التي اقتربت من نهاية شهر دموي بأكمله، ولم تكن حركة حماس تعتقد أن «التحالف الإخواني» الذي تعتبر نفسها جناحه العسكري هو مجرد «نمر من ورق»، وأنه سيضطر إلى التسليم بأن أوراق هذه المنطقة لا تزال، عربيا وإسلاميا، بيد مصر وبيد الاتجاه العربي الذي تشكل المملكة العربية السعودية في سلسلته حلقة رئيسة والذي يضم الأردن والكويت ومملكة البحرين ودولة الإمارات ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية ومحمود عباس (أبو مازن) - إنْ بصورة معلنة ومباشرة، وإنْ بصورة غير مباشرة.
لقد كان عنوان ثبوت أن قرار هذه المنطقة عربيا هو في يد ما يمكن تسميته «معسكر الاعتدال العربي»، أن الغلبة في صراع «المبادرات» التي طرحت لوقف إطلاق النار بالنسبة لحرب غزة كانت للمبادرة المصرية، المدعومة والمؤيدة قولا وفعلا من قبل السعودية، وكذلك فإن مجيء الوفد الفلسطيني الموحد إلى القاهرة يؤكد أن مصر لا تزال هي مصر نفسها، وأن أرض الكنانة لم تفقد مكانتها التاريخية، وأن دورها لا يزال هو ذلك الدور الذي بقيت تلعبه على مدى التاريخ العربي المعاصر كله وقبل ذلك.
وكذلك، يضاف إلى هذه الحقائق كلها أن إيران خيبت ظن حركة حماس وظن «التحالف الإخواني» عندما صعَّدت في البدايات وهددت على لسان قائد حراس الثورة الإيرانية، الجنرال محمد علي جعفري، بأنها بانتظار إشارة من الولي الفقيه لـ«تمسح» إسرائيل من الوجود، وبالطبع فإن السيد علي خامنئي لم يطلق مثل هذه الإشارة، بل إنه قال في تصريحات لاحقة إن طهران عندما تعلن مساندتها «المقاومة الفلسطينية» فإنها لم تقصد لا إزالة الدولة الإسرائيلية ولا القضاء على الشعب الإسرائيلي.
ثم.. وإن ما أكد أن الهدف الأساسي من استدراج هذه الحرب الطاحنة الإجرامية لم يكن لا فلسطينيا ولا من أجل فك الحصار عن قطاع غزة، بل من أجل أن يكسب الإخوان المسلمون «الجولة» ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وضد منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها محمود عباس - هو أن إيران قد حولت تهديداتها بـ«مسح» إسرائيل من الوجود إلى السعي لابتزاز مصر وإحراجها بالمطالبة بفتح أجوائها وحدودها للدعم الإيراني لغزة وأهل غزة. وهنا، فإن المؤكد.. لو أن الإيرانيين جادون فعلا في إسناد الشعب الفلسطيني المحاصر بالإقدام على مواجهة عسكرية مع إسرائيل - لكانوا اختاروا لهذه المواجهة؛ إما جبهة الجولان السورية وإما جبهة الجنوب اللبناني المسيطَر عليها من قبل «حزب الله» الذي يقاتل الآن في سوريا دفاعا عن المخطط الإيراني الهادف إلى الهيمنة على هذه المنطقة العربية.
لقد خيبت إيران وخيب «حزب الله» ظن حركة حماس وظن «التحالف الإخواني»، الذي هو المُخطِّط الفعلي لاستدراج هذه الحرب القذرة التي أُزهقت فيها أرواح نحو ألفين من أبناء الشعب الفلسطيني، من بينهم عدد كبير من الأطفال، هذا بالإضافة إلى جرح نحو عشرة آلاف من هؤلاء، وذلك بالإضافة إلى كل هذا الخراب والدمار الذي حل بغزة وبمخيمات غزة. وهنا، فإن ما يؤكد خيبة الظن هذه.. التصريحات التي أطلقها موسى أبو مرزوق والتي طالب فيها حسن نصر الله بالوفاء بالوعود التي كان قطعها على نفسه بإيصال «صواريخه» إلى أكبر وأهم مدن «الكيان الصهيوني».
