الحديث عن المشروع الإيراني الديني القومي "الشيعي الفارسي" يتضمن في داخله جملة من المركبات الفرعية، وإن كانت كل واحدة من هذه المركبات أساسية ورئيسية في نفس الوقت، فنظام الإرهاب الأسدي يعمل من أجل مصلحته الخاصة على الرغم من تداخله مع المشروع الإيراني، وحزب الله يعمل على عدم فقدان هيمنته على الساحة اللبنانية لأسباب داخلية أيضا، وهنا يأتي المشروع الإيراني ليركب نظام الأسد وحزب الله ويضم معهم مليشيات عراقية ليصنع خلطة جديدة هي "التحالف الشيعي العلوي" وهو تحالف ديني بالدرجة الأولى رغم تحالفه مع مكونات علمانية غير دينية مثل حزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي وبقايا اليساريين العرب وأقليات مسيحية لبنانية، مما يعني أن تكوين تحالف أقليات دينية بالدرجة الأولى بقيادة إيران، وهو التحالف الذي يهدف للتصدي للأغلبية العربية المسلمة في العالم العربي تحديدا، وفي سوريا على وجه الخصوص، وهو الأمر الذي جعل زعيم حزب الله حسن نصر الله يعتبر المعركة في سوريا "معركة وجود" بالنسبة لحزبه وللشيعة في المنطقة.
هل يملك المشروع الإيراني "الشيعي الفارسي" أي مقومات للنجاح والانتصار في العالم العربي؟ هل يمكن أن يعيد خامنئي وأحمدي نجاد وحسن نصر الله الزمن إلى الحقبة الصفوية التي أعمل فيها الصفويون السيف في رقاب الناس لتحويلهم عن دينهم إلى دين قومي بالدرجة الأولى؟ هل يمكن أن يهيمن مشروع إيراني على المنطقة تحت أي اسم كان؟ الجواب هو لا جملة وتفصيلا، فالعرب لن يقبلوا هيمنة إيرانية فارسية عليهم حتى بأدوات عربية، ونجاح المشروع الإيراني في العراق ولبنان ليس مقياسا على الإطلاق، لأن نجاح الإيرانيين في البلدين اعتمد بالدرجة الأولى على وجود أقليات شيعية فاعلة وحيوية من جهة ولتحالفها مع الاستعمار الأمريكي في العراق من جهة أخرى، ووجود أقليات مسيحية وغيرها في لبنان تتكئ على إيران لضمان هيمنتها هي الأخرى، وهي أقليات لا تمثل كل المسيحيين على أية حال، لأن هناك من المسيحيين في لبنان من يعادي التوسع الإيراني.
هذا الواقع يحول المعركة في سوريا من ثورة يقوم بها الشعب السوري للمطالبة بحريته وكرامته ضد نظام إرهابي دكتاتوري ظالم ومستبد إلى معركة "فارسية – عربية" و "إسلامية – شيعية نصيرية"، وهي حرب تشارك فيها روسيا غير القادرة على قراءة المشهد بدقة، لأنها دخلت طرفا في محور ديني شيعي نصيري دفاعا عن مصالحها، مما يعني أنها قد تتورط في الحرب بشكل كامل سواء في سوريا أو العالم العربي أو حتى في الشيشان ووسط آسيا، وهذا لن يعزل أفغانستان عن المعركة التي ستتحالف فيها طالبان مع المحور المعادي لإيران في العالم، ولأول مرة ربما نجد طالبان الأفغانية تقاتل جنبا إلى جنب مع جهات قاتلتها في أفغانستان.
