نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


تحركوا أيها الجاهزون.. سوريا تغرق





لست أدري في أي عالم يعيش كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، بعد تصريحاته الأخيرة من دمشق!
الرجل يبدو تائها. تخيل.. إنه قال هذا الكلام أثناء قيام شبيحة الأسد بمجزرة بشعة ووقحة في حمص مؤخرا ذهب ضحيتها تحديدا هذه المرة الأطفال والنساء، في مشهد علني فاجر وغير مبال بالإعلام العالمي.


انان يقول إنه «متفائل بعد جولة ثانية من المحادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد يوم الأحد». لكنه اعترف بأنه «سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق لوقف إراقة الدماء». وأضاف للصحافيين في دمشق «سيكون الأمر شاقا. سيكون صعبا لكن علينا التحلي بالأمل». وتابع مستشهدا برغبة عامة لإحلال السلام في سوريا «أشعر بتفاؤل لعدة أسباب».

لست أدري من أين يجلب أنان هذا التفاؤل، ولست أدري أيضا من أين يستقي الأمين العام للأمم المتحدة استبشاره بمهمة أنان في سوريا!
الواقع الذي يهرب منه الجميع، باستثناء السعودية وأغلب دول الخليج، هو أنه يحدث في سوريا ثورة لطرد النظام الشرير، وليس مجرد «خلاف» في وجهات النظر، أو مطالب إصلاحية محدودة.

الروس يقولون بالمساواة بين الضحية والجلاد في سوريا، بل ويميلون لصالح الجلاد، وهذا كلام وقح أخلاقيا، وكاذب ومزور للواقع. المؤسف أن تجاري الجامعة العربية مؤخرا هذه المساواة في اجتماع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع الوزراء العرب في القاهرة، وتسويق نبيل العربي، تلميذ محمد حسنين هيكل، لهذه الاتفاقية المهينة بين الروس والعرب حول الكارثة السورية!

لا مساواة بين شبيحة الأسد الذين يغتصبون النساء، ويقتلون الأطفال بالضرب على رؤوسهم في حمص وحماه.. فهذه المساواة بحد ذاتها جريمة أخرى.
هناك من يقول إن ما جرى في القاهرة بين الروس والعرب يعتبر اختراقا للموقف الروسي الصلب في مساندة نظام الأسد، باعتبار أن القرارات العربية والأممية هي المنطلق في حل الأزمة السورية، وهي قرارات تقضي في نهاية الأمر برحيل النظام أو بشار الأسد وزبانيته تحديدا، على غرار النموذج اليمني، لكن في تقديري أن هذا قد يعتبر تفاؤلا مسرفا، الروس يقاتلون الغرب على جثث السوريين، بالنسبة لهم سوريا هي مسرح حرب وصراع مع الغرب حتى لو كان ذلك على دماء وأشلاء السوريين، هي معركة نفوذ وصراع مصلحي وأمني وليست قضية إنسانية أو أخلاقية.

قيل إن الموقف الروسي هو موقف خاضع للمزايدات الانتخابية الرئاسية، وإنه إذا فاز بوتين فستهدأ لغة التصعيد المعتادة على إثارة النعرة القومية الروسية ومقارعة الغرب، طبقا للخطاب القومي الروسي لبوتين، لكن سارع الروس أنفسهم إلى إعادة التأكيد على الموقف «العميق» تجاه الأزمة السورية، والذي لم يخرج عن مبادئ الموقف الأول، وجوهر الموقف الروسي هو إسعاف النظام الأسدي للصمود، وتسويق النظرية الخاصة للنظام في دمشق، حول وجود حرب متساوية بين النظام والشعب الثائر، أو «الجماعات» المسلحة حسب ثرثرة الإعلام الأسدي.

الحق أن الانهماك في الحصول على موقف روسي متناغم مع الموقف العربي، الخليجي منه تحديدا، من أجل إنقاذ السوريين من جرائم الأسد، هو سعي وراء السراب.
فلسفة الخطاب السياسي الروسي، ومثله الصيني، لا تولي كبير اهتمام للجانب الإنساني والأخلاقي، هي ترى المشهد بشكل جيوسياسي بحت، وترى في المشهد السوري مجرد معركة من معارك الحرب الباردة، ولا يلامون في هذا، فلا تطلب من الغريب أن يشاطرك الألم!

أعتقد أن «إهمال» الروس والصينيين هو الحل الأمثل، لا أقول معاداتهم، بل السعي لحل الأزمة من دون وضع اعتبار للروس وأتباعهم في بكين.

قد يرى البعض أن هذه الفكرة مبالغ فيها لكن الواقع يقول إن ثمة ثلاث دول لو قررت التضافر، بصدق، والتنسيق بعمق مع بعضها لتم ترحيل النظام الشرير في سوريا، في مدة أوجز وبثمن أقل.
السعودية وتركيا والأردن، في الإقليم المحيط بسوريا، هي الدول القادرة على تعديل كفة الميزان وتأديب شبيحة الأسد.