وهكذا، فإن هذا الامتحان القاسي الذي دفع ثمنه الشعب الفلسطيني دماء زكية قد أنهى كذبة «فسطاط المقاومة والممانعة» الذي بقي يتغنى به خالد مشعل حتى فترة قريبة والذي بقيت تتغنى إيران به حتى الآن، بينما بقي حسن نصر الله يهدد به العرب دفاعا عن العجم، على اعتبار أن من ليس مع هذا الفسطاط فإنه مع إسرائيل ومع الاستكبار العالمي والإمبريالية الأميركية!
لقد كان تقدير حماس ومعها «التحالف الإخواني»، أن عدم ذهاب نتنياهو بعيدا في هذه الحرب وأن اضطراره إلى وقف إطلاق نار مبكر تحت ضغط كل هذه الاعتبارات الآنفة الذكر - سوف يسقطان ورقة منظمة التحرير الفلسطينية وورقة السلطة الوطنية وسوف ينهيان زعامة محمود عباس (أبو مازن) ويقضيان على الدور القيادي والريادي الذي بقيت حركة فتح تلعبه على مدى نحو خمسين عاما من مسيرة الكفاح المسلح والعمل الوطني الفلسطيني المتواصل الذي حقق إنجازات؛ أهمها الاعتراف بدولة للشعب الفلسطيني - وإن تحت الاحتلال الإسرائيلي.
ثم.. ولقد كانت تقديرات حماس ومعها «التحالف الإخواني»، الذي يضم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ويضم رجب طيب إردوغان وقطر، أن تحقيق مثل هذا الانتصار سيسقط ورقة عبد الفتاح السيسي وورقة ثورة الثلاثين من يونيو (حزيران) المصرية - إنْ ليس فورا وبسرعة فعلى المدى الأبعد، ومن ثم فإن «الإخوان» سيعودون كاتجاه سياسي فاعل في الحياة السياسية بمصر - إنْ ليس بالإمكان إعادة محمد مرسي كرئيس شرعي، وأنهم سينتصرون أيضا في هذه الحرب التي يخوضون غمارها في ليبيا، وأنهم سينتعشون في الأردن، وسيخرجون من جحورهم في دولة الإمارات وفي الكثير من الدول العربية والإسلامية.
لقد كانت هذه هي تقديرات حركة حماس وتقديرات «التحالف الإخواني» التي كان يراودها ويراود هذا الحلف ما كان راود صدام حسين في عام 2003 عندما ظن أن الغزو الأميركي سيتوقف في البصرة تحت ضغط «المقاومة الشعبية»! وأن العالم سيتدخل ليفرض حلا «مقبولا»، وأن الأميركيين وحلفاءهم سيضطرون إلى القبول بهذا الحل كما قبل أطراف العدوان الثلاثي، (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)، رغم أنوفهم بالحل الذي فرضه الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور على هؤلاء بمساندة من الاتحاد السوفياتي، وأن النتيجة ستكون تكريس الرئيس العراقي «المنتصر» زعيما للأمة العربية على غرار ما حدث بالنسبة للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بعد «حرب قناة السويس» المعروفة في عام 1956.
لم تكن «حماس» تعتقد أن نتيناهو سيركب رأسه وأنه سيواصل هذه الحرب الإجرامية التدميرية كل هذه الفترة الطويلة التي اقتربت من نهاية شهر دموي بأكمله، ولم تكن حركة حماس تعتقد أن «التحالف الإخواني» الذي تعتبر نفسها جناحه العسكري هو مجرد «نمر من ورق»، وأنه سيضطر إلى التسليم بأن أوراق هذه المنطقة لا تزال، عربيا وإسلاميا، بيد مصر وبيد الاتجاه العربي الذي تشكل المملكة العربية السعودية في سلسلته حلقة رئيسة والذي يضم الأردن والكويت ومملكة البحرين ودولة الإمارات ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية ومحمود عباس (أبو مازن) - إنْ بصورة معلنة ومباشرة، وإنْ بصورة غير مباشرة.
