الواقع أن غالبية التساؤلات تطرح نفسها بنفسها على مائدة النقاش، لا سيما في ضوء ملاحظات عدة تبدأ بحالة الاحتجاجات وأزمة النظام السياسي العراقي الحالي، وتنطلق إلى حدود ما يخشاه الجميع، أي شفا الحرب الأهلية التي لا يرغبها أحد، هذا بالطبع من دون أن يغفل المرء تجاذبات ما يحدث في سورية ومدى الضرر المضاف الذي يمكن أن يصيب العراق حال سقوط نظام الأسد. من أين للمرء أن يبدأ؟ ربما من آخر الوثائق السرية التي أُميط اللثام عنها أخيراً في العاصمة الأميركية واشنطن، والتي تكشف زيف المبررات التي كانت وراء احتلال واشنطن للعراق، لصاحبها الصحافي الأميركي مايكل أيسيكوف من مجلة «نيوزويك» ومحطة «إن بي سي نيوز»، اذ تذكر صفحات كتابه الجديد أن تصريحات المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأميركية المركزية CIA جورج تينت تؤكد أن البيت الأبيض كان يريد غزو العراق قبل 11 أيلول (سبتمبر) بوقت طويل، وأدخل ترهات في تبريراته لغزو العراق.
الكتاب يشير كذلك إلى ما قاله وزير المالية السابق بول أونيل الذي كان عضواً في هيئة الأمن القومي، من أن «بوش خطط لحرب العراق قبل 11/9، وضمن صفحات الكتاب يقول مسؤولون بريطانيون إن الولايات المتحدة ناقشت موضوع تغيير النظام حتى قبل وصول بوش إلى الرئاسة.
وفي عام 2000 قال نائب الرئيس ديك تشيني إن من المحتمل أن تقوم إدارة بوش «بعمل عسكري لإزاحة صدام من السلطة بالقوة». والمؤكد أن تشيني رجل النفط وشركات هاليبرتون الشهيرة، كان قد جعل من حقول النفط العراقية أولويات للأمن القومي الأميركي قبل 11/9 كما نقلت صحيفة «صنداي هيرالد» لضمان السيطرة على نفط العراق، وهو الحديث نفسه الذي أكده لاحقاً، ألان غرنيسبان مدير بنك الاحتياط النقدي الأميركي، وآخرون غيرهما.
والشاهد أن هناك الكثير من الوثائق السرية المتعلقة بتلك الحرب والتي لن يكشف النقاب عنها قبل عشرة أو خمسة عشر عاماً أخرى، وكلها يرجّح أن تؤكد أن العراق والمنطقة من خلفه كانا هدفاً استراتيجياً بعيد المدى للسياسات الأميركية، إذ خطط المحافظون الجدد لتغيير النظام في العراق، وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قبل 20 سنة.
ماذا عن حساب الحصاد؟
هل تحققت الحريات والديموقراطيات والمواءمات السياسية بين العراقيين وبعضهم بعضاً أم زادت الشقاقات السياسية وتعمقت الاصطفافات الإيديولوجية وتفكك النسيج الاجتماعي وتردت مستويات الحياة الاقتصادية، إلى آخر الأسئلة التي تحمل ملامح سلبية بعد عقد من الغزو الذي عمّق الشرخ في جدار الأمة؟
المؤكد أن النخب السياسية العراقية فشلت في تسوية الإشكالات السياسية الأساسية التي فجّرها احتلال العراق في نيسان (أبريل) 2003، حتى بعد إقرار الدستور العراقي في 2005، وقد استمرت هذه الإشكالات في إعادة إنتاج نفسها من خلال تمظهرات مختلفة عبر ما يمكن تسميته بسياسة «تدوير الأزمات».
ولعل المتابع للمشهد السياسي العراقي بدقة يرصد أن كل البدائل التكتيكية التي أوجدت من أجل إنتاج أنظمة هجينة بداية من عام 2006 لم تنجح في أن تتجاوز الأزمة البنيوية التي يعاني منها هذا النظام، لا سيما أن المحاولات التي وصفت بالتوافقية، من أجل الحفاظ على الوضع السياسي الهش اعتماداً على ميزان القوى القائم وليس على مبادئ مرجعية حاكمة يقبلها الجميع، لم تتحول إلى أعراف سياسية ملزمة للأطراف السياسية الممثلة لمكونات إثنية ومذهبية، ولم تتحول على الأقل إلى اتفاقات تحترمها الأطراف جميعاً.
