.
يقودنا الصمت العلوي إلى تعقيد العلاقات الطائفية في سورية. يقودنا إلى واقع طالما جرى طمره تحت رطانات العروبة والقضية المركزية والممانعة والمقاومة، ليظهر عارياً بعد كل مجزرة في قرية سورية: المسألة الطائفية حقيقة لم يعد ممكناً القفز من فوقها أو التعامي عنها. سيان اخترعها نظام آل الأسد أو عززتها وضخمتها مخاوف شرعية بُنيت على ذاكرة جريحة، فهناك من يدفع حياته ثمناً للكراهية الطائفية. في المقابل، ثمة من يجلس على السياج يراقب المجازر وعمليات القتل الجماعية منتظراً ما ستسفر عنه ليبني حساباته، الشخصية والجماعية، على نتائج التطهير الطائفي- العرقي.
دعوا المواربة واللغة الملطفة جانباً. ودعوا التفكير بالتمني. ودعوا، خصوصاً، تفاهات وسائل إعلام «الممانعة» عن المؤامرة الكونية وتخاذل المتخاذلين والرد الآتي لا محالة على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على سورية. الحقيقة البسيطة هي أن المستقبل تحدده سكاكين القتلة الطائفيين أكثر من مقالات وتصريحات كتاب وصحافيي و «محللي» الفضائيات والصحف المغطية على المجزرة والمتجاهلة لها والشريكة، في نهاية المطاف، في ارتكابها.
عليه، سيكون على من يصمت عن قتل أطفال البيضا وبانياس وقبلهم أطفال داريا وجديدة الفضل والحولة وعشرات المجازر الأخرى، أن يتوقع رداً من صنف فعلته. ليس في الكلام هذا كشف غيبي ولا رمي في المجهول، بل قراءة في تاريخ قريب لمنطقتنا. وعلى من أخرج وحش الطائفية من قمقمه، بذرائع الدفاع عن مقامات مقدسة أو غيرها مما لا يصمد أمام برهان، أن يتحمل النتائج الوخيمة لسلوكه الأرعن.
الأهم أنه سيكون قد حجز موقعه في التسوية المقبلة كمكون أقلي ديموغرافياً وليس كمكون سياسي. وساهم بوعي أو من دون وعي، في جعل الحل السياسي الذي يجري البحث عنه، حلاً طائفياً على الطريقة اللبنانية أو العراقية، يقوم على حسابات الأعداد والأحجام والمناطق المغلقة.
ربما لا يجد العالم اليوم مشكلة في التفرج على القتلى السوريين طالما أنهم من الأكثرية. والأرجح أن الحساسيات التي تحرك هذا العالم، مثل الإرهاب والتعرض للأقليات، لا تصب في مصلحة إنقاذ أطفال قرى سورية جديدة مهددين بالقتل. والأرجح أننا سنرى قريباً صوراً مشابهة لتلك الآتية من قرى بانياس والتي أعمت نظرنا وقلوبنا، طالما أن الحسابات السياسية لم تنضج بعد وأن الروس والإيرانيين والأميركيين لم يحصلوا على الضمانات والتطمينات التي يريدونها لمصالحهم، وطالما أن مدّعي تأييد الثورة والصداقة للشعب السوري ما زالوا على عجزهم وحساباتهم العقيمة.
سيساهم الصمت العلوي في صورة المستقبل السوري، لغير مصلحة الدولة المدنية الديموقراطية. بهذه البساطة.
--------------------
الحياة
دعوا المواربة واللغة الملطفة جانباً. ودعوا التفكير بالتمني. ودعوا، خصوصاً، تفاهات وسائل إعلام «الممانعة» عن المؤامرة الكونية وتخاذل المتخاذلين والرد الآتي لا محالة على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على سورية. الحقيقة البسيطة هي أن المستقبل تحدده سكاكين القتلة الطائفيين أكثر من مقالات وتصريحات كتاب وصحافيي و «محللي» الفضائيات والصحف المغطية على المجزرة والمتجاهلة لها والشريكة، في نهاية المطاف، في ارتكابها.
عليه، سيكون على من يصمت عن قتل أطفال البيضا وبانياس وقبلهم أطفال داريا وجديدة الفضل والحولة وعشرات المجازر الأخرى، أن يتوقع رداً من صنف فعلته. ليس في الكلام هذا كشف غيبي ولا رمي في المجهول، بل قراءة في تاريخ قريب لمنطقتنا. وعلى من أخرج وحش الطائفية من قمقمه، بذرائع الدفاع عن مقامات مقدسة أو غيرها مما لا يصمد أمام برهان، أن يتحمل النتائج الوخيمة لسلوكه الأرعن.
الأهم أنه سيكون قد حجز موقعه في التسوية المقبلة كمكون أقلي ديموغرافياً وليس كمكون سياسي. وساهم بوعي أو من دون وعي، في جعل الحل السياسي الذي يجري البحث عنه، حلاً طائفياً على الطريقة اللبنانية أو العراقية، يقوم على حسابات الأعداد والأحجام والمناطق المغلقة.
ربما لا يجد العالم اليوم مشكلة في التفرج على القتلى السوريين طالما أنهم من الأكثرية. والأرجح أن الحساسيات التي تحرك هذا العالم، مثل الإرهاب والتعرض للأقليات، لا تصب في مصلحة إنقاذ أطفال قرى سورية جديدة مهددين بالقتل. والأرجح أننا سنرى قريباً صوراً مشابهة لتلك الآتية من قرى بانياس والتي أعمت نظرنا وقلوبنا، طالما أن الحسابات السياسية لم تنضج بعد وأن الروس والإيرانيين والأميركيين لم يحصلوا على الضمانات والتطمينات التي يريدونها لمصالحهم، وطالما أن مدّعي تأييد الثورة والصداقة للشعب السوري ما زالوا على عجزهم وحساباتهم العقيمة.
سيساهم الصمت العلوي في صورة المستقبل السوري، لغير مصلحة الدولة المدنية الديموقراطية. بهذه البساطة.
--------------------
الحياة