الحل ليس معجزة ولا معجزا، فقط توفير عمق سياسي ودولي للمعارضة السورية، من خلال الاعتراف الصريح بالمجلس الوطني، ثم توفير أرض لمنطلق المقاومة في الأردن وتركيا، وتطويق عصابات الأسد من الشمال والجنوب، من باب الهوى وجسر الشغور شمالا، إلى درعا جنوبا.

تسليح الجيش الحر وكل المقاتلين ضد عصابات الأسد، تسليحا بسيطا، من خلال توفير مضادات الدروع وصواريخ محمولة على الكتف للتصدي للطائرات العمودية.. وهو تسليح ليس معقدا ولا مكلفا.
فقط توفير الدعم السياسي الصريح والسلاح الذي يعوق «عربدة» دبابات الأسد وطائراته، هو الحل. فستتعادل الكفة حينها، ويزداد التقافز من سفينة النظام الدموي.

ليس المطلوب الحصول على «إجماع» دولي وإقليمي لمناصرة الشعب السوري، هذا لم يحصل من قبل ولن يحصل من بعد.
في غزو صدام للكويت لم يحصل إجماع دولي لطرد جيش صدام من الكويت، ومن يراجع السجالات والخلافات حينها سيدرك ذلك، وحينما فتك الصرب بالمسلمين في البوسنة، لم يحصل إجماع دولي على مناصرة البوسنيين، بل الروس أنفسهم كانوا من أنصار بلغراد ضد المسلمين، ولو تمت المحاولات حينها لإقناع الروس بتعديل موقفهم لكنا ما زلنا في عمق الأزمة البلقانية، ولاستمرت الدماء تنزف والمجازر تتوالى في ربوع البوسنة والهرسك.

الذين يخشون من نشوب الحرب الأهلية في سوريا إن تم تسليح المعارضة، أو وصول المتطرفين السنة، مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما أو وزير الخارجية المصري وغيرهما، هم في الحقيقة يعطون رخصة قتل لبشار الأسد، وضوءا أخضر لمواصلة الحملات العسكرية وقتل الأطفال والنساء كما جرى مؤخرا في حمص.

يجب عليهم إدراك ذلك، لأن نظام الأسد لن يرحل ببعثة الدابي أو بعثة الدابي الثاني، كوفي أنان، كما وصفه بحق الزميل إياد أبو شقرا في هذه الجريدة.

على العكس، فإن التأخير الدولي في ضربات جوية محكمة - كما دعا السيناتور الأميركي جون ماكين - سيزيد من تطرف الثورة السورية، لأنها ستقرر الرد بعنف وحدة على مجازر النظام، وأخذ حقها بيدها من هذا النظام، الذي يكرس هو نفسه التمييز الطائفي وإثارة أحقاد الأقليات.
السوريون لن يتوقفوا عن الاحتجاج، مهما طال الوقت، ولكن سيكسب الصوت الأكثر تطرفا تجاه خذلان العالم لمآسي الشعب السوري.

بدأت المعارضة سلمية في سوريا، ولكن بسبب مرور سنة من التآمر والمماطلة الدولية والبعثات المتتالية، وتفاهة حلول الجامعة العربية، نشأ الجيش الحر ودخل البعد العسكري في المسألة.

وإذا استمر هذا النهج المتخاذل والاستهانة بفاجعة الشعب السوري، فلا لوم حينها إن تحولت المعارضة إلى التصعيد العسكري والأمني، بل وربما الخطاب السياسي المتطرف الذي قد يتجاوز حدود القطر السوري.

باختصار، لا يظن طرف ما في العالم أو الإقليم، أن الزمن كفيل بإجهاض الثورة السورية، لا، ستزداد صلفا وحدة بسبب الخذلان نفسه والحلول الهزيلة.
استعدوا لفصل آخر من فصول كتاب الدم والدموع والغرق في سوريا، وربما ستكون البعثات والحلول السياسية بعد بضعة أشهر مجرد ثرثرة سياسية تجاوزها الواقع.
بقي الآن «شيء» من المبادرة بيد دول الإقليم والعالم، لكن قد تفلت الخيوط كلها قريبا ونبكي على اللبن المسكوب حينها.

صفوة القول.. دعونا من الروس والصينيين، ودعونا من تردد أوباما وتآمر بعض العرب، وليتحرك الجاهزون والمقتنعون بالثورة السورية: السعودية وقطر والكويت والإمارات والأردن وتركيا، أو حتى من هو فقط جاهز للعمل من هؤلاء!

الإجماع ضرب من المحال، فليتحرك الجاهز فقط.

مشاري الذايدي
الثلاثاء 13 مارس 2012