هذا السيناريو يفتح الأبواب أمام جملة من التطورات الكبيرة منها توسع المعركة لتشمل لبنان والعراق في الدرجة الأولى ومن ثم دولا أخرى تتورط تباعا، ولكن ما هي إمكانيات ذلك؟ ومتى ستصل الأمور إلى النقطة الحرجة لتفجر الحرب الشاملة؟ هناك أكثر من احتمال: الأول: هو إدراك العرب أن المعركة في سوريا لم تعد معركة السوريين وحدهم بل هي معركة كل العرب في مواجهة التحالف الشيعي النصيري، الإيراني الأسدي، وهو ما ظهر من خلال دعوات الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي للجهاد في سوريا والى جانبه مشايخ السعودية، وهي دعوات كسرت "حذر الأنظمة العربية" وأسبغت الشرعية على القتال في سوريا لمحاربة " النصيريين الذين هم أكفر من اليهود والنصارى" كما قال الشيخ القرضاوي، وهذا الحكم ينسحب على حلفائهم أيضا.
الاحتمال الثاني: إدراك الغرب ومعه تركيا أن سوريا تحولت إلى بؤرة خطرة جدا، ونقطة احتكاك ملتهبة لا بد من تبريدها عبر إسقاط نظام الأسد دفعة واحدة، مما يعني تسليح الجيش الحر بشكل يمكنه من إسقاط الأسد وعصابته، أو التدخل بشكل مباشر كما حدث في ليبيا، لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفا من الناحية النظرية على الأقل، فالغرب وعلى رأسه أمريكا وبريطانيا وفرنسا، يعاني من حالة من الارتباك والتردد والتشوش وعدم القدرة أو الرغبة في التدخل، ويمكن القول إن الغرب خسر معركته السياسية مع روسيا، وأذعن لما تريده روسيا بالدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 حسب الشروط الروسية، إضافة إلى أن أمريكا دولة منهكة ومفلسة وغير راغبة بخوض حرب ثالثة في سوريا بعد العراق وأفغانستان، وهي تطيع التوجيهات الإسرائيلية بإبقاء الأمر على ما هو عليه حتى تدمير سوريا بالكامل وإخراجها من معادلة القوة في المنطقة.
ويبقى الاحتمال الثالث وهو الأقرب إلى التحقق ألا وهو تحول سوريا نقطة استقطاب لكل المجاهدين العرب والمسلمين من كل أنحاء العالم لمواجهة نظام الأسد الإرهابي وحزب الله والمليشيات الشيعية والإيرانية والعراقية ومنازلة المشروع الإيراني الفارسي الشيعي، كما حدث في العراق ما بين 2004 و 2007 حين استطاعت القاعدة أن تلحق بالأمريكيين هزائم قوية جعلت أمريكا وحلفاءها يترنحون من قوة الضربات، ولولا الفكرة الشيطانية بتكوين "مليشيات الصحوات" لهزمت أمريكا ومعها قوات 40 دولة هزيمة منكرة، لكن الحرب في سوريا هذه المرة ستكون أشد وأنكى، هي تحظى بمباركة علماء الدين المسلمين بل وحثهم على خوضها، وهذا يعني أن محاولة أي نظام عربي لمنع مشروعية المعركة في سوريا سوف يصطدم مباشرة مع القوة الأكبر في الشارع وهم علماء الدين، وهذا أمر قد يفجر الوضع في أكثر من دولة عربية، هذا إذا استبعدنا أن الدول العربية، وخاصة الخليجية تريد أن تقصقص أجنحة إيران في سوريا لمنع قيام "الهلال الشيعي" من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان"، الذي يشكل خطرا وجوديا على هذه الأنظمة، وبالتالي سيكون من الجنون أن تمنع هزيمة المشروع الإيراني في سوريا لينكفئ على نفسه ويرتد خائبا خاسرا.
