حتى الفرح الإعلامي العربي بمناسبة هذا الاختيار، لم يثن إسرائيل عن إرسال وفودها الإعلامية لتطمس آثار هذه الفرحة، ولتشوش على هذا الاختيار، فهم يتعاملون مع الأشياء الصغيرة على أنها مهمة، ولها تأثيرها، في حين بقي العرب بحماستهم الاحتفائية والخطابية، ولا جديد على صعيد العمل المؤثر، حتى لو أن تكون القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية، وتؤاخى مع أي مدينة تختار للثقافة مستقبلاً!
وصلت القدس مساء، وأعترف بأن لبعض المدن هيبتها ورهبتها، واختلاجات تحل في البدن، ولا تجعل النفس هادئة كطبيعتها، القدس أكثر هذه المدن التي خلقت لدي تحفزاً للقيا، ولأول مرة يختل توازني حين وطأت قدماي ترابها المبجل، بعض المدن تشغل الرأس وتشعله، وتكاد أن تصيبه بدوار، القدس هي من أكثر هذه المدن!
في ذاك المساء لم أعرف ماذا أعمل، وماذا أترك؟ هل أقبّل شرقاً أم غرباً، أي زاوية يمكن أن يطمئن قلبي لها، ويمكن أن تختصر لي القدس والحنين لها في ساعات؟ لأول مرة أدخل مدينة، وأنام وأصحو وأنا غير مصدق بعد، أني هنا.. هي القدس وحدها فعلت ذلك!
والصباح كيف يبدأ، وكيف يمكن أن أوزع أيامي السبعة على كل تفاصيل خارطتها؟ هل أبدأ صباحي بكعك مقدسي، وشاي بمرمية له طعم الشتاء في أوله، هل أبدأ بباب العمود أو دمشق، بعدما أصبّح على “أبو مصطفى” بائع الصحف في كشكه الأزلي، أسلم على بائع العرقسوس بوجهه الذي يشبه قطعة حجر من جدارها، أمرّ على الصيرفي، وأغير العملة، أدخل السوق متفحصاً الأرصفة الحجرية العتيقة، متأملاً وجوه الباعة، مخترقاً سوق الخضار وزحمته، أقف عند باب المسجد العمري، وأقرأ الفاتحة على روح الفاروق لتسامحه وعدله، أيمم شطر كنيسة القيامة، ومن ثم اسلك طريق آلام المسيح التي مشاها،
أنزوي في محل “ زالطيمو” للحلوى قرب درج القباط، أدخل باب بيت المقدس، ولا أنسى أن أودع تحية لغرفة صلاح الدين وغرفة خادمه، تلك غنيمته الوحيدة من فتح القدس، أصلي ركعتي قدوم في المسجد الأقصى، وركعتي تحية للمسجد في صحن قبة الصخرة، كنت بحاجة إلى أكثر من عينين، فكانت رفيقة الدرب الكاميرا، ورغم ذلك لم أشبع، زرت قبر سلمان الفارسي، وقبر رابعة العدوية، ذرعت القدس من كل أطرافها، من اقصاها إلى أقصاها، ورغم ذلك لم تكن تكفيني صلاة جمعة يتيمة حزينة في “أقصاها”!
وصلت القدس مساء، وأعترف بأن لبعض المدن هيبتها ورهبتها، واختلاجات تحل في البدن، ولا تجعل النفس هادئة كطبيعتها، القدس أكثر هذه المدن التي خلقت لدي تحفزاً للقيا، ولأول مرة يختل توازني حين وطأت قدماي ترابها المبجل، بعض المدن تشغل الرأس وتشعله، وتكاد أن تصيبه بدوار، القدس هي من أكثر هذه المدن!
في ذاك المساء لم أعرف ماذا أعمل، وماذا أترك؟ هل أقبّل شرقاً أم غرباً، أي زاوية يمكن أن يطمئن قلبي لها، ويمكن أن تختصر لي القدس والحنين لها في ساعات؟ لأول مرة أدخل مدينة، وأنام وأصحو وأنا غير مصدق بعد، أني هنا.. هي القدس وحدها فعلت ذلك!
والصباح كيف يبدأ، وكيف يمكن أن أوزع أيامي السبعة على كل تفاصيل خارطتها؟ هل أبدأ صباحي بكعك مقدسي، وشاي بمرمية له طعم الشتاء في أوله، هل أبدأ بباب العمود أو دمشق، بعدما أصبّح على “أبو مصطفى” بائع الصحف في كشكه الأزلي، أسلم على بائع العرقسوس بوجهه الذي يشبه قطعة حجر من جدارها، أمرّ على الصيرفي، وأغير العملة، أدخل السوق متفحصاً الأرصفة الحجرية العتيقة، متأملاً وجوه الباعة، مخترقاً سوق الخضار وزحمته، أقف عند باب المسجد العمري، وأقرأ الفاتحة على روح الفاروق لتسامحه وعدله، أيمم شطر كنيسة القيامة، ومن ثم اسلك طريق آلام المسيح التي مشاها،
أنزوي في محل “ زالطيمو” للحلوى قرب درج القباط، أدخل باب بيت المقدس، ولا أنسى أن أودع تحية لغرفة صلاح الدين وغرفة خادمه، تلك غنيمته الوحيدة من فتح القدس، أصلي ركعتي قدوم في المسجد الأقصى، وركعتي تحية للمسجد في صحن قبة الصخرة، كنت بحاجة إلى أكثر من عينين، فكانت رفيقة الدرب الكاميرا، ورغم ذلك لم أشبع، زرت قبر سلمان الفارسي، وقبر رابعة العدوية، ذرعت القدس من كل أطرافها، من اقصاها إلى أقصاها، ورغم ذلك لم تكن تكفيني صلاة جمعة يتيمة حزينة في “أقصاها”!