نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


انعدام الردع... سمة سياسة أوباما السورية






انهمك متابعو شؤون الشرق الأوسط، وعلى رأسها الموضوعان السوري والإيراني، المتلازمان أبدا، بما يمكن أن يسفر عنه اجتماع «الثمانية الكبار» في آيرلندا الشمالية.


 
وكانت التقارير الصحافية الواردة من واشنطن قد لمحت إلى حدوث تغيّر جوهري في مقاربة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأزمة السورية، وإلى «تأكّد» الإدارة من استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي «بكميات ضئيلة» ولكن «أكثر من مرة»، وهو حسب التقارير ما يعني «تجاوز نظام دمشق الخطوط الحمراء» (؟)، ما يستدعي دعم المعارضة بالسلاح.
وقبل أن يستفيق المتعاطفون مع الثورة السورية من هذه «الصدمة الإيجابية»، رشَحت تقارير أخرى مفرحة أكثر عن اتجاه واشنطن إلى إنشاء منطقة حظر طيران في جنوب سوريا، ما أوحى بأن أوباما ومستشاريه تنبّهوا أخيرا إلى مخاطر الاكتفاء بالكلام... بينما ينشط «مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية» آية الله علي خامنئي في إرسال المقاتلين وفلاديمير بوتين في تسليم السلاح الفتاك والسيد حسن نصر الله في توزيع «حماة المقامات الشيعية» إلى عموم الأراضي السورية!
ولكن، كما يقول المثل الشعبي «لا يصحّ إلا الصحيح»...
فخلال ساعات معدودات من النشوة المبكّرة بادر بن رودز، نائب مستشار شؤون الأمن الوطني للاتصالات الاستراتيجية، إلى توضيح الموقف الحقيقي للبيت الأبيض. ففي خطبة عصماء دخل رودز في التفاصيل، مشدّدا على «صعوبة» إنشاء مناطق عازلة «يحظر فيها الطيران» و«ارتفاع كلفة فرض الحظر»، ولم يبخل في التطرّق إلى أهمية التأكد من وصول السلاح إلى العناصر البعيدة عن الراديكالية في المعارضة. ثم أدلى أوباما نفسه بدلوه مكررا كلام رودز ذاته.
رودز، بالمناسبة، هو كاتب خطاب أوباما الشهير في القاهرة عام 2009 بعنوان «بداية جديدة»، وأحد مستشاريه المؤثّرين مباشرة على قرار واشنطن تنحية حسني مبارك، وعلى مقاربات أوباما السياسية المستمرة لـ«الربيع العربي»!
لم يتغيّر شيء في واشنطن إذن،.... ولكن هل تغيّر الموقف في روسيا؟
إطلاقا، فخلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيس الروسي بوتين مع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، ردّ بوتين على تحميل كاميرون رأس النظام السوري مسؤولية الكارثة التي حلّت بسوريا بالقول: إنه «لا يجوز تسليح مَن يشقّون الصدور ويأكلون لحم البشر». وأصرّ على أن تزويد موسكو نظام الأسد بالسلاح، يتوافق مع القانون الدولي، لأنه يتعلّق بتسليح سلطة شرعية حاكمة.
الرئيس الروسي لا يجد غضاضة في «شرعية» نظام دموي قتل أكثر من 120 ألف إنسان من شعبه ـ (وثقت الأمم المتحدة قتل 93 ألفا منهم رسميا) ـ ولا يريد أن يتذكّر من مشاهد المأساة السورية وتدمير المدن على رؤوس ساكنيها إلا حادثة واحدة مقزّزة استنكرتها الثورة... وشهدت وتشهد مثيلاتها، مع الأسف، كل الحروب الأهلية.
