“القوميون” من معسكر الاعتدال، لهم لغة مختلفة..هؤلاء باتوا يقرنون القومية بالديمقراطية والحداثة..ليس لأنهم ديمقراطيون أو حداثيون لا سمح الله، فالنفط الأسود الثقيل يجري في عروقهم بدل الأحمر القاني..بل تمييزاً لقوميتهم المتحالفة مع الغرب وإسرائيل، في مواجهة الخطر الجديد الذي يتهدد الأمة، من إيران الشيعية - الفارسية وحلفائها وأعوانها..”قومية هؤلاء الديمقراطية” مفصّلة على مقاس المواجهة مع “قومية الأسد وصدام الديكتاتورية”.. هؤلاء لا يحبون ان يتذكروا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان ومزراع شبعا وجزر تيرانا السعودية في البحر الأحمر..هؤلاء لا يريدون استذكار الاسكندرون فواقعيتهم وحداثتهم، تمنعان ذلك “فالديمقراطيات لا تتقاتل” على أية حال!!..الأولوية عندهم لتحرير الجزر والأحواز، بل وتحرير المشرق من إيران، ومن الشيعة العرب إن أمكن، كيف ولا وقد أحالوهم إلى طابور خامس، ورأس جسر متقدم للمشروع الصفوي – الفارسي – الشيعي؟!.
قوميون يبررون ذبح شعوب وتدمير أوطان، لا لشيء إلا لأن القتلة مصنفون في قاموسهم الفقير بكل المقاييس، بوصفهم “قوميون” و”مقاومون” و”ممانعون”، وبدل إبداء “العتب” على “القتلة” من باب أضعف الإيمان، نراهم يرتحلون زرافات ووحدانا إلى تقديم آيات الولاء و”عباءات” الانتماء والدعم والمباركة..لقد ألقوا في سلة المهملات بأهم درس من دروس الهزيمة المدوية للقومية والقوميين في حزيران 1967، ومفاده بإيجاز، أن شعباً فاقداً للحرية والكرامة والتمكين، لن يقوى على خوض معارك الأمة والانتصار فيها.
قوميو مدرسة “الحداثة الديمقراطية”، وبالمناسبة غالبيتهم من ذوي الجذور اليسارية، باعوا القومية و”العربية” و”لسان الضاد” تكيفاً مع مندرجات الحلف غير المقدس ضد إيران وشيعتها وأشياعها في المنطقة..هم لا يجدون غضاضة في عقد قرانهم مع أكثر النظم فساداً وتخلفاً، ومع “الفلول” و”الدولة العميقة”، خدمة للهدف المشترك..هم لا يجدون غضاضة في التحالف مع “السلفية” بمدراسها العلمية وغير العلمية، الجهادية والتقليدية، طالما أن الهدف هو ضرب “العدو الرافضي المشترك”.
قوميو المقاومة والممانعة، لم يجدوا ما يثير اهتمامهم ويستدعي “مراجعاتهم” في تجربة سوريا والعراق (واليمن إلى حد كبير)، أنظمة قومية تركت مجتمعاتها خواء من الأحزاب والمؤسسات والمجتمع المدني، وأحالتها إلى قبائل وطوائف مصطرعة، بعد سنوات من الركود الطويل، لحكم العلائات والسلالات الجمهورية..هذا أمر معلق على نظرية المؤامرة وشمّاعاتها الجاهزة باستمرار.
أما قوميو “الاعتدال”، الديمقراطيون والحداثيون، فليس أقل تأثراً بلوثة “الشيزوفرينيا”..خطابهم قومي وحضاري في ظاهره، أما في متنه ونصه، فمشبع بالمذهبية..وإنظروا إلى تحالفاتهم واصطفافاتهم السياسية والحركية، فترونهم الأقرب إلى تيارات الانعزال والتكفير، ولنا في لبنان أوضح النماذج والتجليات لهذه المدرسة المتهافتة.
على ضفتي “الشيزوفرينيا القومية”، لا وظيفة لفلسطين وقضيتها الأولى ومقدساتها، سوى “شرعنة” هذا الخطاب، والتغطية على أبشع مراميه وأهدافه..فالكل يدعي وصلاً بفلسطين، وفلسطين، قضية وشعب وأسرى وحقوق ومقدسات، متروكة لجرافات الاستيطان وأنيابها الفولاذية..متروكة لجدول أعمال أجيال قادمة، لا أحد يمتلك القدرة على الجزم بأن ظروفها وأحوالها ستكون أفضل مما نحن فيه وعليه.
لكن ثمة جديد – خطير طرأ على الخطاب القومي “المعتدل”..فهو ما عاد لـ”يخجل” كما في السابق، من إسقاط فلسطين من حساباته وأولوياته، حتى أنه بات يجأر بذلك علناً..ودائما بذريعة أن غزة ليست أفضل من حماة، ودماء الفلسطينيين ليست أغلى من دماء أهل حلبجة، والاحتلال الإسرائيلي للأقصى والقدس، ليس أكثر مدعاة للقلق والاستنفار من الاحتلال الإيراني لسوريا والعراق، فضلا عن الجزر والأحواز.