الغرب يلعب لعبة خاسرة في سوريا، فالمشكلة ليست جبهة النصرة أو المقاتلين الإسلاميين الذين لولاهم لهزمت الثورة السورية منذ أمد بعيد، ولكن المشكلة في وجود نظام الأسد، وعدم رغبتهم بسقوط نظامه، وتحالفهم "الجنتلمان" مع روسيا وإيران وحزب الله ضد الثورة السورية والشعب السوري .. وهو تحالف سيؤدي إلى تحول سوريا إلى بؤرة حرب عالمية تمتد من أفغانستان وحتى فلسطين المحتلة ومن العراق وحتى الصومال واليمن .. وكل الدلائل تشير إلى ذلك، فقتلى التحالف الشيعي يشيعيون في الضاحية الجنوبية والنبطية اللبنانية والبصرة العراقية وقم الإيرانية وصعدة اليمنية، مما يفتح الباب لدخول خصومهم على الخط لمقارعة "كتائب ولاية الفقيه" في سوريا .. وربما ما هو أبعد من سوريا لاحقا.
------------------------
الشرق القطرية
هل يملك المشروع الإيراني "الشيعي الفارسي" أي مقومات للنجاح والانتصار في العالم العربي؟ هل يمكن أن يعيد خامنئي وأحمدي نجاد وحسن نصر الله الزمن إلى الحقبة الصفوية التي أعمل فيها الصفويون السيف في رقاب الناس لتحويلهم عن دينهم إلى دين قومي بالدرجة الأولى؟ هل يمكن أن يهيمن مشروع إيراني على المنطقة تحت أي اسم كان؟ الجواب هو لا جملة وتفصيلا، فالعرب لن يقبلوا هيمنة إيرانية فارسية عليهم حتى بأدوات عربية، ونجاح المشروع الإيراني في العراق ولبنان ليس مقياسا على الإطلاق، لأن نجاح الإيرانيين في البلدين اعتمد بالدرجة الأولى على وجود أقليات شيعية فاعلة وحيوية من جهة ولتحالفها مع الاستعمار الأمريكي في العراق من جهة أخرى، ووجود أقليات مسيحية وغيرها في لبنان تتكئ على إيران لضمان هيمنتها هي الأخرى، وهي أقليات لا تمثل كل المسيحيين على أية حال، لأن هناك من المسيحيين في لبنان من يعادي التوسع الإيراني.
هذا الواقع يحول المعركة في سوريا من ثورة يقوم بها الشعب السوري للمطالبة بحريته وكرامته ضد نظام إرهابي دكتاتوري ظالم ومستبد إلى معركة "فارسية – عربية" و "إسلامية – شيعية نصيرية"، وهي حرب تشارك فيها روسيا غير القادرة على قراءة المشهد بدقة، لأنها دخلت طرفا في محور ديني شيعي نصيري دفاعا عن مصالحها، مما يعني أنها قد تتورط في الحرب بشكل كامل سواء في سوريا أو العالم العربي أو حتى في الشيشان ووسط آسيا، وهذا لن يعزل أفغانستان عن المعركة التي ستتحالف فيها طالبان مع المحور المعادي لإيران في العالم، ولأول مرة ربما نجد طالبان الأفغانية تقاتل جنبا إلى جنب مع جهات قاتلتها في أفغانستان.
هذا السيناريو يفتح الأبواب أمام جملة من التطورات الكبيرة منها توسع المعركة لتشمل لبنان والعراق في الدرجة الأولى ومن ثم دولا أخرى تتورط تباعا، ولكن ما هي إمكانيات ذلك؟ ومتى ستصل الأمور إلى النقطة الحرجة لتفجر الحرب الشاملة؟ هناك أكثر من احتمال: الأول: هو إدراك العرب أن المعركة في سوريا لم تعد معركة السوريين وحدهم بل هي معركة كل العرب في مواجهة التحالف الشيعي النصيري، الإيراني الأسدي، وهو ما ظهر من خلال دعوات الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي للجهاد في سوريا والى جانبه مشايخ السعودية، وهي دعوات كسرت "حذر الأنظمة العربية" وأسبغت الشرعية على القتال في سوريا لمحاربة " النصيريين الذين هم أكفر من اليهود والنصارى" كما قال الشيخ القرضاوي، وهذا الحكم ينسحب على حلفائهم أيضا.