لقد كان عنوان ثبوت أن قرار هذه المنطقة عربيا هو في يد ما يمكن تسميته «معسكر الاعتدال العربي»، أن الغلبة في صراع «المبادرات» التي طرحت لوقف إطلاق النار بالنسبة لحرب غزة كانت للمبادرة المصرية، المدعومة والمؤيدة قولا وفعلا من قبل السعودية، وكذلك فإن مجيء الوفد الفلسطيني الموحد إلى القاهرة يؤكد أن مصر لا تزال هي مصر نفسها، وأن أرض الكنانة لم تفقد مكانتها التاريخية، وأن دورها لا يزال هو ذلك الدور الذي بقيت تلعبه على مدى التاريخ العربي المعاصر كله وقبل ذلك.
وكذلك، يضاف إلى هذه الحقائق كلها أن إيران خيبت ظن حركة حماس وظن «التحالف الإخواني» عندما صعَّدت في البدايات وهددت على لسان قائد حراس الثورة الإيرانية، الجنرال محمد علي جعفري، بأنها بانتظار إشارة من الولي الفقيه لـ«تمسح» إسرائيل من الوجود، وبالطبع فإن السيد علي خامنئي لم يطلق مثل هذه الإشارة، بل إنه قال في تصريحات لاحقة إن طهران عندما تعلن مساندتها «المقاومة الفلسطينية» فإنها لم تقصد لا إزالة الدولة الإسرائيلية ولا القضاء على الشعب الإسرائيلي.
ثم.. وإن ما أكد أن الهدف الأساسي من استدراج هذه الحرب الطاحنة الإجرامية لم يكن لا فلسطينيا ولا من أجل فك الحصار عن قطاع غزة، بل من أجل أن يكسب الإخوان المسلمون «الجولة» ضد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وضد منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها محمود عباس - هو أن إيران قد حولت تهديداتها بـ«مسح» إسرائيل من الوجود إلى السعي لابتزاز مصر وإحراجها بالمطالبة بفتح أجوائها وحدودها للدعم الإيراني لغزة وأهل غزة. وهنا، فإن المؤكد.. لو أن الإيرانيين جادون فعلا في إسناد الشعب الفلسطيني المحاصر بالإقدام على مواجهة عسكرية مع إسرائيل - لكانوا اختاروا لهذه المواجهة؛ إما جبهة الجولان السورية وإما جبهة الجنوب اللبناني المسيطَر عليها من قبل «حزب الله» الذي يقاتل الآن في سوريا دفاعا عن المخطط الإيراني الهادف إلى الهيمنة على هذه المنطقة العربية.
لقد خيبت إيران وخيب «حزب الله» ظن حركة حماس وظن «التحالف الإخواني»، الذي هو المُخطِّط الفعلي لاستدراج هذه الحرب القذرة التي أُزهقت فيها أرواح نحو ألفين من أبناء الشعب الفلسطيني، من بينهم عدد كبير من الأطفال، هذا بالإضافة إلى جرح نحو عشرة آلاف من هؤلاء، وذلك بالإضافة إلى كل هذا الخراب والدمار الذي حل بغزة وبمخيمات غزة. وهنا، فإن ما يؤكد خيبة الظن هذه.. التصريحات التي أطلقها موسى أبو مرزوق والتي طالب فيها حسن نصر الله بالوفاء بالوعود التي كان قطعها على نفسه بإيصال «صواريخه» إلى أكبر وأهم مدن «الكيان الصهيوني».
وهكذا، فإن هذا الامتحان القاسي الذي دفع ثمنه الشعب الفلسطيني دماء زكية قد أنهى كذبة «فسطاط المقاومة والممانعة» الذي بقي يتغنى به خالد مشعل حتى فترة قريبة والذي بقيت تتغنى إيران به حتى الآن، بينما بقي حسن نصر الله يهدد به العرب دفاعا عن العجم، على اعتبار أن من ليس مع هذا الفسطاط فإنه مع إسرائيل ومع الاستكبار العالمي والإمبريالية الأميركية!
---------------------
الشرق الاوسط