هي الشيزوفرينيا القومية نعم، ولكن بعد “اختلاطها” بكل ما أفرزته الحقبة النفطية من انتهازية وزبائنية ومذهبية، وبكل ما تداعى عنها، من انهيارات متلاحقة في منظومات القيم والأخلاق والمفاهيم، بحيث بات يتعين علينا في كل بحث أو حوار، أن نبدأ من نقطة صفرية، وأن ننتهي إلى “حصيلة صفرية”.
قوميون يبررون ذبح شعوب وتدمير أوطان، لا لشيء إلا لأن القتلة مصنفون في قاموسهم الفقير بكل المقاييس، بوصفهم “قوميون” و”مقاومون” و”ممانعون”، وبدل إبداء “العتب” على “القتلة” من باب أضعف الإيمان، نراهم يرتحلون زرافات ووحدانا إلى تقديم آيات الولاء و”عباءات” الانتماء والدعم والمباركة..لقد ألقوا في سلة المهملات بأهم درس من دروس الهزيمة المدوية للقومية والقوميين في حزيران 1967، ومفاده بإيجاز، أن شعباً فاقداً للحرية والكرامة والتمكين، لن يقوى على خوض معارك الأمة والانتصار فيها.
قوميو مدرسة “الحداثة الديمقراطية”، وبالمناسبة غالبيتهم من ذوي الجذور اليسارية، باعوا القومية و”العربية” و”لسان الضاد” تكيفاً مع مندرجات الحلف غير المقدس ضد إيران وشيعتها وأشياعها في المنطقة..هم لا يجدون غضاضة في عقد قرانهم مع أكثر النظم فساداً وتخلفاً، ومع “الفلول” و”الدولة العميقة”، خدمة للهدف المشترك..هم لا يجدون غضاضة في التحالف مع “السلفية” بمدراسها العلمية وغير العلمية، الجهادية والتقليدية، طالما أن الهدف هو ضرب “العدو الرافضي المشترك”.
قوميو المقاومة والممانعة، لم يجدوا ما يثير اهتمامهم ويستدعي “مراجعاتهم” في تجربة سوريا والعراق (واليمن إلى حد كبير)، أنظمة قومية تركت مجتمعاتها خواء من الأحزاب والمؤسسات والمجتمع المدني، وأحالتها إلى قبائل وطوائف مصطرعة، بعد سنوات من الركود الطويل، لحكم العلائات والسلالات الجمهورية..هذا أمر معلق على نظرية المؤامرة وشمّاعاتها الجاهزة باستمرار.
أما قوميو “الاعتدال”، الديمقراطيون والحداثيون، فليس أقل تأثراً بلوثة “الشيزوفرينيا”..خطابهم قومي وحضاري في ظاهره، أما في متنه ونصه، فمشبع بالمذهبية..وإنظروا إلى تحالفاتهم واصطفافاتهم السياسية والحركية، فترونهم الأقرب إلى تيارات الانعزال والتكفير، ولنا في لبنان أوضح النماذج والتجليات لهذه المدرسة المتهافتة.
على ضفتي “الشيزوفرينيا القومية”، لا وظيفة لفلسطين وقضيتها الأولى ومقدساتها، سوى “شرعنة” هذا الخطاب، والتغطية على أبشع مراميه وأهدافه..فالكل يدعي وصلاً بفلسطين، وفلسطين، قضية وشعب وأسرى وحقوق ومقدسات، متروكة لجرافات الاستيطان وأنيابها الفولاذية..متروكة لجدول أعمال أجيال قادمة، لا أحد يمتلك القدرة على الجزم بأن ظروفها وأحوالها ستكون أفضل مما نحن فيه وعليه.
لكن ثمة جديد – خطير طرأ على الخطاب القومي “المعتدل”..فهو ما عاد لـ”يخجل” كما في السابق، من إسقاط فلسطين من حساباته وأولوياته، حتى أنه بات يجأر بذلك علناً..ودائما بذريعة أن غزة ليست أفضل من حماة، ودماء الفلسطينيين ليست أغلى من دماء أهل حلبجة، والاحتلال الإسرائيلي للأقصى والقدس، ليس أكثر مدعاة للقلق والاستنفار من الاحتلال الإيراني لسوريا والعراق، فضلا عن الجزر والأحواز.
هي الشيزوفرينيا القومية نعم، ولكن بعد “اختلاطها” بكل ما أفرزته الحقبة النفطية من انتهازية وزبائنية ومذهبية، وبكل ما تداعى عنها، من انهيارات متلاحقة في منظومات القيم والأخلاق والمفاهيم، بحيث بات يتعين علينا في كل بحث أو حوار، أن نبدأ من نقطة صفرية، وأن ننتهي إلى “حصيلة صفرية”.