هل فشل الغزو الأميركي في ترتيب عملية سياسية توافقية بين العراقيين أنفسهم، أم إن الأمر كان مقصوداً بعينه حتى لا يصل العراق إلى استقرار ما ولا يعرف العراقيون توافقاً في شكل أو في آخر، لا سيما أن كاتب الدستور العراقي هو نوح فيلدمان بما يعنيه الاسم والرسم؟
الشكوك دائماً تصاحب السياسات الأميركية البراغماتية، لا سيما تجاه دول الشرق الأوسط، والرؤية الأميركية للعراق تأسست بعد مشاهد الحرب الأهلية العراقية في 2006 و2007، وتقوم على أن التدخل الأميركي يجب أن يبقى في حدّه الأدنى، من دون أي محاولة لفرض رؤى محددة، معتمدة على أن العملية نفسها ستنتج نموذجها الخاص، وهو ما لم يحدث... هل يمكن أن تكون تبعات المشهد على هذا النحو الدخول بأقدام عراقية ثابتة إلى الحرب الأهلية وشفيرها المهلك مرة جديدة؟
عشر سنوات هي عمر الاحتلال، تراجع فيها النمو الاقتصادي العراقي، وتخلفت فيها مستويات الحياة، وتوارت الحريات، وازدادت الخلافات التي تقترب من الحرب الأهلية... هل هذا ما جنته السياسات الأميركية على العراق أم إن القيادة السياسية العراقية السابقة كانت شريكاً في الجريمة التي يدفع العراق والعراقيون اليوم ثمنها؟
الكتاب يشير كذلك إلى ما قاله وزير المالية السابق بول أونيل الذي كان عضواً في هيئة الأمن القومي، من أن «بوش خطط لحرب العراق قبل 11/9، وضمن صفحات الكتاب يقول مسؤولون بريطانيون إن الولايات المتحدة ناقشت موضوع تغيير النظام حتى قبل وصول بوش إلى الرئاسة.
وفي عام 2000 قال نائب الرئيس ديك تشيني إن من المحتمل أن تقوم إدارة بوش «بعمل عسكري لإزاحة صدام من السلطة بالقوة». والمؤكد أن تشيني رجل النفط وشركات هاليبرتون الشهيرة، كان قد جعل من حقول النفط العراقية أولويات للأمن القومي الأميركي قبل 11/9 كما نقلت صحيفة «صنداي هيرالد» لضمان السيطرة على نفط العراق، وهو الحديث نفسه الذي أكده لاحقاً، ألان غرنيسبان مدير بنك الاحتياط النقدي الأميركي، وآخرون غيرهما.
والشاهد أن هناك الكثير من الوثائق السرية المتعلقة بتلك الحرب والتي لن يكشف النقاب عنها قبل عشرة أو خمسة عشر عاماً أخرى، وكلها يرجّح أن تؤكد أن العراق والمنطقة من خلفه كانا هدفاً استراتيجياً بعيد المدى للسياسات الأميركية، إذ خطط المحافظون الجدد لتغيير النظام في العراق، وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قبل 20 سنة.
ماذا عن حساب الحصاد؟
هل تحققت الحريات والديموقراطيات والمواءمات السياسية بين العراقيين وبعضهم بعضاً أم زادت الشقاقات السياسية وتعمقت الاصطفافات الإيديولوجية وتفكك النسيج الاجتماعي وتردت مستويات الحياة الاقتصادية، إلى آخر الأسئلة التي تحمل ملامح سلبية بعد عقد من الغزو الذي عمّق الشرخ في جدار الأمة؟
المؤكد أن النخب السياسية العراقية فشلت في تسوية الإشكالات السياسية الأساسية التي فجّرها احتلال العراق في نيسان (أبريل) 2003، حتى بعد إقرار الدستور العراقي في 2005، وقد استمرت هذه الإشكالات في إعادة إنتاج نفسها من خلال تمظهرات مختلفة عبر ما يمكن تسميته بسياسة «تدوير الأزمات».
ولعل المتابع للمشهد السياسي العراقي بدقة يرصد أن كل البدائل التكتيكية التي أوجدت من أجل إنتاج أنظمة هجينة بداية من عام 2006 لم تنجح في أن تتجاوز الأزمة البنيوية التي يعاني منها هذا النظام، لا سيما أن المحاولات التي وصفت بالتوافقية، من أجل الحفاظ على الوضع السياسي الهش اعتماداً على ميزان القوى القائم وليس على مبادئ مرجعية حاكمة يقبلها الجميع، لم تتحول إلى أعراف سياسية ملزمة للأطراف السياسية الممثلة لمكونات إثنية ومذهبية، ولم تتحول على الأقل إلى اتفاقات تحترمها الأطراف جميعاً.
هل فشل الغزو الأميركي في ترتيب عملية سياسية توافقية بين العراقيين أنفسهم، أم إن الأمر كان مقصوداً بعينه حتى لا يصل العراق إلى استقرار ما ولا يعرف العراقيون توافقاً في شكل أو في آخر، لا سيما أن كاتب الدستور العراقي هو نوح فيلدمان بما يعنيه الاسم والرسم؟
الشكوك دائماً تصاحب السياسات الأميركية البراغماتية، لا سيما تجاه دول الشرق الأوسط، والرؤية الأميركية للعراق تأسست بعد مشاهد الحرب الأهلية العراقية في 2006 و2007، وتقوم على أن التدخل الأميركي يجب أن يبقى في حدّه الأدنى، من دون أي محاولة لفرض رؤى محددة، معتمدة على أن العملية نفسها ستنتج نموذجها الخاص، وهو ما لم يحدث... هل يمكن أن تكون تبعات المشهد على هذا النحو الدخول بأقدام عراقية ثابتة إلى الحرب الأهلية وشفيرها المهلك مرة جديدة؟
عشر سنوات هي عمر الاحتلال، تراجع فيها النمو الاقتصادي العراقي، وتخلفت فيها مستويات الحياة، وتوارت الحريات، وازدادت الخلافات التي تقترب من الحرب الأهلية... هل هذا ما جنته السياسات الأميركية على العراق أم إن القيادة السياسية العراقية السابقة كانت شريكاً في الجريمة التي يدفع العراق والعراقيون اليوم ثمنها؟