أكثر من هذا، يتناسى الرئيس الروسي، ذو الباع الطويل في «التعامل الشرعي» بالشيشان، أن الثورة السورية ظلّت سلمية طيلة أكثر من سنة ونصف السنة، رغم تصدّي عسكر النظام و«شبّيحته» للمظاهرات السّلمية بالرصاص، وخطفهم المواطنين وقتلهم والتمثيل بجثثهم، كما حصل للطفل حمزة الخطيب والفنان إبراهيم قاشوش الذي ذبح واستؤصلت حنجرته.
ولكن، بصراحة، الحق ليس على بوتين. هذا هو فلاديمير بوتين ضابط الـ«كي جي بي» الذي شبّ على العنف وشاب عليه. أما الحق فهو على إدارة أميركية تزعم أنها جاءت لتمارس الأخلاق في السياسة، وما لم أكن مخطئا، فإن المهمة السياسية الأخلاقية الأولى هي احترام حقوق الإنسان... وعلى رأسها الحق في حياة كريمة في مجتمع حرّ وآمن.
كلام بن رودز، ومن بعده كلام رئيسه، الذي تعمّد إبراز «تعقيدات» الوضع، لتبرير مواصلة واشنطن سياسة التخلّي عن الشعب السوري، والصمت على مؤامرة إجهاض ثورته، كان يفتقر إلى مبدأ أساسي في سياسات الدول الكبرى، ألا وهو... الردع. وهذا يعني التلويح جديّا باللجوء إلى القوة لتسهيل التوصل إلى التسوية السلمية.
في أميركا اعتمدت إدارة الرئيس ثيودور روزفلت (حكم بين 1901 و1909) في السياسة الخارجية، شعارا عمليا ناجحا هو «تكلّم بلهجة رقيقة، لكن احمل عصا غليظة». كذلك عُرف عن هنري كلاي (1777 ـ 1852)، السياسي اللامع الذي تولّى منصب وزير الخارجية وترأس مجلس النواب وخاض ثلاثة انتخابات رئاسية خسرها كلها، مقولته: «أفضّل أن أكون على حقّ على أن أصبح رئيسا» التي تذكرها حتى اليوم أجيال من الأميركيين.
ما فعلته إدارة أوباما ـ الذي انتخب رئيسا مرتين ـ وما يبدو أنها مصرّة على السير فيه حتى النهاية، هو مواصلة الكلام... والتفاؤل بحدوث تغيّر ما، في مكان ما، يغنيها عن خوض مواجهة. وحقا، الزمن لا ينتظر أحدا، ولا وجود للفراغ في عالم السياسة.
وأول الغيث كان في تركيا، حيث هزّت مظاهرات «تحالف من كل وادٍ عصا» ساحة «تقسيم»، الكثير من هيبة رجب طيب أردوغان، وأيضا في إيران حيث جاء «سماح» المؤسسة الأمنية الإيرانية بتمرير فوز مرشح معتدل نسبيا، هو حسن روحاني، برئاسة الجمهورية... «ضربة علاقات عامة» ذكية تعطي سياسة طهران مجال مناورة مفيدا وتحرج خصومها على المسرح الدولي.
وبناء عليه، إذا كان الرئيس أوباما يتوقّع مبادرات حسن نية مجّانية من منافسي واشنطن، فإنه يجازف بالكثير من صدقيته، ويهدي خصومه السياسيين في اليمين الجمهوري المتشدّد هدية ثمينة جديدة... خلال سنوات قليلة. وليس له إلا ملاحظة حصيلة اعتدال فترة رئاسة جيمي كارتر وحرصها على التوافقات العريضة، واستغلال خصوم كارتر، في الداخل والخارج، ذلك الاعتدال... واعتباره ضعفا وانعدام قيادة.
القصد هنا ليس إسداء النصح لإدارة لديها عشرات المستشارين، وعشرات «الأجندات» السياسية، بل هو محاولة توضيح حقيقة إقليمية خطيرة تكاد تضيع في تضليل المواقف المعلنة، وادعاءات العداء الكاذبة والنضال الأكذب.
------------------------
الشرق الاوسط

اياد ابو شقرا
الخميس 20 يونيو 2013