الاحتمال الثاني: إدراك الغرب ومعه تركيا أن سوريا تحولت إلى بؤرة خطرة جدا، ونقطة احتكاك ملتهبة لا بد من تبريدها عبر إسقاط نظام الأسد دفعة واحدة، مما يعني تسليح الجيش الحر بشكل يمكنه من إسقاط الأسد وعصابته، أو التدخل بشكل مباشر كما حدث في ليبيا، لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفا من الناحية النظرية على الأقل، فالغرب وعلى رأسه أمريكا وبريطانيا وفرنسا، يعاني من حالة من الارتباك والتردد والتشوش وعدم القدرة أو الرغبة في التدخل، ويمكن القول إن الغرب خسر معركته السياسية مع روسيا، وأذعن لما تريده روسيا بالدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 حسب الشروط الروسية، إضافة إلى أن أمريكا دولة منهكة ومفلسة وغير راغبة بخوض حرب ثالثة في سوريا بعد العراق وأفغانستان، وهي تطيع التوجيهات الإسرائيلية بإبقاء الأمر على ما هو عليه حتى تدمير سوريا بالكامل وإخراجها من معادلة القوة في المنطقة.
ويبقى الاحتمال الثالث وهو الأقرب إلى التحقق ألا وهو تحول سوريا نقطة استقطاب لكل المجاهدين العرب والمسلمين من كل أنحاء العالم لمواجهة نظام الأسد الإرهابي وحزب الله والمليشيات الشيعية والإيرانية والعراقية ومنازلة المشروع الإيراني الفارسي الشيعي، كما حدث في العراق ما بين 2004 و 2007 حين استطاعت القاعدة أن تلحق بالأمريكيين هزائم قوية جعلت أمريكا وحلفاءها يترنحون من قوة الضربات، ولولا الفكرة الشيطانية بتكوين "مليشيات الصحوات" لهزمت أمريكا ومعها قوات 40 دولة هزيمة منكرة، لكن الحرب في سوريا هذه المرة ستكون أشد وأنكى، هي تحظى بمباركة علماء الدين المسلمين بل وحثهم على خوضها، وهذا يعني أن محاولة أي نظام عربي لمنع مشروعية المعركة في سوريا سوف يصطدم مباشرة مع القوة الأكبر في الشارع وهم علماء الدين، وهذا أمر قد يفجر الوضع في أكثر من دولة عربية، هذا إذا استبعدنا أن الدول العربية، وخاصة الخليجية تريد أن تقصقص أجنحة إيران في سوريا لمنع قيام "الهلال الشيعي" من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان"، الذي يشكل خطرا وجوديا على هذه الأنظمة، وبالتالي سيكون من الجنون أن تمنع هزيمة المشروع الإيراني في سوريا لينكفئ على نفسه ويرتد خائبا خاسرا.
الغرب يلعب لعبة خاسرة في سوريا، فالمشكلة ليست جبهة النصرة أو المقاتلين الإسلاميين الذين لولاهم لهزمت الثورة السورية منذ أمد بعيد، ولكن المشكلة في وجود نظام الأسد، وعدم رغبتهم بسقوط نظامه، وتحالفهم "الجنتلمان" مع روسيا وإيران وحزب الله ضد الثورة السورية والشعب السوري .. وهو تحالف سيؤدي إلى تحول سوريا إلى بؤرة حرب عالمية تمتد من أفغانستان وحتى فلسطين المحتلة ومن العراق وحتى الصومال واليمن .. وكل الدلائل تشير إلى ذلك، فقتلى التحالف الشيعي يشيعيون في الضاحية الجنوبية والنبطية اللبنانية والبصرة العراقية وقم الإيرانية وصعدة اليمنية، مما يفتح الباب لدخول خصومهم على الخط لمقارعة "كتائب ولاية الفقيه" في سوريا .. وربما ما هو أبعد من سوريا لاحقا.
------------------------
الشرق القطرية